عراقيل إدارية تمنع الاستفادة من إنتاج القمح اللبناني

مدير «مصلحة الليطاني» لـ «الشرق الأوسط»: لم نستطع بيع المحصول مباشرة لوزارة الاقتصاد

TT

عراقيل إدارية تمنع الاستفادة من إنتاج القمح اللبناني

حالت العراقيل الإدارية والقوانين اللبنانية دون استفادة لبنان من محصول القمح الذي زرعته «المصلحة الوطنية لنهر الليطاني» على مدى عامين، لاختبار قدرة لبنان على تطوير الإنتاج الزراعي وتعزيز الأمن الغذائي والاستفادة من أملاك الدولة لتخفيض فاتورة استيراد المواد الحيوية المدعومة من مصرف لبنان المركزي.
واختبرت المصلحة في خريف العام 2019 للمرة الأولى زراعة القمح اللين الذي تحتاجه المطاحن في لبنان لصناعة الخبز، حيث زرعت نحو 150 هكتاراً من استملاكاتها بعد إزالة التعديات عنها، واستثمرتها في الزراعة، وأعلنت أنها ستتواصل مع وزارة الاقتصاد لمعرفة وجهة المحصول في النهاية. وأنتجت المصلحة في (2020) 135 طناً من القمح اللين الذي يُستخدم في صناعة الخبز، بينما أنتجت أراضي المصلحة 85 طناً من النوع نفسه في 2021 إلى جانب 35 طناً من القمح القاسي تم اختباره هذا العام، وأطنان أخرى من القش الذي يُستخدم كعلف للحيوانات.
وقال مدير المصلحة سامي علوية لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك نظرية في لبنان تقول إن القمح الطري المنتج محلياً لا يصلح للخبز، فاستوردنا البذار المناسب بما يتلاءم مع الخبز اللبناني، وبالفعل زرعنا الأراضي التي أزلنا التعديات عنها منعاً لأن تبقى ضمن الأراضي البور»، وذلك «بهدف تعزيز الإنتاج الزراعي وتخفيض فاتورة الاستيراد عن الدولة ومصرف لبنان في ظل الضائقة الاقتصادية الحالية»، بالنظر إلى أن المصرف المركزي يوفر العملة الصعبة لاستيراد المواد الأساسية وبينها القمح.
وقال علوية: «نجحت البذرة، وكانت مواصفات القمح مناسبة، فعرضنا المحصول على وزارة الاقتصاد لشرائه، لكن القوانين في لبنان حالت دون أن تشتريه الوزارة من إدارة حكومية مباشرة». وأضاف: «وضعنا الكميات المنتجة، على قلتها، بتصرف وزارة الاقتصاد، لكن يبدو أنهم يفضلون الآليات البيروقراطية»، في إشارة إلى العوائق القانونية والإدارية التي تحول دون شراء إدارة حكومية من إدارة أخرى دون موافقة مجلس الوزراء الذي لم يجتمع طوال 13 شهراً إثر استقالة حكومة الرئيس حسان دياب في أغسطس (آب) 2020، ولم تُشكل حكومة أخرى حتى شهر سبتمبر (أيلول) الحالي.
وبحسب القانون، تعتبر «المصلحة الوطنية لنهر الليطاني» مؤسسة عامة تتمتع بالاستقلالية المالية والإدارية، وتخضع لسلطة الوصاية من وزارة الطاقة. وبالتالي، فإن أي عملية بيع وشراء لصالح مؤسسة حكومية تحتاج إلى قرار من مجلس الوزراء، كما تحتاج إلى موافقة مجلس الوزراء في حال قررت تقديم هبة لصالح أي طرف.
عوضاً عن ذلك، قالت مصادر مطلعة على الملف لـ«الشرق الأوسط» إن المحصول جرى بيعه لتجار، ولا يُعرف ما إذا كان هؤلاء باعوه لصالح وزارة الاقتصاد أو لصالح تجار آخرين في الأسواق.
وتمثل هذه القضية جزءاً من أزمات القوانين في لبنان والبيروقراطية الإدارية التي تحول دون الاستفادة من قدرات محلية، لتخفيف فاتورة الاستيراد التي تستنزف الاحتياطات المالية بالعملة الصعبة، في بلد يعاني من عجز تراكمي في ميزان المدفوعات وبلغ العجز في الربيع الماضي أكثر من مليار دولار.
وكان ميزان المدفوعات سجل في العام الماضي عجزاً قياسيا بنحو 10 مليارات دولار، ما أحدث فجوة كبيرة، بالتوازي مع قرب نفاد الاحتياطات بالعملات الأجنبية لدى «مصرف لبنان» المركزي وتعذر توفير الدعم التمويلي للسلع الاستراتيجية والأساسية.
ويأتي الكشف عن الارتباك القانوني في التعاطي مع مبادرة شبيهة بتلك التي قامت بها «المصلحة الوطنية لنهر الليطاني» في ظل غياب سياسة زراعية موحدة، وغياب توجيه المزارعين ودعمهم. ويقول علوية إن المسؤولين «يطالبون بتعزيز الأمن الغذائي، وفي الوقت نفسه لا يحلون مشاكل التهريب والمرامل التي تلوث الأراضي الزراعية ونهر الليطاني»، وهو أكبر الأنهار في لبنان، ويمتد من البقاع في الشرق إلى الجنوب، ويروي عشرات الهكتارات من الأراضي الزراعية. ويقول إن ثمة خلطاً غير مبرر بين أصول تعزيز الأمن الغذائي وتطوير الزراعة، وبين الاعتبارات الأخرى.
وينسحب غياب الروزنامة الزراعية على غياب سياسة متصلة بالمواد المستخدمة لإنتاج الأعلاف مثل التبن، وقد ازدادت أسعار اللحوم والدواجن بشكل قياسي، على ضوء ارتفاع أسعار الأعلاف المستوردة.
ويقول علوية إن المصلحة التي يترأسها «باعت التبن الذي تم إنتاجه من سهول القمح التي زرعتها المصلحة في العام الماضي، ما حقق مردوداً بقيمة 150 مليون ليرة لبنانية، ساهم في تغطية جزء من تكاليف مشروع الري»، لافتاً إلى أن المصلحة وبعد إزالة التعديات عن الأراضي التابعة لها في البقاع والجنوب، «جرى استثمارها في دورة اقتصادية كاملة، حيث تم بيع محصول القمح والأعلاف، فضلاً عن أنه تم تأجير الأراضي لرعاة الماشية».
وتعهد علوية بتوسيع النشاط الزراعي في كل عام، واختبار إنتاجات جديدة في الأراضي التابعة للمصلحة «بهدف تأمين الأرضية المناسبة لتعزيز الإنتاج الزراعي والأمن الغذائي»، لافتاً إلى «أننا واجهتنا مشكلة ارتفاع ثمن المبيدات الفطرية التي تستخدم للبساتين المزروعة بالفواكه»، وهي بمعظمها مستوردة ما يوجب شراءها بالدولار، وعليه «قمنا بتأمين بدائل طبيعية بالتعاون مع البيئيين لمكافحة الآفات ومواجهة التحديات»، علما بأن زراعة الحبوب لا تحتاج إلى تلك المبيدات.



سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
TT

سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)

يزيد عدد سكان العراق على 45 مليون نسمة، نحو نصفهم من النساء، وثلثهم تقل أعمارهم عن 15 عاماً، وفق ما أعلن رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، اليوم (الاثنين)، حسب الأرقام غير النهائية لتعداد شامل هو الأول منذ عقود.

وأجرى العراق الأسبوع الماضي تعداداً شاملاً للسكان والمساكن على كامل أراضيه لأول مرة منذ 1987، بعدما حالت دون ذلك حروب وخلافات سياسية شهدها البلد متعدد العرقيات والطوائف.

وقال السوداني، في مؤتمر صحافي: «بلغ عدد سكان العراق 45 مليوناً و407 آلاف و895 نسمة؛ من ضمنهم الأجانب واللاجئون».

ونوّه بأن «الأسر التي ترأسها النساء تشكّل 11.33 في المائة» بالبلد المحافظ، حيث بلغ «عدد الإناث 22 مليوناً و623 ألفاً و833 بنسبة 49.8 في المائة» وفق النتائج الأولية للتعداد.

ووفق تعداد عام 1987، كان عدد سكان العراق يناهز 18 مليون نسمة.

وشمل تعداد السنة الحالية المحافظات العراقية الـ18، بعدما استثنى تعداد أُجري في 1997، المحافظات الثلاث التي تشكل إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي منذ 1991.

وأعلن الإقليم من جهته الاثنين أن عدد سكانه تخطى 6.3 مليون نسمة؛ من بينهم الأجانب، طبقاً للنتائج الأولية، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأرجئ التعداد السكاني مرات عدة بسبب خلافات سياسية في العراق الذي شهد نزاعات وحروباً؛ بينها حرب ما بعد الغزو الأميركي في 2003، وسيطرة تنظيم «داعش» في 2014 على أجزاء واسعة منه.

ولفت السوداني إلى أن نسبة السكان «في سنّ العمل» الذين تتراوح أعمارهم بين «15 و64 سنة بلغت 60.2 في المائة»، مؤكداً «دخول العراق مرحلة الهبّة الديموغرافية».

وأشار إلى أن نسبة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عاماً تبلغ 36.1 في المائة، فيما يبلغ «متوسط حجم الأسرة في العراق 5.3 فرد».

وأكّد السوداني أن «هذه النتائج أولية، وسوف تكون هناك نتائج نهائية بعد إكمال باقي عمليات» التعداد والإحصاء النوعي لخصائص السكان.

وأظهرت نتائج التعداد أن معدّل النمو السنوي السكاني يبلغ حالياً 2.3 في المائة؛ وذلك «نتيجة لتغيّر أنماط الخصوبة في العراق»، وفق ما قال مستشار صندوق الأمم المتحدة للسكان في العراق، مهدي العلاق، خلال المؤتمر الصحافي.