واشنطن تخفف عقوبات «قيصر» وتحث الأكراد على الحوار مع دمشق

TT

واشنطن تخفف عقوبات «قيصر» وتحث الأكراد على الحوار مع دمشق

لم يصدر حتى مساء أمس، بيان رسمي عن نتائج الاجتماع الذي عقده قبل أيام، بريت ماكغورك المسؤول الأميركي عن ملف الشرق الأوسط مع الجانب الروسي في جنيف أول من أمس.
وقالت أوساط أميركية إن المحادثات الأميركية - الروسية تناولت «خط الغاز المصري عبر الأردن مروراً بسوريا نحو لبنان، وتجديد البحث بتطبيق تفاهم 2018 بالنسبة إلى درعا لإبعاد إيران وميليشياتها عن خط فك الاشتباك مع إسرائيل، ودور تركيا في شمال سوريا، فضلاً عن عدد من الملفات ذات الصلة». وأضافت أن ماكغورك هو الذي لعب دوراً رئيسياً في إقناع القاهرة بالموافقة على مد خط الغاز إلى لبنان، للتخفيف من أزمة الوقود والكهرباء الخانقة التي يعيشها.
لكن تعقيدات هذا الملف وعدم وضوح الصورة حول التداعيات المحتملة عن هذا القرار، في ظل «قانون قيصر» الذي يفرض عقوبات على كل من يتعامل مع سوريا، «فرملا» الموافقة المصرية في ذلك الوقت. وتضيف تلك الأوساط أن ماكغورك أعطى «الضوء الأخضر» للاجتماع الرباعي لوزراء الطاقة المصري والأردني والسوري واللبناني، في ظل توجه أميركي لإعادة النظر ببعض العقوبات التي يفرضها «قانون قيصر»، وهو ما أكدت عليه باربرا ليف المرشحة لمنصب مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، أول من أمس، خلال جلسة استماع لتثبيت تعيينها أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ. وقالت: «بحسب ما فهمت فإن البنك الدولي يدعم هذه الخطة كذلك، لهذا تدرس وزارة الخارجية حالياً بحذر أطر القوانين الأميركية وسياسة العقوبات».
وأشارت ليف إلى أن الخطة المذكورة تظهر بوادر جيدة، مؤكدة أن وزارة الخارجية تتشاور حالياً مع وزارة الخزانة للمضي قدماً بها». وهو ما أكده أيضاً رئيس اللجنة الديمقراطي السيناتور بوب مننديز، معرباً عن انفتاحه على الموافقة على بعض الإعفاءات لعقوبات قانون قيصر الذي أقره الكونغرس في سبيل مرور الغاز والكهرباء إلى لبنان عبر سوريا.
وتضيف المصادر أن ماكغورك شدد على ضرورة العودة إلى تطبيق اتفاق عام 2018 بعد التطورات التي جرت في درعا ودخول القوات السورية إلى المنطقة، وإثارة إسرائيل المخاوف من أن تتحول إلى منطقة نفوذ إيرانية، الأمر الذي شددت موسكو على استبعاده.
وبالنسبة إلى تركيا، فمن المعروف أن ماكغورك يعارض كثيراً من أنشطتها ويتخذ منها مواقف متشددة، و«عادة ما يلجأ إلى روسيا من أجل كبح تصرفاتها». وقالت تلك الأوساط إنه ناقش مع نظيره الروسي تداعيات التصعيد الأخير الذي قامت به شمال سوريا، واستعدادها للتمدد شرق الفرات، نحو المناطق التي يسيطر عليها الأكراد، معتبرة أن جهود ماكغورك مزدوجة.
وأوضحت: «من ناحية هو يرغب في فرملة الاندفاعة التركية، ومن ناحية ثانية يدفع باتجاه حث الأكراد على التوجه أكثر سياسياً وعبر الطاقة نحو نظام دمشق وروسيا». وفيما تتهمه أوساط جمهورية بأنه «يرغب في تسليم روسيا كلياً مسؤولية ملف سوريا، وبأنه يتشارك مع كولن كال المسؤل الكبير في وزارة الدفاع الأميركية، وجهة النظر هذه وموقفه المتشدد من تركيا»، تشير أيضاً إلى تقديرات عن احتمال حصول تطورات ميدانية على صعيد وجود القوات الأميركية في مناطق شرق سوريا، بالتزامن مع التغيير الذي حصل على دور القوات الأميركية في العراق، وإنهائها لمهامها القتالية فيه.
ولفتت تلك الأوساط إلى وجود «زحمة وفود» نحو واشنطن، لا تقتصر على الأكراد الذين بدأ وفد منهم في الوصول إليها، ويتوقع أن تصل إلهام أحمد رئيسة مجلس سوريا الديمقراطية الأحد في زيارة، ستبدأ أولاً من نيويورك بمناسبة انعقاد دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع المقبل.
وبحسب أوساط من ممثلي المجلس في واشنطن، ستعقد إلهام اجتماعات مكثفة مع عدد من مسؤولي إدارة بايدن، جرى التكتم عن أسمائهم، لتجنب الضغوط التي يمكن أن تمارسها تركيا، التي تنشط وفود منها أيضاً في العاصمة واشنطن، للتحضير للقاء المرتقب بين الرئيس التركي رجب إردوغان والرئيس الأميركي بايدن على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة. وبحسب تلك الأوساط، فإن الوفد الكردي يرغب في سماع مواقف واضحة من الأميركيين في تلك الملفات، بدعم من ماكغورك الذي تربطهم به علاقات جيدة، خصوصاً حول مخاوفهم من خطط تركية مبيتة تجاه مناطقهم.



مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
TT

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)

في بلدة عمشيت الساحلية الهادئة التي تبعد 45 دقيقة بالسيارة شمالي بيروت، استأنفت المدارس الحكومية أخيراً مهمتها التعليمية وسط عشرات الآلاف من النازحين الذين اتخذوا من بعض المدارس مأوى مؤقتاً.

وحسب «رويترز»، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه مع تصاعد الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» في سبتمبر (أيلول) لحق الدمار بمئات المدارس في لبنان أو اضطرت لغلق أبوابها بسبب الأضرار أو المخاوف الأمنية.

وقالت وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية إنه تم تحويل 505 مدارس من بين نحو 1250 مدرسة حكومية في لبنان إلى ملاجئ مؤقتة لبعض النازحين الذين يبلغ عددهم 840 ألف شخص.

وبدأت الوزارة، الشهر الماضي، إعادة فتح المدارس على مراحل، مما سمح بعودة 175 ألف طالب منهم 38 ألف نازح إلى بيئة تعليمية لا تزال بعيدةً عن وضعها الطبيعي.

وفي مدرسة عمشيت الثانوية الحكومية، التي تضم الآن 300 طالب مسجل ويُتوقع انضمام المزيد منهم مع استمرار وصول العائلات النازحة، تحولت المساحات المألوفة ذات يوم إلى مكان مخصص لاستيعاب الواقع الجديد.

وقال مدير المدرسة، أنطوان عبد الله زخيا، إنه قبل شهرين ونصف الشهر اختيرت المدرسة كملجأ.

واليوم، تتدلى الملابس المغسولة من نوافذ الفصول الدراسية، وتملأ السيارات ساحة اللعب التي كانت ذات يوم منطقةً صاخبة، والممرات التي كان يتردد فيها صوت ضحكات التلاميذ أصبحت الآن استراحةً للعائلات التي تبحث عن ملجأ.

وأعربت فادية يحفوفي، وهي نازحة تعيش مؤقتاً في المدرسة، عن امتنانها الممزوج بالشوق. وقالت: «بالطبع، نتمنى العودة إلى منازلنا. لا أحد يشعر بالراحة إلا في المنزل».

كما أعربت زينة شكر، وهي أم نازحة أخرى، عن قلقها على تعليم أطفالها.

وقالت: «كان هذا العام غير عادل. بعض الأطفال يدرسون بينما لا يدرس آخرون. إما أن يدرس الجميع، أو يجب تأجيل العام الدراسي».

التعليم لن يتوقف

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن الخطة المرحلية لاستئناف الدراسة ستشمل تسجيل 175 ألف طالب من بينهم 38 ألف طفل نازح في 350 مدرسة عامة غير مستخدمة كملاجئ. وقال وزير التربية والتعليم العالي، عباس الحلبي، لـ«رويترز»: «العملية التعليمية هي أحد مظاهر مقاومة العدوان الذي يواجهه لبنان». وأضاف الحلبي أن قرار استئناف العام الدراسي كان صعباً لأن العديد من الطلاب والمدرسين النازحين لم يكونوا مستعدين نفسياً للعودة إلى المدرسة. وفي مبنى مجاور في مدرسة عمشيت الثانوية الرسمية، يتأقلم المعلمون والطلاب مع أسبوع مضغوط مدته 3 أيام ويشمل كل يوم 7 حصص دراسية لزيادة وقت التعلم إلى أقصى حد.

ولا تزال نور قزحيا (16 عاماً)، وهي من سكان عمشيت، متفائلة. وقالت: «لبنان في حالة حرب، لكن التعليم لن يتوقف. سنواصل السعي لتحقيق أحلامنا». ويتأقلم المعلمون مع الظروف الصعبة. وقال باتريك صقر وهو مدرس فيزياء (38 عاماً): «الجميع مرهقون ذهنياً... في نهاية المطاف، هذه الحرب تطولنا جميعاً». وبالنسبة لأحمد علي الحاج حسن (17 عاماً) النازح من منطقة البقاع، يمثل الأسبوع الدراسي الذي يدوم 3 أيام تحدياً لكنه ليس عائقاً. وقال: «هذه هي الظروف. يمكننا أن ندرس رغم وجودها».