الحكومة اللبنانية تلتزم باستئناف المفاوضات مع «النقد الدولي»

تقر بيانها الوزاري اليوم... وعون يعد بـ«الخروج من الهاوية»

عون مجتمعاً مع وفد جمعية المصارف برئاسة سليم صفير (الرئاسة اللبنانية)
عون مجتمعاً مع وفد جمعية المصارف برئاسة سليم صفير (الرئاسة اللبنانية)
TT

الحكومة اللبنانية تلتزم باستئناف المفاوضات مع «النقد الدولي»

عون مجتمعاً مع وفد جمعية المصارف برئاسة سليم صفير (الرئاسة اللبنانية)
عون مجتمعاً مع وفد جمعية المصارف برئاسة سليم صفير (الرئاسة اللبنانية)

تناقش الحكومة اللبنانية مسودة بيانها الوزاري في جلسة تعقدها اليوم (الخميس)، تمهيداً لتقديمه إلى البرلمان الذي يفترض أن يناقشه مطلع الأسبوع المقبل في جلسة «الثقة»، في وقت أمل الرئيس اللبناني ميشال عون بعد تشكيل الحكومة «أن ننطلق بالمحادثات مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي من أجل التمويل، حيث إن هناك إرادة دولية لمساعدتنا».
وقال عون في لقاءاته أمس: «لسنا خائفين من الانهيار، بل نحن نخوض الآن معركة الخروج من الهاوية التي نحن فيها»، واعداً بـ«بذل كل جهدنا لتحقيق هذه الغاية، وليس لنا إلا هذا الهم الكبير الذي يفوق كل حالة طبيعية».
وأكد عون أن «التدقيق الجنائي (في حسابات مصرف لبنان) مهم، وهو سيحدد الأسباب التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه اليوم، إضافة إلى المسؤوليات». وقال إن «الحاجات المطلوبة غير محدودة وهي كثيرة وفي شتى القطاعات، لذلك من أولويات الخطة التي عرضتها على المراجع الدولية المعنية بمساعدتنا تقوم أولاً على محاربة الفقر، ما يترافق مع استقرار العملة الوطنية، التي من الواجب تثبيت سعر صرفها، بصورة طبيعية»، مضيفاً: «ثم سنبدأ بالمشاريع الكبرى وفي أولويتها الطاقة التي هي حاجة لكل منزل، لا سيما لجهة إنشاء محطات إنتاج للكهرباء وصولاً إلى بناء دولة حديثة، بالتعاون بين القطاعين العام والخاص».
واعتبر عون أن «برنامج إعادة الإعمار والإنماء المتوازن كبير ويخلق فرص عمل، وهو يتضمن مشاريع تسير معاً، من بينها الكهرباء وإعادة إعمار المرفأ الذي هو بوابتنا إلى العالم، ويغذي الخزينة والموازنة، وصولاً إلى القطاع الاستشفائي وغيره، حيث من الواجب معالجة جميع نقاط الضعف بالتتابع لرفع المستوى»، مشدداً على أن «الوضع الاقتصادي سيكون أولويتنا الأساسية».
وقال: «نحن، بعد تشكيل الحكومة، أمام ورشة اقتصادية هي بالنسبة إلينا الهم الأول، لأننا نريد لأبنائنا أن يبقوا هنا في أرضنا، فنحد من الهجرة التي باتت تطاول فئات الشعب اللبناني كافة»، مضيفاً «أننا سنعالج الوضع لكي يعود من هاجر».
إلى ذلك، ترأس رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي الاجتماع الثالث والأخير للجنة الوزارية المكلفة صوغ البيان الوزاري. وقال وزير الإعلام جورج قرداحي، في ختام الجلسة، إن اللجنة «أنهت مسودة البيان، وسوف تُناقش في جلسة مجلس الوزراء التي ستعقد بعد ظهر اليوم الخميس في قصر بعبدا ليتم إقرارها، على أمل أن تمثل الحكومة أمام مجلس النواب في بداية الأسبوع المقبل، لطلب نيل الثقة من النواب على أساس هذا البيان الوزاري».
وذكرت «رويترز» أن «المسودة أظهرت التزاماً حكومياً باستئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامج إنقاذ قصير ومتوسط الأمد».
ولدى سؤاله عن البند المتعلق بالمقاومة و«حزب الله»، قال قرداحي إن «كل الأمور منصوص عليها في مسودة البيان التي ستناقش غداً (اليوم) في قصر بعبدا، وسيتم إقرار البيان الوزاري»، لافتاً إلى «تفاهم بين جميع الوزراء خلافا لما قيل عن وجود خلافات»، مطمئناً إلى أنه «ليس هناك أي خلاف بل هناك تضامن ومحبة بين جميع الوزراء»، وأن هناك «روحاً إيجابية تسود». وأكد أن «هناك عزماً على معالجة كل مشاكل البلد بأقصى سرعة، ونحن لدينا كل النوايا الطيبة للعمل لأن البلد لم يعد يحتمل».
ولم تدخل المناقشات في تفاصيل معامل الكهرباء، بحسب ما قال قرداحي، مشيراً إلى أن «أولويتنا هي تأمين الكهرباء للناس والمازوت والبنزين»، وقال: «هناك عمل مباشر يجب أن نقوم به، ولا نريد أن نطرح مجرد شعارات، كما لا أريد أن أتحدث عن مضمون البيان قبل أن يقر في مجلس الوزراء وعندما يتم إقراره تطلعون عليه، وكل الأمور ملحوظة في البيان».
ولن يتطرق البيان الوزاري إلى ملف رفع الدعم عن المحروقات، بالنظر إلى أن «هذا القرار يتخذ في مجلس الوزراء».
وبدا لافتاً أن هناك سرعة في إقرار مسودة البيان الوزاري، وقال قرداحي: «هناك مقاربة واقعية جداً تهتم بأوجاع وآلام الناس، وجميع الوزراء يشعرون بها. هناك مهمة صعبة ونحن نرى وضع البلد، لذلك كلنا نتعاون لإيجاد الحلول». وعما إذا كانت المسودة تطرقت إلى موضوع التدقيق الجنائي، قال قرداحي: «كل الأمور واردة وكل ما يتعلق بشؤون القضاء والعدالة والتحقيقات، ولكن لا أستطيع الحديث عن هذه المواضيع قبل إقرارها بشكل رسمي في مجلس الوزراء».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».