ورش خياطة أزياء «برودواي» تعاود العمل وتخشى من المستقبل

مع استمرار انتشار الوباء يظل موسم العروض المسرحية غير مستقر

ورش خياطة أزياء «برودواي» تعاود العمل وتخشى من المستقبل
TT

ورش خياطة أزياء «برودواي» تعاود العمل وتخشى من المستقبل

ورش خياطة أزياء «برودواي» تعاود العمل وتخشى من المستقبل

تبدو ورش الخياطة في متاجر «Parsons - Meares» التي تعد أحد المتاجر الرائدة التي تورد الأزياء لمسارح «برودواي» في نيويورك مثل مزيج رائع من الساتان والحرير والدانتيل و«اللميه» و«الميليسكين» والشاش، وقصاصات من الورق البني تهدد بغمر كل الأسطح الخالية بخليط من بقايا أقمشة مختلفة الألوان والملمس.
بحسب سالي آن بارسونز، مالكة المتجر وصانعة الأزياء الوحيدة التي حصلت على جائزة توني «توني أوورد» المسرحية، «إنها فوضى كبيرة نوعاً ما لأن العمل يسبب الفوضى. لكنني وجدتها ممتعة».
إذا بدت شركة Parsons - Meares وعشرات من متاجر الأزياء الأخرى المثيلة لها في المدينة مزدحمة بعض الشيء مؤخراً، فهذا يعني عودة سعيدة للتصاميم الجديدة بعد أكثر من عام من السكون. عندما أغلق الوباء المسارح في مارس (آذار) 2020. أصبح صانعو الملابس والخياطون وعمال الصباغة في «برودواي»، وصانعو الأحذية والمطرزات والقفازات ورسامو الأقمشة وعمال الصباغة فجأة عاطلين عن العمل.
ولكن مع بداية عودة مسارح «برودواي» للعمل مجدداً، انشغل صناع الأزياء مرة أخرى بالعمل اليدوي الدقيق الذي يمنح البريق لعروض برودواي.
وبداية من هذا الشهر سوف تصمم متاجر بارسونز - ميرز ملابس للممثلين في مسرحيات مثل «الملك الأسد» (ليون كينج) و«مولان روج... المسرحية الموسيقية» (مولان روج ذا ميوزيكال) إلى جانب عروض أخرى مثل «هاميلتون».
«متاجر صناعة الأزياء المسرحية مهمة للغاية»، تقول كاثرين زوبير التي صممت أزياء العرض الموسيقي «مولان روج». وتضيف أنه في بعض الأحيان قد يكون تنفيذ الزي المسرحي مختلفاً تماماً عن رؤية المصمم، ولذلك فإن معظم المصممين يحرصون جداً على اختيار الورش التي تنفذ تصميماتهم، «هي مسؤولية كبيرة حقاً».
ولتنفيذ تصاميم «مولان روج» بكل روعتها، أمضى 180 حرفياً في 37 متجراً للأزياء 36 ألف ساعة في تحويل رسومات زوبير إلى 793 قطعة فريدة. وبالنسبة للبعض، كان جل عملهم هو محاولة الحصول على الأقمشة والمواد الخام باللون الأحمر المثالي للعرض.
في السياق ذاته، قالت دونا لانغمان التي نفذ متجرها فساتين لبعض الشخصيات النسائية في مسرحية «هاميلتون» الموسيقية «عندما تحتاج إلى زي» لعرض «هاميلتون» المسرحي الموسيقي، فإنه لا يمكنك ببساطة شراءه من متجر ملابس تاريخية.
في ذروة الوباء في نيويورك، قام العديد من الحرفيين، بمن فيهم بارسونز وطاقم عمله بحياكة الأقنعة والأردية الطبية والتبرع بها. ورغم عودة أعمال التلفزيون والسينما في وقت لاحق من العام، إلا أن بعض المتاجر القريبة من الفنون المسرحية مثل «Parsons Meares Ltd» استمرت في انتظار عودة «برودواي». وقد جاءها مؤشر بالعودة من شركة «كولورادو باليه» التي طلبت تنفيذ أزياء لعرض «كسارة البندق».
عندما عاد «برودواي»، بعد عام ونصف تقريباً، لم يكن الأمر بسيطاً بالنسبة لصناع الأزياء. فقد قام العديد من الموردين في منطقة الملابس في مانهاتن بتخفيض ساعات العمل أو إغلاق المكان بالكامل، واشتكت متاجر الأزياء من ارتفاع أسعار الأقمشة وتباطؤ الشحن. وقد أثرت إجراءات الوقاية من «كوفيد - 19» على طريقة عمل هذه المحلات مثل كيفية توزيع وحدات العمل وكيفية تنفيذ عمليات قياس الأزياء. فبعد أن انتقل العديد من العمال أو تقاعدوا، لم يكن من السهل بمكان العثور على بدلاء وتدريبهم.
لذا تحاول ورش العمل على عجل مواكبة الطلب. فمنذ شهر يونيو (حزيران)، سارعت شركة «Parsons - Meares» إلى تلبية طلبات شراء 178 زوجاً من البنطلونات و120 سترة و125 بدلة من أجل عروض «هاملتون» وحدها.
لكن المشكلة تكمن في أن هوامش الربح ضئيلة، كما هو الحال دائماً، وها قد عادت المحلات التجارية لتنتعش بعد فترة طويلة من الإغلاق جراء الوباء. ووفق تقديرات حسابات تحالف صناعة الأزياء، فإن الشركات الأعضاء التي يزيد عددها عن 50 شركة قد خسرت 26.6 مليون دولار من إجمالي الإيرادات العام الماضي. تضم هذه المجموعة شركة «Ernest Winzer Cleaners»، وهي متاجر تعتمد على عروض «برودواي» إلى حد كبير، ومقرها برونكس وتعمل منذ عام 1908.)
وفي السياق ذاته، قالت جانيت بلور، مالكة شركة «Euroco Costumes»: «لقد حصلنا على قرض واحد للمحافظة على الرواتب. للأسف، لم يكن لدينا كشوف رواتب لحمايتها. قد لا نوفر أبداً المبلغ الهائل من الإيجار المتأخر الذي ندين به لأصاحب المكان».
مع استمرار انتشار الوباء في ظل عودة العروض الحية، يظل موسم عروض «برودواي» غير مستقر، إذ قالت لانغمان إن «الجميع متوترون للغاية. هل سيعود الناس إلى المسرح؟ لدينا عمل للشهر أو الشهرين المقبلين، لكن ماذا بعد ذلك؟».
وفي السياق ذاته، قال بارين بليث، العضو المؤسس في تحالف صناعة الأزياء، إن التعافي قد يستغرق سنوات، مضيفاً: «إن هذه الصناعة غنية بخبراء الأزياء الأكثر براعة في العالم، لكن بقاءنا الجماعي يعتمد على الاستمرار في إبلاغ أصحاب المصلحة لدينا بما يتطلب الأمر القيام به».
وقالت سارة تيمبرليك، مالكة استوديوهات «تيمبرليك»: «يبدو أن بعض الناس يعتقدون أن هذه أشياء يمكن لوالدتك حياكتها في المنزل. وبسبب ذلك، لا يجب أن تكون باهظة الثمن إلى هذا الحد. يجب أن يكون هناك إعادة تفكير على أعلى المستويات فيما يتعلق أجراً معيشياً، وما يمكننا أن نطلبه لجعل هذا العمل ناجحاً».
وفي دراستها للأجور، لاحظت لانغمان أن غالبية العالمين من النساء، حيث تشكل النساء 70 في المائة من قوتها العاملة. وأضافت: «لطالما كان يُنظر إلينا على أن غالبيتنا من النساء. هذه فقط طبيعة عملنا. لم نمتلك مطلقاً نفس القدر من القوة أو نحظى بقدر كبير من الاحترام، مقارنة بالرجال في قسم تنفيذ ديكورات المناظر الطبيعية».
هناك أمل أكبر في أن ينجذب الشباب إلى الصناعة، حيث يقترب العديد من كبار العملاء من سن التقاعد، ومن المتوقع أن تستفيد الصناعة من العيون الجديدة للشباب الذين ربما لم يدركوا أبداً أن هذه الوظائف موجودة.
اختتمت لانغمان بقولها: «سيكون رائعاً بالنسبة للشباب أن يعرفوا أن هذا خيار متاح. ويجب أن يعلم الأطفال أن هذا شيء يمكنهم فعله في حياتهم بطريقة إبداعية وهادفة».
- خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

صدر حديثاً عن دائرة الثقافة في الشارقة العدد 62 لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 من مجلة «المسرح»، وضمَّ مجموعة من المقالات والحوارات والمتابعات حول الشأن المسرح

«الشرق الأوسط» (الشارقة)
يوميات الشرق برنامج «حركة ونغم» يهدف لتمكين الموهوبين في مجال الرقص المسرحي (هيئة المسرح والفنون الأدائية)

«حركة ونغم» يعود بالتعاون مع «كركلا» لتطوير الرقص المسرحي بجدة

أطلقت هيئة المسرح والفنون الأدائية برنامج «حركة ونغم» بنسخته الثانية بالتعاون مع معهد «كركلا» الشهير في المسرح الغنائي الراقص في مدينة جدة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق أشرف عبد الباقي خلال عرض مسرحيته «البنك سرقوه» ضمن مهرجان العلمين (فيسبوك)

«سوكسيه»... مشروع مسرحي مصري في حضرة نجيب الريحاني

يستهد المشروع دعم الفرق المستقلّة والمواهب الشابة من خلال إعادة تقديم عروضهم التي حقّقت نجاحاً في السابق، ليُشاهدها قطاع أكبر من الجمهور على مسرح نجيب الريحاني.

انتصار دردير (القاهرة )
الاقتصاد أمسية اقتصاد المسرح شهدت مشاركة واسعة لمهتمين بقطاع المسرح في السعودية (الشرق الأوسط)

الأنشطة الثقافية والترفيهية بالسعودية تسهم بنسبة 5 % من ناتجها غير النفطي

تشير التقديرات إلى أن الأنشطة الثقافية والفنية، بما فيها المسرح والفنون الأدائية، تسهم بنسبة تتراوح بين 3 و5 في المائة من الناتج المحلي غير النفطي بالسعودية.

أسماء الغابري (جدة)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».