تغييرات غير مسبوقة في الطلب على الكهرباء في السعودية

سلوك المستخدمين يساهم في تعزيز خفض الاستهلاك العام

تقديرات بتباطؤ استهلاك الكهرباء في المملكة خلال العقد الجاري (الشرق الأوسط)
تقديرات بتباطؤ استهلاك الكهرباء في المملكة خلال العقد الجاري (الشرق الأوسط)
TT

تغييرات غير مسبوقة في الطلب على الكهرباء في السعودية

تقديرات بتباطؤ استهلاك الكهرباء في المملكة خلال العقد الجاري (الشرق الأوسط)
تقديرات بتباطؤ استهلاك الكهرباء في المملكة خلال العقد الجاري (الشرق الأوسط)

شهد الطلب على الكهرباء في السعودية مؤخراً تغييرات غير مسبوقة بعد تنفيذ تدابير كفاءة إصلاحات أسعار الطاقة، حيث يشهد ركوداً لأول مرة منذ عقود مما يشير إلى سلوك المستهلك قد تغير بشكل هيكلي ليثير شكوكاً حول المسار المحتمل للطلب على الكهرباء على المدى البعيد.
وتوقعت دراسة صادرة من مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية (كابسارك)، أن النمو في إجمالي الطلب على الكهرباء في المملكة سيتباطأ بشكل كبير خلال العقد القادم مقارنة بالاتجاهات السابقة وقد يصل إلى 365.4 تيراواط في الساعة بحلول عام 2030.
وتنبأت الدراسة، أن ينمو الطلب بسرعة أكبر في قطاعي الصناعة والخدمات قياساً بالقطاع السكني الذي سيظل يمثل الحصة الأكبر من إجمالي الاستهلاك في 2030، واضعة أربعة سيناريوهات إضافية لإصلاح أسعار الكهرباء المحلية وسياسة الكفاءة، وأنه قد يؤدي تنفيذ هذه الإجراءات بنجاح إلى توفير كبير في الطاقة.
وقالت إن مواءمة أسعار الكهرباء في السعودية مع متوسط سعرها بين دول مجموعة العشرين قد تؤدي إلى خفض إجمالي الطلب على القطاع بما يصل إلى 71.6 تيراواط في الساعة خلال 2030، ويمكن أن يؤدي التنفيذ المستقبلي لسياسات الكفاءة إلى خفض إجمالي الطلب ليصل إلى 118.7 تيراواط في الساعة، بالإضافة إلى أن سيناريوهات السياسة البديلة تقترح أن مكاسب الاقتصاد الكلي من توفير الطاقة يمكن أن تخفف بعض عبء نظام الطاقة السعودي على المالية العامة.
وواصلت الدراسة أن توقعات الطلب المستقبلي تحدد متطلبات الاستثمار في السعة وتوسعات البنية التحتية ذات الصلة، كما أن الكهرباء غير قابلة للتخزين الاقتصادي بكميات كبيرة في الوقت الحالي وبالتالي يجب مراعاة المحفزات الأساسية للطلب والتحولات المحتملة في السوق بعناية لتقليل تكاليف نظام الطاقة.
ونما الطلب على الكهرباء بسرعة في المملكة منذ تطور القطاع في أوائل السبعينات وكان مدفوعاً بالزيادة السريعة في عدد السكان والنمو الاقتصادي الديناميكي وانخفاض أسعار الطاقة المنظمة.
وكشفت الدراسة، عن بلوغ إجمالي الطلب السعودي في 2018 على الكهرباء 299.2 تيراواط في الساعة لتأتي المملكة في المرتبة 14 بين الدول الأكثر استهلاكاً للكهرباء في العالم، حيث يتشابه استهلاكها مع الدول الأكثر كثافة سكانية مثل المكسيك ويتساوى مع الاقتصادات الأكثر تقدماً مثل إيطاليا التي بلغ ناتجها المحلي الإجمالي 2151.4 مليار دولار لعام 2019 مقابل 704 مليارات دولار للسعودية وفقاً للبنك الدولي.
وعالجت الحكومة السعودية الاستهلاك المتزايد للوقود في السنوات الأخيرة في قطاع الطاقة من خلال التوسع في استخدام محطات الغاز ذات الكفاءة لتؤدي إلى تقليل اعتماد الدولة على النفط والمنتجات المكررة لتوليد الكهرباء، كما أن صناع السياسة في المملكة فرضوا بعض الإجراءات المتعلقة بجانب الطلب.
وفي عام 2010 بدأت المملكة في دعم العديد من مبادرات الكفاءة لترشيد استهلاك الطاقة مع إنشاء المركز السعودي لكفاءة الطاقة بالإضافة إلى تنفيذ الجولة الأولى من إصلاحات أسعار الطاقة الوطنية في 2016، بالإضافة إلى الجولة الثانية في 2018.
ويعد حجم إصلاحات أسعار الطاقة وإجراءات الكفاءة التي تم تنفيذها أخيرا غير مسبوق في المملكة وبالتالي لا يمكن تقييم التأثيرات المحتملة لهذه السياسات على الطلب المستقبلي بناء على التجارب السابقة.
وأكدت الدراسة على أهمية تعزيز الجوانب المنهجية لتوقعات الطلب على الطاقة وأنه يمكن التوقع بشكل أفضل على مسارات الطلب باستخدام أدوات تحليلية متقدمة لرصد تحولات السوق والتعديلات السلوكية والاعتماد المتبادل عبر الوكلاء الاقتصاديين.


مقالات ذات صلة

«أرامكو» تحافظ على أكبر توزيعات أرباح في العالم

الاقتصاد قرر مجلس إدارة «أرامكو» توزيع أرباح بقيمة إجمالية 31.05 مليار دولار (رويترز)

«أرامكو» تحافظ على أكبر توزيعات أرباح في العالم

أبقت شركة «أرامكو السعودية» على توزيعاتها ربع السنوية بقيمة 31.05 مليار دولار، محافظةً بذلك على التوزيعات الأكبر في العالم. كما حققت دخلاً صافياً بقيمة 27.6.

عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد وزير التجارة السعودي متحدثاً للحضور في منتدى الأعمال التركي - السعودي (الشرق الأوسط)

السعودية تؤكد أهمية توسيع التكامل الاقتصادي بين دول «الكومسيك»

أكَّد وزير التجارة، الدكتور ماجد القصبي، أهمية مضاعفة الجهود لتوسيع آفاق التعاون المشترك، وتحقيق التكامل الاقتصادي بين الدول الأعضاء بمنظمة «الكومسيك».

«الشرق الأوسط» (إسطنبول)
الاقتصاد جناح «أرامكو» في مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار العالمي» المقام في الرياض (المؤتمر)

«أرامكو» تحافظ على توزيعات بقيمة 31 مليار دولار رغم تراجع أرباحها

احتفظت «أرامكو السعودية» بأكبر توزيعات في العالم، على الرغم من تراجع أرباحها في الربع الثالث من 2024 بنسبة 15 في المائة، نتيجة ضعف الطلب العالمي على النفط.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد المركز السعودي للأعمال (الشرق الأوسط)

110 تشريعات تعزز البيئة التجارية في السعودية

تمكنت السعودية من إصدار وتطوير أكثر من 110 تشريعات خلال الأعوام الثمانية الأخيرة، التي عززت الثقة في البيئة التجارية وسهلت إجراءات بدء وممارسة الأعمال.

بندر مسلم (الرياض)
الاقتصاد الزيادة الكبيرة في الطلبات الجديدة تؤكد نجاح التركيز الاستراتيجي لـ"رؤية 2030" (الشرق الأوسط)

نمو القطاع الخاص السعودي بأسرع وتيرة في 6 أشهر مدعوماً بقوة الطلب

دفع تحسن ظروف أعمال القطاع الخاص غير المنتج للنفط في السعودية، مؤشر مديري المشتريات لأعلى مستوى له منذ 6 أشهر خلال أكتوبر.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

استقرار نشاط الأعمال بمنطقة اليورو

جانب من نهر السين وأفق منطقة لا ديفانس المالية والتجارية بالقرب من باريس (رويترز)
جانب من نهر السين وأفق منطقة لا ديفانس المالية والتجارية بالقرب من باريس (رويترز)
TT

استقرار نشاط الأعمال بمنطقة اليورو

جانب من نهر السين وأفق منطقة لا ديفانس المالية والتجارية بالقرب من باريس (رويترز)
جانب من نهر السين وأفق منطقة لا ديفانس المالية والتجارية بالقرب من باريس (رويترز)

استقر نشاط الأعمال في منطقة اليورو خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، محققاً تحسناً طفيفاً مقارنةً بالتراجع الطفيف الذي شهدته المنطقة في سبتمبر (أيلول) الذي سبقه، وذلك بفضل التوسع المستمر في قطاع الخدمات المهيمن، الذي عوَّض التراجع المستمر في قطاع التصنيع.

وارتفع «مؤشر مديري المشتريات المركب» للكتلة، الذي تعدّه «ستاندرد آند بورز غلوبال» مقياساً جيداً للصحة الاقتصادية العامة، إلى 50 نقطة في أكتوبر من 49.6 في سبتمبر الذي سبقه، ليظل عند مستوى الـ50 نقطة الذي يفصل بين النمو والانكماش، متفوقاً على التوقعات الأولية التي كانت تشير إلى 49.7، وفق «رويترز».

في المقابل، شهد «مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات» ارتفاعاً طفيفاً إلى 51.6 في أكتوبر، مقابل 51.4 خلال الشهر السابق، متفوقاً أيضاً على التقدير الأولي الذي بلغ 51.2.

وقال كبير خبراء الاقتصاد في «بنك هامبورغ التجاري»، سايروس دي لا روبيا: «(النمو) و(الاستقرار) ليستا الكلمتين الأوليين اللتين قد ترتبطان بالوضع الاقتصادي الحالي في منطقة اليورو، ولكن هذا هو بالضبط ما يقدمه قطاع الخدمات، حيث حقق نمواً مستقراً منذ بداية العام. وكان التوسع المتواضع في قطاع الخدمات عاملاً حاسماً في إبقاء الاتحاد النقدي بعيداً عن الركود».

ويتوقع أن يشهد الاقتصاد نمواً طفيفاً بنسبة 0.2 في المائة خلال هذا الربع، وفقاً لاستطلاع أجرته «رويترز» مؤخراً.

ومع ذلك، تراجع الطلب على الخدمات في الشهر الماضي، حيث انخفض «مؤشر الأعمال الجديدة» للكتلة إلى 49.2 من 49.7. إلا إن دي لا روبيا أشار إلى أن هذا الانخفاض قد يكون مؤقتاً، قائلاً: «نحن واثقون بأن مقدمي الخدمات سيواصلون زيادة نشاطهم، فمع انخفاض التضخم وزيادة الأجور، من المتوقع أن يشهد الاستهلاك الخاص انتعاشاً، مما يدعم الطلب على الخدمات. ولذلك، نتوقع أيضاً تعافياً في الأعمال الجديدة».

كما ظل قطاع الخدمات متفائلاً بشأن العام المقبل، وإن لم يكن بالقدر نفسه الذي كان عليه في سبتمبر. فقد انخفض «مؤشر الناتج المستقبلي المركب» إلى 58.1 من 58.6، ولكنه ظل أعلى من التقدير الأولي الذي كان 57.3.

وفي ألمانيا، أظهر مسح «مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات»، الذي نشرته مؤسسة «إتش سي أو بي»، أن قطاع الخدمات شهد ارتفاعاً طفيفاً في نشاط الأعمال خلال أكتوبر، ليصل إلى أعلى مستوى في 3 أشهر، رغم بقاء الطلب الأساسي ضعيفاً. وارتفع «مؤشر مديري المشتريات» إلى 51.6 من 50.6 في سبتمبر، مسجلاً أول تسارع في النمو خلال 5 أشهر.

وقال الخبير الاقتصادي في «بنك هامبورغ التجاري»، يوناس فيلدهوزن: «يظل قطاع الخدمات في ألمانيا صامداً وغير متأثر بالتباطؤ في قطاع التصنيع. ويواصل النشاط في القطاع الارتفاع بشكل مطرد ويحافظ على نمو متواضع، بل ويكتسب بعض الزخم في أكتوبر».

ومع ذلك، ورغم زيادة النشاط في القطاع، فإن الأعمال الجديدة انخفضت للشهر الثاني على التوالي، مما أدى إلى مزيد من فقدان الوظائف. وانخفضت معدلات التوظيف في القطاع لرابع شهر على التوالي، وهو ما يعدّ أطول فترة فقدان وظائف منذ عام 2009، ويعزى هذا الاتجاه إلى نقص الوظائف الجديدة وضعف الطلب الدولي، لا سيما من أوروبا.

وفي ما يخص الضغوط التضخمية، فقد تراجعت معدلات التضخم، حيث انخفض التضخم في أسعار الإنتاج إلى ثاني أدنى مستوياته في 3 سنوات ونصف، على الرغم من الزيادة الطفيفة في تكاليف المدخلات بسبب زيادات الأجور.

وعلى الرغم من هذه التحديات، فإن الشركات ظلت متفائلة بحذر بشأن النمو المستقبلي، مدعومة بآمال في تحسن الاقتصاد وقدرة المستهلكين الشرائية. ومع ذلك، فقد ظل «مؤشر مديري المشتريات المركب» لألمانيا، الذي يشمل كلاً من الخدمات والتصنيع، في منطقة الانكماش عند 48.6، مرتفعاً من 47.5 في سبتمبر، حيث عوض تباطؤ انخفاض الناتج الصناعي نمو قطاع الخدمات الأقوى.

وتشير البيانات إلى أن قطاع الخدمات في ألمانيا يظهر بعض المرونة، ولكن التحديات تبقى قائمة بسبب ضعف الطلب وعدم اليقين الاقتصادي الأوسع.

أما في فرنسا، فقد بدأ قطاع الخدمات الرُّبع الرابع على أساس ضعيف، مع انكماش النشاط بأسرع وتيرة منذ مارس (آذار) الماضي، في ظل تدهور ظروف الطلب.

وانخفض «مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات» في فرنسا، الذي أعدّت بياناته «ستاندرد آند بورز غلوبال»، إلى 49.2 في أكتوبر من 49.6 في سبتمبر، وهو تراجع دون عتبة الـ50 التي تشير إلى النمو الاقتصادي، لكنه أفضل من التقدير الأولي الذي بلغ 48.3 نقطة.

وشهد الانخفاض المستمر في النشاط أسوأ تراجع في الأعمال الجديدة منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، حيث انخفضت الطلبات المحلية والدولية على حد سواء.

وقال الخبير الاقتصادي في «بنك هامبورغ التجاري»، طارق كمال شودري: «على الرغم من أن نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثالث فاجأ السوق، فإنه أصبح من الواضح الآن أن الزخم الاقتصادي يتضاءل». وأضاف: «كان الارتفاع في الناتج المحلي الإجمالي مدفوعاً بشكل كبير بالتأثيرات غير المتكررة لـ(دورة الألعاب الأولمبية) في باريس، ومع تراجع الطلب، فسيواجه مقدمو الخدمات الفرنسيون - والاقتصاد عموماً - صعوبة في إيجاد حافز نمو جديد».

وفي وقت سابق من الأسبوع، قالت «وكالة الإحصاء الوطنية الفرنسية» إن النمو في ثاني أكبر اقتصاد بمنطقة اليورو فاق التوقعات، حيث سُجلت نسبة 0.4 في المائة خلال الربع الثالث من عام 2024، مقارنة بـ0.2 في المائة خلال الربع الثاني.

وفي ما يتعلق بـ«مؤشر مديري المشتريات المركب»، الذي يشمل كلاً من التصنيع والخدمات، فقد انخفض إلى 48.1 من 48.6.

من ناحية أخرى، توقفت مستويات التوظيف في القطاع، حيث تردد كثير من الشركات في توسيع نطاق التوظيف وسط انخفاض كبير في «ثقة الأعمال». كما كانت التوقعات للنشاط المستقبلي خافتة، مع تأكيد الشركات أن المنافسة المكثفة، وقاعدة العملاء المتقلصة، تمثلان أبرز التحديات التي تواجهها.