خبراء اقتصاد يستبعدون حدوث تضخم جامح في ألمانيا

دعوات لرفع الحد الأدنى للأجور إلى 12 يورو في الساعة

مؤثرات مؤقتة تسببت في جزء كبير من معدلات التضخم الشهرية المرتفعة (د.ب.أ)
مؤثرات مؤقتة تسببت في جزء كبير من معدلات التضخم الشهرية المرتفعة (د.ب.أ)
TT

خبراء اقتصاد يستبعدون حدوث تضخم جامح في ألمانيا

مؤثرات مؤقتة تسببت في جزء كبير من معدلات التضخم الشهرية المرتفعة (د.ب.أ)
مؤثرات مؤقتة تسببت في جزء كبير من معدلات التضخم الشهرية المرتفعة (د.ب.أ)

استبعد خبراء اقتصاد تابعون لمعاهد مالية رائدة في ألمانيا في الوقت الراهن وجود خطر من حدوث تضخم طويل الأمد أو خارج عن السيطرة. وقالت كاتارينا أوترمول، الخبيرة بمجموعة أليانز للتأمين، وفق وكالة الأنباء الألمانية، إن التضخم انطلق في 2021 لكن من المتوقع أن يهدأ مرة أخرى في 2022.
في سياق متصل، قال مارك شاتنبرج الخبير في قطاع الأبحاث التابع لمصرف دويتشه بنك (دويتشه بنك ريسيرش)، إن مؤثرات مؤقتة هي التي تسببت في جزء كبير من معدلات التضخم الشهرية المرتفعة التي أمكن ملاحظتها في الوقت الراهن، وتوقع أن يستقر التضخم في منطقة اليورو خلال السنوات التالية حول السقف الذي يستهدفه البنك المركزي الأوروبي بنحو 2 في المائة.
وتوقعت حكيمة الاقتصاد الألماني فيرونيكا جريم عودة الوضع إلى طبيعته رغم أن التأثيرات الدافعة للأسعار مثل الندرة في توريدات الرقائق الإلكترونية على سبيل المثال أو ارتفاع أسعار المواد الخام، لن تتلاشى من وجهة نظرها بالسرعة المنشودة.
وأضافت أنه «ما دامت اتفاقيات الأجور معتدلة فليس هناك الكثير من المؤشرات التي توحي بأننا سندخل تضخما طويل الأمد».
كان معدل التضخم في ألمانيا ارتفع على نحو ملحوظ في أغسطس (آب) الماضي ووصل إلى 3.9 في المائة ويرجع ذلك إلى عوامل أساسية وخاصة، وفي طليعتها أن معدل التضخم في نفس الشهر من العام الماضي كان قد تدنى إلى 0.5 في المائة بسبب تأثيرات جائحة كورونا فضلا عن أن التخفيض المؤقت لضريبة القيمة المضافة عمل على التقليص من ارتفاع الأسعار.
ورأت كاتارينا أوترمول أن الدخول في ارتفاع جامح للأسعار يتطلب وجود تأثيرات أخرى، منها على سبيل المثال حدوث دوامة بين السعر والأجر «وهذه غير منظورة في الأفق، ولا أرى في الوقت الراهن سببا يجعل الذهاب إلى المطعم أعلى كلفة على المدى المتوسط».
في الأثناء، أعرب اخيم تروجر، العضو بمجلس «حكماء الاقتصاد الألماني»، عن تأييده للزيادة التدريجية للحد الأدنى للأجور في ألمانيا إلى 12 يورو في الساعة بحلول مطلع 2023.
يذكر أن تروجر عضو بمجلس خبراء الاقتصاد، المؤلف من خمسة أعضاء، والذي يقدم المشورة لمجلس الوزراء الألماني، ويقوم بتقييم تطور الاقتصاد الكلي، ويُطْلَق عليه باللغة الدارجة «حكماء الاقتصاد».
وفي تصريحات للموقع الإلكتروني لصحيفة «مونشنر ميركور»، قال تروجر إن مثل هذه الخطوة لها مبررات جيدة على الصعيد السياسي الاجتماعي، كما أنها ستؤدي إلى حدوث تحسينات مباشرة على أوضاع عشرة ملايين شخص.
وأضاف تروجر أنه وفقا للمشرع، ينبغي للحد الأدنى للأجور أن «يضمن مستوى أجور يؤمن المعيشة ويقاوم الفقر»، معربا عن اعتقاده بأن الوصول إلى هذا المستوى سيظل بعيد المنال حتى مع وصول الحد الأدنى للأجور إلى 12 يورو.
تجدر الإشارة إلى أن الحد الأدنى للأجور يبلغ حاليا 9.60 يورو في الساعة ومن المنتظر أن يرتفع إلى 9.82 يورو في الساعة بحلول مطلع يناير (كانون الثاني) 2022 وإلى 10.45 يورو بحلول مطلع يوليو (تموز) المقبل.
وكان مجلس الوزراء الألماني أقر هذه المراحل للزيادات بناء على توصية لجنة مختصة بالحد الأدنى للأجور تتألف من ممثلين عن أرباب العمل والنقابات.
ورفض تروجر رأي منتقدين قالوا إن رفع الحد الأدنى للأجور إلى 12 يورو في الساعة قد يؤدي إلى شطب وظائف، وقال إنه رغم أنه لا توجد «معرفة مؤكدة» في هذا الشأن فإن من الممكن رفع الحد الأدنى للأجور إلى 60 في المائة من متوسط الأجر بالساعة «دون حدوث مشاكل تذكر»، وأوضح أن هذه النسبة تعادل وصول الحد الأدنى للأجر إلى «نحو 12 يورو في الساعة».


مقالات ذات صلة

«لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

أميركا اللاتينية «لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

«لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

مطلع العقد السادس من القرن الماضي شهدت أميركا اللاتينية، بالتزامن مع انتشار حركات التحرر التي توّجها انتصار الثورة الكوبية.

شوقي الريّس (هافانا)
أوروبا رجل يلتقط صورة تذكارية مع ملصق يحمل صورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقول: «لماذا نريد مثل هذا العالم إذا لم تكن روسيا موجودة فيه؟» (رويترز)

«فليحفظ الرب القيصر»... مؤيدون يهنئون بوتين بعيد ميلاده الثاني والسبعين

وصف بعض المؤيدين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ«القيصر»، في عيد ميلاده الثاني والسبعين، الاثنين، وقالوا إنه أعاد لروسيا وضعها، وسينتصر على الغرب بحرب أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم جندي أوكراني يجلس داخل دبابة ألمانية الصنع من نوع «ليوبارد 2 إيه 5» بالقرب من خط المواجهة (أ.ف.ب)

هل انتهى عصر الدبابات «ملكة المعارك» لصالح الطائرات المسيّرة؟

رغم أن الدبابات ساعدت أوكرانيا في التقدم داخل روسيا، تعيد الجيوش التفكير في كيفية صنع ونشر هذه الآليات القوية بعد أدائها المتواضع خلال الفترة الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا بوتين يتحدث مع طلاب مدرسة في جمهورية توفا الروسية الاثنين (إ.ب.أ) play-circle 00:45

بوتين يتوعد الأوكرانيين في كورسك ويشدد على استمرار الحرب حتى تحقيق أهدافها

شدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أن الهجوم الأوكراني في كورسك لن يوقف تقدم جيشه في منطقة دونباس، متعهداً بمواصلة العمليات الحربية حتى تحقيق أهداف بلاده.

رائد جبر (موسكو)
العالم تمثال لفلاديمير لينين أمام عَلم روسي وسط مدينة كورسك (أرشيفية - إ.ب.أ)

أوكرانيا... من حرب الثبات إلى الحركيّة

يرى الخبراء أن أوكرانيا تعتمد الهجوم التكتيكي والدفاع الاستراتيجيّ، أما روسيا فتعتمد الدفاع التكتيكي والهجوم الاستراتيجيّ.

المحلل العسكري (لندن)

منطقة اليورو مهددة بركود اقتصادي بعد فوز ترمب

سفينة حاويات تُفرغ حمولتها في ميناء هامبورغ الألماني (رويترز)
سفينة حاويات تُفرغ حمولتها في ميناء هامبورغ الألماني (رويترز)
TT

منطقة اليورو مهددة بركود اقتصادي بعد فوز ترمب

سفينة حاويات تُفرغ حمولتها في ميناء هامبورغ الألماني (رويترز)
سفينة حاويات تُفرغ حمولتها في ميناء هامبورغ الألماني (رويترز)

مع تحول «ترمب 2.0» إلى واقع، أصبحت أوروبا على استعداد لنزول مستنقع جيوسياسي وتجاري جديد مع أكبر شركائها التجاريين.

وقد يلحق فوز ترمب في الانتخابات الرئاسية الأميركية الضرر بالاقتصاد الأوروبي، فالرسوم الجمركية الأميركية المقترحة بنسبة 10 في المائة قد تؤثر على الصادرات الأوروبية، مثل السيارات والمواد الكيميائية، مما يؤدي إلى تآكل الناتج المحلي الإجمالي الأوروبي بنسبة تصل إلى 1.5 في المائة أو نحو 260 مليار يورو.

ويحذر المحللون من خفض «البنك المركزي الأوروبي» أسعار الفائدة، وضعف اليورو، وخطر الركود.

وفق كثير من التحليلات الاقتصادية، هناك اتفاق واسع النطاق على أن التعريفات الجمركية الشاملة التي اقترحها ترمب بنسبة 10 في المائة على جميع الواردات الأميركية، قد تعطل النمو الأوروبي بشكل كبير، وتزيد من حدة التباين في السياسة النقدية، وتفرض ضغوطاً على القطاعات الرئيسية المعتمدة على التجارة، مثل السيارات والمواد الكيميائية.

وقد تكون التأثيرات طويلة الأجل على مرونة الاقتصاد الأوروبي أكثر أهمية؛ إذا كانت التعريفات الجمركية أدت إلى صراعات تجارية مطولة، مما دفع «البنك المركزي الأوروبي» إلى الاستجابة بخفض أسعار الفائدة بشكل كبير لتخفيف التأثير، وفق «يورو نيوز».

والرسوم الجمركية التي اقترحها ترمب على الواردات، بما فيها تلك الآتية من أوروبا، قد تؤثر بشكل عميق على قطاعات تعتمد بشكل كبير على الصادرات إلى أميركا.

وتظهر بيانات «المفوضية الأوروبية» أن «الاتحاد الأوروبي» صدّر سلعاً بقيمة 502.3 مليار يورو إلى الولايات المتحدة في عام 2023، وهو ما يمثل خُمس إجمالي الصادرات غير الأوروبية.

وتتصدر الصادراتِ الأوروبية إلى الولايات المتحدة الآلاتُ والمركباتُ (207.6 مليار يورو)، والمواد الكيميائية (137.4 مليار يورو)، والسلع المصنَّعة الأخرى (103.7 مليار يورو)، وتشكل معاً نحو 90 في المائة من صادرات الكتلة عبر المحيط الأطلسي.

ويحذر محللون في بنك «إيه بي إن أمرو» بأن الرسوم الجمركية «ستتسبب في انهيار الصادرات إلى الولايات المتحدة»، حيث من المرجح أن تكون الاقتصادات المعتمدة على التجارة، مثل ألمانيا وهولندا، الأكثر تضرراً.

ووفق «البنك المركزي الهولندي»، فإن الرسوم الجمركية المتوقعة من شأنها أن تخفض النمو الأوروبي بنحو 1.5 نقطة مئوية، وهو ما يعني خسارة اقتصادية محتملة قدرها 260 مليار يورو، استناداً إلى الناتج المحلي الإجمالي المقدر لأوروبا في عام 2024 بنحو 17.4 تريليون يورو.

وإذا تعثر نمو أوروبا تحت وطأة هذه الرسوم الجمركية المقترحة، فقد يضطر «البنك المركزي الأوروبي» إلى الرد بقوة، وخفض أسعار الفائدة إلى نحو الصفر بحلول عام 2025.

وفي المقابل، قد يستمر «بنك الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي في رفع أسعار الفائدة، مما يؤدي إلى «أحد أكبر وأطول الاختلافات في السياسة النقدية» بين «البنك المركزي الأوروبي» و«الاحتياطي الفيدرالي» منذ إنشاء اليورو في عام 1999.

يرى ديرك شوماخر، رئيس أبحاث الاقتصاد الكلي الأوروبي في مؤسسة «ناتيكسيس كوربوريت» الألمانية، أن زيادة التعريفات بنسبة 10 في المائة قد تقلل الناتج المحلي الإجمالي بنحو 0.5 في المائة بألمانيا، و0.3 في المائة بفرنسا، و0.4 في المائة بإيطاليا، و0.2 في المائة بإسبانيا.

ويحذر شوماخر بأن «منطقة اليورو قد تنزلق إلى الركود بتأثير التعريفات الجمركية الأعلى».

كما أن أرباح الشركات الأوروبية والاستثمارات في خطر، فوفقاً لخبراء الاقتصاد في «غولدمان ساكس»، فمن المرجح أن تؤدي التعريفات الجمركية واسعة النطاق إلى تآكل الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو بنحو واحد في المائة.

ويتوقع الخبراء أن تؤدي خسارة واحد في المائة من الناتج المحلي الإجمالي إلى ضربة لأرباح سهم «EPS» للشركات الأوروبية بنسبة بين 6 و7 نقاط مئوية، وهذا سيكون كافياً لمحو نمو ربح السهم المتوقع لعام 2025.