العوهلي لـ«الشرق الأوسط»: نسعى لجذب المستثمرين... ونلتزم بشروط التوطين

محافظ هيئة الصناعات العسكرية السعودي أكد تحقيق قيمة مضافة للمشتريات في القطاع الدفاعي والأمني

المهندس أحمد العوهلي لدى تحدثه مع وسائل الإعلام أمام الجناح السعودي بمعرض الدفاع DESI في لندن الثلاثاء (الشرق الأوسط)
المهندس أحمد العوهلي لدى تحدثه مع وسائل الإعلام أمام الجناح السعودي بمعرض الدفاع DESI في لندن الثلاثاء (الشرق الأوسط)
TT

العوهلي لـ«الشرق الأوسط»: نسعى لجذب المستثمرين... ونلتزم بشروط التوطين

المهندس أحمد العوهلي لدى تحدثه مع وسائل الإعلام أمام الجناح السعودي بمعرض الدفاع DESI في لندن الثلاثاء (الشرق الأوسط)
المهندس أحمد العوهلي لدى تحدثه مع وسائل الإعلام أمام الجناح السعودي بمعرض الدفاع DESI في لندن الثلاثاء (الشرق الأوسط)

تسعى الهيئة السعودية العامة للصناعات العسكرية إلى تعزيز القدرات الوطنية للتصنيع العسكري، وتوطين القطاع وجعله رافدا يوفر فرص العمل ويزيد من إسهاماته في الاقتصاد المحلي.

يقول المهندس أحمد العوهلي محافظ الهيئة العامة للصناعات العسكرية إن الهيئة وضعت «أُطراً تنظيميةً للاستثمار في القطاع بحيث لا تتضمن أي قيود على المستثمر الأجنبي الراغب بالدخول إلى سوق الصناعات العسكرية في المملكة طالما، أنه سيكون شريكاً لنا في مسيرة التوطين والتوظيف ونقل التقنيات». ويؤكد العوهلي بأن السعودية باتت وجهةً مثالية للاستثمار في هذا القطاع بشكل خاص وبقية القطاعات الصناعية الأخرى بشكل عام.

جاء ذلك خلال حوار أجرته «الشرق الأوسط» مع محافظ الهيئة خلال مشاركة السعودية بمعرض معدات الدفاع والأمن الدولي «DSEI» الذي تستضيفه العاصمة البريطانية لندن.
المحافظ تحدث عن الطموحات، والرؤية المستقبل في المائةية لتوطين قطاع الصناعات العسكرية السعودي، وما حققته الهيئة خلال أربعة أعوام، فضلا عن شؤون أخرى مرتبطة بقطاع الصناعات العسكرية... وفيما يلي تفاصيل الحوار:

> معالي المحافظ؛ الهيئة تقود اليوم تمثيل السعودية في أحد أبرز المعارض الدولية المتخصصة في مجالات الدفاع والأمن تحت شعار «استثمر في السعودية»... ما الذي تستهدفونه من ذلك؟

- لا شك بأن مشاركة المملكة العربية السعودية عبر الجناح السعودي المشارك في معرض معدات الدفاع والأمن الدولي (DSEI)، تمثل منصة نوعية لتطوير الصناعات المتخصصة في قطاع الصناعات العسكرية، وهذا يأتي من خلال خلق شراكات بين اللاعبين الدوليين في هذا المجال، وتبادل المعارف والخبرات، ونقل التقنية. وحيث أن المملكة العربية السعودية تُولي قطاع الدفاع والأمن الوطني أولويةً كبيرة؛ فقد جاء توجه القيادة الرشيدة الهادف إلى توطين الصناعات المختلفة في المملكة لتكون مصدراً لإثراء اقتصادنا الوطني، وسبباً لازدهاره المستدام، ومن هنا جاء تأسيس الهيئة العامة للصناعات العسكرية لتكون الجهة المسؤولة عن توطين وتنظيم وتمكين قطاع الصناعات العسكرية في المملكة، وهذه المشاركة والتمثيل يقع ضمن أحد أهداف الهيئة في تمكين القطاع، وذلك عبر التعريف بالفرص الاستثمارية الواعدة في القطاع ودعم المستثمرين وتسهيل دخولهم لسوق الصناعات العسكرية والأمنية السعودية، إذ تسعى منظومة قطاع الصناعات العسكرية في المملكة ممثلة بالهيئة وكافة شركائها من القطاعين الحكومي والخاص، إلى العمل على تحقيق الهدف الاستراتيجي وهو توطين الصناعات العسكرية في المملكة بما يزيد عن 50 في المائة من إنفاق المملكة على المعدات والخدمات العسكرية بحلول 2030.

> اليوم وأنتم تقودون دفة قطاع ضخم كقطاع الصناعات العسكرية في السعودية، كيف ترون مستويات التطور الذي شهده القطاع منذ تأسيس الهيئة وحتى اليوم؟

- قد تكون شهادتي في الهيئة العامة للصناعات العسكرية مجروحة بحكم منصبي فيها، ولكن هذا لا يمنعي من إبداء أقصى درجات التفاؤل بمستقبلها المبشر، وهذا ما تثبته المؤشرات والأرقام، فالنمو الملحوظ في القطاع داخل المملكة بلغ حتى نهاية النصف الأول من العام الحالي، على مستوى أعداد الشركات المرخصة 99 شركة محلية ودولية ومختلطة بنسبة زيادة تقدر بـ 41 في المائة عن الربع الأول من العام الجاري. وهذه الشركات تريد أن تكون جزءاً من قاطرة المسيرة التنموية الشاملة التي يشهدها الاقتصاد السعودي، وقررت أن تضخ أموالها داخل المملكة، ولم يكن هذا من فراغ، وإنما من مرتكزات ومزايا، ومن أهمها وقوع المملكة في قلب سلاسل الإمداد العالمية بحكم موقعها الاستراتيجي وإمكاناتها النوعية، والتسهيلات التي قدمتها حكومة خادم الحرمين الشريفين للمستثمر الأجنبي، إذ سمحت له بتملك كامل مشروعه دون الحاجة إلى شريك محلي كما كان في السابق.
إن مؤشرات التفاؤل لا تقتصر على ما سبق، وإنما تمتد إلى ما هو أبعد من ذلك، لاسيما عندما نعلم أن القطاع حظي بمبادرات نوعية، تبنتها الدولة، وتعهدت بنجاحها، وسخرت إمكاناتها المالية والبشرية للإنفاق على المشاريع الاستراتيجية فيه، وهو ما يجعل المملكة اليوم أحد أكبر المؤثرين على مسارات وتوجهات الصناعات العسكرية عالمياً.

> وما هو انعكاس تلك الشركات المرخصة على برامج التوطين؟

- الانعكاس إيجابي – بإذن الله-، لاسيما وأن من المتوقع بأن جهودنا نحو توطين 50 في المائة من انفاقنا العسكري سيخلق أكثر من 40 ألف وظيفة مباشرة وقرابة 60 ألف وظيفة غير مباشرة في القطاعات الداعمة بحلول العام 2030، وسيشغل معظم هذه الوظائف كفاءات سعودية، ونعمل حالياً على إعداد برامج متطورة لتأهيل المورد البشري بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة ومراكز الأبحاث والجامعات، عبر مواءمة برامج التعليم والتدريب التقني وإقامة شراكات لجذب الكفاءات والخبرات إلى قطاع الصناعات العسكرية.

> هذا يقودنا إلى السؤال عن الاستراتيجية التي يعمل عليها قطاع الصناعات العسكرية في السعودية؟

- لدينا استراتيجية للقطاع تم اعتمادها من مجلس الوزراء، وهو امتدادٌ للدعم اللامحدود والرعاية الخاصة اللذين يحظى بهما قطاع الصناعات العسكرية من لدن القيادة الرشيدة، بهدف تجسيد رؤيتها الحكيمة والطموحة نحو تعزيز الاستقلالية الاستراتيجية للمملكة وتطوير قدراتها الصناعية العسكرية الوطنية، والسعي إلى توطينها لتكون رافداً مهماً للاقتصاد السعودي، فنحن نعمل في الهيئة على استراتيجية تتألف من 3 ركائز رئيسة وهي: المشتريات العسكرية، والتي تعمل الهيئة من خلالها على تحسين آلية المشتريات مما سيسهم في إعطاء الأولوية للتوطين في العقود والاستفادة من القوّة الشرائية الموحّدة لقوّاتنا العسكرية والأمنية في المملكة لتحقيق أعلى مستوى الكفاءة في الإنفاق، والركيزة الثانية هي توطين الصناعة، حيث تُعد الركيزة التنظيمية المسؤولة عن وضع لوائح وتشريعات تعزز الشفافية في القطاع وتشجع الاستثمار فيه؛ وثالثاً ركيزة البحوث والتقنية، وهي ركيزة تطوير الإمكانات التي نقوم من خلالها بتطبيق برامج تعليمية وعملية لبناء الموارد البشرية وتوجيه جهود الأبحاث والتطوير إلى المجالات التي تلبي احتياجات قوّاتنا العسكرية والأمنية.

> ما لذي تحقق على صعيد مستهدفات رؤية 2030؟

- خلال فترة وجيزة التزمنا بتحقيق مستهدفات 2030 الخاصة بتوطين الصناعة، فقبل إنشاء الهيئة في عام 2017، كانت نسبة توطين الإنفاق على المعدات العسكرية قرابة 2 في المائة، وبعد إنشاء الهيئة في 2017 عملنا مع كافة الشركاء من القطاعين الحكومي والخاص على رفع نسبة التوطين، وبفضل هذه الجهود التكاملية رفعنا النسبة بأكثر من الضعف لتبلغ 8 في المائة في 2020، وما زلنا نحقق تقدماً على هذا الصعيد في طريقنا نحو المستهدف النهائي وهو أكثر من 50 في المائة من الإنفاق بحلول 2030.
كما عملت الهيئة على استحداث آلية للمشتريات العسكرية بهدف تعظيم وتوحيد القوة الشرائية للجهات الدفاعية والأمنية في المملكة، وتمكنت الهيئة من تحقيق قيمة مضافة للمشتريات في القطاع الدفاعي والأمني. وعلى صعيد تنظيم الصناعة، أطلقنا لأول مرّة في المملكة منصة التراخيص الصناعية التي لاقت إقبالاً ممتازاً حتى الآن من قبل المستثمرين، وإطلاق برنامج «تمكين المستثمر عبر سلاسل الإمداد»، حيث تم التعريف بفرص التوطين المستهدفة سواء للمستثمرين من داخل القطاع أو للمستثمرين الصناعيين في المجالات ذات العلاقة.

> معالي المحافظ.. تحدثتم عن تمكين المستثمر من خلال سلاسل الامداد في القطاع، حدثنا عنه بأكثر تفضيلا؟

- يأتي مشروع تمكين المستثمر من خلال سلاسل الإمداد في قطاع الصناعات العسكرية بالمملكة ضمن أهم وأبرز المشاريع التي تم الإعلان عنها حديثا، حيث تكمن أهميته في تعزيز جهود المملكة الرامية إلى توطين ما يزيد عن 50 في المائة من الإنفاق الحكومي على المعدات والخدمات العسكرية بحلول العام 2030، كما سيسهم في دعم وتمكين المستثمر من خلال العديد من الفرص الاستثمارية المستهدفة في سلاسل الإمداد بقطاع الصناعات العسكرية في المملكة.
لقد عملنا مع الشركاء، وخرجنا بـ 74 فرصة استثمارية تتعلق بالتوطين، وذلك عبر 6 مجالات دفاعية وأمنية، والتقينا مع أكثر من 350 مستثمرا وشريكا للتعريف بهذه الفرص، وعملنا جنباً إلى جنب مع شركائنا في القطاع من القطاعين العام والخاص على وضع خارطة طريق واضحة للمستهدفات الصناعية في القطاع، وحددنا خلالها المخرجات ذات الأولوية في سلاسل الإمداد بالقطاع.

> وكيف سيتمكن المستثمر من الوصول إلى تلك الفرص الاستثمارية والتعرف عليها؟

- ضمن مخرجات الفرص المستهدفة في سلاسل الإمداد، قمنا بإطلاق منصة «الصناعات العسكرية» والتي تعمل على تمكين المستثمرين من الوصول إلى فرص التوطين والتعرف على القدرات الصناعية للمستثمرين في القطاع، حيث تهدف المنصة إلى ربط القطاع مع كافة المستثمرين المصرحين والمرخصين من قبل الهيئة والمسجلين في المنصة. وسيتمكن جميع الشركات المحلية والعالمية المسجلة في المنصة من التعرف بشكل ميسرِ وسريع على فرص التوطين التي يوفرها القطاع حال طرحها، بالإضافة إلى ربط الشركات المحلية بالشركات العالمية لاسيما المصنعين الأصليين، وذلك من خلال الرابط الإلكتروني للمنصة marketplace.gami.gov.sa.

> مالذي تقدمه الهيئة لجذب المستثمرين الأجانب للاستثمار في القطاع في المملكة؟

- الهيئة العامة للصناعات العسكرية تعمل بشكل تكاملي مع كافة الجهات المعنية بجذب الاستثمار في المملكة بما يضمن تقديم صورة متكاملة عن البيئة الاستثمارية في المملكة، وقد وضعت الهيئة بناءً على ذلك أُطراً تنظيميةً للاستثمار في القطاع بحيث لا تتضمن أي قيود على المستثمر الأجنبي الراغب بالدخول إلى سوق الصناعات العسكرية في المملكة طالما أنه سيكون شريكاً لنا في مسيرة التوطين والتوظيف ونقل التقنيات، خصوصًا وأن البيئة الاستثمارية في قطاع الصناعات العسكرية في الوقت الحالي أصبحت بيئةً جاذبةً وخصبةً للمستثمرين الدوليين، لذلك، نعتقد أن المملكة باتت وجهةً مثالية للاستثمار في هذا القطاع بشكل خاص وبقية القطاعات الصناعية الأخرى بشكل عام.

> وماذا عن أبرز المشاريع التي عملت عليها الهيئة لدعم تطوير القطاع وتوطينه؟

- مشاريع الهيئة وبرامجها تأتي ضمن توجه الهيئة الاستراتيجي على صعيد تحقيق الأولويات الوطنية ووضع التشريعات الخاصة بإرساء عقود التصنيع العسكري ودعم وتمكين المصنعين المحليين، وتطوير الشركات المحلية الواعدة لتكون شركات رائدة، وكذلك دعم الشركات الوطنية الكبرى لتعزيز موقعها عالميا، ومن تلك المشاريع الاستراتيجية التي أعلنت الهيئة عنها مؤخراً « عربة الدهناء» وهي مدرعة عسكرية نعمل على تصنيعها وتوطينها محلياً، كما عملنا بالتعاون مع وزارة الدفاع على تدشين وتوطين أول زورق اعتراضي سريع من نوع (HSI32) مُصنع محليا، إضافة إلى تدشين أول حوض عائم، وذلك ضمن خطة توطين الصناعات العسكرية في المملكة، حيث تم تصنيعها وتوطينها محليًا وفق أحدث المواصفات والمعايير العالمية بتعاون بين شركة CMN الفرنسية وشركة الزامل للخدمات البحرية، ومؤخرًا قمنا بالإعلان عن توقيع اتفاقية توطين وتطوير قدرات بين شركة الشرق الأوسط لمحركات الطائرات المحدودة وشركة «هانيويل» الأمريكية، التي تهدف إلى توطين قدرات الإصلاح والصيانة والعمرة لمحركات (AGT1500).

> تقومون بمشاركات دولية على مستوى قطاع الصناعات العسكرية بما في ذلك التعريف بمعرض الدفاع الدولي الذي ستنظمونه .. ما هي مستهدفاتكم من ذلك؟

- إحدى مهام الهيئة وغاياتها التي أنشئت من أجلها، هو قيادة تمثيل قطاع الصناعات العسكرية دولياً، بهدف التعريف بهذا القطاع الواعد والفرص المستهدفة فيه، لذا تتولى الهيئة العامة للصناعات العسكرية تنظيم مشاركات المملكة دولياً في هذا القطاع وذلك بالتنسيق والتعاون مع شركائنا من القطاعين الحكومي والخاص. وتم بحمدالله خلال مشاركاتنا الدولية توقيع عدد من الاتفاقيات والشراكات التي ستنعكس على قطاع الصناعات العسكرية بالمملكة وعلى اقتصاها الوطني.
وفيما يختص بتنظيم معرض الدفاع العالمي، وإلى اليوم نتلقى الكثير من الطلبات من الشركات العالمية والإقليمية والدولية والمحلية الراغبة في المشاركة، إذ يقدم المعرض منصة متكاملة للمهتمين بالقطاع الدفاعي والأمني تعنى بالتكامل العملياتي، وسيكون الأول من نوعه من حيث شموله نطاقات الدفاع الخمسة الجو والبر والبحر والأقمار الصناعية وأمن المعلومات. ومتأكدون أنه سيكون إضافة نوعية إلى سلسلة معارض الدفاع الدولية المتميزة على مستوى العالم، ومعه ستحقق الهيئة أهدافها المنشودة، بالعمل مع شركائها في مختلف القطاعات والمجالات، محلياً ودولياً، عبر دعوة الجميع إلى الانضمام معنا في رحلة واعدة، وفي قطاع حيوي واستراتيجي، وهو قطاع الصناعات العسكرية الذي يمكنني تلخيص أهم محاوره في كلمتين: الفرص والشراكات.

> كيف مكّنت الهيئة المرأة السعودية في قطاع الصناعات العسكرية؟

- نحن ملتزمون في استكمال المسيرة.. ومعتمدون في ذلك على سواعد أبناء وبنات الوطن لتحقيق مستهدفات التوطين، والمرأة السعودية عززت من تواجدها في القطاع من خلال الانخراط في منظومة الصناعة العسكرية في المملكة، لذلك نحن حريصون في الهيئة على تمكين المرأة السعودية في هذا المجال لاسيما في ظل التواجد غير المسبوق للمهندسات والفنيات في مختلف التخصصات التي تخدم قطاعنا الحيوي، ونحن بصدد عقد اتفاقيات استراتيجية ومهمة لتعظيم دور المرأة في القطاع، وذلك مع جامعات سعودية ومراكز أبحاث على التدريب والتوظيف والتعاون.



مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
TT

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)

أكد نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي، أن إيران والسعودية تعتزمان إرساء السلام وديمومة الهدوء في منطقة متنامية ومستقرّة، مضيفاً أن ذلك يتطلب «استمرار التعاون الثنائي والإقليمي وتعزيزه، مستهدفين تذليل التهديدات الحالية».

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش زيارته إلى السعودية التي تخلّلها بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، خلال لقاء، الاثنين، مع وليد الخريجي، نائب وزير الخارجية السعودي، قال روانجي: «الإجراءات الإيرانية - السعودية تتوّج نموذجاً ناجحاً للتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف دوليّاً في إطار التنمية والسلام والأمن الإقليمي والدولي»، مشدّداً على استمرار البلدين في تنمية التعاون في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والقنصلية؛ بناءً على الأواصر التاريخية والثقافية ومبدأ حسن الجوار، على حد وصفه.

الجولة الثانية من المشاورات الثلاثية عُقدت في الرياض الثلاثاء (واس)

والثلاثاء، رحبت السعودية وإيران «بالدور الإيجابي المستمر لجمهورية الصين الشعبية وأهمية دعمها ومتابعتها لتنفيذ (اتفاق بكين)»، وفقاً لبيان صادر عن الخارجية السعودية، أعقب الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في العاصمة السعودية الرياض.

وأشار نائب وزير الخارجية الإيراني إلى أن الطرفين «تبادلا آراءً مختلفة لانطلاقة جادة وعملية للتعاون المشترك»، ووصف اجتماع اللجنة الثلاثية في الرياض، بأنه «وفَّر فرصة قيّمة» علاقات متواصلة وإيجابية بين إيران والسعودية والصين.

روانجي الذي شغل سابقاً منصب سفير إيران لدى الأمم المتحدة، وعضو فريق التفاوض النووي الإيراني مع مجموعة «5+1»، اعتبر أن أجواء الاجتماعات كانت «ودّية وشفافة»، وزاد أن الدول الثلاث تبادلت الآراء والموضوعات ذات الاهتمام المشترك وأكّدت على استمرار هذه المسيرة «الإيجابية والاستشرافية» وكشف عن لقاءات «بنّاءة وودية» أجراها الوفد الإيراني مع مضيفه السعودي ومع الجانب الصيني، استُعرضت خلالها مواضيع تعزيز التعاون الثنائي، والثلاثي إلى جانب النظر في العلاقات طوال العام الماضي.

الجولة الأولى من الاجتماعات التي عُقدت في بكين العام الماضي (واس)

وجدّد الجانبان، السعودي والإيراني، بُعيد انعقاد الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في الرياض، الخميس، برئاسة نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي، ومشاركة الوفد الصيني برئاسة نائب وزير الخارجية الصيني دنغ لي، والوفد الإيراني برئاسة نائب وزير خارجية إيران للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي؛ التزامهما بتنفيذ «اتفاق بكين» ببنوده كافة، واستمرار سعيهما لتعزيز علاقات حسن الجوار بين بلديهما من خلال الالتزام بميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي والقانون الدولي، بما في ذلك احترام سيادة الدول واستقلالها وأمنها.

من جانبها، أعلنت الصين استعدادها للاستمرار في دعم وتشجيع الخطوات التي اتخذتها السعودية وإيران، نحو تطوير علاقتهما في مختلف المجالات.

ولي العهد السعودي والنائب الأول للرئيس الإيراني خلال لقاء في الرياض الشهر الحالي (واس)

ورحّبت الدول الثلاث بالتقدم المستمر في العلاقات السعودية - الإيرانية وما يوفره من فرص للتواصل المباشر بين البلدين على المستويات والقطاعات كافة، مشيرةً إلى الأهمية الكبرى لهذه الاتصالات والاجتماعات والزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، خصوصاً في ظل التوترات والتصعيد الحالي في المنطقة؛ ما يهدد أمن المنطقة والعالم.

كما رحّب المشاركون بالتقدم الذي شهدته الخدمات القنصلية بين البلدين، التي مكّنت أكثر من 87 ألف حاج إيراني من أداء فريضة الحج، وأكثر من 52 ألف إيراني من أداء مناسك العمرة بكل يسر وأمن خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي.

ورحّبت الدول الثلاث بعقد الاجتماع الأول للجنة الإعلامية السعودية - الإيرانية المشتركة، وتوقيع مذكرة تفاهم بين معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية ومعهد الدراسات السياسية والدولية، التابع لوزارة الخارجية الإيرانية.

كما أعرب البلدان عن استعدادهما لتوقيع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي (DTAA)، وتتطلع الدول الثلاث إلى توسيع التعاون فيما بينهما في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصادية والسياسية.

ودعت الدول الثلاث إلى وقف فوري للعدوان الإسرائيلي في كلٍ من فلسطين ولبنان، وتدين الهجوم الإسرائيلي وانتهاكه سيادة الأراضي الإيرانية وسلامتها، كما دعت إلى استمرار تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى فلسطين ولبنان، محذرة من أن استمرار دائرة العنف والتصعيد يشكل تهديداً خطيراً لأمن المنطقة والعالم، بالإضافة إلى الأمن البحري.

وفي الملف اليمني، أكدت الدول الثلاث من جديد دعمها الحل السياسي الشامل في اليمن بما يتوافق مع المبادئ المعترف بها دولياً تحت رعاية الأمم المتحدة.

وكانت أعمال «الاجتماع الأول للجنة الثلاثية المشتركة السعودية - الصينية - الإيرانية»، اختتمت أعمالها في العاصمة الصينية بكّين، ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وأكد خلاله المجتمعون على استمرار عقد اجتماعات اللجنة الثلاثية المشتركة، وعلى مدى الأشهر الماضية، خطت السعودية وإيران خطوات نحو تطوير العلاقات وتنفيذ «اتفاق بكين»، بإعادة فتح سفارتيهما في كلا البلدين، والاتفاق على تعزيز التعاون في كل المجالات، لا سيما الأمنية والاقتصادية.

وأعادت إيران في 6 يونيو (حزيران) الماضي، فتح أبواب سفارتها في الرياض بعد 7 أعوام على توقف نشاطها، وقال علي رضا بيغدلي، نائب وزير الخارجية للشؤون القنصلية (حينها): «نعدّ هذا اليوم مهماً في تاريخ العلاقات السعودية - الإيرانية، ونثق بأن التعاون سيعود إلى ذروته»، مضيفاً: «بعودة العلاقات بين إيران والسعودية، سنشهد صفحة جديدة في العلاقات الثنائية والإقليمية نحو مزيد من التعاون والتقارب من أجل الوصول إلى الاستقرار والازدهار والتنمية».