الإمارات تكشف عن إجراءات احترازية معززة في «إكسبو 2020 دبي»

شملت تحديث متطلبات التطعيم والفحص لفيروس «كوفيد - 19»

الإمارات تكشف عن إجراءات احترازية معززة في «إكسبو 2020 دبي»
TT

الإمارات تكشف عن إجراءات احترازية معززة في «إكسبو 2020 دبي»

الإمارات تكشف عن إجراءات احترازية معززة في «إكسبو 2020 دبي»

كشفت الإمارات عن إجراءات احترازية معززة في موقع حدث «إكسبو 2020 دبي»، للتأكد من توفير تجربة آمنة وصحية لملايين الزوار المتوقع قدومهم للمعرض العالمي مع تزايد الطلب على السفر والسياحة الدولية، حيث سينطلق المعرض العالمي في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وقالت اللجنة المنظمة إنّ على الزوار الذين تتجاوز أعمارهم 18 عاماً تقديم إثبات الحصول على أي تطعيم معتمَد من حكومات بلدانهم أو نتيجة اختبار (بي سي آر) سلبية، على أن يكون الفحص قد أُجري قبل 72 ساعة من موعد الزيارة على الأكثر.
وأوضحت أنّه سيكون بوسع حاملي تذاكر «إكسبو 2020 دبي» من غير المحصّنين الذين لم يخضعوا لفحص «كورونا» خلال المدة المحددة استخدام مركز الفحص الموجود بالقرب من موقع «إكسبو 2020 دبي»، وسيكون ذلك أيضاً متاحاً في وقت لاحق في عدد من مراكز الفحص المنتشرة في أنحاء مدينة دبي التي سيُعلن عنها على موقع «إكسبو» الإلكتروني، وعند تقديم تذكرة «إكسبو 2020 دبي» السارية، أو تذكرة اليوم الواحد أو الدخول المتعدد، سيكون الفحص مجانياً.
وقالت ريم الهاشمي وزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولي، المدير العام لـ«إكسبو 2020 دبي»: «سيكون (إكسبو 2020 دبي) الحدث الدولي الوحيد بهذا الحجم والتنوع الثقافي منذ بداية جائحة (كوفيد – 19)، وبتحديثنا متطلبات التطعيم والفحص فإننا نتيح لجميع الزوار من أنحاء العالم عالماً من فرص الاستكشاف والتعلُّم، لكي نُمكّنهم من الاستمتاع بتجربة رائعة في أجواء آمنة تضمن لهم السلامة». وأضافت: «وبينما نستعد لاستقبال السياح في الإمارات والترحيب بزوّار (إكسبو 2020 دبي)، فإننا بحاجة إلى البناء على النجاحات التي حققناها في مكافحة (كوفيد – 19)؛ فقد شهدنا هبوطاً كبيراً في أعداد الإصابات المسجلة بلغ 84% على مدار الأشهر الثمانية الماضية. وسيبقى التزامنا بصحة الزوّار والمشاركين والموظفين وسلامتهم دائماً في مقدمة أولوياتنا».
وزادت الهاشمي: «لقد وُضعت هذه الإجراءات المعززة والمسؤولة بعناية ونحن نتأهب لفتح أبوابنا أمام العالم، وسنواصل متابعة التوجيهات الصادرة عن الخبراء والمختصين في المجال الطبي والصحي وتحديث إجراءاتنا على النحو الملائم بما يحفظ التزامنا باستضافة حدث استثنائي يُبهر العالم ويُلهمه».
من جهته قال ديميتري كيركِنتزس، الأمين العام للمكتب الدولي للمعارض، الجهة المشرِفة على معارض إكسبو الدولية: «سمحت الاستراتيجية الفعالة التي اتّبعتها دبي في السيطرة على جائحة (كوفيد – 19) بمتابعة العمل على تحضيرات إكسبو بسلاسة، وستضمن الإجراءات المعززة التي أعلن عنها (إكسبو 2020 دبي) اليوم تحقيق هدفه في جمع الناس والدول لنصنع معاً عالماً جديداً. كنا عازمين على التضامن في مواجهة الجائحة وزادنا قوة إصرار الإمارات والمشاركين الدوليين على تحقيق التزامهم بتنظيم إكسبو دولي آمن وهادف»
وتشمل خطط «إكسبو 2020 دبي» الشاملة التطعيم الإلزامي لجميع موظفيه وموظفي المشاركين الدوليين والمتعهدين ومقدمي الخدمات. وسيستمر «إكسبو 2020 دبي» في تطبيق إجراءات السلامة في الموقع، التي تشمل توفير وحدات التعقيم والإلزام بارتداء الكمّامات والحفاظ على مسافات التباعد الاجتماعي. ويُقام «إكسبو 2020 دبي» في الفترة من 1 أكتوبر 2021 إلى 31 مارس (آذار) 2022.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)