إنتاج الأمونيا من مياه الصرف الصحي

تفاعل كهروكيميائي يعمل بالطاقة الشمسية
تفاعل كهروكيميائي يعمل بالطاقة الشمسية
TT

إنتاج الأمونيا من مياه الصرف الصحي

تفاعل كهروكيميائي يعمل بالطاقة الشمسية
تفاعل كهروكيميائي يعمل بالطاقة الشمسية

ابتكر مهندسون في جامعة إلينوي في شيكاغو تفاعلاً كهروكيميائياً يعمل بالطاقة الشمسية، يستخدم مياه الصرف الصحي لتصنيع الأمونيا - ثاني أكثر المواد الكيميائية إنتاجاً في العالم - ويحقق كفاءة تحويل الطاقة الشمسية إلى وقود أفضل بعشر مرات من أي تقنية أخرى مماثلة، وتم نشر النتائج التي توصلوا إليها في العدد الأخير من مجلة «إنيرجي إينفيرومينتال ساينس»، وهي مجلة رائدة للأبحاث التي تركز على تقنيات توصيل الطاقة وحماية البيئة.
يقول مينش سينغ، أستاذ مساعد في الهندسة الكيميائية بكلية الهندسة في جامعة كاليفورنيا، والباحث الرئيسي بالدراسة في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة في 8 سبتمبر (أيلول) الماضي «تتمتع هذه التكنولوجيا وطريقتنا بإمكانات كبيرة للسماح بإنتاج الأسمدة عند الطلب، ويمكن أن يكون لها تأثير هائل على قطاعي الزراعة والطاقة في البلدان المتقدمة والنامية، وعلى الجهود المبذولة للحد من غازات الاحتباس الحراري من الوقود الأحفوري».
والأمونيا، وهي مزيج من ذرّة نتروجين واحدة وثلاث ذرّات هيدروجين، هي مركب رئيسي للأسمدة والعديد من المنتجات المصنعة، مثل البلاستيك والمستحضرات الصيدلانية، وتتطلب الطرق الحالية لإنتاج الأمونيا من النيتروجين كميات هائلة من الحرارة، الناتجة من حرق الوقود الأحفوري، لكسر الروابط القوية بين ذرات النتروجين حتى تتمكن من الارتباط بالهيدروجين، وتنتج هذه العملية التي مضى عليها قرن من الزمان جزءاً كبيراً من انبعاثات غازات الدفيئة العالمية، والتي تعد قوة دافعة لتغير المناخ.
وفي السابق، طوّر سينغ وزملاؤه طريقة صديقة للبيئة لصنع الأمونيا عن طريق تصفية غاز النتروجين النقي من خلال شاشة شبكية مشحونة كهربائياً ومغطاة بالمحفز في محلول قائم على الماء.
واستخدم هذا التفاعل كمية ضئيلة فقط من طاقة الوقود الأحفوري لكهربة الشاشة، والتي تكسر ذرات النتروجين، لكنها أنتجت غاز الهيدروجين (80 في المائة) أكثر من الأمونيا (20 في المائة).
وخلال الدراسة الجديدة، قام الباحثون بتحسين هذا المفهوم وطوّروا طريقة جديدة تستخدم النترات، أحد أكثر ملوثات المياه الجوفية شيوعاً، كمصدر للنتروجين، وأشعة الشمس كمصدر لكهرباء التفاعل، وينتج النظام ما يقرب من 100 في المائة من الأمونيا مع ما يقرب من صفر تفاعلات جانبية لغاز الهيدروجين.
ولا يحتاج التفاعل إلى وقود أحفوري ولا ينتج منه ثاني أكسيد الكربون أو غازات الاحتباس الحراري الأخرى، كما ينتج من استخدامه للطاقة الشمسية كفاءة غير مسبوقة في تحويل الطاقة الشمسية إلى وقود، بنسبة 11 في المائة، وهو أفضل 10 مرات من أي حالة أخرى.
وتعتمد الطريقة الجديدة على محفز الكوبالت، ولتحديد المحفز، طبّق الباحثون أولاً النظرية الحسابية للتنبؤ بالمعدن الذي سيعمل بشكل أفضل، وبعد تحديد الكوبالت من خلال هذه النماذج، أجرى الفريق تجارب على المعدن، وجرّبوا طرقاً مختلفة لتحسين نشاطه في التفاعل. ووجد الباحثون، أن سطح الكوبالت الخشن المشتق من الأكسدة يعمل بشكل أفضل لخلق تفاعل انتقائي؛ مما يعني أنه حول جميع جزيئات النترات تقريباً إلى أمونيا.
يقول سينغ «إن العثور على محفز نشط وانتقائي ومستقر يعمل في نظام يعمل بالطاقة الشمسية هو دليل قوي على أن التوليف المستدام للأمونيا على نطاق صناعي ممكن».
ولا يقتصر الأمر على كون التفاعل نفسه محايداً للكربون، وهو أمر مفيد للبيئة، ولكن إذا تم تطوير النظام للاستخدام الصناعي، فقد يكون له أيضاً تأثير أكثر إيجابية على البيئة.
ويضيف «استخدام نترات المياه العادمة يعني أنه يتعين علينا أيضاً إزالة الملوثات من المياه السطحية والجوفية، وبمرور الوقت، فإن هذه العملية قد تساعد في تصحيح النفايات الصناعية ومياه الجريان السطحي وإعادة توازن دورة النتروجين، لا سيما في المناطق الريفية التي تواجه عيوباً اقتصادية أو تتحمل أكبر خطر من التعرض العالي للنترات الزائدة».
ويرتبط التعرض العالي للنترات من خلال مياه الشرب بحالات صحية، مثل السرطان وأمراض الغدة الدرقية والولادة المبكرة وانخفاض الوزن عند الولادة. يقول سينغ، الذي يتعاون بالفعل مع الشركات البلدية: «نحن جميعاً سعداء جداً بهذا الإنجاز، ونأمل أن يكون لدينا قريباً نموذج أولي أكبر يمكننا من خلاله اختبار نطاق أكبر بكثير».


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني
TT

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

صمم نظام ذكاء اصطناعي جديد توربين رياح لأول مرة في التاريخ، وفقاً لمطوره.

نظام ذكاء هندسي ثوري

وأعلنت شركة «EvoPhase» البريطانية أن الذكاء الاصطناعي الخاص بها تخلى عن جميع القواعد الراسخة في هندسة مثل هذه الأجهزة. وبناءً على اختباراتها، فإن اختراعها أكثر كفاءة بسبع مرات من التصميمات الحالية.

تتكون «شفرة برمنغهام» The Birmingham Blade -كما تسمي الشركة التوربين- من ست أذرع موازية للأرض متصلة بمحور عمودي مركزي. وتحتوي كل ذراع على شفرة رأسية، وسطح به موجتان تغيران زاوية هجومهما عبر ارتفاعها وطولها.

لعمل مع سرعات رياح منخفضة

يتم تحسين توربينات الرياح التقليدية لسرعات رياح تبلغ نحو 33 قدماً في الثانية. في المقابل، تم تصميم «الشفرة» لسرعات الرياح المتوسطة المنخفضة النموذجية للمناطق الحضرية مثل برمنغهام، والتي تبلغ نحو 12 قدماً في الثانية. هذا يزيد قليلاً عن ثمانية أميال (13كلم تقريباً) في الساعة.

وتم تحسين التصميم للعمل بين المباني الشاهقة التي تنتج أنماط اضطراب تؤثر على فاعلية تصميمات التوربينات الحضرية الأخرى. وإذا ثبت أن هذا صحيح، فقد يفتح التصميم الباب أمام إنتاج كهرباء غير محدود في المباني المكتبية والسكنية بتكلفة تكاد تكون معدومة.

يقول ليونارد نيكوسان، كبير مسؤولي التكنولوجيا في الشركة، في بيان صحافي: «كان استخدام الذكاء الاصطناعي ضرورياً للتحرر من التحيزات طويلة الأمد التي أثرت على تصميمات التوربينات خلال القرن الماضي. سمح لنا الذكاء الاصطناعي باستكشاف إمكانيات التصميم خارج نطاق التجارب البشرية التقليدية».

وفقاً لنيكوسان، تمكن المصممون من «توليد واختبار وتحسين أكثر من 2000 تصميم لتوربينات الرياح في غضون أسابيع قليلة، ما أدى إلى تسريع عملية التطوير لدينا بشكل كبير وتحقيق ما كان يستغرق سنوات وملايين الجنيهات من خلال الطرق التقليدية».

سحر «التصميم التطوري»

«التصميم التطوري الموجه بالذكاء الاصطناعي» هو منهجية تقوم على نفس فكرة الانتقاء الطبيعي. تبدأ العملية بتوليد آلاف المتغيرات التصميمية التي يتم تقييمها وفقاً لوظيفة «البقاء للأفضل»، والتي تحدد مدى نجاح كل متغير في تلبية أهداف المشروع. ويختار الذكاء الاصطناعي أفضل البدائل لاستخدامها أساساً لتكرارات جديدة، وإعادة الجمع بين الميزات وتنويعها لتطوير إصدارات محسنة.

تتكرر هذه الخطوات حتى يصل الذكاء الاصطناعي إلى حل يحقق تحسين جميع العلامات المهمة مثل الكفاءة الديناميكية الهوائية، والاستقرار الهيكلي، والوزن، أو الاكتناز.

تقول الشركة إن عمليتها تتجنب التحيزات البشرية الموجودة في الهندسة التقليدية. بطبيعتها، تكون الهندسة التقليدية محدودة بالأفكار والمعرفة السابقة.

من ناحية أخرى، يستكشف الذكاء الاصطناعي مجموعة واسعة من الاحتمالات دون القيود في العقل البشري. عندما تجمع بين جيل الذكاء الاصطناعي والتكرار التطوري، يمكن أن يؤدي هذا إلى نتائج مبتكرة تتحدى غالباً الفطرة السليمة ولكنها لا تزال تعمل.

إن نهج التصميم التطوري هذا ليس جديداً تماماً، إذ استخدمت صناعة الطيران والفضاء برامج بهذه القدرات لسنوات. ومثلاً استخدمت شركة «إيرباص»، بالتعاون مع شركة «أوتوديسك»، عملية مماثلة لتصميم حاجز مقصورة خفيف الوزن للغاية لطائراتها من طراز A320وظهرت النتيجة مستوحاة من هياكل العظام الطبيعية، ما أدى إلى انخفاض الوزن بنسبة 45 في المائة مقارنة بالهياكل المماثلة المصممة بالطرق التقليدية.

كما طبقت شركة «جنرال إلكتريك» الخوارزميات التطورية في إعادة تصميم حامل محرك نفاث جديد، مما أدى إلى انخفاض وزن القطعة بنسبة 80 في المائة. وتستخدم وكالة «ناسا» أيضاً هذه التقنية منذ سنوات، ففي عام 2006 استخدمت الوكالة خوارزمية تطورية لتصميم «هوائي متطور».

نجاح توربين «برمنغهام بليد»

لقد طبق فريق المصممين بقيادة الدكتور كيت ويندوز - يول من جامعة برمنغهام هذه العملية التطورية لحل مشكلة تكافح العديد من تصميمات التوربينات لمعالجتها: كيفية العمل بكفاءة في البيئات الحضرية، حيث تكون الرياح أبطأ وأكثر اضطراباً بسبب المباني.

ويقول نيكوسان: «كنا بحاجة إلى توربين يمكنه التقاط سرعات الرياح المنخفضة نسبياً في برمنغهام مع إدارة الاضطرابات الناجمة عن المباني المحيطة. وكان لا بد أن يكون التصميم أيضاً مضغوطاً وخفيف الوزن ليناسب التركيبات على الأسطح».

* مجلة «فاست كومباني» خدمات «تريبيون ميديا»