لبنان يتحدى محنته ويشارك في أحد أهم المعارض الغذائية العالمية بلندن

برعاية سفارته وبدعم من المنظمات الدولية

جانب من المعرض الغذائي الأكبر في لندن
جانب من المعرض الغذائي الأكبر في لندن
TT

لبنان يتحدى محنته ويشارك في أحد أهم المعارض الغذائية العالمية بلندن

جانب من المعرض الغذائي الأكبر في لندن
جانب من المعرض الغذائي الأكبر في لندن

لم يدع لبنان الذي يعيش اليوم أسوأ أزمة اقتصادية ومالية، ويعاني من شح في توفر الغذاء والدواء، لم يدع هذه المحنة تمنعه من المشاركة في معرض الأغذية Speciality& Fine Food Fair في قاعات «أوليمبيا» الواقعة في منطقة «هاميرسميث» في غرب لندن، والذي يبدأ اليوم ويستمر حتى مساء غد الثلاثاء.
يعتبر هذا المعرض من أهم الفعاليات في رزنامة الشركات الغذائية التي تنتج المنتجات الرفيعة الموجهة للنخبة، إن كان على الصعيد الفردي أو في عالم الفندقة والضيافة وأرقى محلات السوبر ماركت ومراكز بيع الأغذية الحرفية عالية الجودة.
وافتتح اليوم الجناح اللبناني في المعرض السفير رامي مرتضى الذي تحدث لصحيفة «الشرق الأوسط»، حيث قال إن هذا المعرض يشكل فرصة كبرى لأصحاب الشركات الغذائية في لبنان، لا سيما في خضم الأزمة التي يمر بها البلد، وشرح أهمية عرض المنتجات اللبنانية عالية الجودة في معرض عالمي موجه للأسواق الغربية والاستفادة من اتفاقية التبادل التجاري، الذي كان لبنان من أول البلدان العربية التي وقعتها مع بريطانيا.
وقامت السفارة بتسهيل أمور الشركات اللبنانية المشاركة بالمعرض عن طريق تمثيلها في الجناح الضخم الذي يقع بجانب الجناح الإيطالي، خاصة أنه يتوجب على اللبنانيين القادمين من لبنان إلى لندن حالياً الحجر المنزلي لمدة عشرة أيام مما يجعل مشاركة أصحاب المصالح ووجودهم الفعلي في المعرض صعباً للغاية، وشرح السفير مرتضى بأن دور السفارة صب في إطار تسهيل أمور المؤسسات المشاركة ومساعدتها على التواصل مع الجهات المهتمة بالشراء عن طريق تطبيق «زوم» الذي يساعدهم على عقد اجتماعات إلكترونية بهدف التوقيع على الصفقات التجارية عن بعد.
وأضاف السفير مرتضى: «توفر هذه المبادرة للشركات اللبنانية منصة للقاء نخبة من المشترين وأصحاب الفنادق وتجار التجزئة والطهاة والمطاعم وغيرها. ويعتبر هذا الحدث بمثابة فرصة هائلة للشركات اللبنانية للتوسع داخل سوق المملكة المتحدة وزيادة الرؤية والقدرة التنافسية للمنتجات الغذائية اللبنانية. وسيجري عرض المنتجات كجزء من جناح «مذاق لبنان»، المصمم للسماح للشركات اللبنانية بالتواصل لأقصى حد مع المشترين. ويعد الجناح أحد أكبر الأجنحة في المعرض وينقسم إلى قسمين: الأول سيركز على المشروبات الروحية والثاني على الأطعمة المتخصصة».
وبحسب السفير مرتضى فتعتبر المملكة المتحدة سوقاً واعدة على نحو مذهل أمام المصدرين اللبنانيين، خاصة أن البلاد تبحث عن موردين جدد للمنتجات الغذائية عالية الجودة. ويخلق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي فرصاً جديدة لقطاع الأغذية الزراعية في لبنان، خاصة أن لبنان لديه اتفاقية تجارية ثنائية موقعة مع المملكة المتحدة عام 2019.
وتابع بأن هذه المبادرة تجسد الجهد المشترك لدعم صادرات لبنان من المواد الغذائية الزراعية، وعلى وجه الخصوص في تلك الأوقات الحرجة، وإبراز فن الطهي النابض بالحياة في لبنان على الساحة الدولية، ونشر إمكانات البلاد عالمياً.
ويحوي الجناح اللبناني على الكثير من المنتجات المميزة مثل الألبان والأجبان والمكسرات والمشروبات، والهدف من المعرض بحسب السفير مرتضى هو إيصال المنتج اللبناني الراقي من حيث الجودة إلى أرفف أهم محلات السوبر ماركت في المملكة المتحدة وإلى أهم مرافق الضيافة في البلاد.
يشار إلى أن هذا المعرض موجه للمهتمين بالتعرف على المنتجات الغذائية العالمية واستيرادها إلى الأسواق الغربية، وهذا ما يجعله مناسباً للمنتجات اللبنانية التي تبحث عن أسواق غربية جديدة لبيعها.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».