المعارضة السورية تسيطر على بصرى الشام.. وقوات النظام تنسحب باتجاه السويداء

باشرت إجراءات حماية المدرج الروماني وآثار المدينة المصنفة ضمن التراث العالمي

مقاتلو المعارضة السورية داخل المدرج الروماني الذي يعود للقرن الثاني الميلادي بعد تحريرهم المدينة أمس (رويترز)
مقاتلو المعارضة السورية داخل المدرج الروماني الذي يعود للقرن الثاني الميلادي بعد تحريرهم المدينة أمس (رويترز)
TT

المعارضة السورية تسيطر على بصرى الشام.. وقوات النظام تنسحب باتجاه السويداء

مقاتلو المعارضة السورية داخل المدرج الروماني الذي يعود للقرن الثاني الميلادي بعد تحريرهم المدينة أمس (رويترز)
مقاتلو المعارضة السورية داخل المدرج الروماني الذي يعود للقرن الثاني الميلادي بعد تحريرهم المدينة أمس (رويترز)

نجحت قوات المعارضة السورية المسلحة فجر أمس الأربعاء في فرض سيطرتها بالكامل على مدينة بصرى الشام الأثرية في درعا، آخر المدن الخاضعة لسيطرة النظام في المنطقة الشرقية المحاذية لمحافظة السويداء، وقد باشرت فور إعلان «تحريرها»، إجراءات مشددة لحماية المدرج الروماني الذي يعود للقرن الثاني الميلادي وحماية آثار المدينة التي تصنفها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «يونيسكو» ضمن مواقع التراث العالمي.
وأكد الناشط المعارض سامر حوراني لـ«الشرق الأوسط» سيطرة المعارضة على المدينة، مشيرا إلى أن «المعارك استمرت 3 أيام واستخدمت خلالها الأسلحة المتوسطة والثقيلة، علما بأن عملية التحرير كانت تتم تباعا، خصوصا أن المواجهات أخذت شكل حرب شوارع وجرت بين حارة وأخرى، حتى تمت محاصرة قوات النظام داخل القلعة». وقال حوراني إنه بعد استهداف القناصة المتمركزين أعلى المدرج، بدأت القوات النظامية انسحابا باتجاه منطقة السويداء المتاخمة بتغطية من الطيران الحربي». وأضاف: «نجحت قوات المعارضة بمحاصرة تلك القوات بعدما قطعت كل طرق الإمداد من السويداء، واستهدفت رتلين أو 3 من التعزيزات العسكرية».
وأشار حوراني إلى «الدمار الكبير الذي أصاب المدينة باعتبار أن طيران النظام ألقى عليها ما يزيد على 200 برميل متفجر خلال 3 أيام، إضافة إلى الصواريخ أرض - أرض». وأضاف: «بصرى الشام حاليا خالية من المدنيين، وقد تم تمشيط كل الأحياء من قبل قوات المعارضة عند الساعة الرابعة من فجر الأربعاء قبيل إعلان تحريرها».
وأوضح حوراني أن المدرج الروماني الأثري «سليم ولم يتم تدميره، والأمر نفسه مع الآثار الأخرى التي يحرص الثوار على حمايتها»، مشيرا إلى أن منحوتة «سرير بنت الملك» الشهيرة تم تدميرها من قبل قوات النظام.
ورجح حوراني أن تكون المحطة التالية لقوات المعارضة مدينة أزرع وخربة غزالة، «إلا أن هذا الكلام لا يزال سابقا لأوانه».
وقال «مكتب أخبار سوريا»، إن قوات المعارضة المسلحة أحكمت ظهر أمس سيطرتها على كامل مدينة بصرى الشام إثر انسحاب نفذته القوات النظامية من آخر المواقع التي كانت تسيطر عليها في المدينة، لافتا إلى أن مجموعات من المعارضة باشرت «فورا» حراسة المواقع الأثرية في بصرى، من بينها القلعة التي تحوي المدرج الروماني الشهير، ومنازل المدنيين لحمايتها ومنع مجموعات السلب والنهب من دخولها.
وجاء ذلك بعد ساعات من تقدم المعارضة في المدينة وسيطرتها على عدد من الحواجز والأبنية التي كانت تتمركز فيها القوات النظامية، مما أدى إلى مقتل العشرات من أفراد الجيش السوري النظامي وقوات الدفاع الوطني.
وأشار «المكتب» إلى مشاهد مصورة، بثها ناشطون إعلاميون معارضون، من داخل المستشفى الوطني في المدينة، بعد سيطرة المعارضة عليه، تظهر عشرات الجثث العائدة للجنود النظاميين الذين يتوقع أنهم قتلوا خلال المواجهات مع مقاتلي المعارضة خلال الأيام القليلة الماضية.
وقال مصدر عسكري من «حركة المثنى» الإسلامية المعارضة، لـ«مكتب أخبار سوريا»، إن فصائل المعارضة استولت على أسلحة متوسطة وثقيلة من بينها دبابات وعربات إضافة إلى ذخائر متنوعة.
ونقلت وكالة «رويترز» عن مصدر بالجيش السوري أن معارك ضارية اندلعت مع جماعات مسلحة في بلدة بصرى الشام مساء أول من أمس الثلاثاء. وقال المصدر: «ندقق في المعطيات الميدانية».
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بسيطرة «الفصائل الإسلامية والمقاتلة» على بلدة بصرى الشام، عقب اشتباكات عنيفة مع قوات النظام والمسلحين الموالين لها استمرت لنحو 4 أيام، لافتا إلى أن 21 من مقاتلي المعارضة قتلوا خلال المعارك، فيما أفاد الجيش السوري بأنه قتل عددا من زعماء قوات المعارضة خلال القتال.
وقال عصام الريس المتحدث باسم «تحالف الجبهة الجنوبية» لوكالة «رويترز»، إن «85 في المائة من المقاتلين الذين شاركوا في الهجوم من قوات المعارضة المنتمية للتيار الرئيسي، والباقين من الفصائل الإسلامية». وأشار إلى أن «جبهة النصرة» لم تشارك في المعارك، مضيفا أن التحالف حرر المدينة بأكملها حتى القلعة القديمة والمدينة القديمة.
ولفت الريس إلى أن «تحالف الجبهة الجنوبية» شن الهجوم لأن الجيش قام بتعبئة فصائل موالية للحكومة في بصرى من أجل مرحلة جديدة من هجومه في الجنوب. وقال إن استراتيجية «الجبهة الجنوبية» ليست الاحتفاظ بأراض ولكن شن هجوم في مناطق لم يكن النظام يتوقع هجمات عليها، موضحا أنهم تمكنوا من وقف تقدم النظام وبدأوا هجوما لتحرير مناطق أخرى.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.