الإجهاض يشعل المواجهات بين اليمين واليسار في أميركا

جمهوريون في 7 ولايات يسعون لإصدار نسختهم الخاصة من قانون تكساس

رفضت المحكمة العليا النظر في طلب عاجل من الجماعات المؤيدة للإجهاض لوقف تطبيق قانون تكساس الجديد (أ.ف.ب)
رفضت المحكمة العليا النظر في طلب عاجل من الجماعات المؤيدة للإجهاض لوقف تطبيق قانون تكساس الجديد (أ.ف.ب)
TT

الإجهاض يشعل المواجهات بين اليمين واليسار في أميركا

رفضت المحكمة العليا النظر في طلب عاجل من الجماعات المؤيدة للإجهاض لوقف تطبيق قانون تكساس الجديد (أ.ف.ب)
رفضت المحكمة العليا النظر في طلب عاجل من الجماعات المؤيدة للإجهاض لوقف تطبيق قانون تكساس الجديد (أ.ف.ب)

تصاعدت المواجهات السياسية والقضائية التي أشعلها قانون ولاية تكساس لمنع الإجهاض، بعد الأسبوع السادس من الحمل، بعدما منعت قاضية في الولاية تطبيق القانون بشكل مؤقت، وإعلان ولايات يسيطر عليها الجمهوريون توجهها لتبني نسختها الخاصة من القانون المثير للجدل.
وأصدرت القاضية الديمقراطية، مايا غيرا غامبل، في ولاية تكساس، حكماً قضائياً، لا يبطل قانون الولاية الجديد، بل يمنع جماعات «الدفاع عن الحق في الحياة» وشركاءها، من مقاضاة مقدمي خدمات الإجهاض والعاملين في عيادات تنظيم الأسرة، الذين عرضهم القانون الجديد الذي دخل حيز التنفيذ الأربعاء للمساءلة.
وقالت القاضية: «وجدت المحكمة أن القانون يخلق أضراراً محتملة ووشيكة وغير قابلة للإصلاح، حيث لا يتمتع المدعون وأطباؤهم وموظفوهم ومرضاهم في جميع أنحاء تكساس بمعالجة كافية في القانون، إذا تعرضوا لدعاوى قضائية خاصة بتطبيق القانون ضدهم».
ورحبت منظمة تنظيم الأسرة، التي حكمت القاضية لمصلحتها في القضية التي رفعتها ضد ولاية تكساس، في مواجهة ما وصفته بـ«القانون القاسي»، الذي يحظر عمليات الإجهاض بعد الكشف عن دقات قلب الجنين، بعد نحو ستة أسابيع من الحمل. وقالت إن الحكم «يوفر الحماية لمقدمي الرعاية الصحية الشجعان والموظفين في المراكز الصحية لتنظيم الأسرة في جميع أنحاء تكساس، الذين استمروا في تقديم الرعاية قدر المستطاع في حدود القانون أثناء مواجهة المراقبة والمضايقات والتهديدات من أولئك الحريصين على منعهم».
وحذرت المنظمة من أن الأمر لا يزال غير كافٍ لوقف تطبيق القانون نهائياً، قائلة إنها ستواصل القتال من أجل ملايين السكان في تكساس لاستعادة الحق الفيدرالي الدستوري الذي يجيز الإجهاض. وبحسب الخبراء وتقديرات غير رسمية، فإن ما يُقدَّر بنحو 85 إلى 90 في المائة من النساء يجهضن في تكساس بعد ستة أسابيع على الأقل من الحمل. ومع تطبيق القانون الجديد يتوقع أن يقع العبء الناجم عنه بشكل كبير على المراهقين والملونين والنساء اللواتي يعشن في المناطق الريفية.
ويمنح قانون تكساس سلطة تطبيقه للمواطنين العاديين، حيث يسمح لهم بمقاضاة أولئك الذين ينفذون أو يساعدون في عمليات الإجهاض، ويمنحهم 10 آلاف دولار عن كل دعوى قضائية ناجحة.
ورغم أن قرار القاضية غامبل يوقف تطبيق القانون لمدة أسبوعين لمصلحة جمعية تنظيم الأسرة، فإنها دعت إلى جلسة استماع في 13 سبتمبر (أيلول) قد تؤدي إلى وقف مؤقت لسلطة الإنفاذ للمجموعات المناهضة للإجهاض. وقالت «منظمة تكساس للحق في الحياة»، إنها ما زالت مصممة على تطبيق القانون، رغم حكم القاضية غامبل الذي صدر الجمعة. وقالت في بيان: «تشير التقديرات إلى أنه سيتم إنقاذ ما يقرب من 150 طفلاً يومياً بسبب ريادة تكساس في تطبيق قانون (نبضات القلب)». وبحسب القانون الفيدرالي الدستوري، فإن الحق في الإجهاض معترف به منذ عام 1973، حيث يمنع الولايات حظر الإجهاض قبل أن يصبح الجنين قابلاً للحياة، وعادة ما يكون ذلك في الأسبوع 24 من الحمل. لكن المحكمة الدستورية العليا التي يهيمن عليها المحافظون، والتي يعود إليها البت في القضايا ذات الطابع الدستوري الفيدرالي، رفضت مساء الأربعاء في تصويت 5 مقابل 4 أصوات، النظر في طلب عاجل من الجماعات المؤيدة للإجهاض، لوقف تطبيق قانون تكساس الجديد.
وكان رئيس المحكمة جون روبرتس قد اعترض إلى جانب القضاة الليبراليين الثلاثة على تطبيق قانون تكساس. لكن الأغلبية شددت على أنها لم تصدر حكماً بشأن دستورية القانون، مما يعني أن المحكمة العليا لا يزال بإمكانها إبطاله لاحقاً في الإجراءات القانونية.
وأشعل قرار المحكمة العليا مجدداً المناقشات حول تركيبتها وعدد أعضائها، الأمر الذي كان قد أشار إليه الرئيس الأميركي جو بايدن خلال حملته الرئاسية، عندما تحدث عن ضرورة زيادة عدد القضاة فيها، من 9 إلى 11 أو أكثر، بهدف كسر هيمنة المحافظين عليها. ويذكر أن الرئيس السابق دونالد ترمب قام، خلال رئاسته، بتعيين 3 قضاة محافظين، أعمارهم صغيرة نسبياً، ما قلب ميزان القوى فيها لفترة طويلة الأمد، لأن قضاة المحكمة العليا يخدمون مدى العمر أو يستقيلون طوعاً.
إلى ذلك، أعلن مسؤولون جمهوريون في سبع ولايات أميركية يهيمنون عليها، أنهم يسعون لإصدار نسختهم الخاصة من قانون تكساس. واقترح مسؤولو الحزب الجمهوري في تلك الولايات، بما فيها أركنساس وفلوريدا وساوث كارولينا وساوث داكوتا، أنهم قد يراجعون أو يعدلون قوانين ولاياتهم لتعكس تشريعات تكساس، التي تحظر عمليات الإجهاض بعد ستة أسابيع. ومن المتوقَّع أن تنضم أيضاً ولايات كنتاكي ولويزيانا وأوكلاهوما وأوهايو وغيرها.
وقال حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس إن ما قامت به تكساس كان مثيراً للاهتمام، لكنه لم يلق بعد نظرة كافية على القانون، وعلينا في فلوريدا أن نناقش نسختنا الخاصة. بدوره، قال رئيس مجلس الشيوخ في فلوريدا، ويلتون سيمبسون، إن المشرعين في الولاية سينظرون في تقليد قانون تكساس، مضيفاً في بيان أن التشريع «يمثل نهجاً جديداً»، وقرار المحكمة العليا بعدم التدخل «مشجع».
كما غرد على «تويتر» السيناتور الجمهوري عن ولاية أركنساس جيسون رابرت، الذي رعى مشروع قانون «نبض قلب الجنين» الأول الذي تم تمريره في البلاد، قائلاً إنه أمر بإصدار قانون يعكس قانون تكساس في ولايته. وفي ولاية ساوث داكوتا، أعلنت الحاكمة الجمهورية كريستي نويم التي تُعتبر مع ديسانتيس من بين المرشحين المحتملين لانتخابات الرئاسة الأميركية عام 2024، على وسائل التواصل الاجتماعي، أنها أصدرت تعليمات لما يسمى بمحامية الطفل الذي لم يُولَد بعد في مكتبها «بمراجعة فورية لقانون تكساس الجديد والقانون الحالي وقوانين ولاية ساوث داكوتا للتأكد من أن لدينا أقوى قوانين للحياة».
وتوقع العديد من الخبراء والمحللين أن تحاول الولايات في الجنوب والسهول والغرب الأوسط، تمرير قوانين مشابهة لقوانين تكساس. وقال بعضهم: «إذا تم فتح الباب حول إضعاف حقوق الإجهاض، سواء كان حظراً على غرار تكساس أو نوعاً آخر من القيود، فعندئذ ستتبع تلك الولايات العديد من أنواع القيود للحد من الوصول إلى الإجهاض».
ووصف النشطاء المؤيدون للحق في الإجهاض هذا العام بأنه «أسوأ سنة تشريعية على الإطلاق بالنسبة لحقوق الإجهاض في الولايات المتحدة».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».