واسيني الأعرج: ربما أجعل الرياض مكاناً أرتحل إليها في رواياتي

تحدث لـ«الشرق الأوسط» بإعجاب عن التطور الاجتماعي في السعودية

واسيني الأعرج خلال مشاركته في معرض الرياض للكتاب - رواية خرجت من رحم «كورونا» (الشرق الأوسط)
واسيني الأعرج خلال مشاركته في معرض الرياض للكتاب - رواية خرجت من رحم «كورونا» (الشرق الأوسط)
TT

واسيني الأعرج: ربما أجعل الرياض مكاناً أرتحل إليها في رواياتي

واسيني الأعرج خلال مشاركته في معرض الرياض للكتاب - رواية خرجت من رحم «كورونا» (الشرق الأوسط)
واسيني الأعرج خلال مشاركته في معرض الرياض للكتاب - رواية خرجت من رحم «كورونا» (الشرق الأوسط)

مرتحل عبر الأمكنة، مجاور للأحداث، خريج مدرسة فرنسية خلّفها الاستعمار الفرنسي في الجزائر، إلا أن العربية لم تكن مجرد لغة ثانوية، بل هوية الالتزام.
برز الدكتور واسيني الأعرج في ندوة «الارتحال عبر الأمكنة» وذلك ضمن نشاطات معرض الرياض الدولي للكتاب والتي تقام على مدار الأسبوع الحالي، مكرراً بذلك زيارته للعاصمة الرياض بعد خمسة عشر سنة من الانقطاع. خلال حوار واسيني الأعرج مع «الشرق الأوسط» بدت في ملامحه أريحية يسطرها وجود الكثير من عشاق القراءة، مستطرداً إمكانية جعل الرياض واحداً من الأمكنة التي قد يرتحل إليها في رواياته فيقول: «إن أي مكان يمنح الحياة ويتطور ويتغير من الممكن أن يصبح أحد الأمكنة».
أساس استمرار واسيني الأعرج في خلق المؤلفات المختلفة والنوعية هو استخلاص أسلوب جديد بعيد عن التكرار في كل مؤلف صادر، حيث يذكر الدكتور أن «كل موضوع أو قصة يفرض عليك نموذج كتابة مختلفاً».
كانت فترة الحجر المنزلي المصاحبة لحلول جائحة كورونا «وقتاً إيجابياً» بالنسبة للدكتور واسيني الأعرج، فقد خاض الأعرج نقاشاً أسبوعياً على منصة «فيسبوك» مع عدد من القراء ويأتي النقاش ملازماً لرواية مسلسلة كان ينشرها مرتين أسبوعياً، ووصف النقاش بأنه كان من أمتع النقاشات، وكانت حديقة متحف «اللوفر» الفرنسي هي المكان الذي خرج فيه واسيني الأعرج من قوقعته إلى الحياة بعد الحجر المنزلي.
طرح الأعرج فترة الجائحة كنموذج لمواكبة الوضع الراهن في تأليف وصقل رواية تناولت الوباء في خضمّ الحب عنونها بـ«ليليات رمادية»، حيث تبادر إلى ذهن الأعرج كتابة يوميات كبقية الزملاء، ولكن يقول: «كلما فتحت النافذة ووجدت الدنيا خاوية تراجعت عن الفكرة».
وفضّل الأعرج كتابة رواية تعبّر عن امرأة تعرفت إلى موسيقيّ وعاشا حالة من الحب لليلة واحدة ثم يرحل البطل ويغدر به فيروس كورونا «كوفيد - 19» حتى يكاد يغلب عليه، فما كان من البطلة إلا أن كتبت له رسائل تعرف أنها لم تصل ولن يقرأها، ولكن هكذا صنعت أملها.
وعن سؤاله حول كثافة الإنتاج الأدبي وإقبال شبان وشابات في العالم العربي وأهمية العمل الأول في مسيرة المؤلفين، أشار واسيني إلى أنه لا شرط بأن يضع بصمة في مسيرة المؤلف المهنية حيث إن النشر لا يكفي، ولكن «يجب عليه أن يضع بجانبه كل الرهانات الممكنة للنجاح».
وذكر الأعرج أنه في آخر معرض كتاب أُقيم في الجزائر قبل الجائحة وصل عدد المؤلفات الجديدة من مؤلفين جدد إلى 570 مؤلفاً أغلبها «مات»، ويرجح واسيني أن السبب في ذلك هو الاستعجال والتسرع في نشر المؤلف الأول، ويوجه رسالته إلى الكاتب: «هذا لأنك لم تعطِ لنفسك الحق والوقت في كتابة نصوص ذات جودة عالية». وعن تغذية الدراما المرئية من الأعمال الروائية، يشير الأعرج إلى أن أغلب الأعمال المصوّرة على منصة «نتفليكس» أصلها روايات، ويضيف أن «العمل الدرامي لا يظلم الرواية فلا بد على الكاتب أن يكتب الرواية وينسحب، ويترك للدراما شأنها فهي زاوية نظر». وعن المؤلفات السعودية يذكر واسيني الأعرج أن المواهب السعودية فرضت نفسها عربياً، ولكن يشير إلى أن الكتابة والإنتاج وحدها لا تكفي فلا بد من «التسويق»، وقال: «الكاتب السعودي البارز يسوّق لنفسه من خلال اختيار دور نشر عربية مرموقة».
ودعا في ختام حواره الكُتاب السعوديين لاختيار دور نشر ملائمة، ولا ضرر في حال لم تكن محلية فهناك دور نشر عربية تجعل نقطة اتساع المؤلف أكبر، وينصح القارئ العربي عامة والسعودي خاصة بأن يقرأ بلا حواجز لغوية لأن القراءة هي أصل السفر دون خوف أو عوائق.


مقالات ذات صلة

كتب شركة ناشئة تخطط لنشر ما يصل إلى 8 آلاف كتاب العام المقبل باستخدام الذكاء الاصطناعي (أرشيفية)

وسط اعتراض كتّاب ودور نشر… شركة ناشئة تسعى لإنتاج 8 آلاف كتاب العام المقبل باستخدام الذكاء الاصطناعي

ينتقد كتّاب وناشرون إحدى الشركات الأميركية الناشئة التي تخطط لنشر ما يصل إلى 8 آلاف كتاب العام المقبل باستخدام الذكاء الاصطناعي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
ثقافة وفنون «أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

في كتابها «رحِم العالم... أمومة عابرة للحدود» تزيح الكاتبة والناقدة المصرية الدكتورة شيرين أبو النجا المُسلمات المُرتبطة بخطاب الأمومة والمتن الثقافي الراسخ

منى أبو النصر (القاهرة)
تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق كاميلا ملكة بريطانيا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الأدب بحضور الأميرة آن (رويترز)

قدمتها لها الأميرة آن... الملكة كاميلا تحصل على دكتوراه فخرية في الأدب

حصلت الملكة البريطانية كاميلا، زوجة الملك تشارلز، على الدكتوراه الفخرية؛ تقديراً لـ«مهمتها الشخصية» في تعزيز محو الأمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».