تصنيفات البنك الدولي لممارسة الأعمال تخضع لمراجعة وإصلاحات

بعد تحقيق كشف فساداً عميقاً

مقر البنك الدولي (رويترز)
مقر البنك الدولي (رويترز)
TT
20

تصنيفات البنك الدولي لممارسة الأعمال تخضع لمراجعة وإصلاحات

مقر البنك الدولي (رويترز)
مقر البنك الدولي (رويترز)

قبل أسابيع من إلغاء البنك الدولي تقريره الرئيسي لتصنيفات «ممارسة أنشطة الأعمال» في أعقاب تحقيق مستقل أشار إلى مخالفات، أوصت مجموعة من المستشارين الخارجيين بإصلاح التصنيف للحد من محاولات الدول «التلاعب في ترتيباتها».
فقد نُشرت مراجعة من 84 صفحة، والتي أعدها أكاديميون واقتصاديون كبار، على الموقع الإلكتروني للبنك يوم الاثنين بعد حوالي ثلاثة أسابيع من تقديمها إلى رئيسة الخبراء الاقتصاديين بالبنك كارمن راينهارت.
وكان البنك قد قال يوم الخميس إنه سيلغي سلسلة «ممارسة أنشطة الأعمال» الذي يقيم مناخ الأعمال والاستثمار في الدول، عازيا ذلك إلى مراجعات داخلية وتحقيق مستقل منفصل أجرته شركة الخدمات القانونية ويلمر هيل، وهو ما خلص إلى أن كبار قيادات البنك الدولي، بمن فيها كريستالينا غورغيفا التي ترأس حاليا صندوق النقد الدولي، ضغطت على موظفين لتغيير بيانات لصالح الصين خلال فترة عملها رئيسة تنفيذية للبنك.
وتنفي غورغيفا بشدة ما خلص إليه التحقيق. وفي أول تصريحات علنية له منذ تفجر الجدل حول تزوير البيانات يوم الخميس الماضي، قال رئيس البنك ديفيد مالباس لـ«سي.إن.بي.سي» إن تقرير ويلمر هيل «يتحدث عن نفسه» وإن البنك سيستكشف طرقا جديدة لمساعدة البلدان على تحسين مناخ الأعمال لديها.
وأعدت المراجعة التي نُشرت يوم الاثنين مجموعة شكلها البنك في ديسمبر (كانون الأول) 2020 بعد أن كشفت سلسلة من المراجعات الداخلية عن مخالفات في بيانات بتقارير متعلقة بالصين. وتدعو المراجعة إلى سلسلة من الإجراءات التصحيحية والإصلاحات لمعالجة «النزاهة المنهجية» لتقرير ممارسة أنشطة الأعمال، لافتة إلى ما سمته «نوعا من الجهود الحكومية للتدخل» في الترتيب بالتقارير في سنوات سابقة.
وقال ماوريسيو كارديناس الأستاذ بجامعة كولومبيا ووزير المالية الكولومبي السابق الذي ترأس فريق الخبراء «يحتاج البنك الدولي إلى تأمل في النفس. إنه يدأب على الدعوة إلى إصلاحات بالدول من أجل تحسين الحوكمة والشفافية والممارسات. عليه الآن استخدام هذه الوصفة من أجل إصلاحه نفسه».
وانتقد الخبراء سلسلة ممارسة أنشطة الأعمال بسبب الافتقار إلى الشفافية فيما يتعلق بالبيانات الأساسية والاستبيانات المستخدمة لحساب التصنيفات، ودعوا إلى وجود حاجز حماية بين الفريق المعني بتقرير ممارسة أنشطة الأعمال وعمليات البنك الدولي الأخرى، وتشكيل مجلس مراجعة دائم من الخارج.
وقال التقرير «تم إبلاغنا بحالات متعددة حاولت فيها حكومات بلدان التلاعب في التصنيفات بتقرير ممارسة أنشطة الأعمال عن طريق ممارسة ضغط على مشاركين أفراد»، وذلك في إشارة إلى محامين ومحاسبين وما إلى ذلك من المتخصصين.
وأضاف «ذكر موظفو البنك الدولي عددا من البلدان التي يعتقدون أن مسؤولين حكوميين منها أصدروا توجيهات للمشاركين بشأن كيفية الاستجابة. وحتى في حالة عدم وجود ضغط حكومي جلي، فبالطبع قد يؤثر التهديد المتصور بالانتقام على تقرير المشاركين في عملية التصنيف».
ودعا المعدون البنك أيضا إلى التوقف عن بيع الخدمات الاستشارية للحكومات التي تهدف إلى تحسين ترتيب البلد، مشيرين إلى أنها تشكل تضاربا واضحا في المصالح. وكتبوا «ينبغي للبنك الدولي ألا يشارك في الوقت نفسه في تقييم بيئة الأعمال بالبلدان بينما يقبل مدفوعات لتوجيه بلدان بشأن كيفية تحسين تضنيفاتها». وقالت المراجعة إن البنك الدولي عرض هذه «الخدمات الاستشارية مستردة التكلفة» في عدد من البلدان، وهو ما يشمل بعض الدول المتورطة في تحقيق التلاعب بالبيانات.
وقال جاستين سانديفور، وهو زميل بارز في مركز التنمية العالمية بواشنطن ومن الأعضاء الآخرين في لجنة الخبراء التي أصدرت تقرير الاثنين، إن التقرير كشف عن «مشكلة حوكمة» في البنك الدولي، وإنه لم ير أي تأكيدات على أن عدم استمرار حدوث مشكلات مماثلة مع مجموعات أخرى من البيانات.



ترمب يخلق حالة من عدم اليقين الاقتصادي ويثير مخاوف الركود

متداول في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)
متداول في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)
TT
20

ترمب يخلق حالة من عدم اليقين الاقتصادي ويثير مخاوف الركود

متداول في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)
متداول في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

شهدت الجلسة الافتتاحية لسوق الأسهم الأميركية، يوم الثلاثاء، ارتفاعاً ضعيفاً بعد خسائر حادة، يوم الاثنين، مع تنامي المخاوف من تباطؤ الاقتصاد وإمكانية الدخول في حالة ركود بسبب حرب الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين، وهو ما قال محللون إنه قد يؤدي إلى ضغوط تضخمية وتباطؤ اقتصادي.

هذا الانخفاض الكبير في «وول ستريت» دفع ترمب إلى اتخاذ قرار بلقاء رؤساء أكبر الشركات الأميركية التي تراجعت قيمتها السوقية في الأيام الأخيرة، في محاولة لتهدئة المخاوف من ارتفاع معدلات التضخم ودخول الاقتصاد الأميركي في حالة ركود بسبب حالة عدم اليقين بشأن سياسة فرض الرسوم الجمركية.

ومن المقرر أن يحضر نحو 100 من الرؤساء التنفيذيين اجتماع المائدة المستديرة للأعمال في واشنطن، وهي مجموعة مؤثرة من الرؤساء التنفيذيين من شركة «أبل» إلى «جيه بي مورغان تشيس وشركاه» إلى «وول مارت»، بالإضافة إلى الرؤساء التنفيذيين لشركات التكنولوجيا الكبرى التي التقى بها ترمب مساء الاثنين في البيت الأبيض.

وقد أصيبت الأسواق المالية بحالة من الفزع بعد تصريحات ترمب لشبكة «فوكس نيوز» يوم الأحد التي اعترف فيها بأنه سيكون هناك بعض الألم الاقتصادي الناجم عن سياساته لفرض الرسوم الجمركية، وأشار إلى أنه ستكون هناك فترة انتقالية قد تستغرق بعض الوقت وتعود الأسواق مرة أخرى إلى الانتعاش. ورفض الإجابة عما إذا كانت سياساته الاقتصادية ستتسبب في الركود، قائلاً إنه لا يستطيع التنبؤ. وكان ترمب في خطابه أمام الكونغرس الأسبوع الماضي قد أشار إلى ضرورة الاستعداد لاضطراب اقتصادي قصير الأجل.

وحافظ ترمب على موقفه بشأن فرض الرسوم الجمركية قائلا للصحافيين يوم الأحد: «إن الرسوم الجمركية ستكون أعظم شيء قمنا به على الاطلاق كدولة وستجعل بلادنا غنية مرة أخرى».

وحاول البيت الأبيض تهدئة المخاوف بعد تصريحات ترمب. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض كوش ديساي للصحافيين إنه منذ انتخاب ترمب، استفاد قادة الصناعة من أجندته الاقتصادية «أميركا أولا» التي تتضمن الرسوم الجمركية وإلغاء القيود التنظيمية وإطلاق العنان لمشاريع الطاقة التي ستخلق آلاف الوظائف الجديدة. وحقق الرئيس ترمب نمواً تاريخياً في الوظائف والأجور والاستثمار في ولايته الأولى، ومن المقرر أن يفعل ذلك مرة أخرى في ولايته الثانية.

متداول في بورصة نيويورك (أ.ب)
متداول في بورصة نيويورك (أ.ب)

الاثنين الأحمر

لكن أسواق الأسهم التي كانت تبحث عن الاطمئنان وتترقب خطوات البيت الأبيض لتجنب الركود، أصيبت بالارتباك بسبب حالة عدم اليقين، وبدأت الأسهم الأميركية تتجه نحو الهبوط خلال الأسبوع الماضي وسط مخاوف من حدوث ركود نتيجة إصرار ترمب على فرض هذه الرسوم وإشعال حرب تجارية. وتزايدت موجة القلق مع حرب إدارة ترمب على البيروقراطية الفيدرالية، وطرد الآلاف من الموظفين الفيدراليين وتجميد المنح للمقاولين.

وشهد يوم الاثنين أكبر هبوط أدى إلى محو كل المكاسب التي حققتها سوق الأسهم على وقع التفاؤل بانتخاب ترمب، وسجل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» أسوأ يوم له منذ سبتمبر (أيلول) الماضي وانخفض بنسبة 2.7 في المائة. وخسر مؤشر «داو جونز» الصناعي حوالي 2.08 في المائة. وكانت أسهم شركات التكنولوجيا هي الأكثر تضرراً، حيث سجل مؤشر «ناسداك» أكبر انخفاض له في يوم واحد منذ عام 2022 وأدى إلى محو تريليون دولار في قيمته السوقية. وتحولت المؤشرات إلى اللون الأحمر في إشارة إلى الانخفاض، ما أدى إلى زيادة المخاوف.

وأظهر انخفاض العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات حالة عدم اليقين والقلق بشأن معدلات النمو الاقتصادي. وينتظر المستثمرون صدور بيانات التضخم من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي لمعرفة ما إذا كان التضخم سيظل عنيداً.

وهبطت أسهم «إنفيديا» 5 في المائة، وهبطت عملة «البتكوين» إلى 87 ألف دولار، وهو أدنى مستوى لها منذ نوفمبر (تشرين الثاني)، كما ارتفع مؤشر التقلب (فيكس) وهو مقياس الخوف في وول ستريت - إلى أعلى مستوياته، وكان الخوف الشديد هو المحرك وراء الانخفاضات في الأسواق.

شعار «تسلا» في إحدى وكالات بيع السيارات في برلين (د.ب.أ)
شعار «تسلا» في إحدى وكالات بيع السيارات في برلين (د.ب.أ)

إيلون ماسك يخسر

شهدت أسهم شركة «تسلا» للسيارات الكهربائية أسوأ يوم تداول لها منذ سبتمبر 2020 وانخفضت بنسبة 15 في المائة بعد سبعة أسابيع متتالية من الخسائر منذ تولي الرئيس التنفيذي لـ«تسلا» إيلون ماسك دوراً رئيسياً في الأبيض مع الرئيس ترمب. ومنذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي خسرت أسهم «تسلا» أكثر من 50 في المائة من قيمتها منذ ذلك الحين وبلغت خسائرها نحو 800 مليار دولار من قيمتها السوقية.

وطالما تفاخر الرئيس ترمب في ولايته الأولى بالإنجازات الاقتصادية واستخدم الاقتصاد والأوضاع الاقتصادية كسلاح في حملته الانتخابية العام الماضي لإقناع الناخبين أن ولاية وسياسات جو بايدن تسببت في خسائر للاقتصاد، وأنه سيكون الأقدر على قيادة البلاد لخفض التضخم وخفض الأسعار وخفض الضرائب وتحقيق «انتعاشه اقتصادية» غير مسبوقة في الأسواق المالية.

وتفاعلت أسواق المال مع هذه الوعود الانتخابات، وتفاءل المستثمرون بأن سياسات الرئيس الجمهوري الجديد ستميل إلى تحفيز النمو وتخفيف الضغوط التضخمية، وعلى إثر هذا التفاؤل، ارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» عشية تنصيب الرئيس ترمب بنحو 3 في المائة وارتفع تفاؤل الشركات الصغيرة إلى مستوى قياسي بلغ 41 نقطة وحطمت عملة «البتكوين» التوقعات وارتفعت إلى مستوى قياسي، كما تحسنت مؤشرات أخرى اقتصادية، وهو ما سماه المحللون «تأثير ترمب». وقبل عشرين يوماً فقط كانت سوق الأسهم الأميركي في أعلى مستوياتها على الإطلاق وبدا أن الاقتصاد الأميركي ينمو بوتيرة ثابت ولم يكن هناك مخاوف من ركود اقتصادي.

لكن بعد مرور 50 يوماً فقط من ولاية ترمب، تبدّد تفاؤل المستثمرين، وارتجفت الأسواق تحت وطأة قراراته الاقتصادية، إذ تسارعت وتيرة الانحدار في أسواق المال بمجرد شروعه في تنفيذ تهديداته بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على السلع المستوردة من كندا والمكسيك، رغم كونهما من أقرب الشركاء التجاريين للولايات المتحدة. كما فرض رسوماً إضافية بنسبة 10 في المائة على الواردات الصينية، مؤكداً أن مزيداً من الرسوم الجمركية ستدخل حيز التنفيذ اعتباراً من الثاني من أبريل (نيسان) المقبل. وكرر ترمب في تصريحاته أن هذه الرسوم يمكن أن تكون أداة تفاوض فعالة، مشيراً إلى أنها ستضمن تحقيق التوازن التجاري مع الدول التي تفرض رسوماً أعلى على المنتجات الأميركية.