جائزة نوبل في الفيزياء تذهب لثلاثة علماء مناخ

العلماء الثلاثة الفائزون بنوبل في الفيزياء (إدارة الجائزة)
العلماء الثلاثة الفائزون بنوبل في الفيزياء (إدارة الجائزة)
TT

جائزة نوبل في الفيزياء تذهب لثلاثة علماء مناخ

العلماء الثلاثة الفائزون بنوبل في الفيزياء (إدارة الجائزة)
العلماء الثلاثة الفائزون بنوبل في الفيزياء (إدارة الجائزة)

أعلنت الأكاديمية الملكية السويدية أمس منح جائزة نوبل للفيزياء لعام 2021 لعلماء من اليابان وألمانيا وإيطاليا. وعمل اثنان من العلماء الذين حصلوا على النصف الأول من الجائزة وهما عالم المناخ الياباني الحاصل على الجنسية الأميركية سيوكورو مانابي (90 عاماً)، ومصمم نماذج المناخ الألماني كلاوس هاسلمان (89 عاماً)، على «النمذجة الفيزيائية لمناخ الأرض، وقياس التباين والتنبؤ بشكل موثوق بالاحترار العالمي».
فيما ذهب النصف الثاني من الجائزة إلى الإيطالي جورجيو باريزي (73 عاماً) عن «اكتشاف تفاعل الفوضى والتقلبات في الأنظمة الفيزيائية من المقاييس الذرية إلى المقاييس الكوكبية».
وقالت لجنة جائزة نوبل في بيان صحافي أمس إن مانابي وهاسلمان «أرسيا الأساس لمعرفتنا بمناخ الأرض وكيف تؤثر البشرية فيه». وبدءاً من الستينات، أوضح مانابي كيف أن الزيادة في كمية ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي ستؤدي إلى زيادة درجات الحرارة العالمية، ووضع الأسس لنماذج المناخ الحالية.
وبعد حوالي عقد من الزمان، أنشأ هاسلمان نموذجا يربط بين الطقس والمناخ، مما يساعد في تفسير سبب إمكانية الاعتماد على النماذج المناخية رغم الطبيعة الفوضوية للطقس، كما طور طرقا للبحث عن علامات محددة لتأثير الإنسان على المناخ.
وبنى باريزي نموذجا فيزيائيا ورياضيا عميقا أتاح فهم الأنظمة المعقدة في مجالات مختلفة مثل الرياضيات وعلم الأحياء وعلم الأعصاب والتعلم الآلي.
وبعد الإعلان عن فوزه، قال باريزي إنه «من المُلح للغاية أن نتخذ قرارات قوية وأن نتحرك بوتيرة سريعة في معالجة تغير المناخ»، وأضاف «من الواضح للأجيال القادمة أن علينا التحرك الآن».
ويرى مراقبون أن القاسم المشترك بين أبحاث العلماء الثلاثة هو العمل على الأنظمة المعقدة التي تتسم بالعشوائية والفوضى والتي يصعب فهمها، وجاء تقدير إدارة الجائزة لهم لابتكارهم طرقاً جديدة لوصف هذه الأنظمة والتنبؤ بسلوكها على المدى الطويل.
وتتكون جميع الأنظمة المعقدة من العديد من الأجزاء المتفاعلة المختلفة، وتمت دراستها من قبل علماء الفيزياء لبضعة قرون، ويمكن أن يكون من الصعب وصفها رياضيا، فقد تحتوي على عدد هائل من المكونات أو قد تكون محكومة بالصدفة، ويمكن أن تكون أيضا فوضوية، مثل الطقس، حيث تؤدي الانحرافات الصغيرة في القيم الأولية إلى اختلافات كبيرة في مرحلة لاحقة، وساهم جميع الحائزين على جائزة هذا العام في اكتسابنا معرفة أكبر بمثل هذه الأنظمة وتطورها على المدى الطويل.
وأحد الأنظمة المعقدة ذات الأهمية الحيوية للبشرية هو مناخ الأرض، وأظهر سيوكورو مانابي كيف أن زيادة مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي تؤدي إلى زيادة درجات الحرارة على سطح الأرض، وقاد في الستينات تطوير النماذج الفيزيائية لمناخ الأرض وكان أول شخص يستكشف التفاعل بين توازن الإشعاع والنقل الرأسي للكتل الهوائية، ووضع عمله الأساسي لتطوير النماذج المناخية الحالية.
وبعد حوالي عشر سنوات، ابتكر شريكه في النصف الأول من الجائزة كلاوس هسلمان نموذجا يربط بين الطقس والمناخ، وبذلك أجاب عن سؤال لماذا يمكن الاعتماد على النماذج المناخية رغم تغير الطقس وفوضويته، كما طور طرقا لتحديد البصمة التي تتركها الظواهر الطبيعية والأنشطة البشرية في المناخ.
ويقول ثورز هانز هانسون، رئيس لجنة نوبل للفيزياء: «تُظهر الاكتشافات التي تم الاعتراف بها هذا العام أن معرفتنا بالمناخ تستند إلى أساس علمي متين، استناداً إلى تحليل دقيق للملاحظات، وقد ساهم جميع الفائزين بالجائزة هذا العام في اكتساب رؤية أعمق لخصائص وتطور الأنظمة الفيزيائية المعقدة».
*تأثير الدفيئة
ويعود أصل أبحاث سيوكورو مانابي إلى مائتي عام مضت عندما درس الفيزيائي الفرنسي جوزيف فورييه توازن الطاقة بين إشعاع الشمس تجاه الأرض والإشعاع من الأرض، وفهم دور الجو في هذا التوازن، فعلى سطح الأرض، يتحول الإشعاع الشمسي الوارد إلى إشعاع صادر «حرارة مظلمة»، يمتصها الغلاف الجوي، وبالتالي تسخنه، ويُطلق على الدور الوقائي للغلاف الجوي الآن اسم تأثير الاحتباس الحراري، ويأتي هذا الاسم من تشابهه مع الألواح الزجاجية لبيت زجاجي، والتي تسمح بأشعة الشمس الحرارية، لكنها تحبس الحرارة في الداخل، ومع ذلك، فإن العمليات الإشعاعية في الغلاف الجوي أكثر تعقيداً بكثير.
وتمت إضافة المزيد من التفاصيل لفك هذا التعقيد من قبل العديد من علماء المناخ على مدى القرنين التاليين، ليس فقط لفهم المناخ، ولكن أيضا لفهم الاحتباس الحراري الذي يتحمل البشر مسؤوليته.

وفي الخمسينات من القرن الماضي، كان عالم فيزياء الغلاف الجوي الياباني سيوكورو مانابي أحد الباحثين الشباب والموهوبين في طوكيو الذين غادروا اليابان، التي دمرتها الحرب، وواصلوا حياتهم المهنية في الولايات المتحدة.
وساعدت أبحاث مانابي في فهم كيف يمكن أن تؤدي المستويات المتزايدة من ثاني أكسيد الكربون إلى زيادة درجات الحرارة، وقاد العمل على تطوير نماذج فيزيائية لتوضيح ذلك.
*طقس فوضوي
وبعد حوالي عشر سنوات من مانابي، نجح كلاوس هسلمان في الربط بين الطقس والمناخ من خلال إيجاد طريقة للتغلب على التغيرات المناخية السريعة والفوضوية التي كانت مزعجة جداً للحسابات.
ويشهد كوكبنا تغيرات هائلة في طقسه لأن الإشعاع الشمسي موزع بشكل غير متساوٍ جغرافيا وعلى مر الزمن، والأرض مستديرة، لذا فإن عدداً أقل من أشعة الشمس يصل إلى خطوط العرض الأعلى من تلك الموجودة في الأسفل حول خط الاستواء.
ليس هذا فقط، ولكن محور الأرض مائل، مما ينتج عنه اختلافات موسمية في الإشعاع الوارد، وتتسبب الاختلافات في الكثافة بين الهواء الأكثر دفئا وبرودة في حدوث عمليات نقل هائلة للحرارة بين خطوط العرض المختلفة، وبين المحيطات والأرض، وبين الكتل الهوائية الأعلى والأدنى، وكل ذلك يجعل إجراء تنبؤات موثوقة حول الطقس لأكثر من العشرة أيام القادمة يمثل تحدياً.


مقالات ذات صلة

«نوبل السلام» لمنظمة يابانية مناهضة لـ«النووي»

يوميات الشرق توشيوكي ميماكي الرئيس المشارك لمنظمة «نيهون هيدانكيو» (جابان تايمز)

«نوبل السلام» لمنظمة يابانية مناهضة لـ«النووي»

مُنحت «جائزة نوبل للسلام» لعام 2024 لمنظمة «نيهون هيدانكيو» اليابانية المناهضة للأسلحة النووية والمعروفة أيضاً باسم «هيباكوشا».

«الشرق الأوسط» (أوسلو - القاهرة)
أوروبا جائزة نوبل للسلام (رويترز) play-circle 00:46

فوز منظمة «نيهون هيدانكيو» بجائزة نوبل للسلام

فازت منظمة «نيهون هيدانكيو» اليابانية، وهي حركة شعبية من الناجين من القنبلتين الذريتين في هيروشيما وناغاساكي، بجائزة نوبل للسلام اليوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
آسيا محمد يونس يحمل باقة ورد لدى وصوله إلى مطار دكا الخميس (أ.ف.ب)

محمد يونس الحائز جائزة نوبل للسلام... رئيساً لحكومة بنغلاديش الانتقالية

أدى محمد يونس، الحائز جائزة نوبل للسلام، اليمين الدستورية رئيساً لحكومة انتقالية لبنغلاديش، الخميس.

آسيا الخبير الاقتصادي محمد يونس في 2016 (أ.ب)

محمد يونس... «مصرفي الفقراء» الذي ينتظره متظاهرو بنغلاديش

يضغط الطلاب الذين نظّموا الاحتجاجات في بنغلاديش من أجل إشراف محمد يونس -الحائز جائزة «نوبل»- على الحكومة المؤقتة.

«الشرق الأوسط» (دكا)
يوميات الشرق الملياردير الأميركي إيلون ماسك (رويترز)

تقرير: ماسك وأسانج مرشحان لجائزة نوبل للسلام

ذكرت مجلة «بوليتيكو» الأميركية أن رجل الأعمال إيلون ماسك والصحافي جوليان أسانج رشحا لجائزة نوبل للسلام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.