إلغاء الطوارئ في إسرائيل بعد اعتقال كممجي ونفيعات

محاكمة الأسرى عبر «زوم» خوفاً من مظاهرات في الناصرة

الأسير الفلسطيني محمد العارضة حضر محاكمته أمس في الناصرة عبر تطبيق «زوم» (أ.ف.ب)
الأسير الفلسطيني محمد العارضة حضر محاكمته أمس في الناصرة عبر تطبيق «زوم» (أ.ف.ب)
TT
20

إلغاء الطوارئ في إسرائيل بعد اعتقال كممجي ونفيعات

الأسير الفلسطيني محمد العارضة حضر محاكمته أمس في الناصرة عبر تطبيق «زوم» (أ.ف.ب)
الأسير الفلسطيني محمد العارضة حضر محاكمته أمس في الناصرة عبر تطبيق «زوم» (أ.ف.ب)

بعد أن تمكنت القوات الإسرائيلية من اعتقال الأسيرين الأخيرين؛ أيهم كممجي ومناضل نفيعات، فجر أمس الأحد، في الحي الشرقي لمدينة جنين شمال الضفة الغربية، وإتمام اعتقال الأسرى الفلسطينيين الستة الذي فروا من سجن جلبوع شديد التحصين قبل نحو أسبوعين، أعلنت الشرطة والجيش عن إزالة الحواجز وإلغاء حالة الطوارئ. ومع ذلك، أجريت جلسات المحاكمة أمس للأسرى الأربعة الذين اعتقلتهم إسرائيل سابقاً، بواسطة تطبيق «زوم»، وذلك خوفاً من مظاهرات تأييد لهم في مدينة الناصرة.
وقال مصدر في فريق المحامين الذين يدافعون عن الأسرى إن السلطات الإسرائيلية لا تفلح في إخفاء بلبلتها وارتباكها في هذه القضية، وكل ما تفعله في المحكمة وخارجها، يصب في التغطية على إخفاقها الأكبر أمام قدرة الأسرى الستة على كسر القيود الصارمة، والتفوق على شبكة الحراسة الشديدة ذات التقنية التكنولوجية العالية والهرب من أكثر السجون تحصيناً.
وكانت قيادات الشرطة والجيش والمخابرات قد أصدرت، أمس، بيانين تتباهى فيهما بالقدرة على إتمام عملية التفتيش عن الأسرى الستة وإعادتهم وراء القضبان «في أقل من أسبوعين من فرارهم» بحسب تعبير القيادات الإسرائيلية. وقالت إن الاعتقال تم بفضل المعلومات التي حصلت عليها المخابرات والقدرات التكنولوجية العالية. وحسب تسريبات محلية، أدارت السلطات الإسرائيلية من جهة وغرفة العمليات التي أقامتها التنظيمات الفلسطينية في مخيم جنين للاجئين، حرباً نفسية وخدعاً حربية مختلفة خلال الأيام الأخيرة. فالفلسطينيون راحوا يهددون الجيش الإسرائيلي بمغبة محاولة اقتحام مخيم جنين، وتلقوا رداً بأن الجيش لن يتورع عن اقتحام المخيم في حال اختباء الأسيرين، كممجي ونفيعات، داخله. وبدا أن الأسيرين يختبآن في هذا المخيم، بينما كانا يختبآن في بيت يقع بأحد أحياء جنين الشرقية.
وتماهت المخابرات الإسرائيلية مع الخدعة الفلسطينية، وعملت كما لو أنها قبضت رواية وجودهما في مخيم جنين، لكنها استمرت في التفتيش في جميع البلدات المجاورة؛ 13 بلدة، ولم توقف التفتيش حتى في البلدات العربية داخل إسرائيل. فإن لم يكن الغرض تفتيشاً حقيقياً، يتم استخدامه أيضاً للتمويه. وفي الساعة الواحدة من فجر أمس، دخلت قوة عسكرية كبيرة إلى مخيم جنين فعلاً. ولكن قوة أخرى كانت قد عملت بهدوء أكبر في الحي الشرقي من مدينة جنين، حيث اختبأ الأسيران فعلاً. وقالت المخابرات الإسرائيلية إنها نجحت في الوصول «بطريقة مريحة» إلى المنزل المستهدف، بناء على معلومات وتقنيات تكنولوجية مميزة و«من دون وقوع خسائر في صفوفنا».
وعقد رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بنيت، اجتماعاً طارئاً لتلخيص العملية، شارك فيه كل من وزير الأمن الداخلي، عومر بار ليف، ورئيس الشاباك ورئيس هيئة الأركان العامة والمفوض العام للشرطة ورئيس هيئة العمليات في الشاباك وقائد المنطقة العسكرية الوسطى وقائد الوحدة الشرطية الخاصة التي كلفت عملية التفتيش. وشكر بنيت القادة على «عملهم المهني في إلقاء القبض على الإرهابيين»، قائلاً: «بدأ الحدث بخلل كبير، ولكنكم انخرطتم من أجل إنجاح هذه المهمة، وعملتم معاً بقوات مشتركة حتى إتمامها، وتمت إعادة ستة من أصل ستة إرهابيين إلى السجن».
وكانت محكمة الناصرة قد التأمت، أمس الأحد، للتداول في طلب النيابة تمديد اعتقال الأسرى الأربعة، الذين تم القبض عليهم في الأسبوع الماضي، وهم: زكريا الزبيدي (45 عاماً) ومحمد قاسم عارضة (39 عاماً)، ومحمود عبد الله عارضة (46 عاماً) ويعقوب محمد قادري (49 عاماً). وتبين أن الشرطة لم تجلبهم من سجن المخابرات، بل التقتهم عبر تطبيق «زوم». وبدا واضحاً أن عدم جلبهم إلى المحكمة استهدف إبقاءهم بعيدين عن مظاهرات التأييد التي يقوم بها عدد من شباب الناصرة في المكان. وكان الأسرى قد أكدوا، في رسائل نقلها محاموهم، أن هذه المظاهرات ترفع من معنوياتهم.
وقال المحامي خالد محاجنة، الموكل الدفاع عن الأسير محمد عارضة، لموقع «عرب 48»، صباح أمس، إن عدد الأشخاص الذين اعتقلتهم أجهزة الأمن الإسرائيلية، في قضية هروب الأسرى، بلغ أكثر من 20 شخصاً.
وبعد إعادة اعتقال الفارين الأخيرين، أعلن الناطقون بلسان أجهزة الأمن الإسرائيلية، أمس، عن إزالة الحواجز وإلغاء حالة الطوارئ التي بدأت مع فرار الأسرى الستة في السادس من الشهر الحالي.
وقال المحامي الذي يتولى الدفاع عن زبيدي، أمام المحكمة، أمس، إن النيابة تحاول وضع بنود اتهام خطيرة ضد الأسرى، مثل التخطيط لعمليات مسلحة ضد أهداف إسرائيلية وإصابة جنود ومستوطنين، بينما يتضح أن اعتقال الأسرى الستة تم من دون إطلاق رصاصة واحدة. وهذا يعني أن الاتهامات لا تستند إلى أساس، وستنتهي ببهدلة أخرى للشرطة، وسيتضح للمحكمة أن السلطات تبحث عن إنجاز لتغطي على الفشل والإحراج اللذين سببهما الأسرى. ولكن المحكمة قبلت طلب النيابة وقررت تمديد اعتقال الأسرى الأربعة لعشرة أيام أخرى، مما عدّه المحامي محاجنة «مساهمة لأجل إفساح المجال أمام جهاز الأمن العام (الشاباك)، للاستفراد بالأسرى مرة أخرى والتحقيق معهم حتى اكتمال الرواية الإسرائيلية».



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.