تباين أعراض «كوفيد الطويل» يحيّر الخبراء

مريضة تعاني من أعراض «كوفيد الطويل» في مركز إعادة تأهيل بساراسوتا في فلوريدا (رويترز)
مريضة تعاني من أعراض «كوفيد الطويل» في مركز إعادة تأهيل بساراسوتا في فلوريدا (رويترز)
TT

تباين أعراض «كوفيد الطويل» يحيّر الخبراء

مريضة تعاني من أعراض «كوفيد الطويل» في مركز إعادة تأهيل بساراسوتا في فلوريدا (رويترز)
مريضة تعاني من أعراض «كوفيد الطويل» في مركز إعادة تأهيل بساراسوتا في فلوريدا (رويترز)

يستخدم الاختصاصيون مصطلح «الضباب الدماغي» لوصف حال المرضى الذين تجاوزوا «كوفيد - 19»، وما زالوا يشعرون بصعوبة كبيرة في التركيز، ومتابعة مسرى الحديث، وتذكر أمور حدثت في الماضي القريب. ثم هناك الإنهاك المستمر، حتى بعد ساعات من النوم أو الراحة، والقلق الشديد لأسباب مجهولة، وعدم الشعور بالأمان، وتعطل حاستي الذوق والشم، ناهيك عن صعوبة التنفس التي تصل إلى الاختناق أحياناً، أو تدوم لفترة طويلة.
التعافي من «كوفيد - 19»، بالنسبة لكثيرين، لا يبلغ خواتيمه بالخروج من المستشفى أو الاختبار السلبي، بل قد يستمر أشهراً عديدة، ربما أكثر، بأعراض صحية مهمة عند الذين تعرضوا لإصابة خطرة، أو حتى الذين كانت أعراض إصابتهم خفيفة.
هذا ما تؤكده أوسع دراسة أجريت حتى الآن على ما يعرف باسم «كوفيد الطويل» أجراها عشرات الباحثين في أكثر من 60 بلداً طوال تسعة أشهر، ويراجعها حالياً خبراء منظمة الصحة العالمية. يُستفاد من نتائج هذه الدراسة أن الأعراض المذكورة كانت تصيب 10 في المائة من الذين أصيبوا بالوباء خلال الموجة الأولى، لكنها الآن تظهر على حوالي 25 في المائة من الذين تعافوا من الفيروس، وبعضها يستمر على القدر نفسه من الخطورة بعد نصف عام من الإصابة.
ويقول الخبراء إن التجارب والمعاينة السريرية المستمرة أظهرت أن هذه الاعراض أسوأ بكثير مما كانت الأوساط الطبية تتوقع، وليس من الواضح بعد إذا كان متحور «دلتا» هو السبب، أو أن الأطباء لم يعيروها الاهتمام الكافي في المراحل الأولى من الجائحة عندما كانت كل الجهود موجهة لشفاء المصابين.
وتشير الدراسة إلى أن العديد من التجارب السريرية التي أجراها الباحثون حصلت في أقسام مخصصة لمراقبة هذه الأعراض ودراستها. ويذكر أن الاختصاصي الأميركي المعروف في العلوم الوبائية أنطونيو فاوتشي، كان صرح منذ أيام بأن الدراسات الأخيرة التي أجريت في عدد من جامعات الولايات المتحدة حول هذه الأعراض، بينت أنها تصيب بين 15 في المائة و30 في المائة من المتعافين، فيما ذهبت دراسة نشرتها منذ يومين جامعة «أكسفورد» إلى أن هذه النسبة يمكن أن تصل إلى 33 في المائة.
ويقول الاختصاصي الإيطالي ماتيو توساتو من مستشفى «جيميلي» الجامعي في روما، إن أكثر الأعراض انتشاراً بين أكثر من ألفي حالة تابعها وعاينها منذ منتصف العام الماضي، هو الإنهاك العام الذي يرافقه التهاب حاد في المفاصل وآلام في العضلات. ويليه العجز عن التركيز، حتى في المحادثات العادية، وضعف الذاكرة. ويشير أحد خبراء منظمة الصحة العالمية إلى أن هذه الاضطرابات تظهر أيضاً على الذين أصيبوا بالوباء من غير أن تصاحب إصاباتهم أعراض تذكر.
وتفيد الدراسة بأن أعراض صعوبة التنفس تظهر في الغالب عند الذين تعافوا من إصابات خطرة بالفيروس، واحتاجوا للعلاج في وحدات العناية الفائقة. ويقول روجيه بلانشار، المسؤول عن قسم الأمراض التنفسية في مستشفى جنيف الجامعي، وأحد الذين شاركوا في هذه الدراسة، إن المشكلتين الأساسيتين اللتين عاينهما في حالات المصابين بأعراض «كوفيد» طويلة الأمد، هي الصعوبة الفائقة في التنفس والإنهاك الشديد لدى القيام بأي مجهود جسدي، وانخفاض كمية الأكسجين في الدم، وما ينتج عنه من وهن في العضلات، وضعف في القلب، واضطرابات في وظائف الدماغ. ويشرح بلانشار أن العلاج الذي يعتمده قسمه في هذه الحالات، هي قوارير الأكسجين التي ترافق المصابين في المنزل وخارجه، ومادة الكورتيزون لمعالجة الالتهابات. يضاف إليها، بعد تراجع الأعراض، التمارين الرياضية الخفيفة تحت إشراف الأطباء.
ويدرس خبراء منظمة الصحة العالمية حالياً اقتراحاً تقدم به واضعو الدراسة المذكورة، بإقامة عيادات طبية مستقلة، أو إنشاء أقسام داخل المستشفيات لمعاينة المتعافين من «كوفيد - 19» بصورة دورية، وإخضاعهم لفحوصات وتحليلات كل ثلاثة أشهر من أجل متابعة تطور الأعراض التي يعانون منها. ويعتقد الخبراء أن هذه التجربة متعددة الاختصاصات يمكن أن تحتذى في المستقبل لمعالجة العديد من الأمراض المزمنة ومتابعة تطوراتها.


مقالات ذات صلة

«بيونتيك» تتوصل إلى تسويتين بشأن حقوق ملكية لقاح «كوفيد»

الاقتصاد أعلام تحمل اسم شركة «بيونتيك» خارج مقرها بمدينة ماينتس الألمانية (د.ب.أ)

«بيونتيك» تتوصل إلى تسويتين بشأن حقوق ملكية لقاح «كوفيد»

قالت شركة «بيونتيك»، الجمعة، إنها عقدت اتفاقيتيْ تسوية منفصلتين مع معاهد الصحة الوطنية الأميركية وجامعة بنسلفانيا بشأن دفع رسوم حقوق ملكية للقاح «كوفيد».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم تراجعت أعداد الوفيات من جراء الإصابة بفيروس كورونا على نحو مطرد (أ.ف.ب)

الصحة العالمية تعلن عن حدوث تراجع مطرد في وفيات كورونا

بعد مرور نحو خمس سنوات على ظهور فيروس كورونا، تراجعت أعداد الوفيات من جراء الإصابة بهذا الفيروس على نحو مطرد، وذلك حسبما أعلنته منظمة الصحة العالمية في جنيف.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ومرشحه لمنصب وزير الصحة روبرت كيندي يوم 23 أكتوبر الماضي (أ.ب)

ترمب يخطط للانسحاب مجدداً من «منظمة الصحة العالمية»

أفاد أعضاء في الفريق الانتقالي للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، بأنه يدرس الانسحاب من «منظمة الصحة العالمية» في اليوم الأول لتوليه السلطة في 20 يناير.

هبة القدسي (واشنطن)
صحتك صورة توضيحية لفيروس «كوفيد-19» (أرشيفية - رويترز)

«كوفيد» الطويل الأمد لا يزال يفتك بكثيرين ويعطّل حياتهم

منذ ظهور العوارض عليها في عام 2021، تمضي أندريا فانيك معظم أيامها أمام نافذة شقتها في فيينا وهي تراقب العالم الخارجي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)

لافروف: على فريق ترمب أن يتحرك أولاً نحو تحسين العلاقات مع موسكو

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (د.ب.أ)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (د.ب.أ)
TT

لافروف: على فريق ترمب أن يتحرك أولاً نحو تحسين العلاقات مع موسكو

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (د.ب.أ)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (د.ب.أ)

قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، اليوم الخميس، إن روسيا مستعدة للعمل مع الإدارة الأميركية المقبلة بقيادة دونالد ترمب لتحسين العلاقات إذا كانت الولايات المتحدة لديها نوايا جادة لذلك، لكن الأمر متروك لواشنطن لاتخاذ الخطوة الأولى.

ووفقاً لـ«رويترز»، يصف ترمب، الذي سيعود رئيساً للولايات المتحدة في 20 يناير (كانون الثاني)، نفسه بأنه صانع صفقات منقطع النظير، وتعهد بإنهاء الحرب في أوكرانيا بسرعة، لكنه لم يحدد كيفية تحقيق ذلك بخلاف إقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالموافقة على وقف القتال.

وقال مبعوث ترمب إلى أوكرانيا اللفتنانت المتقاعد، كيث كيلوغ، لشبكة «فوكس نيوز»، في 18 ديسمبر (كانون الأول)، إن كلا الجانبين مستعدان لمحادثات السلام، وإن ترمب في وضع مثالي لتنفيذ صفقة لإنهاء الحرب.

وقال لافروف للصحافيين في موسكو: «إذا كانت الإشارات المقبلة من الفريق الجديد في واشنطن لاستعادة الحوار الذي قاطعته واشنطن بعد بدء عملية عسكرية خاصة (الحرب في أوكرانيا) جادة، فبالطبع سنرد عليها».

وقال لافروف وزير الخارجية لأكثر من 20 عاماً: «لكن الأميركيين قطعوا الحوار، لذا يتعين عليهم اتخاذ الخطوة الأولى».

وخلف غزو روسيا لأوكرانيا في 2022 عشرات الآلاف من القتلى، وشرد الملايين من الناس، وأثار أكبر قطيعة في العلاقات بين موسكو والغرب منذ أزمة الصواريخ الكوبية في 1962.

ويقول مسؤولون أميركيون إن روسيا دولة استبدادية فاسدة تشكل أكبر تهديد للولايات المتحدة، وتدخلت في الانتخابات الأميركية، وسجنت مواطنين أميركيين بتهم كاذبة، ونفذت حملات تخريب ضد حلفاء الولايات المتحدة.

في حين يقول مسؤولون روس إن قوة الولايات المتحدة آخذة في التدهور، تجاهلت مراراً مصالح روسيا منذ تفكك الاتحاد السوفيتي في 1991، بينما زرعت الفتنة داخل روسيا في محاولة لتقسيم المجتمع الروسي وتعزيز المصالح الأميركية.