وسام بريدي للشباب اللبناني: اسعوا خلف مستقبلكم

يعيش في الإمارات ويقول لـ«الشرق الأوسط»: لستُ سوبرمان

TT

وسام بريدي للشباب اللبناني: اسعوا خلف مستقبلكم

يقيم وسام بريدي وعائلته في الإمارات منذ سنتين تقريباً. يقهره الواقع اللبناني ويصعّب عودته. دعكم ممن يقولون عن المغادرين «شو عبالكن». «لأ، مش شو عبالنا»، يردّ بمرارة، «فأنا بعيد عن أحبّتي وأهلي». لا يعود المرء صاحب قرارات فردية حين يتعلق الأمر بأقدار أطفاله. هؤلاء الملائكة الصغار يشغلون البال. اتخذ وزوجته عارضة الأزياء التونسية ريم السعيدي قرار توضيب الحقائب. «الوقت ليس لمصلحة أحد»، يقول لـ«الشرق الأوسط»، وينصح الشباب: «Stop Waiting». نحب لبنان، لكننا نتعذب. المُثل مؤلمة أكثر من الحقائق. «وطن النجوم» متعِب ومظلم، و«كدتُ أختنق حين أتيتُ للزيارة». حسابه على «تويتر» لإيصال الأصوات الموجوعة: «لستُ سوبرمان أو الدولة. آلام الناس تفوق التصوّر».
وُلدت الحكومة، يا وسام، فهل نزغرد؟ هل نسقي ورود الأمل الذابلة، فيطلّ من أوراقها الملتوية عطرٌ مُنقذ؟ يرفض الوهم، وأن يقول أحدهم أضمنُ الانتصار في الحرب لكني لا أملك أسلحة: «يغشّون الناس بالتفاؤل. هو في لبنان غير حقيقي. الصعود والهبوط ليسا أسلوب حياة. لا مفرّ من الأمل، لكن ماذا عن مستقبل الشباب؟ إنهم يهاجرون كل يوم، ولم تعد تنفع تجارة الوهم».
يتأسّف الإعلامي والممثل اللبناني لقبول شعب بلده ترقيع الحلول بقيادة منظومة تقبض على الأرواح. المبكي أنّ الأزمة تضخّمت إلى درجة المبالغة بالتهليل لأول قشة نجاة. «أي حل أحسن من بلاش». لا يُخدع بريدي بالوعود ولا يصدّق معزوفة «الإنجازات»: «المنظومة كاملة مسؤولة عن تجويع الناس وتهجيرهم. تركت الحرب دماء عالقة في الضمائر والأنوف، ويترك السلم وهماً يسمّونه الاقتصاد والاستقرار. دناءة السياسات توصل صفيحة البنزين إلى الـ300 ألف ليرة! كوارث».
يستحيل الدوران في حلقات اللهب ومغازلة الشواء. كانت العودة ممكنة طوال 15 عاماً أمضاها بريدي متنقلاً بين الإمارات وأرض الوطن. إلى أن أصبحت شاقة. لديه «بيزنس» في لبنان، «ولو لم أغادره، لأقفلتُ مطاعمي وأرسلتُ العمال إلى المنازل. نعمل في الخارج لتأمين استمرار من نحب». يحمدُ الله: «المصيبة ستكون أكبر لولا مساعدات يرسلها مغتربون إلى عائلاتهم فتهوّن الأيام. هدايا السفر باتت أغذية وأدوية. آخ».
لا نريد لمواجع لبنان أن تبتلع الحوار، ولكن كيف؟ لا اتجاه آخر وكل الدروب ذئاب وشوك. يتلقّى وسام بريدي ما يزيد على 100 استغاثة يومياً. منذ أن وضع حسابه في «تويتر» بخدمة الناس، وتغريدات الرجاء تنهال: دواء مقطوع، ساعدنا في تأمينه؛ جراحة ولا مال للشفاء؛ وهذه السيرة الذاتية لزوجي، ماذا لو أمّنت له وظيفة في الإمارات! «هذا ليس اللبناني. نحن شعب يستحق الحياة. لِمَ هذا الأسفل؟».
صعبة الأحمال التي تفوق طاقة الإنسان. يحاول المساعدة بمشاركة (Share) النداء الإنساني وتأمين بعضه بما يستطيع من معارف. «بقدرتي الشخصية، لكن I’m not a superman. ما ننشره في السوشيال ميديا لا يعني أننا مرتاحون. نقلق طوال الوقت ونعيش قتالاً يومياً».
حرقة القلب الكبرى هم الشباب. هذه نصيحة وسام بريدي: «أوقفوا الانتظار. السلطة في لبنان لا تجيد شيئاً سوى أذيّتكم. في ضمائرها دماؤكم. لا تنسوا تقاتل المجموعات الطائفية على المحاور ودكّ منازل الأبرياء بالقذائف. مَن ذبحوا على الهويات وسحلوا الجثث بالسيارات، لن يهمهم اليوم إن أكلتم أو شربتم. ولا إن انتظرتم ساعات تحت الشمس من أجل لترات بنزين. اسعوا خلف مستقبلكم، ثم عودوا إلى بلدكم بكرامة. الوقت يمر. لا تضيّعوا العمر».
يقارن الأحوال بمرارة المقارنات: «سنتان واللبناني من ضربة إلى ضربة. آخرون كبّروا أعمالهم وضاعفوا الأرباح في هاتين السنتين. معيب تخدير الناس والضحك عليهم. ثم ينتقدون من يهاجر ويجلدون من يغادر. لم أتخيّل مرة أن نتشتت في المشارق والمغارب. أنا في الإمارات وشقيقتي في كندا. الغربة تجربة قاسية. أنا في دبي بين ناسي، لكن ماذا عن شقيقتي في المهجر وفي الصقيع والمسافات؟ أي كرامات تُبقينا في أوطاننا؟».
«هابي بيرث داي» لطفلته الجميلة بيلا ماريا البالغة ثلاث سنوات. نشر بريدي فيديو من الاحتفال العائلي بميلادها، و«تيتا وجدو» يغنيان لها عبر الفيديو. لا قُبلة ولا عناق. بالنسبة إليه، الغربة ليست الوظيفة والمال كما يدّعي البعض. «هي أيضاً الوحدة والعزلة. فقد يطلب المرء كوب ماء ولا يجد من يقدمه له. وقد يمرض ولا يجد يداً تمسك يده في المستشفى. هنا، إن مسّت أحدنا شوكة، التمّت حوله القرية». متى ستعود؟ مؤلم السؤال. «لن أعود ما دام الوضع على حاله». يشرح أنّ موقفه ليس عدائياً تجاه الوطن، بل تجاه الأمر الواقع: «أصبح اللبناني مشرّداً في الأرض. من قبرص إلى الخليج والعالم. مشكلتي ليست مع لبنان، ففيه ذكرياتي وأهلي. المشكلة مع الـDNA، مع هذه التركيبة القائمة على الزعيم، لا على المشاريع والنهج. لن يصبح لنا وطن من دون بنية حديثة ومنهجية تفكير. ننتظر الانتخابات». زار لبنان لشهر، فلم يجد دواء لابنته. حزم الحقائب وعاد: «الولد مسؤولية».
يستعد لموسم ثانٍ من «كاربول كاريوكي» وحميمية الدردشة مع النجم في شوارع دبي. ماذا عن التمثيل بعد مسلسل «ما فيي»؟ «أتشوّق لدور. الكوفيد جمّد المشاريع والآن أعود». يتحدث بوفاء عن شريكة العمر ريم السعيدي: «لا زواج من دون مشكلات، لكننا نهدّئ الأمور. أهمية العلاقات بالنقاش والتواصل. أحدنا لا يملك الآخر. بالحب يُكمل بعضنا بعضاً».


مقالات ذات صلة

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

يوميات الشرق الصحافي سامح اللبودي والزميلة بيسان الشيخ من «الشرق الأوسط»

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

فازت «الشرق الأوسط» بالجائزة البرونزية للصحافة الاستقصائية العربية التي تمنحها مؤسسة «أريج»، عن تحقيق: قصة الإبحار الأخير لـ«مركب ملح» سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق صورة تذكارية لعدد من أعضاء مجلس الإدارة (الشركة المتحدة)

​مصر: هيكلة جديدة لـ«المتحدة للخدمات الإعلامية»

تسود حالة من الترقب في الأوساط الإعلامية بمصر بعد إعلان «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» إعادة تشكيل مجلس إدارتها بالتزامن مع قرارات دمج جديدة للكيان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
إعلام الدوسري أكد أهمية توظيف العمل الإعلامي لدعم القضية الفلسطينية (واس)

السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

أكّد سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي أهمية توظيف العمل الإعلامي العربي لدعم قضية فلسطين، والتكاتف لإبراز مخرجات «القمة العربية والإسلامية» في الرياض.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
المشرق العربي الهواتف الجوالة مصدر معلومات بعيداً عن الرقابة الرسمية (تعبيرية - أ.ف.ب)

شاشة الجوال مصدر حصول السوريين على أخبار المعارك الجارية؟

شكلت مواقع «السوشيال ميديا» والقنوات الفضائية العربية والأجنبية، مصدراً سريعاً لسكان مناطق نفوذ الحكومة السورية لمعرفة تطورات الأحداث.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي جنود إسرائيليون يقودون مركباتهم في منطقة قريبة من الحدود الإسرائيلية اللبنانية كما شوهد من شمال إسرائيل الأربعاء 27 نوفمبر 2024 (أ.ب)

إصابة مصورَين صحافيَين بنيران إسرائيلية في جنوب لبنان

أصيب مصوران صحافيان بجروح بعد إطلاق جنود إسرائيليين النار عليهما في جنوب لبنان اليوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.