أنقرة تربط التصعيد في إدلب بقمة بوتين ـ إردوغان

غارات روسية على شمال غربي سوريا

بعد غارة جوية روسية على جبل الشيخ بركات غرب حلب شمال سوريا (الشرق الأوسط)
بعد غارة جوية روسية على جبل الشيخ بركات غرب حلب شمال سوريا (الشرق الأوسط)
TT

أنقرة تربط التصعيد في إدلب بقمة بوتين ـ إردوغان

بعد غارة جوية روسية على جبل الشيخ بركات غرب حلب شمال سوريا (الشرق الأوسط)
بعد غارة جوية روسية على جبل الشيخ بركات غرب حلب شمال سوريا (الشرق الأوسط)

أرجع مسؤول تركي كبير تزايد الضربات الجوية الروسية المكثفة على محافظة إدلب (شمال غربي سوريا) إلى ممارسة موسكو ضغوطاً على أنقرة قبل لقاء مرتقب بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب إردوغان في منتجع سوتشي، في قمة ثلاثية ستضم إيران أيضاً في إطار مسار آستانة أواخر شهر سبتمبر (أيلول) الحالي.
وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته لصحيفة «حرييت»، القريبة من الحكومة التركية، إن النقطة الرئيسية على جدول أعمال لقاء إردوغان وبوتين في سوتشي ستكون سوريا، وبالتحديد إدلب، مشيراً إلى أن الشروط المنصوص عليها في اتفاق وقف إطلاق النار في إدلب، الموقع بين الجانبين في 5 مارس (آذار) 2020، لم تُنفذ بالكامل.
وأضاف أن الضربات المكثفة التي تشنها مقاتلات حربية روسية وسورية على أهداف في إدلب خلال الأسابيع الأخيرة تشير إلى أن الهدوء الذي خيم على المنطقة منذ اتفاق مارس (آذار) 2020، والذي جاء بعد هجوم من قوات النظام السوري على نقطة عسكرية تركية في إدلب أوقع 33 جندياً في 27 فبراير (شباط)، بدأ يتغير. ولفت إلى أنه يمكن قراءة التصعيد المفاجئ في الضربات الجوية الروسية في إدلب في سياق سعي موسكو إلى الضغط على أنقرة لأسباب أخرى.
ورأى الكاتب في صحيفة «حرييت»، سادات أرجين، أن تكثيف الضربات الجوية خلال الأسابيع الماضية، من قبل روسيا والنظام، على إدلب تستهدف تحويل الانتباه التركي من مراقبة التطورات المتعلقة بأفغانستان إلى شمال غربي سوريا. وحذر من أن تركيا «ينتظرها واقع يشبه الواقع في أفغانستان في كثير من المجالات، من خلال وجودها في محافظة إدلب، شمال غربي سوريا، مع عودة التصعيد مجدداً إلى المنطقة» بعد الهجوم الذي استهدف مركبة عسكرية تركية في منطقة خفض التصعيد في إدلب الأسبوع الماضي، وأسفر عن مقتل 3 جنود أتراك، وإصابة 4 آخرين. وذهب إلى أن إعلان سرية «أنصار أبي بكر الصديق» مسؤوليتها عن الهجوم لا يعني بالضرورة أنها من نفذ العملية، كما أن هوية منفذي الهجوم لم تتضح بعد بالنسبة لأنقرة.
وقال أرجين إنه «يمكن قراءة الزيادة المفاجئة في الهجمات الجوية الروسية بإدلب على أنها تهدف إلى الضغط على أنقرة لأسباب سياسية أخرى، لا سيما مع الحديث عن قمة ثلاثية تضم قادة روسيا وتركيا وإيران في سوتشي نهاية الشهر الحالي، ضمن نطاق مسار آستانة»، معتبراً أن الجانب الروسي يحاول تعزيز موقفه التفاوضي والأوراق الرابحة التي في يده في مواجهة تركيا قبل القمة من خلال زيادة الهجمات.
ولفت إلى أن «إحدى المعضلات التي تواجهها تركيا في إدلب التي تعشعش فيها جماعات إرهابية هي حدوث موجة هجرة كبيرة باتجاه حدودها»، مضيفاً أن تركيا من خلال قوتها العسكرية في إدلب تهدف أيضاً إلى ردع أي عمل عسكري محتمل يقوم به نظام الأسد ضد هذه المنطقة، ما قد يؤدي إلى موجة جديدة من الهجرة.
وفي ظل تزايد وتيرة الهجمات الجوية الروسية، ومقتل 3 جنود أتراك خلال عملية تمشيط السبت الماضي، يتوجس المسؤولون الأتراك من تفجر الأوضاع على الحدود، وتغير موازين القوى. وقال مسؤولان تركيان، الجمعة، إن الرئيس التركي سيزور روسيا في وقت لاحق هذا الشهر لإجراء محادثات مع نظيره الروسي بشأن العنف في شمال غربي سوريا، حيث تدعم موسكو وأنقرة طرفي الصراع هناك.
وتركز روسيا عادة على استهداف مجموعات تنتمي إلى «هيئة تحرير الشام» عند كل توتر أو أزمة تشهدها العلاقات الروسية - التركية بشأن الملف السوري منذ التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في مارس (آذار) من العام الماضي. وتعد إدلب آخر منطقة رئيسية في سوريا لا تزال تسيطر عليها قوات المعارضة. وكانت قوات تركية وروسية تقوم بدوريات مشتركة في مناطق منها بطول طريق حلب - اللاذقية الدولي (إم 4)، قبل أن توقف روسيا مشاركتها فيها بعد أشهر قليلة من إطلاقها عقب اتفاق وقف إطلاق النار في إدلب، بدعوى عدم قيام تركيا بواجباتها بموجب الاتفاق في الفصل بين الفصائل المعتدلة للمعارضة والفصائل المتشددة والجماعات الإرهابية، وكذلك في تأمين مسار الدوريات، وباتت تركيا تسير الدوريات بشكل منفرد منذ أغسطس (آب) 2020.
ويرى مراقبون أن عودة التصعيد الروسي يبعث على الارتياح من جانب النظام السوري الذي يرى أن الخيار العسكري السبيل الوحيد لحل معضلة إدلب. وشكا الجانبان من انتهاكات للهدنة التي اتفقا عليها قبل 18 شهراً في منطقة إدلب، آخر معقل للمعارضة في سوريا. وتطالب موسكو باستعادة جيش النظام السوري السيطرة على الطريق الدولي الرابط بين حلب واللاذقية. وفي المقابل ترفض تركيا، وتصر على ضرورة عودة قوات النظام إلى حدود اتفاق إدلب.
وفي إدلب، قال ماهر الياسين، وهو ناشط ميداني في مجال توثيق اعتداءات النظام والروس على إدلب، إن 4 طائرات حربية روسية تناوبت منذ صباح السبت، 18 أغسطس (أيلول)، على قصف عدة مناطق في ريفي إدلب واللاذقية، وتركزت الغارات الجوية على قرى وبلدات البارة وكنصفرة والكندة ومشون وبسامس في جبل الزاوية، بريف إدلب الجنوبي، ما أسفر عن مقتل مدني، وإصابة 4 آخرين بجروح خطيرة، ودمار كبير في المباني السكنية.
وأضاف أن المقاتلات الروسية واصلت شن غارات جوية أخرى على منطقة التلول الخضر وكبانة وجبل الأكراد، بريف اللاذقية الشرقي، تزامناً مع قصف بقذائف المدفعية والصاروخية من قبل قوات النظام والميليشيات الإيرانية المتمركزة في معسكري جورين وميرزا في أقصى ريف حماة الشمالي الغربي، وقرى جبل الزاوية (جنوب إدلب)، دون ورود أنباء عن وقوع خسائر بشرية في تلك المناطق.
وتحدث «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن حصيلة الغارات الجوية الروسية منذ مطلع الشهر الجاري سبتمبر (أيلول) على منطقة «خفض التصعيد»، أو ما يعرف بمنطقة «بوتين - إردوغان» شمال غربي سوريا، التي بلغت نحو 139 غارة، استخدمت فيها المقاتلات الروسية صواريخ فراغية شديدة الانفجار، واستهدفت خلالها مناطق البارة وكنصفرة وكفرعويد وفليفل وعين لاروز ومرعيان وبليون وأروم الجوز وبينين ومحيط معرة مصرين وزرور والحمامة ومحيط مخيمات (الأرامل ومريم) بريف إدلب، إضافة إلى غارات جوية استهدفت مناطق جبل الأكراد والكبانة والتلال الخضر والسرمانية في ريفي اللاذقية وحماة، وجبل الشيخ بركات ومحيط مدينة دارة عزة غرب مدينة حلب.
ومن جهته، قال الناشط محمد الأسمر، إن كثافة الغارات الجوية الروسية، تزامناً مع القصف المدفعي من قبل قوات النظام والميليشيات الإيرانية، على قرى جبل الزاوية، وتوسع رقعة المناطق المستهدفة، ووصولها إلى مناطق بريف حلب ومحيط مدينة جسر الشغور غرب إدلب، قد أثار مخاوف المدنيين في تلك المناطق، ويخشى من موجة نزوح جديدة للمدنيين، حيث يقدر عدد المدنيين الموجودين في تلك المناطق بنحو 50 ألف نسمة.
وأضاف أن مناطق جبل الزاوية ومدينة إدلب وريف حلب الغربي قد شهدت منذ بداية شهر يونيو (حزيران) الماضي حملة تصعيد غير مسبوقة بالقصف البري والجوي من قبل قوات النظام وروسيا، قتل خلالها نحو 138 مدنياً، بينهم 51 طفلاً و23 امرأة، فيما أنقذت الكوادر الطبية ومنظومة الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) أكثر من 340 شخصاً، بينهم أكثر من 80 طفلاً وطفلة، جراء الهجمات البرية والجوية، فيما نزح ما يقارب 6 آلاف شخص من القرى الواقعة بالقرب من خط التماس.
وقال قيادي في غرفة عمليات فصائل المعارضة المسلحة (الفتح المبين) إن الفصائل المقاتلة قصفت صباح السبت، بقذائف الهاون والمدفعية الثقيلة، مواقع عسكرية تابعة لقوات النظام داخل «الفوج 46» جنوب غربي حلب، واستهدفت أيضاً موقعاً عسكرياً آخر في محيط مدينة كفرنبل، وقنص 3 عناصر من قوات النظام على محور كفربطيخ وسراقب جنوب إدلب، وذلك رداً على قصف الأخيرة المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة المأهولة بالسكان المدنيين، ووقوع خسائر بشرية.
وتسيطر «هيئة تحرير الشام»، وفصائل مقاتلة أخرى، على نحو نصف مساحة محافظة إدلب، ومناطق محدودة محاذية لها من محافظات حلب وحماة واللاذقية، في شمال غربي سوريا، ويقطن فيها نحو 3 ملايين شخص، نصفهم من النازحين، فيما يسري منذ السادس من مارس (آذار) 2020 وقف لإطلاق النار في إدلب ومحيطها أعلنته موسكو الداعمة لدمشق، وأنقرة الداعمة للفصائل المسلحة.



إشادة سعودية بالاتفاق اليمني في مسقط لتبادل المحتجَزين

اتفاق بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية في مسقط على تبادل 2900 محتجَز وأسير (إكس)
اتفاق بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية في مسقط على تبادل 2900 محتجَز وأسير (إكس)
TT

إشادة سعودية بالاتفاق اليمني في مسقط لتبادل المحتجَزين

اتفاق بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية في مسقط على تبادل 2900 محتجَز وأسير (إكس)
اتفاق بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية في مسقط على تبادل 2900 محتجَز وأسير (إكس)

أشاد السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، بالاتفاق الذي توصّل إليه طرفا الصراع في اليمن لتبادل المحتجَزين، برعاية الأمم المتحدة وبوساطة سلطنة عمان، واصفاً هذه الخطوة بأنها «تعزز جهود التهدئة وبناء الثقة في اليمن».

وفي تغريدة على منصة «إكس»، نوّه آل جابر بالجهود التي بذلها فريقا التفاوض من الطرفين، مؤكداً أن الاتفاق يعالج قضية ذات بُعد إنساني، ويتيح لكل المحتجَزين العودة إلى أُسرهم، كما أعرب عن تقديره توجيهات القيادة السعودية، ومتابعة وزير الدفاع، وتعاون الحكومة اليمنية، والمساعي الصادقة من سلطنة عمان.

كان الوفد الحكومي اليمني ووفد الجماعة الحوثية قد أعلنا، الثلاثاء، توصلهم لاتفاق يقضي بتبادل 2900 محتجَز وأسير من الطرفين، حيث يشمل الاتفاق الإفراج عن 1700 أسير حوثي، مقابل 1200 محتجَز من الجانب الحكومي؛ بينهم 7 سعوديون و23 سوادنياً من قوات «تحالف دعم الشرعية» في اليمن.

من جانبها، رحّبت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالاتفاق المبدئي لإطلاق سراح المحتجَزين ونقلهم وإعادتهم إلى أوطانهم، داعية جميع الأطراف إلى ترجمة الالتزامات إلى أفعال على أرض الواقع.

وقالت رئيسة بعثة اللجنة في اليمن، كريستين شيبولا: «نُعوّل على تعاون أطراف النزاع، ومن الضروري أن تحترم الأطراف التزاماتها بموجب الاتفاق، وأن تعمل على تحديد المحتجَزين المقرر إطلاق سراحهم دون تأخير».

كما أشادت السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبده شريف، بالجهود المبذولة من اللجنة الدولية وسلطنة عمان، مؤكدة أن التعاون المستمر من جميع الأطراف أمر أساسي لإحراز تقدم نحو إطلاق سراح المعتقلين.

بدورها، رحبت وزارة الخارجية العمانية بالاتفاق، وثمّنت الروح الإيجابية التي سادت المفاوضات بين 9 و23 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، مؤكدة دور المملكة العربية السعودية، وجهود مكتب المبعوث الأممي الخاص باليمن واللجنة الدولية للصليب الأحمر، وكل الأطراف المشارِكة في نجاح هذا المسعى الإنساني.

خطوة إنسانية وتوقعات بالتنفيذ

في تعليق حكومي يمني، أعرب وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني عن ترحيبه بالاتفاق الذي يشمل شخصيات سياسية بارزة مثل الأستاذ محمد قحطان، واصفاً الخطوة بأنها «إنسانية مهمة طالَ انتظارها، وتُخفف من معاناة آلاف الأُسر اليمنية، وتمثل تقدماً ملموساً في أحد أكثر الملفات الإنسانية إيلاماً».

وأكد الإرياني أن الاتفاق جاء ثمرة توجيهات ومتابعة القيادة السياسية بمجلس القيادة الرئاسي برئاسة رشاد العليمي، وتجسيداً لالتزام الحكومة بالتعامل مع ملف الأسرى والمحتجَزين كقضية إنسانية وأخلاقية، بعيداً عن أي اعتبارات سياسية أو انتقائية؛ لضمان الإفراج عن الجميع دون استثناء.

كما أشاد بالدور المحوري للسعودية وجهود قيادتها في متابعة هذا الملف الإنساني، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، مشيراً إلى حرصها على تخفيف معاناة الشعب اليمني وتعزيز فرص التهدئة وبناء الثقة.

وأشار الإرياني أيضاً إلى مساهمة سلطنة عمان في استضافة جولات التفاوض، وتهيئة الأجواء المناسبة للتوصل إلى الاتفاق، مُعرباً عن تقديره الجهود الدولية والمبادرات الأممية التي أسهمت في تقريب وجهات النظر.

ولفت إلى أن الحكومة اليمنية ستواصل تنفيذ الاتفاق بكل مسؤولية؛ لضمان الإفراج الكامل عن جميع المحتجَزين والمختطَفين والمخفيين قسراً، ووضع حد لمعاناة آلاف الأُسر اليمنية التي طال انتظارها لهذا اليوم.


العليمي يجدد التحذير من مخاطر إجراءات «الانتقالي» الأحادية

حشد في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (رويترز)
حشد في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (رويترز)
TT

العليمي يجدد التحذير من مخاطر إجراءات «الانتقالي» الأحادية

حشد في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (رويترز)
حشد في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (رويترز)

جدد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، الثلاثاء، التحذير من خطورة الإجراءات الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي في محافظتي حضرموت والمهرة، على الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية والخدمية على الدولة اليمنية.

وشدد العليمي على أن أي مساع لفرض واقع خارج إطار المرجعيات المتوافق عليها تهدد المركز القانوني للدولة وتضعف مؤسساتها، بما يفتح الباب أمام إعادة إنتاج الصراعات داخل الشرعية، ويزيد من هشاشة الدولة أمام الميليشيات الحوثية المدعومة من النظام الإيراني.

وأشار العليمي إلى أن الشراكة السياسية القائمة يجب أن تُحترم كأداة لحماية الدولة، وأن أي محاولة لتحويلها إلى وسيلة لفرض أجندة أحادية تعرّض البلاد لمخاطر كبيرة، بما في ذلك تعطيل مؤسسات الدولة، واستخدامها غطاءً لمشاريع خارجة عن التوافق الوطني.

وأضاف أن الحفاظ على وحدة القرار اليمني والتوافق الوطني العريض يمثل مصلحة عليا، ويعد شرطاً أساسياً لاستمرار الدعم سواء الإقليمي أو الدولي، وحماية مسار التعافي الاقتصادي، وضمان استقرار المجتمع اليمني، ومنع تفتيت الشرعية أو إضعافها.

وذكر الإعلام الرسمي أن العليمي عقد اجتماعاً مع رئاسة «هيئة التشاور والمصالحة» بحضور نواب رئيس الهيئة عبد الملك المخلافي، وصخر الوجيه، وجميلة علي رجاء، وأكرم العامري، لمناقشة الإجراءات الأحادية الأخيرة وتداعياتها على الشراكة السياسية.

وركز الاجتماع على دور الهيئة كأحد أعمدة التوافق الوطني التي أنشأها إعلان نقل السلطة لحماية مؤسسات الدولة من الانزلاق نحو الفوضى، وضمان استمرار التعاون بين القوى الوطنية المناهضة لمشروع الحوثيين المدعوم من إيران.

مسؤولية جماعية

أكد العليمي - حسب الإعلام الرسمي - أن الهيئة مطالبة بتحمل مسؤولية جماعية تتجاوز ردود الفعل، نحو بناء أدوات حاكمة تحمي مؤسسات الدولة وتردع أي محاولات لاستغلالها في مشاريع خارج التوافق.

وشدد على أن القضية الجنوبية، رغم عدالتها، يجب أن تعالج ضمن المرجعيات المتفق عليها، وعدم السماح بتحويلها إلى ذريعة لإجراءات أحادية قد تقوض فرص الحل السلمي، وتضعف التعاطف سواء الإقليمي أو الدولي، وتعيد القضية من مسارها السياسي الآمن إلى مسار تصادمي قد يفاقم الأزمات.

كما حذر العليمي من أن التهاون مع هذه الإجراءات الأحادية سيؤدي إلى إفراغ مجلس القيادة وهيئاته المساندة من مضمونها التوافقي، وتهديد المركز القانوني للدولة، وإعادة إنتاج صراع داخلي جديد داخل الشرعية، ما يضعف قدرة الدولة على مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية والإنسانية.

العليمي مجتمعاً في الرياض مع رئاسة هيئة التشاور والمصالحة (سبأ)

ولفت إلى أن المصالح العليا لليمن تتمثل اليوم في الحد من المعاناة الإنسانية، والحفاظ على وحدة القرار، واستمرار الدعم سواء الإقليمي أو الدولي، وحماية مسار التعافي الاقتصادي، ومنع عزل أو إضعاف الشرعية.

واطلع الاجتماع على إحاطة من رئاسة هيئة التشاور حول مقارباتها بشأن المستجدات الجارية، مؤكدة دعم الهيئة الكامل لمجلس القيادة والحكومة، وأهمية المضي قدماً في تنفيذ مهام المرحلة الانتقالية، وتفويض قيادة مجلس القيادة باتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية التوافق الوطني العريض، وحشد الطاقات كافة لمواجهة الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران.

حماية الدولة ووحدة القرار

في سياق تحركات العليمي، ذكرت المصادر الرسمية أنه التقى بقيادات وزارة الخارجية ورؤساء البعثات الدبلوماسية، بحضور وزير الخارجية شائع الزنداني، لبحث مستجدات الوضع المحلي، خصوصاً الإجراءات الأحادية التي دفعت بعض المؤسسات لإصدار بيانات سياسية خارجة عن اختصاصها.

وحذر من أن هذا المسار يهدد وحدة القرار، ويخلق سلطة موازية بالقوة، مما قد يؤدي إلى ارتباك قانوني وسياسي داخلي، ويضعف جهود المجتمع الدولي في دعم استقرار اليمن.

وشدد رئيس مجلس القيادة اليمني على أن المواقف السياسية العليا تتحدد عبر مجلس القيادة ومؤسسات الدولة المختصة، وعلى رأسها وزارة الخارجية، وليس من خلال بيانات منفردة أو اصطفافات أحادية.

العليمي مجتمعاً مع قيادة وزارة الخارجية ومع البعثات الدبلوماسية عبر الاتصال المرئي (سبأ)

كما أشار إلى أن أي ازدواج في السلطة أو القرار من شأنه إعاقة برامج الدعم وإعادة اليمن إلى مربع الدولة الفاشلة المتنازع عليها، ومنح الحوثيين فرصة لتعزيز نفوذهم وتحشيد المقاتلين خلف شعارات زائفة.

وأكد العليمي على أهمية تحصين مؤسسات الدولة من أي تسييس إداري، ومنع استخدام الوزارات والمؤسسات السيادية والخدمية في أي مشاريع خارج نطاق المرجعيات الرسمية، مع اتخاذ مسار قانوني واضح ضد أي تجاوزات تهدد وحدة القرار أو المركز القانوني للدولة. وشدّد على توجيه الجهد الوطني نحو مواجهة الميليشيات الحوثية، واستعادة مؤسسات الدولة، وإنهاء المعاناة الإنسانية، وحماية مصالح اليمن العليا على الصعيدين الداخلي والدولي.


قلق إسرائيلي من «تطور التسليح المصري» يجدد حديثاً عن تعديل معاهدة السلام

مباحثات بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت في 2021 تم الإعلان بعدها عن تعديل الاتفاق الأمني بين البلدين (أ.ف.ب)
مباحثات بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت في 2021 تم الإعلان بعدها عن تعديل الاتفاق الأمني بين البلدين (أ.ف.ب)
TT

قلق إسرائيلي من «تطور التسليح المصري» يجدد حديثاً عن تعديل معاهدة السلام

مباحثات بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت في 2021 تم الإعلان بعدها عن تعديل الاتفاق الأمني بين البلدين (أ.ف.ب)
مباحثات بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت في 2021 تم الإعلان بعدها عن تعديل الاتفاق الأمني بين البلدين (أ.ف.ب)

جدّد قلق إسرائيلي من «تطور تسليح الجيش المصري» في سيناء الحديث عن تعديل معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، الصامدة منذ 1979، إلا أن مصدرين مطلعين بمصر قالا لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر ليست لديها أي نية أو دافع لإجراء تعديلات، وإن كل ما يهمها هو تأمين حدودها وفق مقتضيات الأمن القومي».

وبحسب المصدرين، فإن «مصر ترغب في زيادة تسليح القوات المصرية في سيناء، وخصوصاً القريبة من إسرائيل بأسلحة ووسائل تكنولوجية حديثة تمكنها من مراقبة الحدود وتحقيق المرونة اللازمة في حفظ الأمن القومي المصري بشكل دائم وتحت أي ظروف بالنظر للأحداث التي شهدتها المنطقة خلال العامين الماضيين، وشكلت تهديداً كبيراً لأمن مصر».

وشدّد المصدران على أن مصر تنتظر ما سيحدث في لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال زيارة نتنياهو للولايات المتحدة نهاية الشهر الحالي، مع «وجود اعتقاد لدى العديد من المسؤولين المصريين أن ترمب سيضغط بشدة على نتنياهو للتعاطي مع المطالب المصرية والعمل بشكل أكبر لتحقيق التهدئة اللازمة لإعادة العلاقات الطبيعية بين إسرائيل وجيرانها وبقية دول المنطقة».

ووفق المصدرين، فإن «الأنباء التي تتداول عن مطالب مصر بتعديل معاهدة السلام مع إسرائيل لزيادة القوات المصرية في سيناء غير دقيقة، لأن هناك ملاحق للاتفاقية تحقق المرونة اللازمة بشأن زيادة عدد القوات وقت الحاجة».

وكانت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية حذّرت من «نشر الجيش المصري مؤخراً منظومة الدفاع الجوي الصينية (HQ-9B) في شمال سيناء، وهي واحدة من أكثر الأنظمة تطوراً عالمياً». وسلّطت الصحيفة الضوء على ما تتميز به هذه المنظومة من قدرة على اعتراض الطائرات والصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة على مسافات تصل إلى 300 كيلومتراً وارتفاع 30 كيلومتراً، مع إمكانية تتبع أهداف متعددة في وقت واحد ومواجهة تهديدات متقدمة، مثل الصواريخ فرط الصوتية.

مصر وقّعت مع إسرائيل صفقة غاز كبرى مؤخراً (أ.ف.ب)

واعتبر التقرير العبري «نشر مصر لهذه المنظومة المتطورة جزءاً من جهود القاهرة لتعزيز أمنها الجوي أمام التهديدات الإقليمية، لكنه يجدد الشكوك حول الالتزام ببنود اتفاق السلام الذي يحدّ من التسليح في سيناء».

ويرى نائب مدير المخابرات الحربية ورئيس جهاز الاستطلاع السابق بمصر، لواء أركان حرب أحمد كامل، أن «مصر لا تحتاج لتعديل اتفاقية السلام كما يتردد، لأنه تم تعديل ملحق الاتفاق في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2021 بحجم القوات والمعدات الموجودة حالياً في سيناء، ولكن مصر قد تطلب في ذلك الشأن تطوير تسليح ومعدات قوات المنطقة (ج) القريبة لغزة وإسرائيل بوسائل وأجهزة مراقبة إلكترونية حديثة لمراقبة حدودها مع إسرائيل، التي يبلغ طولها نحو 220 كيلومتراً، وذلك لضبط الحدود أمنياً ومنع التهريب والتسلل بأنواعه المختلفة».

وأوضح: «دائماً كانت ترفض إسرائيل مطلب التسليح الحديث للقوات المصرية في تلك المنطقة خلال محادثات لجنة التنسيق المشتركة لأجهزة الاتصال بين الجانبين».

كامل قال لـ«الشرق الأوسط» إن «الطلب الرئيسي لمصر هو إعلان نتنياهو تنفيذ جميع بنود اتفاق شرم الشيخ الخاص بغزة، والانسحاب الكامل من قطاع غزه، وفتح معبر رفح في الاتجاهين».

خبير الأمن القومي المصري اللواء محمد عبد الواحد قال إن «العلاقات بين مصر وإسرائيل باردة حالياً، ولكن يتم احتواء الخلافات من خلال التنسيق المشترك والوساطة الأميركية، والخلافات تركز على غزة والأمن الحدودي».

وشرح عبد الواحد لـ«الشرق الأوسط» أن «اتفاقية السلام المصرية - الإسرائيلية تحدد حدوداً صارمة للقوات المصرية في سيناء، مقسمة إلى مناطق (A ،B ،C ،D). وأي زيادة في القوات أو المعدات الثقيلة تتطلب موافقة إسرائيلية مسبقة».

أما الأستاذ المتخصص في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، طارق فهمي، فقال لـ«الشرق الأوسط» إن «إسرائيل تضغط عبر تسريبات لإعلامها من أجل عمل تعديلات جديدة، لأن آخر تعديل على الملحق الخاص بالاتفاقية تم في 2021، واتفقت اللجنة العسكرية المشتركة على زيادة عدد وقدرات قوات حرس الحدود المصرية بمنطقة رفح، وحالياً هناك محاولات إسرائيلية لتعديل هذا الملحق الأمني لضمان بقاء القوات الإسرائيلية في محور صلاح الدين، وهي المنطقة (د) لديهم، بينما مصر ترى ذلك انتهاكاً لمعاهدة السلام».

وفي تقدير فهمي، فإنه «ستتم مواءمات بين الطرفين بشكل أو بآخر دون حدوث مخالفات كبيرة للمعاهدة»، منوهاً إلى أنه «لا توجد أي خروقات من جانب مصر للمعاهدة، وأغلب الأمور التي تتم حالياً وسابقاً في سيناء تكون بالتنسيق، ومصر ليست في حاجة لاستئذان أحد لحفظ أمنها أو تسليح قواتها».

فهمي وهو محاضر في كلية الدفاع والأمن القومي بأكاديمية ناصر العسكرية بمصر، شدّد على أنه «لن تكون هناك قمة بين السيسي ونتنياهو في هذا التوقيت، بصرف النظر عن أي لقاءات أخرى يمكن أن تتم، ونحن في انتظار نتائج القمة بين نتنياهو وترمب أولاً، وبعد ذلك تتم التوافقات، وحينما يتم الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق غزة، وتكون هناك جدية في تنفيذه من جانب إسرائيل، يمكن عقد قمة عربية تشارك فيها عدة دول، بجانب الولايات المتحدة وإسرائيل ومصر، ثم قمة رباعية بين مصر وإسرائيل وأميركا والأردن. وكل ذلك يتم في الولايات المتحدة، ولا توجد مخططات لقمم تعقد بالشرق الأوسط».