عام 1975 انطلقت سلسلة أفلام «الفك المفترس» أو «jaws» بلمسات المخرج ستيفن سبيلبرج لتصبح أيقونة السينما الأميركية في الإثارة والرعب من خلال أسماك قرش تهاجم بضراوة المصطافين من الأبرياء على الشواطئ، كما أصبح الجزء الأول واحداً من أشهر أفلام القرن العشرين، واختير من جانب مكتبة الكونغرس الأميركي ليُحفظ في الأرشيف الوطني باعتباره أثراً تاريخياً وثقافياً.
مصرياً، احتاج الأمر 46 عاماً حتى نرى أول فيلم من إنتاج «هوليوود الشرق» يشتغل على نفس «الثيمة» ويجعل من مطاردات بين البشر ووحوش البحر شريطاً سينمائياً مليئاً بالإثارة والتشويق، فإلى أي حد نجح هذا العمل في تحقيق أهدافه علماً بأنه حقق أرقاماً جيدة في شباك التذاكر؟
«رنا» سيدة جميلة وطموحة، تجسد شخصيتها الفنانة بسمة، تملك شركة متخصصة في إنتاج الأفلام الوثائقية بالشراكة مع زوجها «شريف»، يجسّد شخصيته الفنان نيقولا معوض. تبحث عن فكرة جديدة وقوية لإنتاج فيلم وثائقي جديد يكون له دوي واسع والقدرة على إثارة الجدل. تجتمع بعدد من مسؤولي الشركة، لا سيما مساعدتها «مايا» التي تجسد شخصيتها الفنانة فريال يوسف و«تيمور» المسؤول عن تقديم الأفكار، يجسد شخصيته الفنان عمرو وهبة، و«زياد» مسؤول الإنتاج بالشركة الذي يجسد شخصيته الفنان محمد مهران. لا تبدو «رنا» مقتنعة بالأفكار المقترحة، فهي تتطلع لنيل جائزة مرموقة دولياً أو على الأقل إقليمياً في مجال السينما التسجيلية، لذا نراها تتفاعل بحماس شديد مع مقترح تقدمه فتاة تنضم إليهم (تجسد شخصيتها الفنانة ناهد السباعي)، وهو عبارة عن تصوير فيلم حول الطاقة السلبية التي يتعرض لها الغطاسون حين يزورون موقع حطام العبارة «سالم إكسبريس» التي غرقت قبالة شواطئ مدينة سفاجا في محافظة البحر الأحمر عام 1991، وهو الحادث الذي راح ضحيته نحو 476 معظمهم من المصريين.
تترات الفيلم تحمل عبارة «مستوحى من أحداث حقيقية»، وهو ما يرتبط بحقيقة أن موقع حطام العبارة الراقد تحت سطح الماء بنحو 30 متراً تحول لأهم موقع صناعي لجذب آلاف الغواصين والسائحين من هواة الغوص في البحر الأحمر، حيث أبرز الفيلم كبائن الركاب والمطعم والجراج والتحرك بين متعلقاتهم وعجلات الأطفال والحقائب وأدوات الطعام والسيارات الغارقة وقوارب الإنقاذ التي لم تستخدم وما زالت قابعة بالقرب من الحطام رغم نمو الشعاب المرجانية الصلبة والمرنة والطحالب والقشريات على جسم العبارة.
يكاد يكون الفيلم منقسماً إلى نصفين؛ الأول خارج الماء، حيث نتعرف على شخصيات العمل خارجياً وداخلياً، فهناك الصامت وهناك المريب وهناك الذي لا يتوقف عن إلقاء النكات والسخرية من كل شيء. النصف الثاني بالكامل تحت الماء، حيث الممثلون بأزياء الغطس وعليهم وضع انفعالاتهم كلها وقدراتهم التعبيرية في عيونهم التي لا يظهر غيرها بسبب أقنعة الوجه التي يضعونها على وجوههم.
جاء التصوير تحت الماء شديد البراعة من حيث دقة التفاصيل ونقاء الصورة وحركة الممثلين وتنوع الزوايا، أما خارج الماء فنجح المخرج محمد هشام الرشيدي في خلق صورة جمالية شديدة الثراء والإبهار. لقطات الفرار من سمكة القرش جاءت مشحونة بالتوتر والرعب ونجحت في انتزاع شهقات المتفرجين الذين أصابهم شيء من الإحباط بسبب قلة عدد تلك المشاهد. واللافت أن التجربة في مجملها أحدثت رد فعل طيباً للغاية رغم أنها التجربة الأولى لكل من المخرج والمؤلف أحمد حليم.
من ناحيته، ينفي المخرج محمد هشام الرشيدي أن يكون العمل تقليداً لأفلام أميركية مشابهة، مؤكداً أن تلك الأفلام تركز على المطاردات بين القرش والأبطال في جو من الرعب والتشويق بحيث تشغل الحيز الأكبر من الشريط السينمائي، في حين أن الفيلم المصري يركز على القصص الدرامية والجانب النفسي المليء بالمفاجآت للشخصيات.
ويضيف الرشيدي، لـ«الشرق الأوسط»: «سعيد بنجاح العمل على المستويين النقدي والجماهيري، لا سيما أنه الأول من نوعه على مستوى مصر والعالم العربي». وحول سر تسمية الفيلم بـ«ماكو»، يشير الرشيدي إلى أن هذا هو اسم أشهر أنواع أسماك القرش الشرسة التي توجد بشكل غير كثيف لحسن الحظ بالبحر الأحمر.
لكن الناقد محمود عبد الشكور يقول، لـ«الشرق الأوسط»، إن «صورة الفيلم المبهرة تقنياً وفنياً لم تغطِ أخطاء كتابة السيناريو، فمن يتصور أنه إذا أُتقن الغرافيك كي يسد ثغرات الكتابة فهو مخطئ تماماً، لأن الأساس في العمل الفني هو الكتابة الصحيحة والدقيقة للسيناريو والقصة، ومن ثم تأتي باقي العناصر لتكملها وتضيف إليها»، على حد تعبيره.
«ماكو»... مؤثرات بصرية «مبهرة» لم تعالج أخطاء السيناريو
فيلم مصري يستلهم حادث غرق العبارة «سالم إكسبريس» عام 1991
«ماكو»... مؤثرات بصرية «مبهرة» لم تعالج أخطاء السيناريو
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة