أمير الرياض يطلق المرحلة الأولى لتركيب الجسور الخرسانية لـ«مترو العاصمة»

ربط المطار الدولي بالمركز المالي باستخدام رافعات ذكية لتجنب إعاقة الحركة المرورية

آلات عملاقة للحفر العميق التي وصلت إلى الرياض مؤخرًا («الشرق الأوسط»)
آلات عملاقة للحفر العميق التي وصلت إلى الرياض مؤخرًا («الشرق الأوسط»)
TT

أمير الرياض يطلق المرحلة الأولى لتركيب الجسور الخرسانية لـ«مترو العاصمة»

آلات عملاقة للحفر العميق التي وصلت إلى الرياض مؤخرًا («الشرق الأوسط»)
آلات عملاقة للحفر العميق التي وصلت إلى الرياض مؤخرًا («الشرق الأوسط»)

أطلقت العاصمة السعودية الرياض أولى مراحل التركيب للجسور الخرسانية المخصصة للقطار، حيث جرت أعمال تركيب الجسور على الخط الرابط بين مطار الملك خالد الدولي والمركز المالي؛ كونهما بطبيعة الحال الشريان الرئيسي لسكان العاصمة أو لزائريها، باستخدام أحدث الرافعات الذكية التي من شأنها المساعدة في تجنب الازدحامات المرورية التي قد تنتج في مثل تلك الأعمال، وذلك ضمن مشروع الملك عبد العزيز للنقل العام والقطارات والحافلات.
ووقف الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز، أمير منطقة الرياض رئيس الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض رئيس اللجنة المشرفة على تنفيذ «مشروع الملك عبد العزيز للنقل العام - القطار والحافلات»، خلال ترؤسه أول من أمس الاجتماع الدوري لمتابعة سير العمل في المشروع، على المراحل التي أنجزت ضمن المشروع والمراحل الجاري تنفيذها، مشيرا إلى أن الاجتماع ناقش مجموعة من الأعمال في مختلف مواقع العمل من المشروع الذي يتم تنفيذه وفق أعلى المواصفات والتقنيات الحديثة، حيث ضغط على زر التحكم في الرافعة التي تحمل القطعة الأولى من الجسر ليتم وضعها في موقعها على المسار وبطريقة فنية عالية المستوى.
وقال أمير الرياض: «أتفهم ما يحظى به المشروع من تفهم وتعاون كبيرين من سكان مدينة الرياض، وتقبلهم لمتطلبات المشروع الكبير الذي يتضمن إنشاء 6 مسارات للقطار يبلغ طولها 175 كيلومترا، ويتم إنشاؤها داخل مدينة قائمة ومكتملة بسكانها ومبانيها وطرقها»، مؤكدا في الوقت نفسه، ثقته التامة بالشباب السعودي الذين يعملون في المشروع لحرصهم على مواجهة هذا التحدي وإنجاز المشروع في الوقت الذي تم تحديده سلفا.
ويستخدم المشروع تقنية حديثة في إنشاء الجسور تستخدم لأول مرة في المملكة، وتتميز بتقليصها لتأثير أعمال التنفيذ والتركيب على الحركة المرورية في الطرق التي يمر عبرها المسار، حيث يتم استخدام رافعة متحركة لحمل أجزاء الجسر ونقلها عبر سكة المسار المثبتة على الجسر حتى تصل كل قطعة إلى موقعها المحدد، دون الحاجة إلى نقلها عبر الشاحنات، ويبلغ وزن القطعة الواحدة من الجسر 475 طنا بما يعادل وزن طائرة جامبو 747 بكامل حمولتها، فيما يبلغ طول القطعة الواحدة من الجسر 36 مترا، وترتفع عن سطح الأرض بنحو 9 أمتار.
من جهته، أوضح المهندس إبراهيم السلطان، عضو الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض رئيس مركز المشاريع والتخطيط بالهيئة، أن الاجتماع شاهد عرضا مرئيا تناول مختلف الأنشطة الجاري تنفيذها حاليا ضمن المشروع من قبل كل من ائتلافات: «باكس»، «الرياض نيوموبيليتي»، و«فاست»، في أكثر من 82 موقعا على امتداد مسارات شبكة القطار الستة في مختلف أرجاء المدينة، كما تم استعراض الأعمال والأنشطة المقرّر تنفيذها خلال الشهر المقبل ضمن الجدول الزمني للمشروع.
وبيّن أن من أبرز الأعمال الجاري تنفيذها حاليا ضمن المشروع: أعمال الحفر والإنشاءات في مواقع عدد من المحطات الرئيسية وفي كل من: مبنى مركز التحكم والتشغيل، ومراكز المبيت والصيانة، ومواقع انطلاق آلات حفر الأنفاق العميقة للمسارات تحت الأرض، إضافة إلى تنفيذ قواعد الجسور في الكثير من المسارات، وأعمال تحويل الخدمات في الكثير من المواقع، والانتهاء من مد الكابلات الأرضية على طريق الأمير سعود بن محمد بن مقرن بطول 19 كلم تمهيدا لإزالة الكابلات الهوائية، وأعمال توفير الطاقة الكهربائية للمشروع، مشيرا إلى البدء في تجميع أجزاء آلات الحفر العميق في مواقع انطلاقها على الكثير من المسارات، تمهيدا لتشغيلها خلال الفترة القليلة المقبلة.
ويبلغ عدد الآلات المستخدمة في المشروع 7 آلات، يجري استخدامها في حفر أنفاق 3 مسارات ضمن المشروع بطول إجمالي يبلغ 35 كيلومترا، وتقوم الآلات بمجموعة من المهام الرئيسية في آن واحد، تشمل: أعمال الحفر بعمق يصل إلى 30 مترا تحت الأرض، ونقل التربة، وبناء جدار النفق، ومد سكة الحديد داخل النفق، ويتراوح طول الآلة الواحدة منها بين 90 و120 مترا، وتقدر كمية الحفر اليومية لكل آلة بما يعادل 200 شاحنة، كما يصل وزن الآلة الواحدة إلى نحو 1528 طنا.
وفيما يتعلق بمشروع شبكة النقل بالحافلات، تتواصل أعمال تنفيذ تعديلات الطرق للمرحلة الأولى من مسارات الحافلات ذات المسار المخصص جنوب مدينة الرياض، حيث جرى تقسيم تنفيذ مشروع الحافلات إلى 3 مراحل، تبدأ الأولى في أحياء جنوب مدينة الرياض، والثانية في أحياء وسط وأجزاء من شرق المدينة وغربها، والثالثة في بقية الأحياء في شمال المدينة.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.