استنفار سياسي لبناني لتعليق تنقيب إسرائيل عن الطاقة في مساحة بحرية متنازع عليها

بري يدعو وزارة الخارجية للتحرك... و«دينامية جديدة للمفاوضات» بعد نيل الحكومة الثقة

علما لبنان وإسرائيل في بلدة المطلة الواقعة على الجانب الإسرائيلي من الحدود مع لبنان (إ.ب.أ)
علما لبنان وإسرائيل في بلدة المطلة الواقعة على الجانب الإسرائيلي من الحدود مع لبنان (إ.ب.أ)
TT

استنفار سياسي لبناني لتعليق تنقيب إسرائيل عن الطاقة في مساحة بحرية متنازع عليها

علما لبنان وإسرائيل في بلدة المطلة الواقعة على الجانب الإسرائيلي من الحدود مع لبنان (إ.ب.أ)
علما لبنان وإسرائيل في بلدة المطلة الواقعة على الجانب الإسرائيلي من الحدود مع لبنان (إ.ب.أ)

تدرس السلطات اللبنانية خياراتها، بما فيها اللجوء إلى الأمم المتحدة، لإيقاف اتجاه إسرائيل لحفر آبار استكشافية عن الطاقة في حقل بحري يقع في منطقة متنازع عليها مع لبنان في البحر المتوسط، بعد تعثر المفاوضات التي انطلقت قبل 11 شهراً بغرض حل النزاع الحدودي بما يتيح للبنان التنقيب عن النفط والغاز في «البلوك رقم 9» في مياهه الجنوبية.
وشكلت الخطوة الإسرائيلية المفاجئة خرقاً كبيراً للجهود الدبلوماسية التي بدأت في 14 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وتوقفت في المرة الأولى في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ثم استؤنفت في أبريل (نيسان) بعد تدخل الوسيط الأميركي، وتوقفت مرة أخرى إثر الرفض الإسرائيلي لمطالب لبنان. وقالت مصادر دبلوماسية لبنانية لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة اللبنانية «تبحث في الأمر وستصدر موقفاً من هذا الخرق»، مشيرة إلى أن لبنان «يدرس كل الخيارات الآن بما فيها اللجوء إلى الأمم المتحدة» لمعالجة هذا الخرق وإيقاف الجهود الإسرائيلية للاستكشاف في منطقة جغرافية يعتبرها لبنان امتداداً لمياهه الاقتصادية.
وأعلنت شركة «هاليبرتون» Halliburton الأميركية المختصة بصناعة الطاقة في 14 سبتمبر (أيلول) الحالي، عن فوزها بعقد خدمات متكاملة من شركة «إنرجين» لحفر آبار استكشافية يتراوح عددها بين ثلاث وخمس آبار للتنقيب عن الطاقة، وذلك بعد حملة حفر أربع آبار بحرية نفذتها سابقاً في حقلي غاز «كاريش» و«كاريش نورث». وقالت الشركة، في بيان، إنها ستتعاون مع شركة «إنرجين» لاستكشاف وتقييم وتطوير آبار بحرية في إسرائيل، من غير تحديد الموقع الجغرافي لتلك الآبار. وينص العقد على تقديم جميع الخدمات بما في ذلك إدارة المشروع، والحفر وتأمين مستلزماته بهدف الحصول على بيانات بئر أكثر دقة وتقييم إمكانات الإنتاج.
وأثارت الخطوة الإسرائيلية استنفاراً سياسياً لبنانياً رفضاً لـ«هذا الخرق»، ودعا رئيس مجلس النواب نبيه بري وزارة الخارجية اللبنانية إلى «تحرك عاجل وفوري باتجاه مجلس الأمن والمجتمع الدولي للتحقق من احتمالية حصول اعتداء إسرائيلي جديد على السيادة والحقوق اللبنانية».
وأكد بري أن قيام إسرائيل بإجراء تلزيمات وإبرام لعقود تنقيب في البحر لشركة «هاليبرتون» أو سواها من الشركات في المنطقة المتنازع عليها في البحر «يمثل نقضاً لا بل نسفاً لاتفاق الإطار الذي رعته الولايات المتحدة الأميركية والأمم المتحدة»، في إشارة إلى اتفاق الإطار الذي أعلن عنه في مطلع أكتوبر الماضي للشروع بمفاوضات غير مباشرة تحت علم الأمم المتحدة وفي مقرها في الناقورة في جنوب لبنان، وبوساطة وتسهيل أميركيين.
واعتبر بري أن «تلكؤ ومماطلة» تحالف شركات «توتال» الفرنسية و«نوفاتك» الروسية و«إيني» الإيطالية «في المباشرة بعمليات التنقيب والتي كان من المفترض البدء بها قبل عدة شهور في البلوك رقم 9 من الجانب اللبناني للحدود البحرية يطرح تساؤلات كبرى»، مؤكداً أن «تمادي إسرائيل في عدوانيتها هذه يمثل تهديداً للأمن والسلام الدوليين».
وتبحث المفاوضات في مساحة متنازع عليها تبلغ 2290 كيلومتراً، حيث يصر الوفد اللبناني على أن ينطلق البحث في جلسات التفاوض من النقطة 29 الحدودية التي تكبر حجم النزاع إلى 2290 كيلومتراً بدلاً من التفاوض على مساحة تبلغ 860 كيلومتراً، فيما تتمسك إسرائيل بأن يكون التفاوض انطلاقاً من الخط رقم 1، وهو ما يرفضه لبنان. وقالت مصادر لبنانية مطلعة على موقف الفريق التفاوضي إن المفاوضات «توقفت مؤقتاً في 5 أبريل الماضي»، وإذ أشارت إلى أن المفاوضات توقفت في ظل الجمود الذي طرأ على الملف في الجلسة الخامسة في أبريل، أكدت أن «الوساطة الأميركية لم تتوقف». وأشارت المصادر إلى أن الجانب الأميركي يعتبر أن هناك «مجالاً لخلق ظروف جديدة» لاستئناف المفاوضات، ومن بينها تشكيل الحكومة الجديدة في لبنان. وقالت المصادر: «من الممكن أن تُخلق دينامية جديدة للمفاوضات بعد أن تنال الحكومة الثقة يوم الاثنين المقبل».
وعقدت أربع جولات من المفاوضات في العام الماضي بدءاً من 14 أكتوبر وحتى مطلع ديسمبر، قبل أن تتعثر إثر رفع لبنان لسقف مطالبه بمنطقة تبلغ 2290 كيلومتراً. وبعد أربعة أشهر، تدخل الوسيط الأميركي وتمكن من ترتيب عقد جولة خامسة في أبريل، وتوقفت عندها المفاوضات.
وفيما ترى مصادر مطلعة على موقف الفريق التفاوضي اللبناني أن الجانب الأميركي «فرض شرطاً يقضي بإكمال المفاوضات من الخط رقم (1)، وهو ما رفضه الجانب اللبناني»، قالت مصادر سياسية لبنانية مواكبة للاتصالات الدولية إن الجانب الأميركي «اعتبر أن الوفد اللبناني يعتمد آلية غير مطابقة لاتفاقية الإطار التي وقعت» في مطلع أكتوبر الماضي. ولفتت إلى أنه «حين تدخلت واشنطن لاستئناف المفاوضات في أبريل بعد خمسة أشهر على توقفها، بدأ الوفد اللبناني في الجلسة الخامسة المباحثات من حيث توقفت في المرة الأخيرة، وهو ما فاجأ الموفد الأميركي»، ما أدى إلى تعثر في المفاوضات وتعليقها.
وكان من المفترض أن تقتصر المفاوضات على مساحة بحرية من نحو 860 كيلومتراً مربعاً، بناءً على خريطة أرسلت في 2011 إلى الأمم المتحدة. لكن لبنان اعتبر لاحقاً أن هذه الخريطة استندت إلى تقديرات خاطئة، وطالب بمساحة إضافية تبلغ 1430 كيلومتراً مربعاً وتشمل أجزاءً من حقل «كاريش» الذي تعمل فيه شركة يونانية لصالح إسرائيل. ويُعرف الطرح اللبناني الحالي بالخط 29، واتهمت إسرائيل لبنان بعرقلة المفاوضات عبر توسيع مساحة المنطقة المتنازع عليها.
وقال رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط أمس تعليقاً على إعلان شركة «هاليبرتون» فوزها بعقد حفر آبار نفط في المنطقة المتنازع عليها مع إسرائيل: «نفس المنطقة التي كدنا نستعيد قسماً منها لولا المزايدات. هذا يعني دفن آخر شبر سيادة في لبنان على ثرواته ومقدراته».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.