بايدن وماكرون يعلنان الثلاثاء وقفاً للنار بين لبنان وإسرائيل

آثار دمار في جنوب لبنان من الغارات الإسرائيلية (أ.ف.ب)
آثار دمار في جنوب لبنان من الغارات الإسرائيلية (أ.ف.ب)
TT

بايدن وماكرون يعلنان الثلاثاء وقفاً للنار بين لبنان وإسرائيل

آثار دمار في جنوب لبنان من الغارات الإسرائيلية (أ.ف.ب)
آثار دمار في جنوب لبنان من الغارات الإسرائيلية (أ.ف.ب)

علمت «الشرق الأوسط» من مصادر واسعة الاطلاع أن الرئيسين الأميركي جو بايدن والفرنسي إيمانويل ماكرون يستعدان لإعلان هدنة بين لبنان وإسرائيل لمدة 60 يوماً تتضمن بدءاً فورياً لإخلاء عناصر «حزب الله» وأسلحتهم من المنطقة الواقعة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني «بشكل يمكن التحقق منه»، مقابل انسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق التي احتلتها منذ بدء الغزو البري المحدود للأراضي اللبنانية على أساس القرار 1701.

ويأتي هذا التطور المهم بعدما ظهرت في واشنطن مؤشرات إلى «تفاؤل حذر» بإمكان نجاح الصيغة الأميركية لـ«وقف العمليات العدائية» بين لبنان وإسرائيل على أساس الإخلاء والانسحاب المتبادلين لمصلحة إعادة انتشار القوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان، «اليونيفيل» وقوات معززة من الجيش اللبناني في المنطقة، «بعد تذليل العقبة الأخيرة» التي وضعها الجانب الإسرائيلي لجهة مشاركة فرنسا مع الولايات المتحدة و3 دول أخرى في «آلية مراقبة» جديدة تشرف على التحقق من تنفيذ الاتفاق الذي «يحدد بدقة كيفية تنفيذ القرار 1701 الذي أصدره مجلس الأمن عام 2006».

بيان مشترك

علمت «الشرق الأوسط» من مصدر وثيق الصلة بالمفاوضات أن العمل جارٍ لإصدار بيان مشترك بين الرئيسين بايدن وماكرون، صباح الثلاثاء، بتوقيت الساحل الشرقي للولايات المتحدة، ما لم يطرأ أي شيء يتسبب بتأخير البيان الذي سيتضمن إعلان وقف النار، وإنشاء «آلية المراقبة»، موضحاً أن «النقطة الأخيرة التي كانت عالقة تتصل باعتراض إسرائيل على مشاركة فرنسا في آلية المراقبة، والتحقق بسبب موقف ماكرون من مذكرتي التوقيف اللتين أصدرتهما المحكمة الجنائية الدولية بحق كل من (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت».

الرئيسان ماكرون وبايدن لدى لقائهما على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك سبتمبر الماضي (أ.ف.ب)

وكان الرئيسان بايدن وماكرون تحادثا، الجمعة، لمحاولة حل المشكلة. ونقل موقع «أكسيوس» عن مسؤول أميركي أن «بايدن أبلغ ماكرون أن نتنياهو على حق في غضبه، وأنه لا يمكن التوسط للتوصل إلى اتفاق مع تعهده أيضاً باعتقال رئيس دولة أحد الطرفين». وأضاف أن ماكرون قال لبايدن إنه «يريد المساعدة لكن وزارة خارجيته توضح فقط التزاماتها القانونية تجاه المحكمة الجنائية الدولية».

ولم يتضح على الفور ما إذا كان الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب «أعطى موافقته» على الجهود الدبلوماسية التي تقوم بها إدارة بايدن في شأن التوصل إلى اتفاق لوقف النار بين لبنان وإسرائيل.

وقف انتهاكات الطرفين

يتضمن الاتفاق الذي جرى التوصل إليه انسحاب القوات الإسرائيلية إلى الحدود الدولية طبقاً لما ورد في القرار 1701، أي إلى حدود اتفاق الهدنة بين لبنان وإسرائيل في 23 مارس (آذار) 1948، على أن «تجري عملية إجلاء مقاتلي «حزب الله» وأسلحتهم من منطقة عمليات «اليونيفيل» طبقاً للقرار نفسه الذي ينص أيضاً على وجوب عدم وجود مسلحين أو أسلحة غير تابعين للدولة اللبنانية أو القوة الدولية على امتداد المنطقة بين الخط الأزرق وجنوب نهر الليطاني. وكذلك يكفل الاتفاق «عودة السكان الإسرائيليين واللبنانيين إلى مدنهم وبلداتهم وقراهم خلال فترة الهدنة».

وبالإضافة إلى التحقق من تنفيذ الاتفاق، ستبدأ محادثات للتوصل تفاهمات إضافية على النقاط الحدودية الـ13 التي لا تزال عالقة بين لبنان وإسرائيل، بما فيها الانسحاب الإسرائيلي من الشطر الشمالي لبلدة الغجر والمنطقة المحاذية لها شمالاً. وينص الاتفاق على «وقف الانتهاكات من الطرفين» مع إعطاء كل منها «حق الدفاع عن النفس».

ووصلت المفاوضين الأميركيين تأكيداتٌ من رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري أن «حزب الله» «حصل على نسخة من الاتفاق المكتوب» و«موافق بشكل تام على صيغة الاتفاق وما يتضمنه».

وربط مطلعون التقدم المحرز بسير العمليات العسكرية على الأرض، لكن أحدهم استخدم المثل اللبناني الشائع: «لا تقول فول حتى يصير في المكيول» على رغم «تفاؤله الحذر» بإمكان إعلان الاتفاق «خلال الساعات القليلة المقبلة»، مستشهداً بـ«الإخفاقات الثلاثة للهدنة في حرب غزة رغم إعلانها على أرفع المستويات في واشنطن، ورغم موافقات نتنياهو».

ونقل موقع «أكسيوس» على الإنترنت عن مصادر مطلعة من أن «أي خطأ يمكن أن يقلب المحادثات رأساً على عقب».

«إيجابية نسبية»

أشيعت هذه «الأجواء الإيجابية نسبياً» رغم استمرار العمليات العسكرية واسعة النطاق بين القوات الإسرائيلية ومجموعات «حزب الله» في جنوب لبنان والغارات الجوية في عمق الأراضي اللبنانية، بما في ذلك في بيروت وضاحيتها الجنوبية والقصف الصاروخي البعيد المدى في اتجاه وسط إسرائيل، ومنه تل أبيب.

ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية عن محللين أن الهجمات المكثفة تشير إلى أن «إسرائيل وحزب الله يحاولان تعظيم نفوذهما بينما يجري الدبلوماسيون ما يأملون في أن يكون جولة أخيرة من محادثات وقف النار». وأوضحت أن «الشروط تشمل هدنة مدتها 60 يوماً تنسحب خلالها القوات الإسرائيلية ومقاتلو (حزب الله) من المناطق الحدودية، ويعزز الجيش اللبناني والقوة الأممية في لبنان وجودهما في المنطقة العازلة».

غير أن بعض المعنيين بهذا الملف قالوا لـ«الشرق الأوسط» إن «كل القضايا جرى حلّها فيما يتعلق بالجانب اللبناني، وظلّت هناك مسائل عالقة عند الجانب الإسرائيلي».

وأفاد «أكسيوس» بأن «إسرائيل لا تزال لديها تحفظات على بعض تفاصيل الاتفاق التي يتوقع أن تنقل إلى الحكومة اللبنانية، الاثنين»، مضيفاً أن «هذه التفاصيل وغيرها لا تزال قيد التفاوض». ونقل عن مصادر متعددة أن «الاتفاق لن يكون نهائياً حتى حل كل القضايا».

ويتوقع أن يجتمع مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر، الثلاثاء، للموافقة رسمياً على اتفاق وقف النار. وكذلك حذر المراقبون أيضاً من أن الجانبين قد لا يتمكنان من وضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق، بسبب ما يواجهه نتنياهو من ضغوط حلفائه اليمينيين.

وكتب وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتشدد إيتمار بن غفير منشوراً على منصة «إكس» للتواصل الاجتماعي، الاثنين، أن الصفقة المقترحة ستكون «فرصة تاريخية ضائعة للقضاء على (حزب الله)». وأضاف: «كما حذرت من قبل في غزة، أحذر الآن أيضاً: سيدي رئيس الوزراء، لم يفت الأوان بعد لمنع هذا الاتفاق! (...) يجب أن نستمر حتى النصر المطلق!».

ضمانات أميركية

نُقل عن مصدر أن «هوكستين أبلغ السفير الإسرائيلي في واشنطن مايك هرتسوغ، السبت الماضي، أنه إذا لم تستجب إسرائيل بشكل إيجابي في الأيام المقبلة لاقتراح وقف النار، فسينسحب من جهود الوساطة». وأكد أن «الولايات المتحدة وافقت على إعطاء إسرائيل رسالة ضمانات تتضمن دعم العمل العسكري الإسرائيلي ضد التهديدات الوشيكة من الأراضي اللبنانية، والعمل على تعطيل أمور مثل إعادة الوجود العسكري لـ(حزب الله) قرب الحدود، أو تهريب الأسلحة الثقيلة»، على أن «تتخذ إسرائيل مثل هذا الإجراء بعد التشاور مع الولايات المتحدة، وإذا لم يتعامل الجيش اللبناني مع التهديد».

وفي محاولة لتذليل ما تبقى من عقبات، اتصل وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن بنظيره الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الأحد. وكذلك توجه كبير مسؤولي وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» لسياسة الشرق الأوسط دان شابيرو إلى إسرائيل للاجتماع مع كاتس ومسؤولين إسرائيليين آخرين لـ«الضغط من أجل التوصل إلى قرار يسمح للسكان الإسرائيليين واللبنانيين قرب الحدود بالعودة إلى منازلهم التي فروا منها».


مقالات ذات صلة

الاتحاد الأوروبي يعلن عن 60 مليون يورو مساعدات للجيش اللبناني

المشرق العربي الاتحاد الأوروبي يخصص مساعدة بقيمة 60 مليون يورو للجيش اللبناني (إ.ب.أ)

الاتحاد الأوروبي يعلن عن 60 مليون يورو مساعدات للجيش اللبناني

أعلن الاتحاد الأوروبي عن مساعدة بقيمة 60 مليون يورو (62 مليون دولار) للجيش في لبنان؛ حيث تسعى الدولة إلى ضمان الامتثال لهدنة هشّة بين إسرائيل و«حزب الله».

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
المشرق العربي مدخل مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان (الوكالة الوطنية للإعلام)

استجابة فلسطينية لضبط السلاح داخل مخيمات لبنان

بدأ العمل جدياً في لبنان على تنظيم السلاح الفلسطيني داخل المخيمات وعقدت «لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني»، اجتماعاً موسعاً للبحث في هذا الأمر.

يوسف دياب (بيروت)
الاقتصاد جندي إسرائيلي خلال العملية البرية ضد «حماس» في غزة (رويترز)

إنفاق إسرائيل على الحرب في 2024 يرفع الدين إلى 69 % من الناتج المحلي

أعلنت وزارة المالية الإسرائيلية يوم الثلاثاء أن إسرائيل أنفقت نحو 100 مليار شيقل (ما يعادل 28 مليار دولار) على الصراعات العسكرية في عام 2024.

«الشرق الأوسط» (القدس)
المشرق العربي مدخل بلدة بنت جبيل في جنوب لبنان بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي منها وبدء عودة الأهالي إليها (إ.ب.أ)

«حزب الله» يحذّر من عدم انسحاب إسرائيل من الجنوب

جدّد «حزب الله» تحذيره من عدم انسحاب الجيش الإسرائيلي من القرى التي لا يزال يحتلها عند انتهاء مهلة الـ60 يوماً.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
تحليل إخباري الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب وزوجته ميلانيا خلال حضورهما قداساً بالكنيسة في إطار مراسم يوم التنصيب الاثنين (رويترز)

تحليل إخباري قواعد جديدة جيوسياسيّة في العالم

يقول الخبراء إن مبدأ المعادلة الصفريّة (Zero Sum) برز مع الثورة الزراعيّة منذ أكثر من 15 ألف سنة مضت.

المحلل العسكري

«داخلية غزة»: منتشرون في جميع محافظات القطاع منذ وقف إطلاق النار

عناصر من الشرطة في قطاع غزة بعد سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» (الصفحة الرسمية للوزارة بفيسبوك)
عناصر من الشرطة في قطاع غزة بعد سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» (الصفحة الرسمية للوزارة بفيسبوك)
TT

«داخلية غزة»: منتشرون في جميع محافظات القطاع منذ وقف إطلاق النار

عناصر من الشرطة في قطاع غزة بعد سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» (الصفحة الرسمية للوزارة بفيسبوك)
عناصر من الشرطة في قطاع غزة بعد سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» (الصفحة الرسمية للوزارة بفيسبوك)

أعلنت وزارة الداخلية في غزة، اليوم الأربعاء، أن عناصر الشرطة تنتشر في جميع محافظات القطاع منذ وقف إطلاق النار الذي جرى التوصل إليه بين إسرائيل وحركة «حماس»، وبدأ سريانه يوم الأحد الماضي.

وأفادت في بيان عبر صفحتها الرسمية عبر «فيسبوك»، الأربعاء، بأنها ستتخذ المزيد من الإجراءات في الأيام المقبلة؛ لضمان الأمن والاستقرار في القطاع.

وأفادت الوزارة بأنه «منذ اللحظات الأولى لسريان الاتفاق، باشرت قيادة الشرطة تطبيق خطة انتشار في جميع محافظات قطاع غزة، ضمن خطة وزارة الداخلية والأمن الوطني؛ من أجل بسط الأمن والنظام العام، ومساندة المواطنين وحماية ممتلكاتهم، واستعادة مظاهر الحياة في القطاع».

وأضافت برسالة طمأنة للمواطنين أن «جميع مراكز الشرطة في كافة المحافظات تقوم بواجبها، وبإمكانهم متابعة أي قضايا تتعلق بعمل جهاز الشرطة، ونؤكد أننا لن نتوانى عن اتخاذ الإجراءات القانونية بحق كل من يخالف النظام والقانون».

وأفاد البيان بأن «طواقم هندسة المتفجرات تعمل على تفقد الأماكن التي ما زالت تحتوي على مخلفات القذائف غير المنفجرة والأجسام المشبوهة من مخلفات الاحتلال في جميع المحافظات»، مؤكدة على «المواطنين بضرورة عدم العبث بأي أجسام أو قذائف، وإبلاغ الجهات المختصة من أجل القيام بواجبها في إزالة تلك الأجسام وتحييد خطرها».