هجوم على «الخط العربي» جنوب سوريا بعد اتفاق لنقل غاز مصري إلى لبنان

TT

هجوم على «الخط العربي» جنوب سوريا بعد اتفاق لنقل غاز مصري إلى لبنان

شهدت دمشق وريفها وعدد من المحافظات في مناطق سيطرة النظام انقطاعاً تاماً في الكهرباء ليل الجمعة - السبت، جراء خروج محطة دير علي بريف دمشق من الخدمة بسبب اعتداء تعرض له خط الغاز العربي. وقال وزير الكهرباء بدمشق غسان الزامل، إن «التقنين سيكون قاسياً بعض الشيء اليوم ريثما يتم إصلاح خط الغاز، وعودة محطة دير علي للعمل بشكل كامل».
من جانبها، أعلنت وزارة النفط في دمشق «تعرض خط الغاز العربي لاعتداء إرهابي بمنطقة حران العواميد عند الساعة 23 ليل الجمعة ـ السبت»، ما أدى إلى توقف إمداد الغاز إلى المنطقة الجنوبية، وتوقف عدة محطات لتوليد الطاقة الكهربائية بالمنطقة. وقالت وزارة النفط إن الورشات الفنية باشرت بالكشف على الموقع والبدء بعمليات الإصلاح مباشرة، متوقعة الانتهاء منها خلال 24 ساعة.
وقال الزامل إن التحقيقات الأولية تشير إلى «وجود اعتداء إرهابي بعبوات ناسفة استهدفت خط الغاز المغذي لمحطتي تشرين ودير علي إضافة إلى أبراج توتر400 ك ف عدد 2». وتعاني مناطق سيطرة النظام من برنامج تقنين قاس اشتد خلال فصل الصيف ليصل في بعض المناطق إلى 12 ساعة قطع ونصف ساعة وصل، وما عدا المربع الأمني في العاصمة دمشق التي ينتظم فيها البرنامج التقني بأربع أو ثلاث ساعات قطع وساعتين أو ثلاث وصل، فقد بلغ وسطي القطع في باقي أحياء العاصمة خمس إلى ست ساعات مقابل ساعة ونصف الساعة وصل.
ونشرت وزارة الكهرباء عبر حسابها في «فيسبوك» صوراً تظهر تخريباً في تمديدات معدنية قالت إنها «آثار الاعتداء على خط الغاز في دير علي إضافة لمحاولة ضرب برجين كهربائيين في منطقة حران العواميد بريف دمشق» دون أي تفاصيل عن منفذي الهجوم، ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن الوزير الزامل قوله، إنه «تمت إعادة التغذية الكهربائية بعد نصف ساعة من وقوع الاعتداء، وإقلاع محطات المنطقة الشمالية، بدءاً من محطة الزارة ثم جندر والناصرية وبانياس ثم محردة، وإعادة التغذية الكهربائية بالتتالي بدءاً من حماة حمص دمشق طرطوس اللاذقية، ثم إعادتها لكافة المحافظات».
وقال الزامل إن الاعتداء الإرهابي كان بعبوات ناسفة استهدفت خط الغاز المغذي لمحطتي تشرين ودير علي، إضافة إلى برجي توتر 400 كيلو فولت ما بين محطتي دير علي وتشرين، ما أدى إلى هبوط ضغط الغاز بشكل مفاجئ على محطة دير علي وفصلها وخروجها عن الخدمة. وأوضح الوزير أن محطة توليد دير علي تغذي أكثر من 50 في المائة من احتياجات سوريا، وأدى خروجها عن الخدمة إلى خروج باقي محطات التوليد العاملة نتيجة هبوط التردد، مشيراً إلى أن الورشات بدأت منذ صباح السبت بإعادة إصلاح الأبراج المتضررة، كما تعمل ورشات وزارة النفط والثروة المعدنية على إصلاح خط الغاز المتضرر.
وجاء الإعلان عن هجوم على خط الغاز السبت بعد أيام قليلة من تصريحات لوزير النفط بسام طعمة، حول جاهزية خط الغاز العربي داخل سوريا «لنقل الغاز المصري إلى لبنان»، وذلك بعد إجراء عمليات الصيانة، كونه جزءاً من شبكة الغاز الداخلية، التي سبق وتعرضت لعمليات تخريب وسرقة عديدة خلال سنوات الحرب آخرها كان في أغسطس (آب) 2020، إذ أدى انفجار في الخط وقع في المنطقة الواصلة بين الضمير وعدرا بريف دمشق إلى انقطاع الكهرباء عن غالبية مناطق سيطرة النظام.
ويمتد خط الغاز العربي بطول 1200 كيلومتر، وقد اتفقت على إنشائه أربع دول (مصر وسوريا ولبنان والأردن) مطلع عام 2000 بهدف تصدير الغاز المصري إلى الأردن وسوريا ولبنان، لكن التوتر السياسي والأمني أرجأ إتمام المشروع إلى أن جرى اجتماع رباعي ضم وزراء الطاقة في سوريا ولبنان والأردن ومصر، قبل أسبوعين، في العاصمة الأردنية عمان تم خلاله الاتفاق على إيصال الغاز المصري إلى لبنان، عبر الأردن وسوريا، وبموجب الاتفاق ستحصل سوريا على كميات من الغاز، ووعدت الحكومة بتحسين «توليد الطاقة الكهربائية في البلاد» في حال الحصول على تلك الحصة.



الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)

ازدادت مساحة التدخلات الحوثية في صياغة المناهج الدراسية وحشوها بالمضامين الطائفية التي تُمجِّد قادة الجماعة وزعيمها عبد الملك الحوثي، مع حذف مقررات ودروس وإضافة نصوص وتعاليم خاصة بالجماعة. في حين كشف تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن عن مشاركة عناصر من «حزب الله» في مراجعة المناهج وإدارة المخيمات الصيفية.

في هذا السياق، كشف ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن أعمال تحريف جديدة للمناهج، وإدراج المضامين الطائفية الخاصة بالجماعة ومشروعها، واستهداف رموز وطنية وشعبية بالإلغاء والحذف، ووضع عشرات النصوص التي تمتدح قادة الجماعة ومؤسسيها مكان نصوص أدبية وشعرية لعدد من كبار أدباء وشعراء اليمن.

إلى ذلك، ذكرت مصادر تربوية في العاصمة المختطفة صنعاء أن الجماعة الحوثية أقرّت خلال الأسابيع الأخيرة إضافة مادة جديد للطلاب تحت مسمى «الإرشاد التربوي»، وإدراجها ضمن مقررات التربية الإسلامية للمراحل الدراسية من الصف الرابع من التعليم الأساسي حتى الثانوية العامة، مع إرغام الطلاب على حضور حصصها يوم الاثنين من كل أسبوع.

التعديلات والإضافات الحوثية للمناهج الدراسية تعمل على تقديس شخصية مؤسس الجماعة (إكس)

وتتضمن مادة «الإرشاد التربوي» -وفق المصادر- دروساً طائفية مستمدة من مشروع الجماعة الحوثية، وكتابات مؤسسها حسين الحوثي التي تعرف بـ«الملازم»، إلى جانب خطابات زعيمها الحالي عبد الملك الحوثي.

وبيّنت المصادر أن دروس هذه المادة تعمل على تكريس صورة ذهنية خرافية لمؤسس الجماعة حسين الحوثي وزعيمها الحالي شقيقه عبد الملك، والترويج لحكايات تُضفي عليهما هالة من «القداسة»، وجرى اختيار عدد من الناشطين الحوثيين الدينيين لتقديمها للطلاب.

تدخلات «حزب الله»

واتهم تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن، الصادر أخيراً، الجماعة الحوثية باعتماد تدابير لتقويض الحق في التعليم، تضمنت تغيير المناهج الدراسية، وفرض الفصل بين الجنسين، وتجميد رواتب المعلمين، وفرض ضرائب على إدارة التعليم لتمويل الأغراض العسكرية، مثل صناعة وتجهيز الطائرات المسيّرة، إلى جانب تدمير المدارس أو إلحاق الضرر بها أو احتلالها، واحتجاز المعلمين وخبراء التعليم تعسفياً.

تحفيز حوثي للطلاب على دعم المجهود الحربي (إكس)

وما كشفه التقرير أن مستشارين من «حزب الله» ساعدوا الجماعة في مراجعة المناهج الدراسية في المدارس الحكومية، وإدارة المخيمات الصيفية التي استخدمتها للترويج للكراهية والعنف والتمييز، بشكل يُهدد مستقبل المجتمع اليمني، ويُعرض السلام والأمن الدوليين للخطر.

وسبق لمركز بحثي يمني اتهام التغييرات الحوثية للمناهج ونظام التعليم بشكل عام، بالسعي لإعداد جيل جديد يُربَّى للقتال في حرب طائفية على أساس تصور الجماعة للتفوق الديني، وتصنيف مناهضي نفوذها على أنهم معارضون دينيون وليسوا معارضين سياسيين، وإنتاج هوية إقصائية بطبيعتها، ما يُعزز التشرذم الحالي لعقود تالية.

وطبقاً لدراسة أعدها المركز اليمني للسياسات، أجرى الحوثيون تغييرات كبيرة على المناهج الدراسية في مناطق سيطرتهم، شملت إلغاء دروس تحتفي بـ«ثورة 26 سبتمبر (أيلول)»، التي أطاحت بحكم الإمامة وأطلقت الحقبة الجمهورية في اليمن عام 1962، كما فرضت ترديداً لـ«الصرخة الخمينية» خلال التجمعات المدرسية الصباحية، وتغيير أسماء المدارس أو تحويلها إلى سجون ومنشآت لتدريب الأطفال المجندين.

مواجهة حكومية

في مواجهة ما تتعرض له المناهج التعليمية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من تحريف، تسعى الحكومة اليمنية إلى تبني سياسات لحماية الأجيال وتحصينهم.

اتهامات للحوثيين بإعداد الأطفال ذهنياً للقتال من خلال تحريف المناهج (أ.ف.ب)

ومنذ أيام، أكد مسؤول تربوي يمني عزم الحكومة على مواجهة ما وصفه بـ«الخرافات السلالية الإمامية العنصرية» التي تزرعها الجماعة الحوثية في المناهج، وتعزيز الهوية الوطنية، وتشذيب وتنقية المقررات الدراسية، وتزويدها بما يخدم الفكر المستنير، ويواكب تطلعات الأجيال المقبلة.

وفي خطابه أمام ملتقى تربوي نظمه مكتب التربية والتعليم في محافظة مأرب (شرق صنعاء) بالتعاون مع منظمة تنموية محلية، قال نائب وزير التربية والتعليم اليمني، علي العباب: «إن ميليشيات الحوثي، تعمل منذ احتلالها مؤسسات الدولة على التدمير الممنهج للقطاع التربوي لتجهيل الأجيال، وسلخهم عن هويتهم الوطنية، واستبدال الهوية الطائفية الفارسية بدلاً منها».

ووفقاً لوكالة «سبأ» الحكومية، حثّ العباب قيادات القطاع التربوي، على «مجابهة الفكر العنصري للمشروع الحوثي بالفكر المستنير، وغرس مبادئ وقيم الجمهورية، وتعزيز الوعي الوطني، وتأكيد أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر (تشرين الأول) المجيدتين».

قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

ومنذ أيام توفي الخبير التربوي اليمني محمد خماش، أثناء احتجازه في سجن جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة الحوثية، بعد أكثر من 4 أشهر من اختطافه على خلفية عمله وزملاء آخرين له في برنامج ممول من «يونيسيف» لتحديث المناهج التعليمية.

ولحق خماش بزميليه صبري عبد الله الحكيمي وهشام الحكيمي اللذين توفيا في أوقات سابقة، في حين لا يزال بعض زملائهم محتجزين في سجون الجماعة التي تتهمهم بالتعاون مع الغرب لتدمير التعليم.

وكانت الجماعة الحوثية قد أجبرت قبل أكثر من شهرين عدداً من الموظفين المحليين في المنظمات الأممية والدولية المختطفين في سجونها على تسجيل اعترافات، بالتعاون مع الغرب، لاستهداف التعليم وإفراغه من محتواه.