ترتيب هجوم الآفات يؤثر على الدفاعات الطبيعية للنبات

التعرض لـ«السوسة» قبل «حشرة المن» أفيد للبازلاء

ترتيب هجوم الآفات يؤثر على الدفاعات الطبيعية للنبات
TT

ترتيب هجوم الآفات يؤثر على الدفاعات الطبيعية للنبات

ترتيب هجوم الآفات يؤثر على الدفاعات الطبيعية للنبات

تتعرض النباتات في الحقل للعديد من الحشرات والفيروسات، وكشفت دراسة أميركية عن أن وقت التعرض لبعض الأنواع يؤثر في قدرة النبات على مواجهة النوع الآخر، وهو تعقيد يتم الكشف عنه لأول مرة، قد تكون له آثار على استراتيجيات إدارة الآفات. ولطالما أثارت «حشرة المن» الثاقبة الماصة قلق مزارعي نبات البازلاء، لكن وجد أن سوسة تبدو غير ضارة لا تأخذ سوى لدغات صغيرة من الأوراق تلعب دوراً مهماً في صحة النبات، اعتماداً على ما إذا كانت السوسة تهاجم النبات قبل أو بعد حشرات المن، حيث يمكن أن يزيد ذلك أو يقلل من قدرة النبات على درء الفيروسات.
في حين ركزت العديد من الدراسات على تأثيرات آفة واحدة، فإن هذه الدراسة، التي نشرت في 4 أغسطس (آب) الماضي بموقع دورية «علم البيئة الجزيئية»، هي واحدة من الدراسات القليلة التي تبحث في تفاعل العديد من الخصوم، وفي هذه الحالة، حشرتان وفيروس.
يقول سوميك باسو، زميل ما بعد الدكتوراه بجامعة ولاية واشنطن الأميركية، والباحث الرئيسي بالدراسة في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة في 10 أغسطس (آب) 2021 «خلال وجود النباتات في الحقل تتعرض لأنواع مختلفة من عناصر الإجهاد الحيوية، واستنادا إلى كيفية وصول هذه الخصوم إلى النباتات، يمكن أن يغير ذلك استجابات النبات ويؤدي في النهاية إلى تغييرات في إنتاجيته الإجمالية».
ومن خلال مجموعة من التجارب، حاول باسو وزملاؤه من مختبر كراودر في جامعة ولاية واشنطن وجامعة كورنيل، فهم ما يحدث لحقول نبات البازلاء في منطقة بالوس في شرق واشنطن.
وفي هذا المجال، تواجه النباتات غزواً متناوبا لسوس نبات البازلاء، وحشرة المن التي تصيب البازلاء وفيروس فسيفساء البازلاء، أو ما يعرف باسم (PEMV).
وابتكر الباحثون تجارب حيث كانت السوس تتغذى أولا على النباتات ثم حشرات المن، وأخرى عكست الترتيب، كما تضمنت سيناريوهات حيث أصيبت النباتات بالفيروس وبعضها لم تصب به وكذلك مجموعة التحكم. وبعد إزالة الآفات، ترك الباحثون النباتات تنمو لمدة أسبوع، وبعد ذلك، أجروا عينات نباتية من خلال مجموعات مختلفة من التحليلات لتقييم مستويات الهرمونات الدفاعية للنباتات والجينات الدفاعية المرتبطة بها وكذلك الصفات الغذائية. ووجدوا أنه عندما تتغذى السوسة أولا على نباتات البازلاء، فإنها تعزز بعض استجابات الدفاع المضادة لمسببات الأمراض، مما يساعدها على أن تصبح أكثر مقاومة للعدوى الفيروسية، أما إذا أكلت السوسة في المرتبة الثانية، بعد حشرات المن، فإنها عادة ما تقلل من الاستجابات الدفاعية المضادة لمسببات الأمراض، وبالتالي ينتشر الفيروس بسهولة أكبر.
في المقابل، كان للنباتات المصابة بالفيروس استجابات أقوى ضد الحيوانات العاشبة، مما أدى إلى إطفاء المركبات التي تتداخل مع الآفات التي تتغذى على النبات.
ومما زاد من تعقيد المشكلة، أن الدراسة وجدت أنه عندما ساعدت السوس في تحفيز الاستجابات المضادة لمسببات الأمراض، قللت من تغذية النبات عن طريق تقليل الأحماض الأمينية المتاحة للنباتات.
ويقول باسو إن هذه التفاعلات المعقدة لها آثار مهمة على إدارة الآفات، فإذا علمنا مسبقاً متى تحدث هذه التفاعلات، فإن هذه المعلومات تمنح المزارعين أفضل علاج ممكن لمنع حقولهم من الهجوم، وهذا النوع من المعلومات مهم حقاً لتصميم استراتيجيات مستدامة لإدارة الآفات ومسببات الأمراض.
وتعد هذه الدراسة جزءا من سلسلة من التحقيقات في التفاعلات بين العديد من الكائنات الحية التي تواجهها النباتات. ونظرت دراسة سابقة في علم البيئة الوظيفية في التناقض بين فيروس النبات والبكتيريا المثبتة للنتروجين والتي تسمى الريزوبيا التي تعيش في التربة، وتبحث دراسة قادمة في التفاعل بين السوس والريزوبيا.
يقول باسو إن «هذه العلاقات المعقدة ضرورية لفهم استجابات النبات، ففي بيئة طبيعية يتعرض النبات لأنواع مختلفة من الكائنات الحية، ليس فقط واحد أو اثنين، بل العديد، ويؤثر الترتيب وعدد الأنواع الموجودة وتفاعلاتها على كيفية استجابة النبات لجميع تلك المهاجمات».


مقالات ذات صلة

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

تكنولوجيا تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

نصح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، مطوري التطبيقات في المنطقة باحتضان العملية بدلاً من التركيز على النتائج.

مساعد الزياني (دبي)
تكنولوجيا خوارزمية «تيك توك» تُحدث ثورة في تجربة المستخدم مقدمة محتوى مخصصاً بدقة عالية بفضل الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

خوارزمية «تيك توك» سر نجاح التطبيق وتحدياته المستقبلية

بينما تواجه «تيك توك» (TikTok) معركة قانونية مع الحكومة الأميركية، يظل العنصر الأبرز الذي ساهم في نجاح التطبيق عالمياً هو خوارزميته العبقرية. هذه الخوارزمية…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)
خاص يمثل تحول الترميز الطبي في السعودية خطوة حاسمة نحو تحسين كفاءة النظام الصحي ودقته (شاترستوك)

خاص ما دور «الترميز الطبي» في تحقيق «رؤية 2030» لنظام صحي مستدام؟

من معالجة اللغة الطبيعية إلى التطبيب عن بُعد، يشكل «الترميز الطبي» عامل تغيير مهماً نحو قطاع طبي متطور ومستدام في السعودية.

نسيم رمضان (لندن)
خاص من خلال الاستثمارات الاستراتيجية والشراكات وتطوير البنية التحتية ترسم السعودية مساراً نحو أن تصبح قائداً عالمياً في التكنولوجيا (شاترستوك)

خاص كيف يحقق «الاستقلال في الذكاء الاصطناعي» رؤية السعودية للمستقبل؟

يُعد «استقلال الذكاء الاصطناعي» ركيزة أساسية في استراتيجية المملكة مستفيدة من قوتها الاقتصادية والمبادرات المستقبلية لتوطين إنتاج رقائق الذكاء الاصطناعي.

نسيم رمضان (لندن)

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً