تدهور ملحوظ لآفاق الشركات الألمانية

مشكلات التوريد تهدد بزيادة الأسعار

تراجعت توقعات الشركات الألمانية بشأن التطور الاقتصادي مجدداً في أكتوبر (رويترز)
تراجعت توقعات الشركات الألمانية بشأن التطور الاقتصادي مجدداً في أكتوبر (رويترز)
TT

تدهور ملحوظ لآفاق الشركات الألمانية

تراجعت توقعات الشركات الألمانية بشأن التطور الاقتصادي مجدداً في أكتوبر (رويترز)
تراجعت توقعات الشركات الألمانية بشأن التطور الاقتصادي مجدداً في أكتوبر (رويترز)

تراجعت توقعات الشركات الألمانية بشأن التطور الاقتصادي مجددا في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الجاري. وذكر معهد البحوث الاقتصادية الأوروبية «زد إي دابليو» في مدينة مانهايم يوم الثلاثاء أن مقياسه لمناخ الأعمال تراجع هذا الشهر بمقدار 4.2 نقطة مقارنة بالشهر السابق له إلى 22.3 نقطة.
وفي مايو (أيار) الماضي وصل المؤشر إلى أعلى مستوى له منذ عقدين. ومنذ ذلك الحين انخفض المؤشر خمس مرات على التوالي. وقال رئيس المعهد أخيم فامباخ: «التوقعات الاقتصادية للأوساط الاقتصادية الألمانية تدهورت بشكل ملحوظ»، مضيفا أن التراجع الجديد في التوقعات يرجع بشكل رئيسي إلى اختناقات التوريد الحالية للمواد الخام والمنتجات الوسيطة.
كما تراجع تقييم الشركات للوضع الاقتصادي الحالي لأول مرة منذ فبراير (شباط) الماضي، حيث انخفض بمقدار 10.3 نقطة إلى 21.6 نقطة، كما تراجعت التوقعات والتقييم الحالي للوضع الاقتصادي بالنسبة لمنطقة اليورو.
ومن جانبه، يتوقع معهد «إيفو» الألماني للبحوث الاقتصادية ارتفاع الأسعار في تجارة التجزئة بألمانيا بسبب مشكلات التوريد. وأعلن المعهد يوم الثلاثاء في مقره بمدينة ميونيخ استنادا إلى استطلاع أجراه أن 74 في المائة من تجار التجزئة شكوا من مشكلات في التوريد في سبتمبر (أيلول) الماضي.
وقال رئيس قسم الاستطلاعات في المعهد، كلاوس فولرابه: «قد لا تكون بعض هدايا الكريسماس متاحة أو قد تكون باهظة الثمن». وبحسب المعهد، فإن هناك إرجاءات في عمليات التسليم لدى تجار الدراجات على وجه الخصوص، حيث أبلغت جميع الشركات التي شملها الاستطلاع في هذا القطاع عن مشكلات في طلباتها.
وقال فولرابه: «في الوقت الحالي، هناك رمال في تروس الخدمات اللوجيستية على مستوى العالم. بالإضافة إلى ذلك، زادت أسعار الشحن البحري بشكل كبير».
وفي 99 في المائة من متاجر مستلزمات البناء ومتاجر الأثاث، فإنه من المتوقع - بحسب بيانات فولرابه - استشعار الآثار اللاحقة لارتفاع أسعار الخشب في النصف الأول من العام المقبل. كما توجد أيضا مشكلات في العديد من متاجر الإلكترونيات بسبب النقص في أشباه الموصلات والرقائق.
وفي غضون ذلك، أظهر مسح لمعهد أبحاث العمل والمهن الألماني في مدينة نورنبرغ أن واحدة من كل خمس شركات في ألمانيا تعتزم توسيع نطاق العمل من المنزل على المدى البعيد.
في المقابل، أوضح المسح أن ثلثي الشركات في ألمانيا تعتزم تقليل حجم العمل من المنزل ليصل إلى مستوى ما قبل أزمة «كورونا»، فيما تعتزم واحدة من كل عشر شركات تخفيض حجم العمل من المنزل إلى أقل مما كان عليه قبل الأزمة. وجاء ذلك وفقا لما أعلنه المعهد يوم الاثنين. وأجرى المعهد المسح في الفترة بين 5 و20 يوليو (تموز) بين شركات في كل أنحاء ألمانيا.
من جانبه، قال الباحث في المعهد كريستيان كاجيرل إن «نسبة الشركات الراغبة في توسيع نطاق العمل من المنزل بين الشركات الكبيرة التي لا يقل عدد العاملين فيها عن 250 شخصا أعلى كثيرا مقارنة بنسبتها بين الشركات الصغيرة والمتوسطة».
وأوضح كاجيرل أن نسبة الشركات الراغبة في توسيع نطاق العمل من المنزل وصلت إلى 65 في المائة من الشركات الكبيرة (250 عاملا فأكثر)، فيما وصلت إلى 30 في المائة من الشركات التي يتراوح عدد العاملين فيها بين 50 و249 شخصا، ووصلت النسبة إلى قرابة 20 في المائة بين الشركات التي يقل فيها عدد العاملين عن 50 شخصا.
وكان المعهد استطلع رأي الشركات حول الأسباب التي تقف وراء موقفها من العمل من المنزل في أكتوبر الماضي، وذكر أنه لم يطرأ الكثير من التغيير في الأسباب التي تقف وراء مواقف الشركات من هذه القضية منذ ذلك التاريخ.
وتسعى الشركات المؤيدة للعمل من المنزل إلى رفع مستوى المرونة لدى عامليها، وتحسين التوافق بين ظروف العمل وظروف الأسرة لتصبح هذه الشركات رب عمل تجذب العاملين.
في المقابل، ترى الشركات الراغبة في تقليل العمل من المنزل أن هذه الطريقة غير مناسبة في الغالب لطبيعة العمل لديها، فيما تتخوف شركات أخرى من أن يعرقل العمل عن بعد التعاون بين العاملين أو أن يؤدي إلى عدم تحقيق المساواة في معاملة العاملين، كما ترى شركات أن ثقافتها تتعارض مع توسيع نطاق العمل من المنزل.
يذكر أن استطلاع المعهد يعد جزءا من الدراسة التي تحمل عنوان «الشركات في ظل أزمة (كوفيد - 19)» التي يقوم المعهد من خلالها باستطلاع رأي ما يتراوح بين 1500 و2000 شركة شهريا عن كيفية تعاملها مع أزمة «كورونا».


مقالات ذات صلة

«الحرب» الكورية الجديدة تعيد إلى الأذهان ما جرى في 25 يونيو 1950

تحليل إخباري رجل يقف أمام الشرطة ويحمل لافتة كُتب عليها: «يون سوك يول... ارحل» في سيول (أ.ف.ب)

«الحرب» الكورية الجديدة تعيد إلى الأذهان ما جرى في 25 يونيو 1950

فجأة اصطخبت مياه البحيرة الكورية الجنوبية وعمّت الفوضى أرجاء سيول وحاصر المتظاهرون البرلمان فيما كان النواب يتصادمون مع قوات الأمن.

شوقي الريّس (بروكسل)
أوروبا روسيا تعتزم تنظيم أكبر احتفال في تاريخها بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية (رويترز)

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أعلنت روسيا اليوم (الثلاثاء) أنها تعتزم تنظيم «أكبر احتفال في تاريخها» بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، في سياق تمجيد القيم الوطنية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية «لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

«لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

مطلع العقد السادس من القرن الماضي شهدت أميركا اللاتينية، بالتزامن مع انتشار حركات التحرر التي توّجها انتصار الثورة الكوبية.

شوقي الريّس (هافانا)
أوروبا رجل يلتقط صورة تذكارية مع ملصق يحمل صورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقول: «لماذا نريد مثل هذا العالم إذا لم تكن روسيا موجودة فيه؟» (رويترز)

«فليحفظ الرب القيصر»... مؤيدون يهنئون بوتين بعيد ميلاده الثاني والسبعين

وصف بعض المؤيدين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ«القيصر»، في عيد ميلاده الثاني والسبعين، الاثنين، وقالوا إنه أعاد لروسيا وضعها، وسينتصر على الغرب بحرب أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم جندي أوكراني يجلس داخل دبابة ألمانية الصنع من نوع «ليوبارد 2 إيه 5» بالقرب من خط المواجهة (أ.ف.ب)

هل انتهى عصر الدبابات «ملكة المعارك» لصالح الطائرات المسيّرة؟

رغم أن الدبابات ساعدت أوكرانيا في التقدم داخل روسيا، تعيد الجيوش التفكير في كيفية صنع ونشر هذه الآليات القوية بعد أدائها المتواضع خلال الفترة الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ارتفاع تقييمات الأسهم الأميركية يثير مخاوف المستثمرين من تصحيح وشيك

أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)
أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)
TT

ارتفاع تقييمات الأسهم الأميركية يثير مخاوف المستثمرين من تصحيح وشيك

أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)
أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)

تتزايد المخاوف في الأسواق المالية بعد الارتفاعات الكبيرة بتقييمات الأسهم الأميركية في الأسابيع الأخيرة؛ ما يشير إلى أن السوق قد تكون على وشك تصحيح. وقد يتجه المستثمرون إلى الأسواق الأوروبية الأقل تكلفة، ولكن من غير المرجح أن يجدوا كثيراً من الأمان عبر المحيط الأطلسي؛ إذ إن الانخفاض الكبير في الأسواق الأميركية من المحتمل أن يجر أوروبا إلى الانحدار أيضاً.

تُعتبر سوق الأسهم الأميركية مبالَغاً في قيمتها، وفقاً لجميع المقاييس تقريباً؛ حيث بلغ مؤشر السعر إلى الأرباح لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500»، على مدار 12 شهراً، 27.2 مرة، وهو قريب للغاية من ذروة فقاعة التكنولوجيا التي سجَّلت 29.9 مرة. كما أن نسبة السعر إلى القيمة الدفترية قد بلغت أعلى مستوى لها على الإطلاق؛ حيث وصلت إلى 5.3 مرة، متجاوزة بذلك الذروة السابقة البالغة 5.2 مرة في بداية عام 2000، وفق «رويترز».

وعلى الرغم من أن التقييمات المرتفعة كانت قائمة لفترة من الزمن؛ فإن ما يثير الانتباه الآن هو التفاؤل المفرط لدى مستثمري الأسهم الأميركية. تُظهِر بيانات تدفق الأموال الصادرة عن بنك الاحتياطي الفيدرالي أن حيازات الأسهم تشكل الآن 36 في المائة من إجمالي الأصول المالية للأسر الأميركية، باستثناء العقارات، وهو ما يتجاوز بكثير نسبة الـ31.6 في المائة التي تم تسجيلها في ربيع عام 2000. كما أظهر أحدث مسح شهري لثقة المستهلك من مؤسسة «كونفرنس بورد» أن نسبة الأسر الأميركية المتفائلة بشأن أسواق الأسهم قد وصلت إلى أعلى مستوى لها منذ 37 عاماً، منذ بدء إجراء المسح.

وبالنظر إلى هذه المعطيات، فإن القلق المتزايد بين المستثمرين المحترفين بشأن احتمال التصحيح في «وول ستريت» ليس مفاجئاً.

لا مكان للاختباء

قد يتطلع المستثمرون الراغبون في تنويع محافظ عملائهم إلى الأسواق الأرخص في أوروبا. ويتداول مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي حالياً عند خصم 47 في المائة عن مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» عند قياسه بنسب السعر إلى الأرباح، وبخصم 61 في المائة، بناءً على نسب السعر إلى القيمة الدفترية. وقد أشار بعض مديري صناديق الأسهم الأوروبية إلى أنهم يترقبون، بفارغ الصبر، انخفاض أسواق الأسهم الأميركية، معتقدين أن ذلك سيؤدي إلى تدفقات استثمارية نحو صناديقهم.

ولكن يجب على هؤلاء المديرين أن يتحلوا بالحذر فيما يتمنون؛ فعندما تشهد الأسهم الأميركية انخفاضاً كبيراً، يميل المستثمرون الأميركيون إلى سحب الأموال من الأسهم، وتحويلها إلى أصول أكثر أماناً، وغالباً ما يقللون من تعرضهم للأسواق الأجنبية أيضاً.

وعلى مدار الـ40 عاماً الماضية، في فترات تراجع الأسهم الأميركية، شهدت أسواق الأسهم الأوروبية زيادة في سحوبات الأموال من قبل المستثمرين الأميركيين بنسبة 25 في المائة في المتوسط مقارنة بالأشهر الـ12 التي سبقت تلك الانخفاضات. ومن المحتمَل أن يكون هذا نتيجة لزيادة التحيز المحلي في فترات الركود؛ حيث يميل العديد من المستثمرين الأميركيين إلى اعتبار الأسهم الأجنبية أكثر خطورة من أسواقهم المحلية.

ولن تشكل هذه السحوبات مشكلة كبيرة؛ إذا كان المستثمرون الأميركيون يمثلون نسبة صغيرة من السوق الأوروبية، ولكن الواقع يشير إلى أن هذا لم يعد هو الحال. ووفقاً لبيانات وزارة الخزانة الأميركية، فقد زادت حصة الولايات المتحدة في الأسهم الأوروبية من نحو 20 في المائة في عام 2012 إلى نحو 30 في المائة في عام 2023. كما ارتفعت ملكية الولايات المتحدة في الأسهم البريطانية من 25 في المائة إلى 33 في المائة خلال الفترة ذاتها.

ويعني الوجود المتزايد للمستثمرين الأميركيين في الأسواق الأوروبية أن الأميركيين أصبحوا يشكلون العامل الحاسم في أسواق الأسهم الأوروبية، وبالتالي، فإن حجم التدفقات الخارجة المحتملة من المستثمرين الأميركيين أصبح كبيراً إلى درجة أن التقلبات المقابلة في محافظ المستثمرين الأوروبيين لم تعد قادرة على تعويضها.

وبالنظر إلى البيانات التاريخية منذ عام 1980، عندما بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في جمع بيانات التدفقات، إذا استبعد المستثمر الأميركي والأوروبي، يُلاحظ أنه عندما تنخفض السوق الأميركية، تزيد التدفقات الخارجة من سوق الأسهم الأوروبية بمعدل 34 في المائة مقارنة بالشهرين الـ12 اللذين سبقا تلك الانخفاضات.

على سبيل المثال، بين عامي 2000 و2003، انخفضت أسواق الأسهم الأوروبية بنسبة 50 في المائة بينما هبط مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 46 في المائة، وكان ذلك نتيجة رئيسية لسحب المستثمرين الأميركيين لأموالهم من جميع أسواق الأسهم، سواء أكانت متأثرة بفقاعة التكنولوجيا أم لا.

وفي عام 2024، يمتلك المستثمرون الأميركيون حصة أكبر في السوق الأوروبية مقارنة بما كانت عليه قبل 10 سنوات، ناهيك من عام 2000. وبالتالي، فإن تأثير أي انحدار في السوق الأميركية على الأسواق الأوروبية سيكون أكثر حدة اليوم.

في هذا السياق، يبدو أن المثل القائل: «عندما تعطس الولايات المتحدة، يصاب بقية العالم بنزلة برد»، أكثر دقة من أي وقت مضى في أسواق الأسهم.