تنسيق روسي ـ إيراني قبل جولة «الدستورية السورية» في جنيف

تناول تنفيذ القرارين 2254 و2585

TT

تنسيق روسي ـ إيراني قبل جولة «الدستورية السورية» في جنيف

نشّطت موسكو اتصالاتها مع الجانب الإيراني في إطار جهودها لإنجاح الجولة الجديدة من اجتماعات اللجنة الدستورية السورية المقررة في 18 من الشهر الجاري.
وبالتزامن مع محادثات عَقَدها في موسكو أول من أمس، وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، أجرى دبلوماسيون روس بارزون مكلفون بالملف السوري جولة مباحثات تفصيلية مع مساعد وزير الخارجية للشؤون السياسية علي أصغر حاجي.
ويعد حاجي مسؤولاً عن الملف السوري في الخارجية الإيرانية، وهو يرأس وفد بلاده عادةً إلى اجتماعات «مسار آستانة»، ما يعني أنه يتولى تنسيق المواقف مع الجانب الروسي عادةً.
وأفاد بيان أصدرته وزارة الخارجية الروسية بأن نائب وزير الخارجية سيرغي فيرشينين، والمبعوث الرئاسي الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرينتيف، استقبلا حاجي أول من أمس، لبحث الوضع في سوريا.
ولفت البيان إلى أن النقاش ركز على «مناقشة التطورات في سوريا وما حولها بشكل مسهب».
وزاد أن الاهتمام انصبّ على مناقشة «آليات دفع العملية السياسية، وتقديم المساعدة الإنسانية المتكاملة للسوريين، على النحو المنصوص عليه في قراري مجلس الأمن الدولي 2254 و2585».
كما بحث الجانبان «قضايا الساعة على جدول الأعمال الإقليمي، الموجودة قيد نظر مجلس الأمن الدولي، مع التركيز على الجهود الدولية لتحقيق الاستقرار في الوضع وتسويته في أفغانستان واليمن».
وجرى هذا اللقاء، في وقت كان لافروف يبحث مع عبد اللهيان ملفات عدة بينها الوضع في سوريا.
وأشاد الوزير الروسي بمستوى التعاون مع طهران في سوريا. وقال إن الطرفين بحثا «التطورات الجارية، وتبادلا وجهات النظر حول الخطوات اللاحقة لتثبيت الأمن والاستقرار، وتنشيط مسار المساعدات الإنسانية».
ولفت الوزير الروسي إلى أن مجموعة آستانة يُنتظر أن تعقد قمتها المقبلة في طهران بمجرد أن تسمح بذلك الظروف الوبائية. وأشار إلى تطلع الطرفين لإنجاح المحادثات المقررة للجنة الدستورية السورية هذا الشهر. من جانبه أشاد عبد اللهيان بـ«نجاح الاستحقاق الانتخابي السوري»، وقال إن هذا الموضوع كان محور بحث مع لافروف، و«لاحظنا أن هذه الانتخابات تمت بنسب مشاركة شعبية مرتفعة». وشدد على أهمية تواصل التنسيق بين الطرفين في ملفات التسوية السورية.
وتأتي هذه المباحثات في سياق الجهود الروسية لإنجاح الجولة المقبلة من اجتماعات اللجنة الدستورية. وكانت الخارجية الروسية قد قالت في وقت سابق، إنها تعوّل على انطلاق مباحثات جادة ومثمرة بعد توصل الأطراف إلى اتفاق على جدول الأعمال نتيجة الجهود التي قام بها أخيراً المبعوث الدولي إلى سوريا غير بيدرسن.
وأعلن بيدرسن خلال مشاركته أخيراً في اجتماع لمجلس الأمن أن موعد الجولة المقبلة تم تحديده في 18 أكتوبر (تشرين الأول).
ووصف التوصل إلى اتفاق بين الأطراف السورية على استئناف المفاوضات، بأنه «أخبار جيدة»، مشيراً إلى أنه «بعد ثمانية أشهر من العمل المكثف مع الرؤساء المشاركين يسعدني أن أعلن أنني وجّهت الدعوات لحضور الجولة السادسة للجنة الدستورية».
وزاد أن المجموعة المصغرة من اللجنة والتي تتألف من 45 عضواً ستجتمع في جنيف في الموعد المحدد.
ودعا بيدرسن إلى التطبيق الكامل لقرار مجلس الأمن رقم 2254، قائلاً إن «الوقت قد حان للضغط من أجل عملية سياسية».
وكانت روسيا قد لعبت دوراً بارزاً في التوصل إلى هذا الاتفاق، إذ مارست تأثيراً قوياً على دمشق لحملها على استقبال بيدرسن بعد ممانعة سورية استمرت نحو شهرين. وأبلغت موسكو الجانب الروسي خلال اللقاءات الثنائية بأنها تعوّل على تحقيق خطوات ملموسة خلال الاجتماع المقبل للجنة.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.