رؤية تشكيلية معاصرة لمعرض «أسمار شهرزاد»

الفنان المصري كلاي قاسم يستلهم حكايات «ألف ليلة وليلة»

TT

رؤية تشكيلية معاصرة لمعرض «أسمار شهرزاد»

ظل الفنان التشكيلي المصري كلاي قاسم لسنوات طويلة يستلهم أعماله ولوحات معارضه من «الأوبرات» العالمية، لكن استهوته هذه المرة حكايات «ألف ليلة وليلة» والتي استلهم منها لوحات معرضه الجديد المقام الآن بغاليري «تام» تحت عنوان «أسمار شهرزاد» زاخراً بسيل من القصص والأساطير الشيقة القادمة من عالم سحري مدهش وإرث ثقافي مفعم بالخيال كان لهما بالغ الأثر في الأدب العالمي.
لا ينبغي لمحبي فن كلاي أن يصيبهم القلق من تغيير مسار أعماله أو الخوف من افتقاد تلك الطاقة الانفعالية العميقة المحملة بالمشاعر والمعاني النبيلة التي أمدتنا بها لوحات في معارضه السابقة وحين احتفت بأشهر قصص الأوبرا العالمية فنحن هنا أيضاً بصدد أسفار وأسمار «ألف ليلة وليلة»، التي تثري الخيال وتسلب الوجدان وإن اختلفت في بعض الصياغات والمعالجات «الانفعالية» والفنية عن الأوبرا العالمية، يقول كلاي قاسم لـ«الشرق الأوسط»: «دفعني عشقي الشديد للأوبرا والشغف بها إلى تناولها في أعمالي بصبغة مصرية، فقد سبق لي تجسيد أوبرا (الناي السحري) بكل صراعاتها وجنوحها للخيال، وبعدها عراقة (عايدة) المرتبطة بهويتنا وتاريخنا، ومن ثم كنت قد انتويت تناول (إكسير الحب) التي تعتبر حجر الزاوية في الحب الرومانسي بالأدب العالمي، إلا أن الصدفة قادتني إلى تغيير اختياري».
ويتابع موضحاً: «أثناء حديثي مع أحد أصدقائي تطرقنا إلى رائعة (ألف ليلة وليلة) ومنذ تلك اللحظة شعرت أن ثمة أبواباً جديدة قد فتحت أمامي، فوجدت نفسي متوغلاً في قراءة نصوصها وحكاياتها، متتبعاً أحاديث شهرزاد التي دعتني إلى التحليق معها في عوالم من الخيال والإثارة، رافضة أن تغادرني، حتى توصلت إلى سر امتناع شهريار عن قتل شهرزاد كعادته في صبيحة ليلة الزواج، فقد كان ينوي بالفعل أن يستل نفسها لكنه وجد نفسه بداخلها ومعها ومع كل إحساس نبيل أو معنى جميل جاء في إحدى حكاياتها، وهو ما زادني تعلقاً بها»!.
إلى ذلك جاء اختيار كلاي لعنوان المعرض «أسمار شهرزاد» مقصوداً وموحياً، يقول: «لم أختر كلمة أحاديث أو أقاويل، لأن كما هو معروف يشير السمر إلى الحديث ليلاً، فوجدت فيه حميمية الحوار بين شهرزاد وشهريار، وجاء اسم شهرزاد بعد (أسمار) عرفاناً بدورهاً في تغيير (عقلية) شهريار وشخصيته المتغطرسة القاتلة، إلى مقدر لمكانة المرأة».
لكن لا تتوقف أعمال المعرض التي تقترب من الخمسين لوحة، والمستمر حتى 25 سبتمبر (أيلول) الحالي، على بث الإحساس بالدفء والحب والعشق أو الانبهار بجمال هذه المرأة وذكائها إنما تبدع الأسفار على مسطح اللوحات نسيجاً بديعاً من الدراما التي تأخذ المتلقي من حكاية إلى أخرى، حتى ليعثر داخل كل حكاية على مجموعة من الحكايات الأخرى من دون أن يصيبه الشعور بالملل أو التذمر من تلك الجرعة التشكيلية المكثفة والمتشابكة من الحكي، ومثلما يجد المشاهد نفسه مستمتعاً بـ«الأسمار» التي تتضمنها اللوحات فإنه أيضاً يضبط نفسه شغوفاً بالتحرر من أي قيود بحثاً عن المزيد من «الأسفار» ما بين العالم السفلي والعالم البحري وفضاءات السماء وامتدادات الأرض، لا سيما حين تشاركه في رحلاته باللوحات «عروسة البحور»، و«بدر البدور»، و«قمر النهار»، و«وردة الأكمام» وغيرهن.
والمتأمل للوحات يكتشف كيف يقدم الفنان معالجة عصرية ومغايرة في بعض حكايات «ألف ليلة وليلة»، لا سيما ما يتعلق بصورة المرأة، فبعد أن كانت تنحصر في جمال الجسد تراها وقد انتقلت إلى عالم أكثر بعداً وعمقاً من ذلك الفكر الذكوري الضيق، فنجدها تنجح في ترويض ذلك الوحش القاتل للنساء الذي استقر لسنوات طويلة داخل فكر (شهريار) وذلك من خلال حديثها الممتزج بحنكتها ودهائها وفيض ثقافتها من دون أي مشاجرات أو معارك بينهما،: يقول قاسم لـ«الشرق الأوسط»: «بدأت أنسج أحداث وشخوص لوحاتي، فأصبحت حبيس أسمارها التي تذخر بذلك السيل من القصص والأساطير، وتأثرت في ذلك إلى حد كبير بحلقات (ألف ليلة وليلة) الإذاعية، ذلك الكنز الذي استمر نحو 26 عاماً بمعالجة مغايرة للمبدعين طاهر أبو فاشا ومحمود شعبان وغيرهما، حاولت أن أعيد للمرأة حقوقها وكرامتها ومكانتها التي تستحقها كنوع من محاولات الإنصاف، مجسداً المرأة العربية حين تمتلك العقل والثقافة والجمال».
وفي لوحته «شرفات القصر» إكريلك على ورق ذهب وفضة ينسج الفنان حكاية متكاملة تبحث فيها المرأة عن الحرية والتطلع للخروج من القصر، وفيها تمسك شهرزاد بيد كهرمانة وتحاول أن تهديها الحب حتى يلين قلبها على بنى جنسها، ونرى طائر النسر وقد وقف بجانبهما ليمنحهما الحماية ويغمد «مسرور» سيفه وينحني للنساء، ويحيط ذلك كله أجواء مليئة بالزخارف المتوارية التي تضفي نوعاً من الموسيقى الشرقية البصرية للمتلقي.
وعبر «أحداث» لوحة «الحكماء الثلاثة» نعيش قصة الملك خسروان مع الحكماء الثلاثة الذين تقدموا إلى الملك يطلبون الزواج من بناته الثلاثة، فيسخر من شيبتهم ويطلب منحه ثلاث هدايا مقابل الموافقة وتتوالى الأحداث حتى يصل إلى أن من قطع عهد فعليه تنفيذه لتستقيم حياته فيتحول الحكماء الثلاثة إلى ثلاثة شباب فيزوجهم بناته. ومن أبرز مكونات الدراما بالمعرض أيضاً مجموعة «السندباد البحري» ورحلاته في «السبع بحور».
يعلق الفنان على احتفائه بالاستلهام من الفنون الأخرى قائلاً: «أرى أن الفنون جميعها ترتبط ببعضها ارتباطاً وثيقاً، وعندما أنوي عمل لوحة معبرة عن إحدى الفنون كالأوبرا أو الرواية فإنني عند تفاعلي معها أجدها كأطياف حولي، وأحاول الاستفادة من مضمون وفلسفة القصة والتعبير عنها من خلال مفرداتها».



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.