كيف غيرت الجائحة القطاع العقاري السعودي؟

«الشرق الأوسط» ترصد سمات جديدة أفرزتها تجربة «كورونا» في تعاملات نشاط الإسكان

إعلان ضخ آلاف الوحدات وتشكيل 3 تجمعات سكنية كبرى في العاصمة السعودية أمس (الشرق الأوسط)
إعلان ضخ آلاف الوحدات وتشكيل 3 تجمعات سكنية كبرى في العاصمة السعودية أمس (الشرق الأوسط)
TT

كيف غيرت الجائحة القطاع العقاري السعودي؟

إعلان ضخ آلاف الوحدات وتشكيل 3 تجمعات سكنية كبرى في العاصمة السعودية أمس (الشرق الأوسط)
إعلان ضخ آلاف الوحدات وتشكيل 3 تجمعات سكنية كبرى في العاصمة السعودية أمس (الشرق الأوسط)

كشف عاملون في قطاع العقار السعودي عن مساهمة جوهرية قدمتها جائحة «كورونا» المستجد التي خاضتها السعودية مع بقية بلدان العالم، في تقديم سمات جديدة فرضتها تجربة عام ونصف العام تضمنت منع التجول الكامل والجزئي والالتزام بالإجراءات الاحترازية المشددة للوقاية من تفشي الوباء والحد من تداعياته السلبية على الصحة والاقتصاد الوطني.
وفي رصد لـ«الشرق الأوسط»، قال العاملون إن من أبرز ما تضمنته جائحة «كورونا» في تغيير قطاع العقار تعزيز جوانب الأتمتة ورقمنة المعاملات والتعاملات مع كافة الأطراف ذات المصلحة، كما دفعت لمسارات تسويقية حديثة لسهولة البيع والترويج، كما فرضت توسيع استراتيجية إدارة المخاطر ووضع الخطط الطارئة، موضحين أن الجائحة زادت من التطلع إلى العيش في الضواحي والمناطق المتاخمة للمدن، والتحول في تخطيط المنشآت إلى السمات البيئية الصديقة للسلوك المعيشي.

- التحول للرقمنة
وقال لـ«الشرق الأوسط» طه مهدي المسؤول بشركة مكيون العقارية إن تحول المعاملات العقارية أصبح بشكل كامل تقريبا في كثير من مكونات قطاع العقار من شركات ومطورين وعاملين ووسطاء، مضيفا أن اتخاذ خطوة تحويل المعاملات إلى إلكترونية خلال جائحة «كورونا» كانت إيجابية للقطاع من حيث الاعتماد على الرقمنة. وأضاف طه أنه من التغيرات الإيجابية في ظل التحول إلى الرقمنة والاعتماد على الوسائل الإلكترونية زيادة الثقة في البيع على الخريطة سواء في مشاريع وزارة الإسكان وغيرها من المشروعات الخاصة، مستدلا بالإحصاءات الرسمية الصادرة عن الجهات الرسمية بما في ذلك عدد الصكوك العقارية الصادرة والتي تنشر تفاصيلها وزارة العدل.
وفي ذات الاتجاه، أفصح محمد عبد السلام من شركة الحناكي للمقاولات لـ«الشرق الأوسط» أن أبرز تغير حدث بعد «كورونا» كان في طريقة الشراء وتقديم المنتجات، حيث شهد التسويق مسارا جديدا بدخول التعامل الإلكتروني بشكل ضروري لتسهيل الإجراءات، ما فتح باب المنافسة في الخدمات المقدمة وتفاعل المشترين عن بعد.
وأضاف عبد السلام أن التحديات كانت كبيرة أمام القطاع من ناحية البيع والتسويق حيث كان التأثير كبيرا خاصة في فترة الحظر، مستطردا بالقول: «التأثر الاقتصادي انعكس بلا شك على القوة الشرائية في القطاع في جميع الأصعدة سواء السكني والفندقي والتجاري... كما أن جانب الإنشاء واستكمال المشاريع تعرقل قبل العودة بشكل تدريجي».

- مفهوم الضواحي
ويرى عبد السلام أن مفهوم الضواحي ازدهر كثيرا في قطاع العقار إبان أزمة «كورونا»، مضيفا أن فكرة الانتقال إلى الضواحي تتنامى بشكل بارز لا سيما مع عامل السعر الأخفض عن سعر العقار داخل المدن، لافتا إلى تزايد مشروعات الضواحي التي برزت مؤخرا عبر المشروعات التابعة للإسكان وكذلك توجه المطورين لذلك. وتعمل من جانبها، الشركة الوطنية للإسكان، ذراع جهاز الإسكان الحكومي، على تطوير الضواحي وتغذية السوق بالمشروعات الجديدة التي تدعم النمو الإسكاني وفق أعلى مواصفات المتطلبات البيئة وجودة الحياة، ضمن خطى تحقيق «رؤية 2030» التي تستهدف رفع نسبة تملك الأسر السعودية لمساكنهم الخاصة إلى 70 في المائة.
وكانت «الوطنية للإسكان» أعلنت إنشاء 7 من الضواحي السكنية في مختلف مدن البلاد، هي «الجوان» و«الجوهرة» والميار» و«الواجهة» و«السديم» و«الدار» و«خيالا». وتقود «الوطنية للإسكان» قطاع التطوير العقاري في جميع مناطق المملكة بالشراكة مع القطاع الخاص، حيث أعلنت أخيرا عن ضاحية الجوان بالرياض التي تعد الأكبر في المملكة بعد مضاعفة مساحتها إلى أكثر من 30 مليون متر مربع بتوجيه من ولي العهد، لتعزيز الصناعة العقارية وتنوع الاقتصاد الوطني وتنمية دور القطاع الخاص وزيادة نسبة المحتوى المحلي في الصناعة.

- خطط الطوارئ
إلى ذلك، أفاد أحمد بامعبد من شركة صيف الفجر العقارية لـ«الشرق الأوسط» بأنه بالفعل حدثت تغيرات كبيرة للقطاع العقاري في السعودية من أبرزها التركيز على وضع خطط طارئة واحتياطية ودراسة المخاطر والقرارات جيدا. ولفت بامعبد إلى أن تفعيل المنصات الإلكترونية تعد واحدة من أبرز الخطوط الأولى في خطط الطوارئ، بالإضافة إلى الاستفادة من تفعيل الممكنات التقنية من الوصول التسويقي إلى الشرائح المستهدفة، مؤكدا أن تجربة الخطط الطارئة خلال أزمة «كورونا» والاستفادة من التقنية ساهم كمصدر إنتاجي للشركات والمنظمات العاملة في القطاع.

- البيئة العمرانية
من ناحية أخرى، أبان في حديث لـ«الشرق الأوسط» معاذ الهندي من شركة عبر المملكة العقارية أن الوباء لعب دورا كبيرا ومؤثرا في تغير الكثير من مفاهيم القطاع العقاري، مشيرا إلى أن الأثر الإيجابي الذي حدث، زيادة جودة المنتجات والتحولات على البيئة العمرانية المقدمة لتصبح أكثر إنسانية وتكون ملائمة للعيش والتي أثرت بشكل كبير على طبيعة المعيشية للأفراد والأسر.
وأدى الوباء أيضا، بحسب الهندي، إلى تحول في الاحتياجات والسلوك المعيشي للسكان والذي له جل التأثير على الطبيعة العمرانية والاجتماعية والاقتصادية، مبينا أن الجائحة ألزمت الشركات ترتيب أولوياتها والتركيز على طريقة التسويق وطريقة طرح المنتجات، والتحول الرقمي وعمل النماذج والمنصات الافتراضية للبيع والتسويق، وإعادة تهيئة البنية التحتية لتقنية المعلومات في الشركات.

- الإيجارات والأسعار
ويلفت لـ«الشرق الأوسط» معاذ الهندي، أن الإيجارات في الآونة الأخيرة تشهد تراجعا مع توفر المعروض، لكنه أشار إلى مواد البناء التي شهدت ارتفاعات كبيرة بعد الأزمة حيث إن الإغلاق خلال فترة الجائحة أدى إلى استهلاك مخزون المواد الأولية والمواد الخام ونقص الموارد في المستودعات واستهلاكها خلال الأشهر السابقة ما تسبب في تقييد الإنتاج مؤقتا وارتفاع الطلب على الشحن وزيادة تكلفة التوريد مما أدى إلى الارتفاع في الأسعار.
وكشف لـ«الشرق الأوسط» نادر السيد من شركة شمائل الخليج أن أسعار العقار ارتفعت بتقديره 5 في المائة مع استمرار الطلب، بينما يرى من جانبه، الأستاذ طه من شركة مكيون، أن الأسعار لم ترتفع بشكل لافت بل تظل في مستوى متوسط منطقي، موضحا أن مواد البناء شهدت ارتفاعات بسبب زيادة الطلب على البناء الفترة الماضية.


مقالات ذات صلة

«قطار الرياض» ينطلق غداً بـ 3 مسارات

الاقتصاد صورة جوية لـ«قطار الرياض» (الهيئة الملكية)

«قطار الرياض» ينطلق غداً بـ 3 مسارات

ينطلق يوم الأحد، «قطارُ الرياض» الأضخمُ في منطقة الشرق الأوسط، والذي يتضمَّن أطولَ قطار من دون سائق في العالم.

عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد خلال الجولة في «قطار الرياض» التي نظمتها الهيئة الملكية لمدينة الرياض للإعلاميين (الشرق الأوسط)

ينطلق الأحد... «قطار الرياض» يعيد هندسة حركة المرور بالعاصمة

ينطلق «قطار الرياض»، الأحد، بـ3 مسارات من أصل مساراته الـ6، الذي يتوقع أن يخفف من ازدحام السير في العاصمة السعودية بواقع 30 في المائة.

عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد ناقلة نفط يتم تحميلها في مصفاة رأس تنورة النفطية التابعة لـ«أرامكو السعودية» (رويترز)

شركات الطاقة السعودية تحقق 27.45 مليار دولار أرباحاً في الربع الثالث

حققت شركات الطاقة المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) أرباحاً بلغت نحو 102.94 مليار ريال سعودي (27.45 مليار دولار) خلال الربع الثالث من عام 2024.

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد صورة جوية لـ«قطار الرياض» (الهيئة الملكية)

السعودية تتصدر دول «مجموعة العشرين» في انخفاض تكلفة النقل العام

تتصدر السعودية دول «مجموعة العشرين» في انخفاض أسعار تكلفة النقل العام، بالمقارنة مع متوسط دخل الفرد الشهري، وفق ما أظهرته بيانات تطبيق «درب».

عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد لقطات أثناء تجربة «مترو الرياض» خلال الفترة الماضية (الهيئة الملكية لمدينة الرياض) play-circle 02:15

«قطار الرياض» يحوّل العاصمة إلى منطقة اقتصادية أكثر جذباً للشركات العالمية

يرى مختصون لـ«الشرق الأوسط» أن «قطار الرياض» الذي افتتحه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، الأربعاء، سيحول العاصمة السعودية إلى منطقة اقتصادية.

بندر مسلم (الرياض)

«المركزي الروسي»: الاقتصاد آمن بأسعار النفط الحالية ومهدد دون 60 دولاراً

العلم الروسي يرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)
العلم الروسي يرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)
TT

«المركزي الروسي»: الاقتصاد آمن بأسعار النفط الحالية ومهدد دون 60 دولاراً

العلم الروسي يرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)
العلم الروسي يرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)

قال البنك المركزي الروسي إن مستويات أسعار النفط الحالية لا تشكل تهديداً لاستقرار الاقتصاد الروسي، لكنها قد تتحول إلى تحدٍّ خطير إذا انخفضت الأسعار دون الهدف الذي حُدد في الموازنة والذي يبلغ 60 دولاراً للبرميل.

وتشكل عائدات النفط والغاز نحو ثلث إيرادات الموازنة الروسية، وعلى الرغم من التوقعات بتراجع هذه النسبة في السنوات المقبلة، فإن إيرادات السلع الأساسية تظل تلعب دوراً محورياً في الاقتصاد الروسي، كما أن سعر النفط بالروبل يعد عنصراً مهماً في الحسابات المالية للموازنة.

ووفقاً لحسابات «رويترز»، فإن سعر مزيج النفط الروسي «أورال» في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) قد تجاوز السعر المُستخدم في حسابات موازنة الدولة لعام 2024، وذلك بفضل الانخفاض الحاد في قيمة الروبل. وأكد البنك المركزي أن سعر النفط «أورال» بلغ 66.9 دولار للبرميل بداية من 15 نوفمبر.

وفي مراجعته السنوية، قال البنك المركزي: «لا تشكل مستويات أسعار النفط الحالية أي مخاطر على الاستقرار المالي لروسيا»، لكنه حذر من أنه «إذا انخفضت الأسعار دون المستوى المستهدف في الموازنة، البالغ 60 دولاراً للبرميل، فإن ذلك قد يشكل تحديات للاقتصاد والأسواق المالية، بالنظر إلى الحصة الكبيرة التي تمثلها إيرادات النفط في الصادرات الروسية».

كما أشار البنك إلى أن روسيا قد خفضت إنتاجها من النفط بنسبة 3 في المائة ليصل إلى 9.01 مليون برميل يومياً في الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى أكتوبر (تشرين الأول)، وذلك في إطار التزامها باتفاقات مجموعة «أوبك بلس». وأضاف أن الخصم في سعر النفط الروسي مقارنة بسعر المؤشر العالمي قد تقلص إلى 14 في المائة في أكتوبر، مقارنة بـ 16-19 في المائة في الفترة من أبريل (نيسان) إلى مايو (أيار).

الإجراءات لدعم الروبل فعّالة

من جانبه، قال نائب محافظ البنك المركزي الروسي، فيليب جابونيا، إن البنك سيواصل اتباع سياسة سعر صرف الروبل العائم، مؤكداً أن التدابير التي اتخذها لدعم قيمة الروبل كافية وفعالة.

ووصل الروبل إلى أدنى مستوى له منذ مارس (آذار) 2022، إثر فرض أحدث جولة من العقوبات الأميركية على القطاع المالي الروسي. وفي خطوة لدعم العملة الوطنية، تدخل البنك المركزي، وأوقف شراء العملات الأجنبية بداية من 28 نوفمبر.

وفي مؤتمر صحافي، صرح جابونيا: «نعتقد أن التدابير المتبعة حالياً كافية، ونحن نلاحظ وجود مؤشرات على أن الوضع بدأ في الاستقرار». وأضاف: «إذا كانت التقلبات قصيرة الأجل الناجمة عن مشكلات الدفع تشكل تهديداً للاستقرار المالي، فنحن نمتلك مجموعة من الأدوات الفعّالة للتعامل مع هذا الوضع».

وأكد جابونيا أن سعر الفائدة القياسي المرتفع، الذي يبلغ حالياً 21 في المائة، يسهم في دعم الروبل، من خلال تعزيز جاذبية الأصول المقومة بالروبل، وتهدئة الطلب على الواردات.

وكانت أحدث العقوبات الأميركية على القطاع المالي الروسي قد استهدفت «غازبروم بنك»، الذي يتولى مدفوعات التجارة الروسية مع أوروبا، ويعد المصدر الرئيسي للعملات الأجنبية في السوق المحلية. وقد أدت هذه العقوبات إلى نقص حاد في سوق العملات الأجنبية الروسية، ما تَسَبَّبَ في حالة من الهلع واندفاع المستثمرين نحو شراء العملات الأجنبية. ورغم هذه التحديات، أصر المسؤولون الروس على أنه لا توجد أسباب جوهرية وراء تراجع قيمة الروبل.

النظام المصرفي يتمتع بمرونة عالية

وفي مراجعة للاستقرار المالي، يوم الجمعة، قال المركزي الروسي إن الشركات الصغيرة فقط هي التي تواجه مشكلات في الديون في الوقت الحالي، في وقت يشكو فيه بعض الشركات من تكاليف الاقتراض المرتفعة للغاية مع بلوغ أسعار الفائدة 21 في المائة.

وأضاف أن نمو المخاطر الائتمانية قد أدى إلى انخفاض طفيف في نسبة كفاية رأس المال للبنوك الروسية في الربعين الثاني والثالث، لكنه وصف القطاع المصرفي بأنه يتمتع بمرونة عالية. كما نصح البنوك بإجراء اختبارات ضغط عند تطوير منتجات القروض، بما في ذلك سيناريوهات تتضمن بقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترات طويلة.