قصي خولي: لم أجرِ عمليات تجميل للظهور بإطلالة جديدة

قال لـ «الشرق الأوسط» إنه يجسد دور موسيقي في مسلسل «توتر عالي»

قصي خولي خلال حضوره مهرجان الفضائيات العربية (إدارة المهرجان)
قصي خولي خلال حضوره مهرجان الفضائيات العربية (إدارة المهرجان)
TT

قصي خولي: لم أجرِ عمليات تجميل للظهور بإطلالة جديدة

قصي خولي خلال حضوره مهرجان الفضائيات العربية (إدارة المهرجان)
قصي خولي خلال حضوره مهرجان الفضائيات العربية (إدارة المهرجان)

أعرب الفنان السوري، قصي خولي، عن سعادته البالغة لتكريمه في العاصمة المصرية القاهرة ضمن فعاليات الدورة الثانية عشرة من مهرجان الفضائيات العربية، بعد ساعات من حصوله على جائزة أفضل ممثل في مهرجان «الموريكس دور»، الذي أقيم في العاصمة اللبنانية بيروت. واعتبر خولي أنّ هذه التكريمات تمنح الفنان دوافع جديدة لتقديم كل ما هو جديد ومختلف.
وقال خولي في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»: «أشعر بسعادة غامرة لتكريمي في القاهرة الحبيبة، فأي تكريم يعد مكافأة على الجهد والإبداع، وتكريمي بالتحديد من مهرجان الفضائيات العربية علامة جيدة في مسيرتي لأنه مهرجان مهم وكبير وسمعته جيدة في الأوساط الفنية العربية، وأقدم شكراً خاصاً لجمهوري المصري الذي أسعدني تصويته لي لمنحي الجائزة».
وكشف الفنان السوري عن بدء التحضير الفعلي لتصوير جزء ثان من مسلسله «2020» الذي حقق تفاعلاً لافتاً في موسم رمضان الماضي، موضحاً أنّه «حقق نسب مشاهدة جماهيرية مرتفعة للغاية، وهو أمر كان مفاجئ لنا لأنّ النجاح لم يكن فقط في سوريا ولبنان، بل امتد لجميع أرجاء الوطن العربي بما فيها مصر والمغرب العربي، وهذا النجاح جاء بفضل المنتج الكبير صادق الصباح، وكل صناعه».
وعن موعد عرض الجزء الثاني من العمل، قال: «من المتوقع عرضه في الموسم الرمضاني لعام 2023؛ نظراً لتعاقدي على عمل لموسم 2022».
وكشف خولي أن إطلالته التي خطفت الأنظار عبر مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية هي شكل الشخصية التي يلعبها في مسلسله الجديد «توتر عالي» قائلاً: «هذه الإطلالة هي شكل شخصيتي التي سأجسدها في مسلسلي الجديد (توتر عالي)، الذي كتبه ويخرجه المخرج السوري الشاب أسامة الناصر، وهو مخرج متميز للغاية، والعمل من إنتاج صادق الصباح، وهو مسلسل قصير مكون من 12 حلقة، ولم يتبق في عملية تصويره سوى 20 يوماً، ومن المقرر عرضه بعد شهرين على منصة (شاهد)».
ورفض خولي كشف تفاصيل شخصيته في المسلسل، لكنه قال: «كل ما أستطيع البوح به هو أنني أجسد شخصية موسيقي، والعمل سيكون مختلفاً ونقلة جديدة في مسيرتي مثلما كان مسلسل (2020)، وسيضم كوكبة من الفنانين اللبنانيين والسوريين».
وأشار خولي إلى أنّ هناك احتمالية كبيرة لظهوره في الفيلم الحربي المصري «السرب»، قائلاً: «الاتفاقات معي للمشاركة في الفيلم بدأت منذ فترة طويلة، ولكنها توقفت لفترة ما، حتى عادت من جديد، ويسعدني للغاية المشاركة في العمل المصري الكبير وأن أكون جزءاً من تلك التجربة المهمة».
ونفى خولي إجراءه أي عملية تجميل، بسبب إطلالته الأخيرة، إذ ردد الكثير من المتابعين أنه أجرى عملية تجميل للظهور بشكل جديد، قائلاً: «لن أرد على أي شخص كتب ونشر تلك الصور، لأنّ شكلي واضح لكل ما شاهدني على الطبيعة، ولست بحاجة لكي أرد على هؤلاء، فرغم أنّ مواقع التواصل الاجتماعي سلاح مهم جداً، لا نستطيع الاستغناء عنه، وصار لها مكانتها وقوتها التي لا يستهان بها، فإنها في الوقت ذاته تتسبب في إحداث أزمات وبلبلة من دون أي داعٍ».



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)