كيف تغلبت قرية تايوانية صغيرة على «دلتا» في 19 يوماً؟

أشخاص يتلقون لقاح «كورونا» في تايبيه (رويترز)
أشخاص يتلقون لقاح «كورونا» في تايبيه (رويترز)
TT

كيف تغلبت قرية تايوانية صغيرة على «دلتا» في 19 يوماً؟

أشخاص يتلقون لقاح «كورونا» في تايبيه (رويترز)
أشخاص يتلقون لقاح «كورونا» في تايبيه (رويترز)

خلال الأشهر القليلة الماضية، تمكنت قرية فانغشان في مقاطعة بينغتونغ الجنوبية بتايوان من التغلب على متغير «دلتا»، الذي يعد الأسرع انتشاراً بين جميع متغيرات فيروس كورونا، الأمر الذي أثار تساؤلات من كيفية تمكن هذه المنطقة من ذلك، رغم حقيقة كونها إحدى أفقر القري التايوانية.
وبحسب صحيفة «الغارديان» البريطانية، فإن حدود فانغشان، مسقط رأس رئيس تايوان، تتضمن ساحلاً طويلاً وأربع قرى يقطنها نحو 5500 شخص محصورة بين الجبال والمحيطات. ويعمل معظم مواطني هذه القرية في الصيد والزراعة.
وفي يونيو (حزيران) الماضي، خلال أسوأ انتشار لوباء كورونا في تايوان، اكتشفت السلطات في مقاطعة بينغتونغ ارتفاعاً كبيراً في حالات الإصابة بالفيروس في فانغشان، ولم يبد أن أياً منها متصل.
وكان لثلاثة على الأقل من المصابين تاريخ سفر، لذلك طلب رئيس قطاع الصحة في المنطقة، شي تشيرنغ - جوي، التسلسل الجيني للفيروس، ليكتشف العلماء بعد يومين أن جميع الإصابات هي إصابات بمتغير «دلتا».
وتسببت ذلك في صدمة مسؤولي مقاطعة بينغتونغ، الذين قالوا إن مقاومة المتغير في فانغشان أمر صعب للغاية نظراً لقلة مواردها الصحية، ولعدم توفر اللقاحات لمواطنيها في ذلك الوقت.
ولكن، رغم ذلك، فقد تمكنت فانغشان من التغلب على متغير «دلتا» في 19 يوماً، بشكل مفاجئ جداً.
واعتمدت استراتيجية القرية التايوانية في التصدي لـ«كورونا» على بعض العوامل هي: السرعة والحسم والتعاون المجتمعي وتتبع الأشخاص الذين اختلطوا بالمصابين أو تواصلوا معهم قبل الإصابة مباشرة.
ويقول شي تشيرنغ - جوي «إن الاستجابة السريعة المحلية بالموارد المتاحة كانت أساسية، لأنها حدت من التأخيرات البيروقراطية، حيث إن انتظار منحنا موارد أكبر من قبل الحكومة كان سيأخذ بعض الوقت».
وأضاف: «لكن التعاون المجتمعي الذي أظهره الناس من احترام لإجراءات التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات وغسل اليدين باستمرار ساعدنا أيضاً بشكل كبير في التصدي للمتغير سريع الانتشار».
وفيما يخص الحسم، فقد فرض بان مين - آن، حاكم مقاطعة بينغتونغ، إغلاقاً بالمنطقة لمدة 3 أيام، وذلك قبل ظهور التسلسل الجيني للفيروس، وتم تسليم كل أسرة صناديق تحتوي على طعام وبعض الضروريات اليومية.
وبعد التأكد أن الإصابات خاصة بمتغير «دلتا»، أنشأت السلطات مركز قيادة للتصدي للأزمة وتحدث بأن مع تشيرنغ - جوي وكبار المسؤولين الصحيين ليلاً ونهاراً لمناقشة واتخاذ التدابير الجديدة اللازمة.
وتم إجراء اختبار كورونا لأكثر من 14 ألف شخص في بينغتونغ، وقامت السلطات الصحية بعزل المصابين في حين وفرت الحكومة المركزية 1200 جرعة لقاح لجميع البالغين الذين كانت نتائج اختبارهم سلبية.
وبعد ذلك، أمضت السلطات ثلاثة أيام في تطهير المنطقة.
علاوة على ذلك، تم تتبع مخالطي المصابين وأولئك الذين تواصلوا معهم، وإجراء اختبارات لهم.
وتقول تاي فنغ تشين، رئيسة الممرضات في عيادة فانغشان الصحية، والتي قادت تحقيقات تتبع المخالطين: «كان الناس خائفين جداً وظلوا يتصلون بالعيادة ليسألوا عن نتائج اختبارهم، وما الذي يتعين عليهم القيام به، وكيفية الوقاية من الفيروس. وأذكر أنني في أحد الأيام تلقيت 2300 مكالمة هاتفية».
وفي النهاية، وبعد مرور 19 يوماً على اكتشاف أول إصابة بـ«دلتا»، تمكنت فانغشان من التغلب على المتغير، الأمر الذي وصفه تشيرنغ - جوي بأنه «كان مثل الحلم».
ويلقي الكثيرون في فانغشان باللوم على مركز قيادة الأوبئة المركزي (CECC) التابع للحكومة في تفشي المرض من خلال السماح بالحجر الصحي في المنزل للمواطنين العائدين من الخارج.
إلا أنه بعد السيطرة على «دلتا»، غير مركز قيادة الأوبئة هذه السياسة، حيث طلب من جميع الوافدين العزل في الفنادق.
ويبلغ إجمالي حالات الإصابة بـ«كورونا» في تايوان 16 ألفاً و35 حالة، فيما وصل عدد الوفيات بالفيروس إلى 837 حالة.
وأظهرت الإحصاءات الصادرة عن مركز القيادة المركزي لمكافحة الأوبئة في تايوان أن 44 في المائة من سكان البلاد البالغ عددهم 5.‏23 مليون نسمة تلقوا الجرعة الأولى من اللقاح المضاد لـ«كورونا»، إلا أن نسبة 4 في المائة فقط من السكان حصلوا على جرعتين.


مقالات ذات صلة

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)
أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)
صحتك طفل يخضع لاختبار الكشف عن فيروس كورونا (أرشيفية - أ.ب)

دراسة: «كورونا» يزيد من خطر إصابة الأطفال والمراهقين بالسكري

كشفت دراسة جديدة عن أن عدوى فيروس كورونا تزيد من خطر إصابة الأطفال والمراهقين بمرض السكري من النوع الثاني مقارنة بعدوى أمراض الجهاز التنفسي الأخرى.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

مؤتمر النقد السينمائي يطلق رحلة استكشافية بالرياض لفن «الصوت في السينما»

المؤتمر في نسخته الثانية تناول الصوت في السينما (الشرق الأوسط)
المؤتمر في نسخته الثانية تناول الصوت في السينما (الشرق الأوسط)
TT

مؤتمر النقد السينمائي يطلق رحلة استكشافية بالرياض لفن «الصوت في السينما»

المؤتمر في نسخته الثانية تناول الصوت في السينما (الشرق الأوسط)
المؤتمر في نسخته الثانية تناول الصوت في السينما (الشرق الأوسط)

انطلقت في الرياض جلسات مؤتمر النقد السينمائي الذي تنظمه هيئة الأفلام في نسخته الثانية، لينقل حضوره إلى الجانب الآخر من الشاشة الكبيرة، ومستكشفاً المسار الفكري والمهني الثري الذي تمر به الأفكار قبل تشكّلها أفلاماً.

وشهد افتتاح المؤتمر، الأربعاء، الاحتفاء بالرائد والمخرج السعودي عبد الله المحيسن، المولود عام 1947، أحد رواد صناعة السينما السعودية، وأول متخصص سعودي في السينما وضع اللبنات الأولى لمفهوم صناعة السينما في المملكة.

ورحب رئيس هيئة الأفلام عبد الله آل عياف، بضيوف المؤتمر، وقال: «مرحباً بكم في مدينة الرياض، المدينة الممزوجة بعبق الماضي وألق المستقبل، مدينة تستمد عظمتها من إرثها الخالد، وتبني مجدها بيدين إحداهما تنغرس عميقاً في جذور التراث والتاريخ، وأخرى تمتد عالياً لتعانق المستقبل».

وأكد آل عياف خلال كلمته الافتتاحية للمؤتمر، أن مدينة الرياض تعد المكان المثالي لملتقى فريد من نوعه مثل هذا، فهي من جهة قلب مستقبل صناعة السينما في المنطقة بسوقها الأكبر الذي يبشر باقتصاد قوي، ومن جهة أخرى حضن الثقافة ومستقبل الفكر، مشيراً إلى أن قطاع الأفلام في السعودية أضحى واعداً ومؤثراً على الصعيد الإقليمي والدولي.

عبد الله آل عياف رئيس هيئة الأفلام في افتتاح المؤتمر (الشرق الأوسط)

وأضاف: «انطلاقاً من (رؤية السعودية 2030) تولي هيئة الأفلام اهتماماً كبيراً بتأسيس وتطوير واستدامة قطاع أفلام قوي وحيوي، وانطلاقاً من أهمية تمكين النقد كأداة فكرية وفنية تنير الطريق للسينما وتفتح نوافذ جديدة لها، يأتي هذا المؤتمر بوصفه منصة تجمع بين النقاد والمبدعين، تتيح لهم فرصة لتبادل الأفكار والخبرات، وصولاً إلى تشكيل وعي سينمائي عربي أعمق ينقلها نحو آفاق عالمية دون التخلي عن الأصالة والهوية».

وأشار آل عياف إلى أن موضوع المؤتمر لهذا العام، «الصوت في السينما»، اختير لأن «الصوت هو نصف التجربة السينمائية الذي يحكي ما لا تستطيع أن تحكيه الصورة، سواء كان الصوت موسيقى تصل مباشرة إلى الروح، أو حواراً يظهر الحقيقة، أو صمتاً هو أقوى من كل صوت، فإن الصوت هو صنو الصورة في حمل الفيلم والسينما إلى تحقيق التأثير المطلوب».

من جهته، رحب مشاري الخياط، المشرف العام على مؤتمر النقد السينمائي الدولي، بضيوف المؤتمر الذي يجمع نخبة من صناع الأفلام والمثقفين والإعلاميين للاحتفاء بمسيرة النقد السينمائي، الذي بدأ بوصفه أداة للتعبير عن الذات واستكشاف التحديات المجتمعية، وقد تطور مع مرور الزمن ليصبح منارة تضيء دروب الفنانين وتلهم الأجيال الجديدة من المبدعين.

وقال الخياط: «اليوم ونحن نواصل رحلة السينما السعودية، نعتزّ بما تحقق من إنجازات، حيث نجحت السينما السعودية في الوصول إلى أفق العالمية، وأصبح النقد جزءاً لا يتجزأ من هذا التطور، يسهم في تعزيز جودة الأعمال السينمائية وإبراز روحها».

ندوة افتتاحية عن تجربة ومسيرة المخرج السعودي عبد الله المحيسن (الشرق الأوسط)

وأبدى الخياط سعادته وسروره باستضافة مؤتمر هذا العام، للرائد والمخرج السعودي عبد الله المحسين، أحد أهم رموز السينما السعودية والعربية، الذي أثرت أعماله الرائدة في مسيرة السينما، ولدى كثير من صناع الفيلم ومبدعيه.

وأضاف: «كان ولا يزال المحيسن أحد أبرز رواد السينما السعودية، وأحد أعمدتها في توثيق تاريخنا وعكس قصصنا، وجاءت أفلامه مثقلة بتطلعاته وأفكاره بصفته مثقفاً سعودياً وعربياً، تطرح قضايا عميقة تعكس تحولات المجتمع السعودي والعربي، واستحق نظيرها نيل جوائز محلية وإقليمية، بوصفه من أوائل السعوديين الذي شقوا طريق السينما السعودية نحو الساحة العربية والدولية، وأصبح مثالاً في الإبداع والإصرار لدى عدد من الأجيال».

وتستمر أعمال مؤتمر النقد السينمائي⁩ الدولي في نسخته الثانية بمدينة الرياض لأربعة أيام، حيث يلتقي الخبراء وصناع الأفلام والمبدعون في رحلة استكشافية لفن «الصوت في السينما» الذي اختير موضوعاً لمؤتمر هذا العام، ‏ويمثل حدثاً شاملاً لكل محبي السينما لاستكشاف خفاياها ولقاء صنّاعها وروّادها ونقادها في حدث متكامل يضم عشاق الشاشة الكبيرة بكل مجالاتها.