مصر: خلافات «إخوان الخارج» تزيد «التلاسن» وتعزز «الانشقاقات»

قلق بين شباب التنظيم بعد قرار عزل «قيادات مؤثرة»

محاكمات «الإخوان» في مصر بتهمة الانتماء لمنظمة إرهابية محظورة (أ.ف.ب)
محاكمات «الإخوان» في مصر بتهمة الانتماء لمنظمة إرهابية محظورة (أ.ف.ب)
TT

مصر: خلافات «إخوان الخارج» تزيد «التلاسن» وتعزز «الانشقاقات»

محاكمات «الإخوان» في مصر بتهمة الانتماء لمنظمة إرهابية محظورة (أ.ف.ب)
محاكمات «الإخوان» في مصر بتهمة الانتماء لمنظمة إرهابية محظورة (أ.ف.ب)

زادت خلافات قيادات تنظيم «الإخوان» في الخارج من شدة «التلاسن» خلال الفترة الماضية، ما يعزز من حدوث «انشقاقات محتملة» في المستقبل، يأتي هذا في وقت يتزايد فيه القلق بين شباب التنظيم في الخارج خاصة عقب عزل «قيادات مؤثرة» وإحالتها للتحقيق. وفي الساعات الأخيرة توسعت حالة القلق بين عناصر التنظيم (خارج مصر) في أعقاب قرار القائم بأعمال المرشد العام لـ«الإخوان» في مصر إبراهيم منير بـ«إقالة عدد من قيادات التنظيم، وتحويلهم للتحقيق، وهم الأمين العام السابق للتنظيم محمود حسين، ومسؤول رابطة (الإخوان المصريين بالخارج) محمد عبد الوهاب، وهمام علي يوسف، ومدحت الحداد، وممدوح مبروك، ورجب البنا». ورشح باحثون في الحركات الأصولية بمصر سيناريوهات ثلاثة لمستقبل التنظيم رجحت «تجميد عضويات لـ(قيادات بارزة)، وانشقاقات داخل الشباب». ويرى مراقبون أنه «بينما تتصارع قيادات الخارج على تقسيم المراكز القيادية»، «يواجه التنظيم أوضاعا صعبة في تركيا وعدة دول أوروبية، كما يقبع معظم قيادات التنظيم، الذي تصنفه السلطات المصرية (إرهابياً) داخل السجون المصرية بسبب تورطهم في (أعمال عنف) وصدر بحقهم أحكام بالإعدام والسجن (المؤبد) و(المشدد)».
الباحث في الحركات الأصولية بمصر عمرو عبد المنعم، قال إن «تنظيم (الإخوان) يعاني منذ أكثر من خمس سنوات من (اهتزازات) إدارية وتنظيمية كبيرة، نتيجة لتوقف عمل مكاتبه الإدارية في مصر، و(تعثر) المكاتب الخارجية خاصة في إسطنبول».
عبد المنعم فسر انقسام «الإخوان» خلال الفترة الأخيرة إلى وجود «مكتب إبراهيم منير المسؤول عن الانتخابات الأخيرة، ومكتب محمود حسين ويطلقون عليه المكتب (القديم)، ومكتب المرحلة الجديدة المسؤول عنه محمد شرف»، لافتاً إلى أن «جدلاً كبيراً أصاب مكتب تركيا في الآونة الأخيرة بسبب الانتخابات التي أقرها (مكتب منير) بعد حل المكتب القديم التابع لمحمود حسين، ودعا إلى انتخابه من جديد، وترجع أهمية المكتب الإداري في تركيا للدعم الكبير الذي يتلقاه والذي يصل إلى مليون وسبعمائة ألف دولار شهرياً»، موضحاً أن «تراشق كبير حدث بعد إتمام عملية الانتخابات ونجاح مكتب شرف ومعه خمسة غيرهم، فكانت البداية اتهام منير بعدم احترام (الشورى) ولوائح التنظيم، فضلاً عن اتهامات لمجموعة حسين بـ(الفساد المالي والإداري) والحصول على عدد كبير من الأموال نتيجة التبرعات التي كانت يصرف منها التنظيم على الإعلام داخل تركيا». ويشار إلى أن تركيا اتخذت خلال الشهور الماضية، خطوات وصفتها القاهرة بـ«الإيجابية» وتتعلق بتقييد عدد من القنوات الداعمة لتنظيم «الإخوان» والتي كانت تبث من إسطنبول، وأوقفت هجومها على السلطات المصرية».
ووفق عبد المنعم فإن «الاتهامات بـ(الفساد) جعلت (مجموعة حسين) تدافع عن نفسها وتسجل شهادات لقيادات كثيرة من (الإخوان) في الخارج، ووزعتها بشكل سري على أتباعها بعنوان (شهادات براءة الذمة)، تسربت بعضها إلى (السوشيال ميديا)، وأكد فيها أنصار حسين أنه بريء من أي اتهامات بـ(الفساد)، والسيطرة على الوضع الداخلي للتنظيم هو ومجموعته»، التي تعرف بـ(التنظيم السري)، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»، أن «(مجموعة محمود حسين) طعنت بعدها في الانتخابات التي أجراها منير، وطلبت من مسؤول الطعن محيي الدين الزايط التحقيق في الأمر، فخرج بحكم نهائي بتأييد قرار إعلان النتيجة». وكان القرار حينها مفاجأة للجميع، وسوق له أسامة سليمان ويعرف بأنه (كاتم أسرار منير)، وخرجت تطمينات للتنظيم في وثيقة سرية بعنوان (بيان إلى الصف بشأن التسليم والتسلم) أقرت فيه بصحة العملية الانتخابية، وأن لديهم استراتيجية حاكمة للمرحلة القادمة». وحول السيناريوهات القادمة للتنظيم عقب الانقسامات الأخيرة وقرار منير عزل «مجموعة محمود حسين»، قال عبد المنعم إنها «تحمل ثلاثة سيناريوهات، الأول تجميد عضوية محمود حسين ومجموعته، وسوف يدفع ذلك لبقاء الوضع على ما هو عليه، حيث إن (مجموعة حسين) هي الأقوى في تركيا وتملك مفاصل التنظيم من الناحية الإدارية والمالية، ففي يد مدحت الحداد (الذي يطلق عليه مدير صندوق استثمارات التنظيم في تركيا) أكثر من 90 في المائة من موارد التنظيم المالية، كما وضعت (جمعية رابعة) وأنشطة المالية في يد صابر أبو الفتوح تحت إمرة محمود حسين، وبالتالي قدراتهم على الأرض هي الأقوى من إبراهيم منير»، على حد قوله. والسيناريو الثاني وفق عبد المنعم «إذعان (مجموعة محمود حسين) لمنير وتمرير الموقف إلى وقت آخر، نتيجة للضغوط الدولية بشكل عام على التنظيم، وخاصة أن هناك (مخالفات مالية وإدارية) كثيرة كشف عنها أمير بسام عضو مجلس شورى (الإخوان)، وأحمد رامي القيادي بالتنظيم وآخرون خلال المرحلة السابقة، وعند منير أدلة كثيرة على (مجموعة حسين)، لذا يكون الصمت أفضل في هذه المرحلة». أما السيناريو الثالث هو انشقاقات كثيرة داخل مجموعة الشباب، وهو الأرجح في هذا المرحلة، وهو ما جعل (شباب الخارج) يخرجون عن صمتهم، ويتهمون قياداتهم (من المكتبين) بـ(التسيب والفوضى وانهيار الشورى والمؤسسية وتعطيل اللوائح الإدارية للتنظيم والتحيز لفئة ضد فئة)، في بيان أمس عنون بـ(عذرا أستاذنا قضي الأمر) في إشارة (لإبراهيم منير) حيث نشر البيان بجوار صورة له)».
وبحسب مصادر مطلعة فإنه «خلال الأيام الماضية، جرت اتصالات لمحاولة عقد هدنة بين جبهة (منير وحسين) والصلح بينهما، عبر تكوين مظلة للتنظيم من قياداته في تركيا وبريطانيا يطلق عليها (اتحاد القوى الوطنية)، وإجراء انتخابات لتشكيلها». إلا أن عمرو عبد المنعم ذكر أن «أوضاع التنظيم في تركيا تدفع لمزيد من التحول والانقسام ومن ثم الانشقاق، فإبراهيم منير قد يعيد تجربة حسن الهضيبي (مرشد الإخوان الأسبق)؛ لكن بوسائل أخرى»، لافتاً إلى أنه «عندما أراد الهضيبي بعد ثورة يوليو (تموز) 1952 أن يسيطر على (الجهاز السري) للتنظيم استمال عضو صندوق أسرار التنظيم حينها سيد فايز، وحصل منه على أوراق (التنظيم السري) باعتباره أعلى كادر في التنظيم»، مضيفاً أن «الهضيبي أعاد هيكلة التنظيم بتوجهاته الفكرية والسياسية بطريقة مختلفة، ليس كما يُشاع لصالح (السلمية) لكن لصالحه هو»، لافتاً إلى أن «قرار منير الأخير بفصل (مجموعة التنظيم السري) في تركيا قد يُلمح لذلك؛ لكن لا أظن أن (مجموعة التنظيم السري) سوف تستسلم لقرار منير، خاصة أنها تملك كافة الأوراق والأموال والبنية التحتية السرية للتنظيم».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.