انتهاكات الميليشيات ضد اليمنيات تخلف عشرات الضحايا في إب

TT

انتهاكات الميليشيات ضد اليمنيات تخلف عشرات الضحايا في إب

أفاد حقوقيون في محافظة إب اليمنية بتصاعد الانتهاكات الحوثية ضد النساء خلال الأسابيع الأخيرة، حيث دفعت الأوضاع المأساوية العديد منهن للانتحار، كما تعرض العشرات منهن لحوادث قتل وخطف.
وفي الوقت الذي تعددت فيه أشكال التعسف الحوثي بين التجويع والحرمان والاعتداء والقتل والإخفاء القسري والتعذيب؛ أوضحت مصادر حقوقية أن النساء في مركز محافظة إب (170 كيلومتراً جنوب صنعاء) وفي المديريات التابعة لها لا يزلن يدفعن نتيجة سياسات الانقلابيين أثماناً باهظة؛ حيث دفع العديد منهن حياتهن بسبب تعرضهن؛ إما بشكل مباشر وإما غير مباشر، لبطش الجماعة وتنكيلها.
وبسبب ما خلفته آلة الفوضى الحوثية ضد سكان إب ذكوراً وإناث، تحدث مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»، عن أسبوع وصفه بـ«الدامي» شهدته المحافظة الخاضعة لسيطرة الجماعة أغلب ضحاياه من النساء والفتيات. وتحدث المصدر عن تعرض عدد من النساء لجرائم اختطاف وقتل، في حين أقدمت أخريات على الانتحار هرباً من الضغوط النفسية وتردي الأوضاع المعيشية بفعل انقلاب وحرب الميليشيات.
وكشف المصدر الأمني؛ الذي ضاق من بطش وفساد الجماعة، عن تسجيل 4 حالات انتحار لفتيات خلال 10 أيام بمناطق متفرقة من المحافظة.
وقال إن آخرة تلك الحالات وليست الأخيرة؛ تمثلت في محاولة امرأة تقطن في حي صلبة وسط مدينة إب، الانتحار من خلال إضرام النار في جسدها بسبب عنف زوجها المفرط الذي يعمل مجنداً لدى الجماعة الحوثية.
وسبق تلك الحادثة بيومين إقدام فتاة أخرى بمركز المحافظة على الانتحار شنقاً داخل منزلها، بسبب ضغوط معيشية تكابدها أسرتها بسبب الانقلاب الحوثي وتوقف الرواتب.
إلى ذلك؛ كشف حقوقيون عن تسجيل ما يزيد على 18 حالة انتحار؛ بينها عدد من النساء في محافظة إب منذ مطلع العام الحالي بسبب تدهور الأوضاع المعيشية وسياسة الإفقار والتجويع الحوثية.
كما تحدثت مصادر محلية في المحافظة ذاتها عن مقتل امرأة وإصابة أخرى منتصف الأسبوع الماضي وسط مدينة إب نتيجة تعرضهما لإطلاق نار خلال اشتباكات بين مسلحين ينتمون للجماعة الحوثية. ونقلت المصادر أن إحداهن فارقت الحياة على الفور عقب إصابتها بطلق ناري أثناء مرورها في الشارع الذي اندلعت فيه المواجهات، بينما أصيبت الأخرى بإصابات بالغة برصاص المسلحين لحظة وجودها في منزلها القريب من مكان الاشتباك.
وفي حين حمل ذوو النساء قيادة الميليشيات المسؤولية الكاملة حيال تلك الجريمة، ذكرت المصادر أن تلك الحادثة أعقبها بأيام الإعلان عن اختفاء فتاة عشرينية بإحدى الضواحي الشرقية لمدينة إب وسط شكوك بتعرضها للخطف على يد عصابة تتلقى الدعم والتمويل من قيادات حوثية.
وكان مسلحون تابعون للجماعة اقتحموا قبل أسبوعين مؤسسة نسوية في مركز المحافظة وقاموا بترويع وترهيب العاملات ومحاولة الاعتداء عليهن، وكذا نهبهم ومصادرتهم أثاث ومحتويات المؤسسة.
وأوضح ناشطون أن عملية الاقتحام والمصادرة الحوثية بحق مؤسسة «الرائدات» التنموية جاءت عقب أسابيع من منع الجماعة الموظفات من مزاولة أعمالهن، في المؤسسة المختصة منذ تأسيسها قبل 10 أعوام في مجال تدريب وتأهيل النساء.
وعدّوا أن ذلك يأتي في سياق حملات المداهمة والمصادرة الحوثية المتكررة بحق العديد من المنظمات والجمعيات الأهلية العاملة في إب ومدن أخرى تحت سيطرة الجماعة.
وسبق للميليشيات أن صادرت على مدى سنوات ماضية المئات من المؤسسات المدنية في المحافظة وتحويل كثير منها إما إلى مقار لمنظماتها المستحدثة، وإما إلى أماكن خاصة لعقد لقاءات واجتماعات قادتها ومشرفيها.
وكان تقرير محلي كشف في وقت سابق عن تسجيل ما يربو على 700 انتهاك حوثي بحق المدنيين في إب؛ بينهم نساء وأطفال، خلال النصف الأول من العام الحالي.
ورصد تقرير «منظمة الجند لحقوق الإنسان» خلال تلك الفترة نحو 325 انتهاكاً حوثياً ضد الأفراد.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.