شريف دسوقي: المسرح هوّن علي أزمتي الصحية

قال لـ «الشرق الأوسط» إنه يحاول التكيّف مع الطرف الصناعي

دسوقي يتحدث للجمهور
دسوقي يتحدث للجمهور
TT

شريف دسوقي: المسرح هوّن علي أزمتي الصحية

دسوقي يتحدث للجمهور
دسوقي يتحدث للجمهور

قال الفنان شريف دسوقي إن مشاركته في العرض المسرحي «ياما في الجراب يا حاوي»، هوّنت عليه آلام الأزمة الصحية التي تعرض لها خلال الآونة الأخيرة، كأول عمل يشارك به بعد عملية بتر قدمه خلال الشهور الأخيرة، مشيراً إلى أن مساندة الفنان يحيى الفخراني وأسرة المسرحية له، وتمسكهم به جعله يتحمس كثيراً للمشاركة بها، بالعكاز، وقال في حواره مع «الشرق الأوسط» إنه يستعد لتركيب قدم صناعي خلال الأيام المقبلة، مشيداً بمساندة الدولة له، وإصدار قرار بعلاجه على نفقة الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية.
واستقبل الجمهور دسوقي بالتصفيق والتشجيع بمجرد ظهوره على خشبة المسرح، في أول ليالي عرض المسرحية التي يقوم ببطولتها الفنان الكبير يحيى الفخراني، ومن إخراج مجدي الهواري، كما شارك في الموسم السينمائي الصيفي بفيلمين كان قد صورهما قبل فترة مرضه وهما «الإنس والنمس»، و«30 مارس».
وعن مشاركته في مسرحية «ياما في الجراب يا حاوي» قال شريف: «رشحني المخرج مجدي الهواري، ويحيى الفخراني لدور (جويل) الذي يعد الشخصية الشريرة في المسرحية المأخوذة عن رائعة الفنان بيرم التونسي، والموسيقار أحمد صدقي، والحوار بها عبارة عن زجل، ويعتمد الأداء فيها على قدرات الممثل بشكل أساسي، وقد قرأت النص وأعجبني الدور وبدأت بروفاته قبل أن أستكمل علاجي، لم يكن الأمر مرهقاً بالنسبة لي، بل على العكس هوّن هذه الفترة الصعبة في حياتي، لأنني لو كنت قضيتها بالبيت لباتت ثقيلة جداً علي، فقد استغرقني العمل تماماً خلال التحضير للمسرحية، وكان استقبال الجمهور غير عادي، سواء في بداية عرضها بمكتبة الإسكندرية قبل القاهرة، مما أعطاني مناعة قوية في مواجهة أزمتي الصحية، معبراً عن سعادته بالعمل مع الفنان يحيى الفخراني: «هو إنسان فوق الوصف، وشديد التواضع والانضباط، يواظب على حضور البروفات كلها، كأنه لا يزال في البداية، وهذا ما يجعلني أشعر بمتعة كبيرة بالعمل معه، فهو قيمة وقامة عظيمة.
وقدم دسوقي منذ بدايته كممثل تجارب مسرحية عدة من خلال فرق الهواة والثقافة الجماهيرية بمدينته الإسكندرية وكذلك بالقاهرة، مجسداً شخصيات تاريخية وعصرية لنصوص مصرية وعالمية، من بينها قصة حياة «الأمير طاز» التي قدمها في 120 ليلة عرض، وقصة حياة «قنصوة الغوري». وحسبما يؤكد: «قدمت عروضاً مسرحية عديدة، ومنذ عشرين عاماً أمثل عروض المونودراما التي تعتمد على أداء ممثل واحد، فأنا في الأصل حكّاء، والمسرح حياة بالنسبة لي، لا أستطيع الابتعاد عنه، فهو الذي يمنحني الطاقة».
وفاز الفنان شريف دسوقي بجائزة أفضل ممثل مسرحي على مستوى الجمهورية، كما حصل على لقب «طائر المسرح» من النمسا، وكتب وأخرج بعض عروضه إلى جانب التمثيل: «أخرجت عروضاً عديدة خلال مرحلة الهواية، ولم يفارقني حبي للإخراج المسرحي برغم انشغالي بالتمثيل، فكلما استهوتني فكرة أو تحمست لقضية قلت سأقدمها في عرض من إخراجي، ولدي أعمال عديدة أتمنى إخراجها للمسرح».
وعن مرحلة علاجه الحالية يقول: «أمرُ بأصعب مرحلة، وهي تركيب قدم صناعية، وأتمنى أن أتمكن من المشي بها، فوجه الصعوبة في هذه المرحلة يكمن في التأقلم مع الجهاز الذي سيكون جزءاً من جسدي وبديلاً لقدمي، لذا أخضع لتدريبات الحركة بالقدم التعويضية، الأمر يتطلب وقتاً لاعتياد السير به لمدة لا تقل عن شهرين، والحمد لله أنا راضٍ بقضاء الله».
وكان شريف قد خضع لفترة علاج قبل بتر قدمه مثلما يوضح: «لم أكن أعلم أنني أصبت بمرض السكري، فلم أعانِ من أي شيء، ولا ظهرت عندي أعراض السكر، بل تعرضت للإصابة بجرح بسيط في ساقي، سرعان ما بدأ يكبر، وخضعت للعلاج على مدى 6 أشهر، كنت أعالج منه باعتباره جرحاً عادياً، حتى تفاقم الأمر، كانت صدمة كبيرة لي، والأطباء يخبرونني بأنه لا بد من بتر قدمي، لكن الله برحمته هوّن علي الأمر كثيراً، عمري الآن 54 عاماً، وأؤمن بأن كل محنة وراءها منحة، لقد منحني الله الصبر على الألم، ومنحني حب الناس، وكنت أهون الأمر على ابني الوحيد (آدم) الذي يدرس بالكونسرفتوار، فهو أكثر من يعنيني».

أفضل ممثل
قبل ثلاث سنوات لفت شريف دسوقي الأنظار إليه بقوة عقب فوزه بجائزة أفضل ممثل بمهرجان القاهرة السينمائي عن دوره في فيلم «ليل خارجي»، الذي جسد من خلاله شخصية «سائق تاكسي»، وهي الجائزة التي لم يتوقع أحد فوزه بها ولا شريف نفسه، وكما يقول: «ظللنا لعام كامل نصور الفيلم، والحقيقة أنني لم أكن أحلم أن أنافس بعمل كممثل في مهرجان القاهرة السينمائي، وتشاء الأقدار أن يكون فيلم (ليل خارجي) هو الوحيد الذي يمثل مصر، أمام لجنة تحكيم دولية تضم 12 سينمائياً من كل أنحاء العالم، ولم يكن بها سوى المخرجة المصرية هالة خليل، والحمد لله منحتني اللجنة جائزة (الهرم الذهبي) لأفضل ممثل، هذه الجائزة هي التي جعلت الناس تعرف ممثلاً اسمه شريف دسوقي ومن خلالها بدأ المخرجون ينتبهون لي». وفتحت الجائزة الطريق أمام شريف دسوقي لأعمال سينمائية وتلفزيونية، فهو يشارك في الموسم الصيفي بفيلمين هما «الإنس والنمس»، أمام محمد هنيدي وإخراج شريف عرفة، وفيلم «30 مارس» من إخراج أحمد خالد موسى، وقد صورهما قبل فترة مرضه، ويشير إلى أنه قام أخيراً بتصوير فيلم «ساعة الصفر» مع أكرم حسني. ويضع شريف مبدأً مهماً في اختيار أدواره: «أقرأ السيناريو أولاً، فإذا جذبني من البداية وحتى آخر مشهد أوافق عليه بلا تردد، وإذا حدث العكس وشعرت بملل أو زهق منه أرفضه، هذا هو دستوري الذي أعمل به منذ كنت في مرحلة الهواية، وأضع نفسي دائماً مكان المشاهد، فالعمل ككل هو الذي يجذبني».
ويلفت إلى أنه يحب تقديم أعمال عن المهمشين في المجتمع: «الذين عشت وتعايشت معهم منذ نشأتي في حي كامب شيزار بالإسكندرية».
ولمع شريف دسوقي بشكل أكبر من خلال دوره في المسلسل الكوميدي «100 وش» الذي عرض شهر رمضان قبل الماضي من إخراج كاملة أبو ذكري التي أتاحت له هذه الفرصة إيماناً بموهبته: «هي صاحبة أفضال كثيرة علي، وأستمتع جداً بالعمل معها، فهي مخرجة تحب الممثل، وتضعه في أفضل صورة، ولا يوجد أجمل ولا أروع منها، كما شاركت هذا العام في مسلسلات (مملكة إبليس)، (ما وراء الطبيعة)، (نجيب زاهي زركش)، وصورتها جميعا قبل بتر قدمي، بينما اعتذرت عن أعمال لم أحبها، فأنا لا أرغب في تصنيفي كممثل في إطار ثابت، بل يهمني أن ألعب كافة الأدوار سواء كانت تراجيديا أو كوميديا».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».