انتشار الجيش لا يبدد قلق سكان الطيونة... ومخاوف من جولات جديدة

غضب وحسرة وهواجس الماضي تتملك القاطنين

جانب من عملية انتشار الجيش اللبناني في منطقة عين الرمانة ببيروت أمس (د.ب.أ)
جانب من عملية انتشار الجيش اللبناني في منطقة عين الرمانة ببيروت أمس (د.ب.أ)
TT

انتشار الجيش لا يبدد قلق سكان الطيونة... ومخاوف من جولات جديدة

جانب من عملية انتشار الجيش اللبناني في منطقة عين الرمانة ببيروت أمس (د.ب.أ)
جانب من عملية انتشار الجيش اللبناني في منطقة عين الرمانة ببيروت أمس (د.ب.أ)

لم تبدد الجهود لإزالة آثار الاشتباكات المسلحة في منطقة الطيونة أول من أمس، القلق الماثل في نفوس السكان الذين يحارون في توصيف ما يشعرون به. «نحن غاضبون... قلقون... لم يعد منزلنا آمناً»، تقول سهام التي غادرت منزلها أول من أمس حين بدأت الاشتباكات، قبل أن تعود أمس لتتفقده.
وسهام واحدة من عشرات عادوا لتفقد منازلهم، بعد أن باتوا ليلتهم خارج المنطقة. «في هذا الزاروب احتمى بعض المسلحين، قبل أن يشرعوا في إطلاق الرصاص إلى المبنى الأبيض» على الضفة المقابلة من الشارع، حسبما يقول علي، مشيراً بإصبعه إلى المبنى الواقع على مدخل عين الرمانة. بات المبنى سمة للاشتباكات، فقد تركزت شاشات التلفزة لساعتين عليه، تنقل وقائع تطاير الرصاص لدى اصطدامها بجدرانه.
بات بعض الجدران مثل الغربال. اخترقها الرصاص من كل جانب. سقط زجاج المباني، وتخلعت أبواب أحد المنازل لدى انفجار قذيفة «آر بي جي» على الشرفة الخارجية. المحال التجارية هنا ليست أفضل حالاً؛ تساقط زجاجها، وشُرعت أبوابها على مسافة 400 متر في الشارع الممتد من عين الرمانة إلى تحويطة فرن الشباك. قساوة المشهد لا تضاهيها إلا حسرة السكان. «كان يمكن أن يسقط الكثير من الضحايا»، يقول أحدهم، و«نحمد الله أنها انتهت على خير».
حركة خجولة في الشارع تنمّ عن قلق لا يلغيه انتشار الجيش اللبناني على طول الشارعين المتقابلين بين عين الرمانة التي تسكنها أغلبية مسيحية، والشياح الذي تسكنه أغلبية شيعية. ينأى السكان بنفسهم عن تصوير وقائع ما جرى. «نحن ندفع الثمن»، تقول سهام لـ«الشرق الأوسط»، لافتة إلى أنها نقلت أطفالها منذ أمس إلى بيت شقيقها في بيروت، «ويترددون في العودة إلى المنزل اليوم، خوفاً من تكرار ما حدث».
وتحولت مستديرة الطيّونة أول من أمس (الخميس)، على بُعد عشرات الأمتار من قصر العدل، حيث مكتب المحقق العدلي طارق بيطار المكلف التحقيق في انفجار المرفأ، إلى ساحة حرب شهدت إطلاق رصاص كثيف وقذائف ثقيلة وانتشار قناصة على أسطح أبنية، رغم وجود وحدات الجيش وتنفيذها انتشاراً سريعاً في المنطقة، التي تعد من خطوط التماس السابقة خلال الحرب الأهلية.
وأسفرت الاشتباكات التي لم تتضح ملابساتها حتى الآن عن مقتل سبعة أشخاص، بينهم شاب توفي أمس (الجمعة)، متأثراً بإصابته، حسب وزارة الصحة اللبنانية. وبين القتلى أيضاً امرأة، لديها خمسة أبناء وبنات، أُصيبت بطلق ناري في رأسها خلال وجودها في منزلها. وأُصيب كذلك 32 شخصاً آخر بجروح.
الألم هنا يعبّر عنه المدنيون الذين يتخوفون من إحياء الماضي. في شارع المطحنة في عين الرمانة، يؤكد جو: «إننا خاسرون بكل الأحوال». يستذكر طفولته بين الملاجئ، ويرفض أن يختبر أطفاله الشعور نفسه... يضيف: «اختبرنا ويلات الحرب. كانت تجربة قاسية. بالأمس (الأول) عشنا التجربة نفسها. كنا نخاف أن تتساقط القذائف علينا، ولم يترك أزيز الرصاص فرصة لنشعر بأمان». برأيه، «ما جرى خطأ ارتكبه السياسيون، ويدفع ثمنه الناس. نحن إخوة، نعيش هنا منذ سنوات، ولولا السياسة، لما أُطلقت النار علينا هنا، ولما تبادلنا إطلاق النار حتى سقط الضحايا والجرحى».
تتكرر الانتقادات للسياسيين على ألسنة الناس. أحمد الموسوي الذي احترق متجره الكائن على مدخل عين الرمانة، يرثي حال البلاد، ويرثي حال اللبنانيين في هذه البلاد. ومثله، تقول مها التي غادرت منزلها لحظة إطلاق النار وانتظرت تحت مدرسة أطفالها في منطقة الغبيري، لتحملهم إلى دار أقاربها في عمق الضاحية. «كان يمكن أن أكون أنا مريم»، في إشارة إلى مريم فرحات التي قُتلت برصاصة في منزلها، تاركة خلفها خمسة أطفال، وشُيعت أمس...
كل أهوال الحرب، استعادها سكان المنطقتين يوم الخميس. هرعت جومانا زباني (45 عاماً) إلى الشارع لتأتي بطفلتيها (8 و6 سنوات) من المدرسة. وتقول: «الطلقات كانت قريبة جداً، اختبأنا خلف السيارات وفي مداخل الأبنية حتى وصلنا إلى المنزل». وتضيف: «حين وصلنا إلى المنزل، قالت لي ابنتي: ماما، قلتِ لي إن ذلك لن يحدث مجدداً» إذ إن ابنتها تلقت لعام كامل علاجاً نفسياً بعد صدمة انفجار مرفأ بيروت. وتابعت جومانا: «هذا أيضاً ما كان يحصل أسبوعياً خلال 15 عاماً في الحرب الأهلية».
وأمس، مع تشييع أحد القتلى في مقبرة روضة الشهيدين، انطلقت رشقات غزيرة من الرصاص، دفعت السكان للسؤال عن مصدره، وما إذا كانت الاشتباكات تجددت. الجميع مرعوب من جولة أخرى. «ما حدث لا يبشر بالخير»، يقول السبعيني ميشال أبو فيصل المقيم في المنطقة منذ سنوات. «هكذا كانت تندلع الاشتباكات وتهدأ وتتجدد مرة أخرى»، مطالباً الجيش بحضور مكثف في المنطقة «كي يزيد اطمئناننا». وينتشر الجيش في المنطقة منذ انتهاء الاشتباكات.



سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
TT

سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)

يزيد عدد سكان العراق على 45 مليون نسمة، نحو نصفهم من النساء، وثلثهم تقل أعمارهم عن 15 عاماً، وفق ما أعلن رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، اليوم (الاثنين)، حسب الأرقام غير النهائية لتعداد شامل هو الأول منذ عقود.

وأجرى العراق الأسبوع الماضي تعداداً شاملاً للسكان والمساكن على كامل أراضيه لأول مرة منذ 1987، بعدما حالت دون ذلك حروب وخلافات سياسية شهدها البلد متعدد العرقيات والطوائف.

وقال السوداني، في مؤتمر صحافي: «بلغ عدد سكان العراق 45 مليوناً و407 آلاف و895 نسمة؛ من ضمنهم الأجانب واللاجئون».

ونوّه بأن «الأسر التي ترأسها النساء تشكّل 11.33 في المائة» بالبلد المحافظ، حيث بلغ «عدد الإناث 22 مليوناً و623 ألفاً و833 بنسبة 49.8 في المائة» وفق النتائج الأولية للتعداد.

ووفق تعداد عام 1987، كان عدد سكان العراق يناهز 18 مليون نسمة.

وشمل تعداد السنة الحالية المحافظات العراقية الـ18، بعدما استثنى تعداد أُجري في 1997، المحافظات الثلاث التي تشكل إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي منذ 1991.

وأعلن الإقليم من جهته الاثنين أن عدد سكانه تخطى 6.3 مليون نسمة؛ من بينهم الأجانب، طبقاً للنتائج الأولية، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأرجئ التعداد السكاني مرات عدة بسبب خلافات سياسية في العراق الذي شهد نزاعات وحروباً؛ بينها حرب ما بعد الغزو الأميركي في 2003، وسيطرة تنظيم «داعش» في 2014 على أجزاء واسعة منه.

ولفت السوداني إلى أن نسبة السكان «في سنّ العمل» الذين تتراوح أعمارهم بين «15 و64 سنة بلغت 60.2 في المائة»، مؤكداً «دخول العراق مرحلة الهبّة الديموغرافية».

وأشار إلى أن نسبة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عاماً تبلغ 36.1 في المائة، فيما يبلغ «متوسط حجم الأسرة في العراق 5.3 فرد».

وأكّد السوداني أن «هذه النتائج أولية، وسوف تكون هناك نتائج نهائية بعد إكمال باقي عمليات» التعداد والإحصاء النوعي لخصائص السكان.

وأظهرت نتائج التعداد أن معدّل النمو السنوي السكاني يبلغ حالياً 2.3 في المائة؛ وذلك «نتيجة لتغيّر أنماط الخصوبة في العراق»، وفق ما قال مستشار صندوق الأمم المتحدة للسكان في العراق، مهدي العلاق، خلال المؤتمر الصحافي.