آلة كمان عملاقة تبحر في قناة «البندقية» الكبرى

احتفالاً بالخروج من الإغلاق

قارب على شكل آلة كمان عملاقة يحمل فرقة رباعية تعزف موسيقى «الفصول الأربعة» للموسيقار الإيطالي الشهير أنطونيو فيفالدي (نيويورك تايمز)
قارب على شكل آلة كمان عملاقة يحمل فرقة رباعية تعزف موسيقى «الفصول الأربعة» للموسيقار الإيطالي الشهير أنطونيو فيفالدي (نيويورك تايمز)
TT

آلة كمان عملاقة تبحر في قناة «البندقية» الكبرى

قارب على شكل آلة كمان عملاقة يحمل فرقة رباعية تعزف موسيقى «الفصول الأربعة» للموسيقار الإيطالي الشهير أنطونيو فيفالدي (نيويورك تايمز)
قارب على شكل آلة كمان عملاقة يحمل فرقة رباعية تعزف موسيقى «الفصول الأربعة» للموسيقار الإيطالي الشهير أنطونيو فيفالدي (نيويورك تايمز)

خلال عمرها البالغ 1600 عام، طاف عدد كبير من السفن المصممة بشكل خيالي في القناة الكبرى في مدينة فينيسيا (البندقية) الإيطالية، وذلك غالباً خلال سباقات القوارب أو في الاحتفالات البحرية رائعة التنظيم، ولكن في صباح يوم السبت الماضي، ظهر قارب مبهر بشكل غير معتاد في مياه القناة، إذ إنه كان على شكل آلة كمان عملاقة، تحمل فرقة رباعية تعزف موسيقى «الفصول الأربعة» للموسيقار الإيطالي الشهير أنطونيو فيفالدي.
وأبحر القارب الذي أطلق عليه مصمموه «كمان نوح» برفقة مجموعة من قوارب الجندول، إذ إنه في خلال وقت قصير انضم أسطول صغير من الزوارق البخارية وسيارات الأجرة المائية وزوارق البندقية التقليدية ذات القاعدة المسطحة إلى الكمان أثناء تحركه من قاعة المدينة بالقرب من جسر ريالتو، إلى دار الجمارك القديم على الجانب الآخر من ساحة سان ماركو، وهي المسافة التي تستغرق نحو ساعة بالسيارة.
وظهر القارب كنسخة طبق الأصل من آلة الكمان الحقيقية ولكنها كبيرة الحجم، وهو مصنوع من نحو عشرة أنواع مختلفة من الخشب، مع وضع العديد من صواميل ومسامير بداخله، بالإضافة إلى تخصيص مساحة لوضع محرك. ويقول صانعو القارب إنه بجانب البراعة الفنية التي تطلبتها عملية بناء الكمان الضخم، فقد تطلب الأمر أيضاً الكثير من الخبرة في مجال الإصلاح والملاحة لجعله صالحاً للإبحار في مياه البندقية.
وتقول ميشيل بيتيري، عضوة مجموعة Consorzio Venezia Sviluppo، التي مولت عملية تصنيع القارب وشاركت في تصنيعه مع الفنان الإيطالي ليفيو دي ماركي، الذي توصل للفكرة خلال عمليات الإغلاق الناتجة عن وباء كورونا في العام الماضي: «لقد كانت الفكرة جديدة بالنسبة لنا أيضاً».
وأضافت بيتيري، في مقابلة أجرتها يوم الجمعة في ورشتها المليئة بالأعمال الفنية قبالة أحد أزقة البندقية الضيقة في منطقة سان ماركو: «هذا الكمان العملاق هو علامة على استئناف العمل في البندقية بعد عمليات الإغلاق».
وأطلق دي ماركي على القارب اسم «كمان نوح»، لأنه مثل سفينة نوح، من المفترض أن يحمل رسالة أمل بعد العاصفة، وفي هذه الحالة هو بمثابة رسالة للترويج «للفن والثقافة والموسيقى»، على حد قوله.
وليس من قبيل المصادفة أن يتم التخطيط لأن تنتهي رحلة القارب في القناة الكبرى للبندقية بجانب كنيسة La Salute الإيطالية في حي دورسودورو، والتي تم بناؤها كهدية للسيدة العذراء مريم للخلاص من وباء قد دمر المدينة في عام 1630.
ولكن لماذا تم اختيار شكل آلة الكمان؟ يقول دي ماركي إنه من أشد المعجبين بفيفالدي، الذي كان من مواليد البندقية ويحتل مكانة مرموقة هناك، ويضيف: «أشعر دائماً بالندم لأنني لم أتمكن من تعلم العزف على آلة موسيقية، ولذا فإن بناء قارب عملاق على شكل آلة الكمان كان الاختيار الأفضل بالنسبة لي».
وكان يقود القارب العملاق قائد دفة يرتدي عباءة سوداء وقبعة سوداء مثل تلك القبعات الشعبية التي كان يتم ارتداؤها في البلاد في القرن الثامن عشر، ويقول دي ماركي: «أردت من وجوده واختيار ملابسه أن يعكس روح فيفالدي».
ويقول مدير المجموعة المنفذة للمشروع، ليون زانوفيلو، إن المشروع قد أدى لإحياء الحماس في حوض بناء السفن في جزيرة غيوديكا، حيث تم تصنيع القارب، بعد الأيام الحالكة التي مر بها أثناء جائحة فيروس كورونا، مضيفاً أن «الشركات والأفراد الذين لم يكونوا جزءاً من المجموعة قد عرضوا علينا المساعدة، وهو ما جعلنا نشعر بأن هذا المشروع قد وحدنا بشكل أكبر، فقد عملنا فيه جميعاً بقلوبنا».
وفي يوم السبت، تبع زانوفيلو وآخرون الكمان في القناة الكبرى على متن قوارب مختلفة، وهم يشعرون بفخر كان ظاهراً بوضوح على وجوههم، إذ صرخ أحد الحاضرين قائلاً: «برافو ليفيو»، وذلك للثناء على الجهد الذي قام به دي ماركي، الذي أجاب قائلاً: «أحسنتم جميعاً».
وكما هو الحال غالباً في إيطاليا، فقد كانت العقبات الرئيسية التي واجهت تنفيذ الفكرة عقبات بيروقراطية، إذ يقول ماريو بولو، وهو أحد النجارين المشاركين في المشروع: «لقد قيل لنا إننا بحاجة إلى لوحة تسجيل للقارب، لكن المسؤولين لم يعرفوا كيفية تصنيف هذه اللوحة، ففي البداية، تم إعطاؤنا نفس اللوحات الممنوحة للقوارب، ولكن شرطة المرور اعترضت قائلة إنها ليست قارباً، ولكنها كمان، ولكن في نهاية المطاف، عمل مسؤولو المدينة على حل المشكلة».
ويقول روبرتو بالاديني، مدير فرع البندقية التابع للاتحاد الوطني للحرفيين، الذي يمثل مصالح فناني الأعمال الصغيرة، إن الفرع قد ساعد في إجراء الاتصالات والحصول على التصاريح اللازمة.
وأضاف بالاديني أن تمويل مبادرات مثل «كمان نوح» قد ساعد في تسليط الضوء على الحرفيين في مدينة تجاوزت فيها السياحة الأنشطة الأخرى، ولذا فإن دعم الحرفيين وإبرازهم هو السبيل الوحيد للحفاظ على إحياء مدينة البندقية.
وأثناء تحرك القارب تجمع الناس فوق جسر بونتي ديل أكاديميا وعلى طول الضفاف المرصوفة للقناة الكبرى لمشاهدة الحفلة الموسيقية العائمة التي تضمنت عزف أعمال الموسيقار الألماني يوهان سباستيان باخ والموسيقار النمساوي فرانز شوبرت، كما التقط السياح صوراً من قوارب النقل العام الكبيرة المسماه بـ«فابوريتوس»، ويقول دي ماركي إنه عندما اقترب الكمان أخيراً من كنيسة La Salute كان يشعر بالتوتر بعض الشيء من أن يحدث أي شيء مخالف للخطة الموضوعة. وتبع ذلك حفل قصير حضره أعضاء المجموعة التي نفذت المشروع وأهاليهم وأصدقاؤهم، وقام دي ماركي بإلقاء كلمة، وأحيا ذكرى أقارب الأشخاص الذين عملوا على تنفيذ القارب العملاق ولكنهم ماتوا قبل رؤيته وهو يبحر في مياه البندقية، ثم بارك القس الإيطالي فلوريو تيساري الكمان، وقال إنه يأمل أن «تسافر حول العالم كرسالة أمل»، فيما قال دي ماركي إن هناك اهتماماً بالقارب العملاق من قبل العديد من الشركات في إيطاليا ومن جانب أحد المتاحف في الصين أيضاً، ثم استمر الحفل الموسيقي مع تقديم بعض الأغاني وإلقاء بعض الخطب القصيرة.
وقال زانوفيلو، رئيس المجموعة، إنه يأمل أن يتم استخدام الكمان لعرض الحرف الفينيسية بعد الفترة الماضية التي وصفها بالبطيئة والصعبة، مؤكداً: «أنا واثق من أنه ستكون هناك عودة».
- خدمة «نيويورك تايمز»



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.