اكتمال تمديدات خط أنابيب «نورد ستريم 2» المثير للجدل

يضاعف عمليات تسليم الغاز الروسي إلى ألمانيا دون المرور عبر أوكرانيا

أعلنت الشركة الروسية «غازبروم» أن بناء الخط الذي يربط روسيا بألمانيا أُنجز بالكامل وأصبح جاهزاً لنقل الغاز (أ.ف.ب)
أعلنت الشركة الروسية «غازبروم» أن بناء الخط الذي يربط روسيا بألمانيا أُنجز بالكامل وأصبح جاهزاً لنقل الغاز (أ.ف.ب)
TT

اكتمال تمديدات خط أنابيب «نورد ستريم 2» المثير للجدل

أعلنت الشركة الروسية «غازبروم» أن بناء الخط الذي يربط روسيا بألمانيا أُنجز بالكامل وأصبح جاهزاً لنقل الغاز (أ.ف.ب)
أعلنت الشركة الروسية «غازبروم» أن بناء الخط الذي يربط روسيا بألمانيا أُنجز بالكامل وأصبح جاهزاً لنقل الغاز (أ.ف.ب)

من المقرر أن يبدأ خط الغاز «نورد ستريم 2» المثير للجدل، الذي أعلنت شركة «غازبروم» الروسية العملاقة للطاقة اكتمال تمديداته أمس الجمعة، بنقل 55 مليون متر مكعب سنوياً من الغاز الطبيعي الروسي إلى ألمانيا، ليصل الغاز إلى 26 مليون منزل في أوروبا، حسب الشركة المشغلة للخط.
وأعلنت الشركة أن بناء الخط، الذي يربط روسيا بألمانيا «أُنجز بالكامل»، بعد أن تأخر مرات عدة بسبب تهديدات بفرض عقوبات أميركية وتوترات جيوسياسية. وقالت الشركة في رسالة نشرتها على قناتها على تطبيق «تليغرام»، كما نقلت عنها وكالة أنباء «تاس» الرسمية الروسية، «أثناء اجتماع تشغيلي صباحي في (غازبروم)، صرح (المدير العام للمجموعة) أليكسي ميلر، بأن هذا الصباح أُنجز بناء خط أنابيب (نورد ستريم 2) بالكامل». ويُفترض أن يضاعف خط الأنابيب الممتد تحت مياه بحر البلطيق عمليات تسليم الغاز الروسي إلى ألمانيا، المروج الرئيسي للمشروع. لكن بالنسبة لمنتقديها في أوروبا وكذلك الولايات المتحدة، فالمشروع سيزيد على المدى الطويل اعتماد الدول الأوروبية في مجال الطاقة على روسيا الخصم الاستراتيجي الكبير بالنسبة للدول الغربية. و«نورد ستريم 2» هو خط مزدوج تحت مياه بحر البلطيق، يمتد من مدينة فايبورغ بغرب روسيا، إلى شبكة الغاز الأوروبي عبر وصلة بالقرب من مدينة جريفس فالد الألمانية. وتخشى أوكرانيا أن تفقد دورها كبلد عبور للغاز الروسي إلى أوروبا بعد تشغيل الخط الجديد، وهو ما يعني خسارتها لإيرادات بالمليارات تعتمد عليها كييف بشكل فعلي. وبدأ العمل في المشروع في عام 2018. وكان من المقرر في الأساس الانتهاء من أعمال تشييده في عام 2019. ولكن جرى تأجيل ذلك بسبب معارضة الولايات المتحدة التي ترى في الخط مشروعاً جيوسياسياً روسياً. وفرضت واشنطن بالفعل عقوبات على بعض الكيانات المشاركة في أعمال المشروع، وحذرت من أنه سوف يجعل أوروبا تعتمد بشكل كبير على روسيا فيما يتعلق بواردات الطاقة، مما أثار حالة من التوتر مع ألمانيا على نحو خاص. ورغم ذلك، أعلنت واشنطن وبرلين في شهر يوليو (تموز) الماضي التوصل لاتفاق تعهدتا من خلاله باتخاذ إجراءات حال حاولت روسيا استغلال الطاقة كسلاح، أو حال قامت موسكو بالمزيد من الأعمال العدوانية ضد أوكرانيا. وقبل يومين أجرى المفوض الجديد للحكومة الألمانية لعبور الغاز، جيورج غراف فالدرزيه، محادثات مع نائب رئيس الحكومة الروسية ألكسندر نوفاك، حول عبور الغاز الروسي من خلال الأراضي الأوكرانية ما بعد عام 2024. وقالت الحكومة الروسية مساء الأربعاء إن المحادثات دارت حول إمكانية تجديد الاستفادة من شبكة عبور الغاز الأوكرانية، وعينت برلين فالدرزيه مفوضاً خاصاً للتوسط بين موسكو وكييف بتكليف من الحكومة الألمانية في ملف عبور الغاز الروسي من خلال الأراضي الأوكرانية حتى تستمر موسكو في ضخ الغاز عبر أوكرانيا بغض النظر عن خطي الغاز نورد ستريم 1 و2. وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، صرح مؤخراً خلال لقاء مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بأن من الممكن الاستمرار في استخدام شبكة الغاز الأوكرانية إذا كانت هناك حاجة إلى مثل هذه الكميات من الغاز الروسي في أوروبا. وأكد بوتين التزام بلاده بعقد تمرير الغاز مع أوكرانيا حتى نهايته في 2024، وتم تركيب الجزء الأخير من الخط في السادس من الشهر الحالي. ثم جرى بعد ذلك توصيل الأجزاء المنفصلة ببعضها البعض. ويصل إجمالي طول الخط إلى 230.‏1 كيلومتر. ومن المقرر البدء في نقل الغاز الروسي عبر «نورد ستريم 2» إلى ألمانيا في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، باستخدام الخط الأول من المشروع الذي اكتمل في يونيو (حزيران) الماضي. ويتعين الحصول على تصريح من السلطات الألمانية لتشغيل الخط. وتصل تكلفة المشروع إلى حوالي 10 مليارات يورو (8.‏11 مليار دولار). وقامت «غازبروم» بتوفير نصف تكاليف المشروع، في حين قدمت خمس شركات أوروبية النصف الآخر، وهي «يونيبر» و«فنترسهال» الألمانيتان، ومجموعة «رويال داتش شل» الإنجليزية الهولندية، و«إنجي» الفرنسية و«أو إم في» النمساوية. ويقول مؤيدو المشروع في أوروبا إن انتقادات الولايات المتحدة له لا تتعلق بالمخاوف الأمنية بقدر ارتباطها بمخاوف واشنطن من خسارة مبيعاتها من الغاز المسال لأوروبا. وترى روسيا أن نقل الغاز عبر خطي الغاز نوردستريم 1 و2 بدون طرق ملتفة سيتم بصورة أسرع وأرخص وأنظف. وكانت القيادة الروسية أعلنت أن محطات الضغط في أوكرانيا لا تسمح بنقل الغاز الروسي إلى أوروبا بطريقة صديقة للبيئة. ولم تكف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن تأكيد أن «نورد ستريم» ليس سوى مشروع تجاري بحت بدون بُعد سياسي. وعلى مدى سنوات، تواجهت واشنطن وبرلين بشأن المشروع وأيضاً الأوروبيون فيما بينهم، كذلك روسيا وأوكرانيا، حليفة الغرب في مواجهة موسكو التي ترى أن تشغيل خط الأنابيب يُضعف موقعها. وأخيراً سمح تغيير واشنطن موقفها بعد وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض، بالتوصل إلى تسوية ألمانية أميركية لمحاولة وضع حد لهذا الخلاف. وأكدت المستشارة أواخر أغسطس (آب) من أوكرانيا أن بلادها ستفعل كل ما بوسعها لتمديد عقد العبور الروسي الأوكراني الذي ينتهي العمل به عام 2024، وأبلغها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي، أنه يعتبر «نورد ستريم 2» بمثابة «سلاح جيوسياسي خطير».


مقالات ذات صلة

كرّس حياته للسلام... رحيل ناجٍ من قنبلة ناغازاكي النووية عن 93 عاماً

آسيا شيغمي فوكاهوري أحد الناجين من القنبلة الذرية التي ألقيت على مدينة ناغازاكي عام 1945 (أ.ب)

كرّس حياته للسلام... رحيل ناجٍ من قنبلة ناغازاكي النووية عن 93 عاماً

توفي شيغمي فوكاهوري، أحد الناجين من القنبلة الذرية التي ألقيت على مدينة ناغازاكي عام 1945، والذي كرَّس حياته للدفاع عن السلام، عن عمر يناهز 93 عاماً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
العالم جنود يشاركون في عرض عسكري لإحياء الذكرى السبعين لهدنة الحرب الكورية في بيونغ يانغ بكوريا الشمالية 27 يوليو 2023 (رويترز)

قوات كورية شمالية قد تشارك باحتفالات روسيا في الانتصار بالحرب العالمية الثانية

قال مسؤول روسي كبير إنه يعتقد بإمكانية مشاركة جنود كوريين شماليين في العرض العسكري في الساحة الحمراء العام المقبل، في ذكرى الانتصار بالحرب العالمية الثانية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
تحليل إخباري رجل يقف أمام الشرطة ويحمل لافتة كُتب عليها: «يون سوك يول... ارحل» في سيول (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «الحرب» الكورية الجديدة تعيد إلى الأذهان ما جرى في 25 يونيو 1950

فجأة اصطخبت مياه البحيرة الكورية الجنوبية وعمّت الفوضى أرجاء سيول وحاصر المتظاهرون البرلمان فيما كان النواب يتصادمون مع قوات الأمن.

شوقي الريّس (بروكسل)
أوروبا روسيا تعتزم تنظيم أكبر احتفال في تاريخها بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية (رويترز)

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أعلنت روسيا اليوم (الثلاثاء) أنها تعتزم تنظيم «أكبر احتفال في تاريخها» بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، في سياق تمجيد القيم الوطنية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية «لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

«لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

مطلع العقد السادس من القرن الماضي شهدت أميركا اللاتينية، بالتزامن مع انتشار حركات التحرر التي توّجها انتصار الثورة الكوبية.

شوقي الريّس (هافانا)

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.