تصاميم من التراث السعودي تتألق في أوبريت «ليلة وطن»

تعكس مدى الغنى الثقافي والتنوع الجمالي الذي تتميز به المملكة

جانب من أوبريت «ليلة وطن»
جانب من أوبريت «ليلة وطن»
TT

تصاميم من التراث السعودي تتألق في أوبريت «ليلة وطن»

جانب من أوبريت «ليلة وطن»
جانب من أوبريت «ليلة وطن»

«ليلة وطن» هو عنوان الأوبريت التي بدأ عرضها أمس بمركز الملك فهد الثقافي بالرياض بمناسبة اليوم الوطني السعودي. كانت متعة للأذن والعين على حد سواء لأن الأزياء كانت هي الأخرى تغنّي بصوت حفيف الأقمشة وهمس الألوان في الخلفية.
ضمت الأوبريت وصلات غنائية متنوعة صدحت فيها أصوات فنانين من أمثال ماجد المهندس وراشد الماجد وأصيل وعايض وداليا مبارك. الجميل فيها أن الجُزئية التي غنتها داليا مبارك كانت أيضاً احتفالاً بالمرأة على أساس أنها جزء لا يتجزأ من المجتمع ومن «رؤية 2030».
«لم يكن من الممكن تغييب الموضة عن هذه المناسبة المهمة... فهي أيضاً تريد أن تحتفل بالوطن» حسب قول المصممة السعودية الحائزة على عدة جوائز عالمية، أروى العماري، التي أناطت بها وزارة الثقافة والترفيه، الراعية للأوبريت، مهمة تصميم أزياء الأوبريت الخاصة بالمرأة. تقول أروى إن «الأزياء أحد الأعمدة الرئيسية للثقافة... فهي مرآة لتاريخ الشعوب، بحيث تعكس نمط حياتهم وتراثهم وعاداتهم».
وزارة الثقافة والترفيه، كما تُثبته مشاريعها وفعالياتها، هي الأخرى مقتنعة بهذه العلاقة الحميمة التي تجمع الموضة بالثقافة، وتعود إلى أزمنة بعيدة. فالملابس والإكسسوارات، لم تكن أبداً للحماية من عوامل الطقس أو احتفالاً بألوان الطبيعة المحيطة فحسب، بل كانت ولا تزال شكلاً من أشكال التواصل الاجتماعي تعكس ثقافة كل منطقة، كما تعبّر عن طموحاتها.
رأي يؤكده باحثو الأنثروبولوجيا وخبراء الموضة عامةً بقولهم إن صوت الموضة قد لا يكون مسموعاً لكنه بالغ التأثير. فحتى عندما نتبع آخر صيحات الموضة، حسب رأيهم، فإننا في اللاشعور نختارها أو ننجذب نحوها ونحن تحت تأثير ما تربينا عليه أو تعودت عليه عيوننا.
من هذا المنظور، عندما طلبت وزارة الثقافة والترفيه من المصممة أروى العماري المساهمة في تصميم أزياء الفتيات المرافقات للمغنية داليا مبارك، كان لا بد لها أن تعود إلى الجذور.
تشرح أروى أنها لم تتردد ثانية عندما طُلبت منها هذه «المهمة الممتعة» كما تصفها، فهي عاشقة بحث في التاريخ وفنون التصميم، بالإضافة إلى إيمانها بدور المرأة في المملكة العربية السعودية «فهي من أهم ثرواتها وجزء مهم لتحقيق رؤيتها المستقبلية. ثم لا ننسى أن المرأة هي القوة الناعمة التي يجب أن نسلط عليها الضوء ونمنحها حقها، لأن مفهوم هذه القوة الناعمة في علم الاجتماع والسياسة مثلاً، يعني توفر الدولة على قوة معنوية وإنسانية تُجسد مبادئها ومعتقداتها أمام الغير بصورة إيجابية». أما الأهم، فهو أن المرأة في كل المجتمعات، كان لها الدور الأكبر في الحفاظ على استمرارية ثقافاتها، سواء كانت من خلال التطريز أو نسج السجاد وغيرها من الفنون التراثية.
من هذا المنظور، وقبل أن تبدأ المصممة في تنفيذ مهمتها، عكفت على البحث في كتب التاريخ لتتعرف على أساليب عيش كل منطقة وتعاملاتها التجارية والاقتصادية مع محيطها القريب والبعيد. وكلما غاصت في البحث اكتشفت مدى الدور الذي لعبته الأزياء في تشكيل تفرد شخصية ونكهة كل منطقة. تشرح العماري: «وجدت أن كل منطقة لها عاداتها ومعمارها وألوانها ومطبخها وموسيقاها، لهذا ليس غريبا أن تترك هذه التأثيرات المتنوعة بصمات واضحة على خطوط الأزياء والنقشات الغنية التي تميزها عن غيرها».
الأوبريت كانت مقسمة لعدة أجزاء، لهذا كان من السهل أمام أروى أن تقدم في كل وصلة تصاميم بألوان ونقشات وخطوط، تعكس شخصية كل منطقة من مناطق المملكة العربية السعودية الشاسعة، لكن من دون أن تنسى أن التطوير وإدخال لمسات عصرية عليها في أهمية احترام التاريخ والموروثات الثقافية حتى تتماشى الفكرة مع «رؤية 2030». من منطقة الشمال مثلاً، استوحت المجموعة من حياكة السدو، وهي خامة تعتمد بالأساس على شعر وصوف الجمال تُحاك بشكل عمودي على خيوط تسمى (السدى) بعدها يتم إدخال خيوط عرضية تسمى «اللحمة»، تزيّن بدمج أشكال هندسية مكررة ورموز بصرية تعكس الحياة البرية والصحراوية. ومن أهم النقوش التقليدية في حياكة السدو ضروس الخيل والعين والضلعة والعويرجان والمدخر والشجر.
من الجنوب استلهمت من الفن التجريدي الذي تتميز به منطقة عسير ويطلق عليه اسم «القط العسيري»، وهو نوع من الرسومات الجدارية كانت تستخدمها النساء لتزيين بيوتهن من الداخل. أكثر ما يُميزه وفرة الألوان المتضاربة التي تتخلله، والأشكال الهندسية إضافةً إلى رموز نباتية تعكس طبيعة المنطقة. أما من الحجاز، فتقول أروى إنها استلهمت مجموعة متكاملة من الروشان الحجازي، وهو نوع من النوافذ الخشبية البارزة والمحفورة بأشكال هندسية تعكس الفن الإسلامي وهي من أهم المعالم العمرانية في منطقة الحجاز.
وأخيراً وليس آخراً، استلهمت من بيوت الطين التي تتميز بها منطقة نجد مجموعة لا تقل بهاءً وسخاءً. فهي بيوت متفردة في جمالها، تُستخدم لبنائها مادة الطين والجريد وكذلك أوراق النخل، كما تحتوي هذه البيوت على فتحات على شكل مثلثات للتهوية وخلق تيار بارد.
كل هذا أخذته المصممة بعين الاعتبار لتكون احتفالية الموضة بالوطن شاملة تعكس مدى الغنى الثقافي والتنوع الجمالي الذي تتميز به المملكة، وكانت للمرأة يد كبيرة في تشكيلها واستمراريتها. فالموضة كما بات متعارفاً عليه لم تعد تعكس الجانب الفني والجمالي للبلد الذي تنبع منه فحسب بل تُبرزه عالمياً كقوة اجتماعية واقتصادية.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.