مجلس الأمن الدولي أمام خطر اختلال عمله نتيجة أزمة الغواصات

الرئيس الأميركي جو بايدن يلقي كلمة أمام الدورة الـ76 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي جو بايدن يلقي كلمة أمام الدورة الـ76 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك (أ.ف.ب)
TT

مجلس الأمن الدولي أمام خطر اختلال عمله نتيجة أزمة الغواصات

الرئيس الأميركي جو بايدن يلقي كلمة أمام الدورة الـ76 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي جو بايدن يلقي كلمة أمام الدورة الـ76 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك (أ.ف.ب)

تهدد أزمة الغواصات التي تهز العلاقات بين دول غربية كبرى بزيادة «الاختلال» في العلاقات الدولية وداخل مجلس الأمن، وهو أمر يندد به الأمين العام للأمم المتحدة منذ سنوات.
وعقد اجتماع غير رسمي لوزراء خارجية الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي (الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا والمملكة المتحدة) مساء أمس الأربعاء على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
وكان موضوع أفغانستان محور الاجتماع الذي رتبته وزيرة الخارجية البريطانية الجديدة ليز تراس.
وفي ختام الجلسة، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لوكالة الصحافة الفرنسية أن الدول الخمس تريد كلها «أفغانستان تُحترم فيها حقوق النساء والفتيات، وأفغانستان لا تكون ملاذاً للإرهاب، وأفغانستان تكون لدينا فيها حكومة جامعة تمثّل مختلف شرائح السكّان».
وعدا هذا الملف، يرى عدد من الخبراء أن الكثير من الملفات المطروحة للبحث في مجلس الأمن قد تعاني الأزمة الحادة القائمة منذ أسبوع بين فرنسا من جهة والولايات المتحدة وبريطانيا من جهة أخرى.
ورفض وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الذي حضر إلى نيويورك منذ مطلع الأسبوع، عقد أي لقاء على انفراد مع نظيريه الأميركي والبريطاني، قبل المكالمة الهاتفية التي جرت الأربعاء بين جو بايدن وإيمانويل ماكرون واتفق الرئيسان الأميركي والفرنسي خلالها على إعادة إرساء الثقة والتعاون بين البلدين.
وأوضح برتران بادي خبير العلاقات الدولية في معهد العلوم السياسية في باريس أن «أزمة الغواصات هذه تهز المجموعة الثلاثية» (الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة)، معتبراً أنها «أزمة حادة تتعلق بالمفهوم التقليدي للتحالف المنبثق عن الحرب الباردة والذي لا يزال على حاله تقريباً».
وتوقع أن «تتفاقم هذه الخلافات مستقبلاً، في دليل على وجوب تخطي هذا المفهوم القديم للأمن الدولي».
وتضاعف المجموعة الثلاثية في مجلس الأمن المناقشات حول كل الملفات قبل طرحها للبحث، ويعتبر دورها أساسياً لإبداء جبهة موحدة لاحقاً في سياق المفاوضات بمواجهة روسيا والصين، قبل السعي لضم الدول العشر غير الدائمة العضوية إلى موقفها.
وقوض الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب هذا التحالف الثلاثي، لكن باريس ولندن كافحتا خلال ولايته ورغم «بريكست»، لإبقاء واشنطن بجانبهما في معظم الملفات.
وحتى لو أتاح نقاش صريح بين ماكرون وبايدن تهدئة التوتر على المدى القريب، ليس من المستبعد أن تضر الأزمة الفرنسية الأميركية بسير عمل مجلس الأمن والنهج الغربي بالأساس.
غير أن ريتشارد غوان اختصاصي الأمم المتحدة في مجموعة الأزمات الدولية لفت إلى أن «العلاقات داخل المجموعة الثلاثية لطالما كانت معقدة»، مضيفاً: «لا أعتقد أن الغواصات ستغرق المجموعة».
وينقسم الخبراء حول ما إذا كانت بكين وموسكو ستغتنمان الانقسامات الغربية لمحاولة ضم فرنسا إلى صفّهما.
ورأى غوان أنه «ليس هناك بكل بساطة ما يكفي من المصالح المشتركة بين القوى الثلاث. فرنسا عالقة مع الأنكلو - ساكسونيين، حتى لو أنها علاقة معقدة».
من جهته، لفت برتران بادي إلى أن «روسيا والصين تتبعان منذ بعض الوقت (دبلوماسية التقاط ما أمكن) تستند إلى اتفاقات ظرفية أكثر منها إلى الالتزامات الثابتة الناتجة عن دبلوماسية (محاور)»، متوقعاً أن «تحصل بالطبع محاولات (اصطياد دبلوماسي) باتجاه فرنسا».
وقد تعمد فرنسا المعزولة بين المعسكرين الأميركي - البريطاني من جهة والروسي - الصيني من جهة أخرى، التوجه إلى الأعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن بحثاً عن دعم في الملفات الحساسة. وبين هؤلاء الأعضاء حالياً الهند التي تحاول فرنسا منذ وقت طويل تطوير شراكة استراتيجية معها.


مقالات ذات صلة

توافق أممي نادر في مجلس الأمن حول سوريا

العالم فاسيلي نيبينزيا مبعوث روسيا لدى الأمم المتحدة (رويترز)

توافق أممي نادر في مجلس الأمن حول سوريا

قال دبلوماسيون أميركيون وروس، يوم الاثنين، إن أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة سيعملون على إعداد بيان بشأن سوريا في الأيام المقبلة، وذلك بعد اجتماع مغلق…

«الشرق الأوسط» (الأمم المتحدة)
أوروبا مبنى الأمم المتحدة في نيويورك (أرشيفية - رويترز)

روسيا تطلب اجتماعاً طارئاً لمجلس الأمن حول سوريا الاثنين

أعلنت روسيا، اليوم الأحد، أنها طلبت عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي، الاثنين؛ لبحث الوضع في سوريا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
المشرق العربي قافلة تابعة للقوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان «اليونيفيل» تعبر منطقة مرجعيون في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

مجلس الأمن لمتابعة تنفيذ الهدنة والقرار 1701 لبنانياً وإسرائيلياً

عرض مجلس الأمن لاتفاق وقف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل، واستطلع حاجات كل من الجيش اللبناني والقوة المؤقتة للأمم المتحدة «اليونيفيل» لتنفيذ القرار 1701.

علي بردى (واشنطن)
شمال افريقيا وفد ليبي خلال مباحثات مع رئيس وزراء غينيا بشأن الاستثمارات الليبية هناك (محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار)

الأموال الليبية بالخارج... «نزيف متواصل» بسبب «التجميد» والاضطرابات السياسية

أرجع مسؤولون ليبيون سابقون أسباب تفاقم نزيف الخسائر التي تتكبدها الاستثمارات الليبية بالخارج إلى قرار تجميدها من مجلس الأمن، بالإضافة إلى الاضطرابات السياسية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من آخر اجتماع لمنتدى السلم والأمن الأفريقي في ديسمبر 2023 (الشرق الأوسط)

تبون ينتقد «انتقائية أممية» و«تجاوزاً صارخاً للشرعية الدولية»

العالم «يعيش اليوم على وقع تحولات عميقة وتوترات متزايدة تدفع المنظومة الدولية نحو مفترق طرق حاسم»

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)

دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرار غير ملزم صدر بغالبية ساحقة وصوّتت ضدّه خصوصا الولايات المتحدة وإسرائيل إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في قطاع غزة.

والقرار الذي صدر بغالبية 158 دولة مؤيدة في مقابل 9 دول صوّتت ضدّه و13 دولة امتنعت عن التصويت، يدعو إلى "وقف لإطلاق النار فوري وغير مشروط ودائم" وكذلك أيضا إلى "الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن"، وهي صيغة مشابهة لتلك التي وردت في مشروع قرار استخدمت ضدّه واشنطن في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الفيتو في مجلس الأمن الدولي.

واستخدمت الولايات المتحدة يومها حق النقض لحماية إسرائيل التي تشن منذ أكثر من سنة هجوما عسكريا في قطاع غزة ردا على هجوم غير مسبوق نفذته حركة حماس على جنوب الدولة العبرية. وعطّل الأميركيون في حينها صدور قرار في مجلس الأمن يطالب بوقف إطلاق نار "فوري وغير مشروط ودائم" في غزة، مشترطين من أجل إقرار أي هدنة إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في القطاع منذ هجوم حماس.

وقبيل التصويت على النصّ، قال نائب السفيرة الأميركية في الأمم المتّحدة روبرت وود إنّه سيكون من "المخزي" تبنّي مشروع القرار لأنّه "قد يوجّه إلى حماس رسالة خطرة مفادها أنّ لا حاجة للتفاوض أو لإطلاق سراح الرهائن"، في وقت تحدّثت فيه وزارة الدفاع الإسرائيلية عن "فرصة" لإبرام اتفاق لاستعادة الرهائن.

بدوره قال السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة داني دانون إنّ "تصويت اليوم ليس تصويت رحمة، بل هو تصويت تواطؤ" و"خيانة" و"تخلّ" عن الرهائن المحتجزين في القطاع الفلسطيني.