وفود سورية معارضة «تتنافس» لكسب اهتمام إدارة بايدن

«الائتلاف» و«مسد» التقيا مسؤولين وخبراء في واشنطن

TT

وفود سورية معارضة «تتنافس» لكسب اهتمام إدارة بايدن

شهدت العاصمة الأميركية خلال الأسبوع الماضي، زيارات متعددة لوفود المعارضة السورية، بالتزامن مع اجتماعات الجمعية العمومية لمنظمة الأمم المتحدة؛ إذ عملت تلك الوفود على طرق أبواب المؤسسات السياسية الأميركية كافة، والتأكيد على دعم المعارضة، والحصول أيضاً على «موطئ قدم» في خريطة اهتمامات الإدارة الأميركية الحالية.
وكانت حالة «عدم الاتحاد» بين الوفود السورية واضحة في الصور الملتقطة مع المسؤولين الأميركيين، كل فريق على حدة، قوبلت بحالة «عدم الوضوح» سياسياً من الإدارة الأميركية. وبدا واضحاً أن إدارة الرئيس جو بايدن ليس لديها تصور واضح وشامل حول الخطوات السياسية القادمة، سوى التأكيد في تغريدات لها على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، بمواصلة المساعدات الإنسانية، والاستمرار في الحل السلمي في إطار القرار الأممي رقم 2254، ومواصلة الالتزام بـ«قانون قيصر».
وعلمت «الشرق الأوسط» من أحد أعضاء المعارضة السورية الحاضرين في الاجتماعات الرسمية مع الأميركيين، أن الوفود ضمت «الهيئة السورية الديمقراطية، والائتلاف الوطني السوري، وحملت مطالبات عديدة للإدارة الأميركية، من بينها مواصلة دعم قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال شرقي البلاد، وذلك من خلال التواجد الأميركي هناك ومحاربة (داعش)، إضافة إلى المطالبة باتخاذ موقف واضح من مقترح الاتفاق الإقليمي الاقتصادي، المتمثل في إمدادات خطوط الغاز عبر أربع دول هي مصر، الأردن، لبنان، وسوريا، ومناقشة استئناف الرحلات الجوية بين الأردن وسوريا».
وبعدما صرحت جالينا بورتر، متحدثة وزارة الخارجية الأميركية بالإنابة، في مؤتمر صحافي عبر الهاتف خلال الأسبوع الحالي، بأن الولايات المتحدة تتابع إعلان استئناف الرحلات الجوية بين الأردن وسوريا، و«ترحّب» بذلك طالما أنه في الإطار التجاري، سرعان ما تداركت هذا الموقف، وعادت لتعلن عبر إحدى وسائل الإعلام، أن «الولايات المتحدة لن تطبّع علاقاتها مع نظام الأسد، وتحث بقية الدول على عدم اتخاذ ذلك».
وشملت اللقاءات السورية - الأميركية زيارة البيت الأبيض، وزارة الخارجية، الكونغرس، ولقاء مع ممثلي وزارة الدفاع أيضاً، بعد اللقاءات جمعتهم مع الوفود الغربية على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك، ولقاء أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة الاثنين الماضي. كما تتواصل اجتماعات الوفود السورية في واشنطن، مع عدد من أعضاء الكونغرس من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، إضافة إلى اللقاءات مع مراكز الأبحاث والدراسات، وعدد من أصحاب الأنشطة المدنية والاقتصادية لحثهم على تحسين الظروف المعيشية للمدنيين في شمال شرقي سوريا.
في حين أقرّ أحد أعضاء الإدارة الأميركية السابقة، الذي كان معنياً بالملف السوري خلال حديثه مع «الشرق الأوسط»، أن إدارة الرئيس بايدن لا تزال سياساتها تجاه الأزمة السورية غير واضحة المعالم حتى الآن، بخلاف إدارة الرئيس ترمب التي كانت تهدف إلى «مواصلة قتال (داعش)، وخنق النظام السوري اقتصاديا لإفشال المحور السوري – الإيراني – الروسي».
واعتبر المسؤول الأميركي السابق، أن المساعدات الأميركية الإغاثية إلى سوريا أمرٌ ضروري ومهم لدعم اللاجئين ومساعدة السوريين على الحدود السورية وفي الداخل، وهو التزام أميركي إنساني وأخلاقي، «بيد أنه غير كافٍ، ويجب مواصلة الضغط على نظام الأسد عبر قانون قيصر، ودعم المعارضة السورية بأطيافها كافة».
بدورها، قالت سنام محمد، ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية (مسد) في واشنطن، في تصريحات إعلامية، إن «مسؤولي إدارة بايدن أعربوا عن رغبتهم في إبقاء القوات الأميركية في شمال شرقي سوريا»، كما نقلت عن مسؤولين في الإدارة تأكيداتهم بأن بقاء القوات الأميركية يهدف إلى ضمان إرساء استقرار طويل الأمد في المنطقة، «وتمكينها من الصمود في وجه أي تحديات مستقبلية».
وأفادت بأن المسؤولين الأميركيين أعادوا التأكيد على دعم بلادهم الاستقرار في شمال شرقي سوريا، واستمرار المساعدة في المناطق المحررة من «داعش»، والحل السياسي الذي يشمل جميع السوريين، ضمن إطار الحل السياسي الذي يسعى إليه المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسن.
يذكر أن الإدارة الأميركية سعت في أعقاب انسحابها من أفغانستان الشهر الماضي، إلى لقاء «الشركاء أكراد سوريا» عبر جوي هود، النائب الأول المساعد لوزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى، والمتمثل في الذراع العسكرية «قوات سوريا الديمقراطية»، على التأكيد بالتواجد الأميركي وعدم الانسحاب، ومواصلة الحملة المستمرة ضد تنظيم «داعش» الإرهابي، ومسببات عدم الاستقرار في المنطقة، وكذلك مناقشة المخاوف بشأن تصعيد النشاط العسكري في شمال سوريا.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.