أسابيع الموضة العالمية... عيونها على المستقبل وأقدامها في الماضي

الأزمة الاقتصادية تجعلها تتخوف من الجديد وتتمسك بإرثها

عرض جيورجيو أرماني
عرض جيورجيو أرماني
TT

أسابيع الموضة العالمية... عيونها على المستقبل وأقدامها في الماضي

عرض جيورجيو أرماني
عرض جيورجيو أرماني

عواصم الموضة العالمية بدأت تتنفس الصعداء، وإن كان الهواء الذي تتنفسه ملوثاً بسبب عودة حركة السير إلى سابق عهدها من الازدحام، والضجيج الذي يزيد من وقعه طقطقة الكعوب العالية. فالصورة الغالبة خلال أسابيع الموضة الأخيرة لربيع وصيف 2022 تبدو فيها العديد من المدعوات وقد تخلين عن الأحذية المريحة التي لازمتهن طوال الـ18 شهراً الأخيرة بسبب الحجر الصحي والعمل عن بُعد.
إضافة إلى تسلل الكعب العالي لعروض الأزياء، كان واضحاً أن العلاقة بين المرأة والملابس المريحة أو «السبور» بدأت تبرُد. فالمرأة تريد أن تستعيد أنوثتها وتتعرف على تضاريس جسدها بعد أن ارتاح طويلاً في التصاميم الواسعة إلى حد تسبب في زيادة وزنها. الآن وبعد أن بدأت الحياة تدب من جديد، فكر المصممون أنهم لا بد أن يستبقوا الأمر ويوفروا لها تصاميم تحتفل بأنوثتها. منهم من بالغ في تقصيرها وتضييقها، وبعضهم من تفنن في إدخال فتحات طويلة وألوان جريئة عليها. لكن مفهوم الأنوثة كان القاسم المشترك بينها إلى جانب الحماس بعودة الحياة إلى عروض الأزياء.
في ميلانو، ذكرنا منظر الطوابير بزمن ما قبل الجائحة. فشتان بين عرض جيورجيو أرماني الأخير مثلاً، وعرضه في يناير (كانون الثاني) 2020 عندما هربت معظم وسائل الإعلام من ميلانو واكتفى هو بعرض دون حضور كانت فيه الكمامات الإكسسوار الأبرز. ومع ذلك فإن المصممين أجمعوا على أن الحال لا يمكن أن يعود إلى ما كان عليه قبل 2020 وأن التغيير أمر حتمي.
وهذا ما صرحت به المصممة المخضرمة ميوتشا برادا بقولها إنه «بعد كل الذي حدث، كيف يمكننا العودة إلى ما كنا عليه؟». بيد أن أرض الواقع كان يقول شيئاً مختلفاً. فبرادا التي قدمت عرضين خلال أسبوع ميلانو، في نفس التوقيت وبنفس المؤثرات وكأنهما في مكان واحد رغم أن الأول كان في «مؤسسة برادا» والثاني في شنغهاي، بفضل التكنولوجيا المتقدمة التي سُخرت لها ميزانية ضخمة، لم تنجح في إقناعنا بقولها. الواقع كان يقول العكس، والتغيير الذي صرحت بأنه نتيجة حتمية للجائحة، لم يتجسد في الأزياء ولا في تنظيم وإخراج عروض الأزياء اللهم إذا استثنينا الالتزام بالتباعد الاجتماعي وضرورة حمل جواز شهادة التلقيح. بالنسبة للتصاميم فإنها لم تحمل جديداً يُذكر بقدر ما كانت تفوح برائحة الماضي. أما الأشهر الطويلة من المناظرات حول ضرورة ترتيب الأوراق والتفكير في استراتيجيات جديدة فإنها لم تلمس جانب الإبداع كثيراً. لا يختلف اثنان على أن السبب يعود إلى أن القديم صمام أمان بالنسبة للعديد من بيوت الأزياء في هذا التوقيت على الأقل. فمن الصعب عليها أن تتخلى عن جيناتها أو تُغير جلدها بشكل جُذري، لا سيما أن أغلبها سجلت تراجعاً في مبيعاتها في الآونة الأخيرة. لهذا فإن الجديد بمعناه الثوري غير مضمون وقد لا يتقبله زبونها الوفي بسهولة. لكن من منظور ميوتشا برادا فإنها تجنبت المتعارف عليه في هذه التشكيلة وما كان مُنتظراً منها، بأن تبنت وشريكها المصمم راف سيمونز مفهوم الأنوثة بشكله المثير. اعتمدا على الأقمشة الشفافة تارة والتصاميم الضيقة أو القصيرة تارة في تمرد واضح على الملابس الواسعة والـ«سبور». ما يشفع لهذه التصاميم أنها نُفذت بذوق عالٍ، الأمر الذي أنقذها من السقوط في فخ الابتذال وجعلها تنضوي تحت خانة الأنوثة المُغرية وليس الأنوثة المثيرة للحواس. سحرها يكمن أيضاً فيما قاله المصمم راف سيمونز بأنها تحاكي «الهوت كوتور لكن بلمسات تناسب الحياة اليومية». باقي عروض الأزياء أكدت صورة معاكسة لقول ميوتشا برادا. فقد عاد معظم المصممين إلى ما كان عليه الأمر في السابق بعودتهم إلى أرشيفهم يُجملون من جيناته ويعيدون صياغة إرثهم على أمل إشعال الرغبة وتحريك السوق. «دولتشي آند غابانا» التي قدمت منذ شهر تقريباً عرضها الضخم «ألتا موضة» لم تخرج عن السرب، واعترفت بأنها اختارت باقة من أجمل أيقوناتها، من ورود ونقشات حيوان وبروكار ودينم وتطريز، أغدقتها على هذه التشكيلة التي تحتفل بعودة الحياة أكثر مما تحتفل بالجديد. مجموعة ڤيرساتشي هي الأخرى رفعت شعار «من فات قديمه تاه» واستوحت تشكيلتها بالكامل من نقشات وشاحها الحريري الشهير. «فهذا الوشاح» كما تقول دوناتيللا ڤيرساتشي: «يُشكل جزءاً لا يتجزأ من تراث ڤيرساتشي وشخصية الدار. فهو أقرب إلى لوحة فنية تجسد روحها وتكفل إضفاء لمستنا على أي إطلالة». وحتى تؤكد على صحة قولها، قدمته بعدة صور وأشكال. فقد ظهر على شكل قمصان واسعة وفساتين ضيقة، كما ظهر على شكل إكسسوار للرأس أو لتزيين حقيبة يد.
ماركة «سبورتسماكس» ارتأت أن تجسد الوضع الذي عشناه ولا نزال نعيشه من خلال تشكيلة تستكشف الاختلاف بين النظام والفوضى وبين الضوء والظلام، وأيضاً من خلال التناقض الشديد بين الضوضاء والصمت لنقل إحساس الهروب من الماضي القريب إلى الماضي الأبعد منه. كل هذا ترجمته من خلال تصاميم تعانق الجسم مثل كورسيهات مستلهمة من القرن الثامن عشر، وجاكيتات مفصلة تزينها فتحات جانبية يمكن ارتداؤها مع بنطلونات ضيقة.
في باريس لم يختلف الأمر كثيراً. فماريا غراتزيا تشيوري، مصممة دار «ديور» غرفت هي الأخرى من أرشيف الدار، وتحديداً من الحقبة التي ارتبطت بالمصمم مارك بوهان في بداية الستينات من القرن الماضي.
في دار جيني كانت الأجواء مختلفة. فمصممتها سارة كافازا فاتشيني لم تركز على الزمان بقدر ما ركزت على المكان. فتشكيلتها لموسم ربيع وصيف 2022 كانت دعوة للانعتاق من القيود والسفر إلى البحر والجزر. فهذه في نظرها كفيلة بإراحة الأعصاب وإعادة برمجة أحاسيسنا. أخذتنا في رحلة مثيرة للجزر اليونانية بمياهها المتوسطية الزرقاء وبيوتها البيضاء التي انعكست على ألوان غلب عليها الأبيض والأزرق ولمسات معدنية براقة مع القليل من الأحمر. سارة كافازا فاتشيني حرصت في المقابل على أن تُبقي هذه التشكيلة ضمن المريح والمنطلق من دون أن تتنازل عن أي تفصيل يمسّ أناقتها، بدءاً من القمصان الطويلة والفساتين البليسيه إلى المعاطف المبطنة بقماش يشبه الدنيم ومنقوشة برسمات منقطة بتدرجات الأزرق والأبيض أو الأحمر والأبيض، بما يشبه ممرات جزر اليونان الحجرية.
نغمة مماثلة انبعثت من تشكيلة «إيترو» لصيف 2022، التي وصفتها فيرونيكا إيترو، المديرة الإبداعية للدار، بأنها مفعمة بالأمل وبالطاقة الإيجابية من خلال ألوان نابضة مثل البرتقالي والأخضر والوردي والأصفر الفاتح. فيرونيكا أيضاً وجدت في الماضي ملاذاً آمناً، حيث عادت إلى فترة السبعينات لتستقي منها خطوطها وألوانها ونقشاتها الحيوية مثل الأزهار المتفتحة ونقشات بيزلي المعززة بأشكال هندسية متعرجة ومتماوجة، بالإضافة إلى القصات الضيقة والطويلة جداً والبنطلونات المستقيمة. لكن لم تنسَ المصممة أهمية الجانب المريح الذي أدمنا عليه لشهور طويلة، لهذا ركزت على أن تعتمد التشكيلة بشكل أساسي على تنسيق القطع بعدة طبقات يمكن التلاعب بها حسب الذوق الخاص وحسب المكان والزمان.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».