الذكاء الاصطناعي سيلعب دوراً في مستقبل النشر

هيفاء الجديع تتحدث في لقاء عن مستقبل النشر بمعرض الكتاب (تصوير: بشير صالح)
هيفاء الجديع تتحدث في لقاء عن مستقبل النشر بمعرض الكتاب (تصوير: بشير صالح)
TT

الذكاء الاصطناعي سيلعب دوراً في مستقبل النشر

هيفاء الجديع تتحدث في لقاء عن مستقبل النشر بمعرض الكتاب (تصوير: بشير صالح)
هيفاء الجديع تتحدث في لقاء عن مستقبل النشر بمعرض الكتاب (تصوير: بشير صالح)

قالت هيفاء الجديع، المديرة العامة لـSRMG Think، إن تطبيقات مختلفة للذكاء الاصطناعي ستلعب دوراً مهماً في مستقبل صناعة النشر، سواء الإصدارات الصوتية أو الإلكترونية، الأمر الذي سينعكس على زيادة المحتوى.
وأضافت: «هذا لا يعطي فقط الفرصة لتعزيز الوجود على الشبكة، بل إقبال الجمهور على استخدامه، لدينا 400 مليون عربي، وغيرهم حول العالم، يمكن إنتاج كمية كبيرة من المحتوى، بحيث يستطيعون الاستفادة منه، مع الاهتمام بتقديمه بجودة ونوعية عالية».
جاء ذلك خلال جلسة حول «مستقبل النشر» في ثاني أيام مؤتمر الناشرين الذي يُنظم على هامش معرض الرياض الدولي للكتاب 2021‬، بمشاركة عدد من المتخصصين في المجال.
وقالت الجديع إن المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام، وأثناء التفكير في إطلاق ذراعها الخاصة بالنشر، دار رف، التي ستركز على تبني النماذج الجديدة مثل الكتب المسموعة وسياسة الطباعة بناء على الطلب، وسعت نظرتها إلى تجارب وخبرات عالمية.
وأضافت: «في منطقتنا، هناك ميول واتجاهات، نظرنا في ملايين العناوين المترجمة، وفحصنا العناوين التي تنشط في السوق، لأن معرفة اتجاهات القراء، تساهم في جعل صناعة النشر واعدة، وتصميم تقنيات واهتمامات الصناعة تماماً حسب احتياجات السوق».
وفي ردها على سؤال من جمهور الندوة بشأن توظيف البيانات المتوفرة عن سلوك المستهلكين، قالت الجديع: «عندما ننظر للبيانات المتوفرة، عدد كبير من المنتج في السوق لا يزال في شكله الورقي، وسيبقى ذلك مهماً، لكن الاتجاهات إلى الكتب المسموعة والإلكترونية ستزيد أيضاً، بمعنى أن العمل سيكون متوازياً بين كل الخيارات، مع التركيز على سياسة الطباعة بناء على الطلب سواء من الجمهور أو الأفراد».
من جهته، قال ماثيو شاتز رئيس قسم التسويق والإيرادات في Penguin Random House، إن التسويق سيلعب أهم دور في هذا التحول، وإن دور الناشر هو تلبية أكبر قدر من طلبات القراء، بالتركيز على الحالة الذهنية للسوق ورقمنة النشر.
وأضاف: «هناك كميات كبيرة من المعلومات، وهذا المجال كبير، يجب أن ننفق فيه ونتعب عليه، ونبني علاقاتنا مع المستهلكين عبر الوسائط الاجتماعية والإلكترونية، بخلاف ما كان عليه الماضي، إذ لم يكن هناك اتصال مباشر».
وتحدث ماثيو عن تأثير الناشرين على تصميم الثقافة والذوق الأدبي للجمهور، وأنهم مطالبون الآن بتهيئة البيئة الصالحة للنشر، وقال: «يجب فهم عالم التقنية، لدوره لدى الشركات الصغيرة والكبيرة، إذ يسهل للصغرى المنافسة في المجال مع الكبيرة، بتوفيره البدائل قليلة التكلفة والتقنيات المعقدة في سلاسل الموارد والتوزيع».
وأضاف: «على المستوى الشخصي، أعتقد أن الترجمة والقراءة الآلية قد تكون لهما آثار كبيرة على صناعتنا في المستقبل».
من جهتها، قالت لورين شانلي، إن صناعة النشر أصبحت معقدة جداً، والذكاء الصناعي يلعب دوراً في متابعة هذه التطورات والتأثير على نتائج أمور محورية، مثل التربية والثقافة والتعليم وثقافة المستهلك كذلك.
وأوصت بالتعلم العميق ومتابعة التطورات الجديدة، وكل ما يتعلق بالحقوق ومنع القرصنة، وهي هموم معاصرة نعيشها اليوم كما تقول.
وعن مستقبل الكتب المسموعة، قال كت شانلي إن هناك 70 ألف كتاب صوتي ينشر سنوياً، مقابل ملايين الكتب المطبوعة، وبذلك فإن الحكم على مستقبلها لا يزال مبكراً.
رامي القواسمي المدير التنفيذي لموقع موضوع، وهو موقع حظي بـ50 مليون زيارة للمنصة، قال: «الوضع مختلف الآن، هناك قليل من المحتوى على الشبكة العنكبوتية، ولا نجد إجابة على كثير من الأسئلة في محركات البحث، نحاول ملء الفراغ وفهم أين يركز الناس اهتمامهم، والفجوة في هذه العملية، هناك ملايين الزيارات تصلنا، نحاول تلبية طلبات الزوار، ونتلقى الأسئلة التي لا تجد إجابة عنها أثناء البحث بآلية متخصصة، ونتبنى التقنيات العصرية في هذا الإطار».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».