تأكيد عربي لاستكمال مسار الاندماج الاقتصادي

الرئيس المصري يؤكد الحاجة إلى آليات عمل جديدة لمواجهة التحديات الدولية

الأمين العام لجامعة الدول العربية يتوسط المسؤولين العرب خلال مؤتمر العمل العربي المنعقد حالياً في القاهرة (الشرق الأوسط)
الأمين العام لجامعة الدول العربية يتوسط المسؤولين العرب خلال مؤتمر العمل العربي المنعقد حالياً في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

تأكيد عربي لاستكمال مسار الاندماج الاقتصادي

الأمين العام لجامعة الدول العربية يتوسط المسؤولين العرب خلال مؤتمر العمل العربي المنعقد حالياً في القاهرة (الشرق الأوسط)
الأمين العام لجامعة الدول العربية يتوسط المسؤولين العرب خلال مؤتمر العمل العربي المنعقد حالياً في القاهرة (الشرق الأوسط)

في وقت واصل الأعضاء التأكيد على استكمال مسار الاندماج الاقتصادي، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على أن العالم العربي يواجه العديد من التحديات التي يفرضها النظام العالمي الراهن، وما يمر به من أحداث وتطورات تؤثر على عالم العمل وتتأثر به، بما لها من انعكاسات على البلاد العربية خاصة في مجال التشغيل والحد من البطالة، مع وجود أنماط عمل جديدة أفرزتها التغيرات والتطورات الحديثة في عالم العمل.
وأشار الرئيس السيسي في كلمته التي ألقاها نيابة عنه وزير القوى العاملة المصري محمد سعفان في افتتاح أعمال الدورة 47 لمؤتمر العمل العربي المنعقدة بالقاهرة، إلى أهمية إعداد استراتيجيات مُلائمة للنهوض بالتنمية العربية الشاملة، وتعزيز ودعم التعاون الاقتصادي، والوصول إلى آليات جديدة ومتطورة لإحداث التكامل الإقليمي العربي الشامل، وتعزيز الاستثمارات المشتركة.
وتطرقت كلمة الرئيس المصري إلى تسهيل تنقل الأيدي العاملة بين البلدان العربية، مشدداً على أهمية اتخاذ خطوات جادة وسريعة وإيثار المصلحة القومية للأمة العربية، ودرء أي خلافات بينية بل وتجاوزها على نحو يحقق أهداف التنموية المشتركة. ولفت الرئيس المصري إلى الجهود والإجراءات والقرارات التي اتخذتها البلدان العربية في التعامل مع أزمة جائحة فيروس كورونا، والحد من تأثيرها على بيئة العمل والعمالة، مثمناً جهود منظمة العمل العربية النشطة في دعم الدول العربية في جميع مجالات العمل وعلى الأخص تعزيز الحوار الاجتماعي، وتوفير العمل اللائق، ودعم وتعزيز الحماية الاجتماعية.
وأبان الرئيس السيسي في ختام كلمته أن مؤتمر العمل العربي في دورته الجديدة سيكون قيمة حقيقية تضاف إلى قيم العمل العربي المُشترك، سواء من حيث الموضوعات المطروحة للمناقشة، أو النتائج والتوصيات.
من جهته، أكد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية على أهمية استكمال مسار الاندماج الاقتصادي العربي للقضاء على البطالة واستغلال الموارد العربية بشكل أفضل وبأيادٍ عربية، وكذلك أهمية سد الفجوة التنموية بين الدول العربية.
وقال أبو الغيط في كلمته خلال افتتاح أعمال الدورة الـ«47» لمؤتمر العمل إن الجامعة العربية تعمل جاهدة لاستكمال وضع منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى التي دخلت حيز النفاذ، كما تعمل أيضاً على الانتهاء من وضع العديد من الاتفاقيات العربية التي من شأنها تسهيل حركة الأيادي العاملة ورؤوس الأموال داخل الوطن العربي، ومنها تحديث اتفاقية الاستثمار العربية، واتفاقات النقل بين الدول العربية.
ودعا منظمة العمل العربية وشركاءها من أطراف العمل الثلاثة إلى العمل على توحيد تشريعات العمل وتحديثها بما يتناسب مع التطورات الحاصلة، وبما يسهم في اندماج أسواق العمل العربية، مبيناً أن التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2020 الصادر عن جامعة الدول العربية يقدم مؤشرات أولية عن خسائر الأزمة الناجمة عن جائحة كورونا إذ تراجعت أرقام التشغيل والإنتاج بشكل كبير، وتدهورت مؤشرات الفقر متعدد الأبعاد، وبلغ العجز في الموازنات مستويات تبعث على الانزعاج.
وأوضح الأمين العام لجامعة الدول العربية أن هناك تأثيرات كبيرة لجائحة كورونا على أسواق العمل ومستويات التشغيل في الدول العربية كافة، التي لا يخفى ما تعانيه من مؤشرات مرتفعة للبطالة خاصة بين الشباب، مطالباً الحكومات والمجتمعات العربية بالنظر في هذه القضايا وانعكاساتها على التشغيل والتوظيف.
وفي جانب آخر، أكد وزير المالية المصري محمد معيط أن الاقتصاد المصري أصبح أكثر قدرة على مواجهة التحديات وتلبية طموحات الشعب، لافتاً إلى أن الاقتصاد المصري سجل المركز الثاني عالمياً في مؤشر «الإيكونوميست» لعودة الحياة إلى ما قبل كورونا.
وقال على هامش مشاركته في الاجتماع السنوي لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية في أوزبكستان، إن العام المالي الماضي شهد تحسناً في مؤشرات الأداء المالي، حيث تراجع العجز الكلي من 8 في المائة إلى 7.4 في المائة، وتم تحقيق فائض أولي 1.4 في المائة من الناتج المحلى الإجمالي.
وأكد على أن «هناك فرصاً استثمارية واعدة في المشروعات القومية الكبرى بمصر تجذب شركاء التنمية الدوليين». وقال: «إننا مستمرون في تحفيز النشاط الاقتصادي، وتعميق الشراكة التنموية مع القطاع الخاص؛ بما يُسهم في تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة». وأوضح أن الاستثمارات الحكومية خلال العام المالي الحالي شهدت زيادة غير مسبوقة بنسبة 27.6 في المائة لتعظيم الإنفاق على المشروعات التنموية. ولفت إلى أن تقديرات البنك الدولي، تشير في دراسة حديثة، إلى أن الإنفاق على برامج الحماية الاجتماعية وصل إلى 4.2 في المائة من الناتج المحلي في العام المالي 2020 – 2019، وأن معدلات الفقر تراجعت نتيجة لبرامج الدعم المباشر للفئات الأكثر احتياجاً.



 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
TT

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

رفعت وكالة التصنيفات الائتمانية «موديز» تصنيفها للسعودية بالعملتين المحلية والأجنبية عند «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1» مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، وذلك نظراً لتقدم المملكة المستمر في التنويع الاقتصادي والنمو المتصاعد لقطاعها غير النفطي.

هذا التصنيف الذي يعني أن الدولة ذات جودة عالية ومخاطر ائتمانية منخفضة للغاية، هو رابع أعلى تصنيف لـ«موديز»، ويتجاوز تصنيفات وكالتي «فيتش» و«ستاندرد آند بورز».

وقالت «موديز» في تقريرها إن رفعها لتصنيف المملكة الائتماني، مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، يأتي نتيجة لتقدمها المستمر في التنوع الاقتصادي، والنمو المتصاعد للقطاع غير النفطي في المملكة، والذي، مع مرور الوقت، سيقلل ارتباط تطورات سوق النفط باقتصادها وماليتها العامة.

ترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته

وأشادت «موديز» بالتخطيط المالي الذي اتخذته الحكومة السعودية في إطار الحيّز المالي، والتزامها بترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته، بالإضافة إلى الجهود المستمرة التي تبذلها ومواصلتها استثمار المـوارد الماليـة المتاحـة لتنويـع القاعـدة الاقتصاديـة عـن طريـق الإنفـاق التحولي؛ مما يدعم التنمية المستدامة للاقتصاد غير النفطي في المملكة، والحفاظ على مركز مالي قوي.

وقالت «موديز» إن عملية «إعادة معايرة وإعادة ترتيب أولويات مشاريع التنويع -التي ستتم مراجعتها بشكل دوري- ستوفر بيئة أكثر ملاءمة للتنمية المستدامة للاقتصاد غير الهيدروكربوني في المملكة، وتساعد في الحفاظ على القوة النسبية لموازنة الدولة»، مشيرة إلى أن الاستثمارات والاستهلاك الخاص يدعمان النمو في القطاع الخاص غير النفطي، ومتوقعةً أن تبقى النفقات الاستثمارية والاستثمارات المحلية لـ«صندوق الاستثمارات العامة» مرتفعة نسبياً خلال السنوات المقبلة.

شعار «موديز» خارج المقر الرئيسي للشركة في مانهاتن الولايات المتحدة (رويترز)

وقد وضّحت الوكالة في تقريرها استنادها على هذا التخطيط والالتزام في توقعها لعجز مالي مستقر نسبياً والذي من الممكن أن يصل إلى ما يقرب من 2 - 3 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي.

وسجل الناتج المحلي الإجمالي للمملكة نمواً بمعدل 2.8 في المائة على أساس سنوي في الربع الثالث من العام الحالي، مدعوماً بنمو القطاع غير النفطي الذي نما بواقع 4.2 في المائة، وفقاً لبيانات الهيئة العامة للإحصاء السعودية الصادرة الشهر الماضي.

زخم نمو الاقتصاد غير النفطي

وتوقعت «موديز» أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للقطاع الخاص بالسعودية بنسبة تتراوح بين 4 - 5 في المائة في السنوات المقبلة، والتي تعتبر من بين أعلى المعدلات في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، معتبرةً أنه دلالة على استمرار التقدم في التنوع الاقتصادي الذي سيقلل ارتباط اقتصاد المملكة بتطورات أسواق النفط.

وكان وزير المالية، محمد الجدعان، قال في منتدى «مبادرة مستقبل الاستثمار» الشهر الماضي إن القطاع غير النفطي بات يشكل 52 في المائة من الاقتصاد بفضل «رؤية 2030».

وقال وزير الاقتصاد فيصل الإبراهيم إنه «منذ إطلاق رؤية المملكة 2030 نما اقتصادنا غير النفطي بنسبة 20 في المائة، وشهدنا زيادة بنسبة 70 في المائة في الاستثمار الخاص في القطاعات غير النفطية، ومهد ذلك للانفتاح والمشاركات الكثيرة مع الأعمال والشركات والمستثمرين».

وأشارت «موديز» إلى أن التقدم في التنويع الاقتصادي إلى جانب الإصلاحات المالية السابقة كل ذلك أدى إلى وصول «الاقتصاد والمالية الحكومية في السعودية إلى وضع أقوى يسمح لهما بتحمل صدمة كبيرة في أسعار النفط مقارنة بعام 2015».

وتوقعت «موديز» أن يكون نمو الاستهلاك الخاص «قوياً»، حيث يتضمن تصميم العديد من المشاريع الجارية، بما في ذلك تلك الضخمة «مراحل تسويق من شأنها تعزيز القدرة على جانب العرض في قطاع الخدمات، وخاصة في مجالات الضيافة والترفيه والتسلية وتجارة التجزئة والمطاعم».

وبحسب تقرير «موديز»، تشير النظرة المستقبلية «المستقرة» إلى توازن المخاطر المتعلقة بالتصنيف على المستوى العالي، مشيرة إلى أن «المزيد من التقدم في مشاريع التنويع الكبيرة قد يستقطب القطاع الخاص ويُحفّز تطوير القطاعات غير الهيدروكربونية بوتيرة أسرع مما نفترضه حالياً».

النفط

تفترض «موديز» بلوغ متوسط ​​سعر النفط 75 دولاراً للبرميل في 2025، و70 دولاراً في الفترة 2026 - 2027، بانخفاض عن متوسط ​​يبلغ نحو 82 - 83 دولاراً للبرميل في 2023 - 2024.

وترجح وكالة التصنيف تمكّن السعودية من العودة لزيادة إنتاج النفط تدريجياً بدءاً من 2025، بما يتماشى مع الإعلان الأخير لمنظمة البلدان المصدرة للنفط وحلفائها «أوبك بلس».

وترى «موديز» أن «التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في المنطقة، والتي لها تأثير محدود على السعودية حتى الآن، لن تتصاعد إلى صراع عسكري واسع النطاق بين إسرائيل وإيران مع آثار جانبية قد تؤثر على قدرة المملكة على تصدير النفط أو إعاقة استثمارات القطاع الخاص التي تدعم زخم التنويع». وأشارت في الوقت نفسه إلى أن الصراع الجيوسياسي المستمر في المنطقة يمثل «خطراً على التطورات الاقتصادية على المدى القريب».

تصنيفات سابقة

تجدر الإشارة إلى أن المملكة حصلت خلال العامين الحالي والماضي على عدد من الترقيات في تصنيفها الائتماني من الوكالات العالمية، والتي تأتي انعكاساً لاستمرار جهـود المملكـة نحـو التحـول الاقتصـادي فـي ظـل الإصلاحـات الهيكليـة المتبعـة، وتبنـّي سياسـات ماليـة تسـاهم فـي المحافظـة علـى الاستدامة الماليـة وتعزز كفـاءة التخطيـط المالي وقوة ومتانة المركز المالي للمملكة. ​

ففي سبتمبر (أيلول)، عدلت «ستاندرد آند بورز» توقعاتها للمملكة العربية السعودية من «مستقرة» إلى «إيجابية» على خلفية توقعات النمو القوي غير النفطي والمرونة الاقتصادية. وقالت إن هذه الخطوة تعكس التوقعات بأن تؤدي الإصلاحات والاستثمارات واسعة النطاق التي تنفذها الحكومة السعودية إلى تعزيز تنمية الاقتصاد غير النفطي مع الحفاظ على استدامة المالية العامة.

وفي فبراير (شباط) الماضي، أكدت وكالة «فيتش» تصنيفها الائتماني للمملكة عند «إيه +» مع نظرة مستقبلية «مستقرة».