توتر واحتقان في بلدة عرسال اللبنانية حيال الجماعات السورية المسلحة

تحرك أحد الوسطاء بملف المختطفين باتجاه تركيا

توتر واحتقان في بلدة عرسال اللبنانية حيال الجماعات السورية المسلحة
TT

توتر واحتقان في بلدة عرسال اللبنانية حيال الجماعات السورية المسلحة

توتر واحتقان في بلدة عرسال اللبنانية حيال الجماعات السورية المسلحة

دخل أكثر من وسيط لبناني وسوري على خط احتواء الاحتقان المتنامي في بلدة عرسال، بشمال شرقي لبنان، على خلفية ممارسات جماعات سورية مسلحة متهمة بالتمادي بالتعرض لعدد من أهالي البلدة اللبنانية التي تستضيف أكبر تجمع للاجئين منذ مارس (آذار) 2011. وحسب المصادر تتنوع التهم التي تلقيها هذه الجماعات على ضحاياها ما بين تجاهل الالتزام بقوانينها والأحكام الصادرة عن محاكم تنظيمي «جبهة النصرة» و«داعش» الشرعية الموجودة في محيط عرسال، وما بين التخابر لمصلحة أعداء المسلحين.
عرسال شهدت في الفترة الماضية عددا من العمليات الأمنية التي قيل إنها تندرج بإطار عمليات الثأر نتيجة خلافات فردية بين المسلحين السوريين وبعض أهالي البلدة. وبلغ التوتر ذروته قبل يومين بعد إقدام مسلحين سوريين على قتل شاب من آل عز الدين، وهو الضحية رقم 3 لهذه العائلة ومن أبناء البلدة.
وقالت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» إن البلدة الحدودية - التي تعد من أكبر البلدات السنية في البقاع الشمالي - شهدت في الساعات الماضية «حالة من الاحتقان يُخشى أن تتفاقم فتندلع نوع من الفتنة بين اللبنانيين وضيوفهم السوريين»، لافتة إلى أن «أكثر من طرف تدخل لتهدئة الأمور قبل انزلاقها إلى متاهات خطيرة». ويذكر أن عرسال شكلت منذ اندلاع الأزمة في سوريا قبل أكثر من 4 سنوات «قاعدة خلفية» لمقاتلي المعارضة ساهمت بتأمين المؤن الغذائية والطبية التي يحتاجونها، حتى إنه تم إنشاء مستشفى كان يُعنى باستقبال المقاتلين الجرحى الذي يسقطون في منطقة القلمون الحدودية. ويتخطى عدد اللاجئين السوريين في البلدة الـ90 ألفا مقابل 40 ألفا من السكان اللبنانيين. وينتشر في عرسال، أكثر من 73 مخيما للاجئين، بعضها تشرف عليه منظمات الأمم المتحدة أو جمعيات محلية، وبعضها الآخر أقيم بشكل عشوائي. ووفق مسؤول «اتحاد الجمعيات الإغاثية» في عرسال حسن رايد لـ«الشرق الأوسط» أن هناك ما بين 8 آلاف و9 آلاف عائلة سورية تعيش في عرسال، لافتا إلى أنه وبسبب كثرة الحديث عن معركة مقبلة في الربيع على الحدود، يحاول عدد من هؤلاء السوريين الخروج من البلدة باتجاه تجمعات في الداخل اللبناني.
من ناحية أخرى، بحث تيار المستقبل وحزب الله في الجلسات الحوارية القائمة بينهما بطرح تفكيك المخيمات الموجودة في عرسال ونقل من فيها إلى مخيمات في مناطق أخرى بعيدة عن الحدود «كي لا يشكل الشبان السوريون عنصر دعم للجماعات المسلحة في أي هجوم مرتقب على الأراضي اللبنانية». غير أن علي الحجيري، رئيس بلدية عرسال، أشار إلى أن أحدا من المعنيين لم يفاتحه بإمكانية تفكيك مخيمات اللاجئين في عرسال، مذكرا بأنه كان أول من طرح قبل أشهر طويلة فكرة نقل المخيمات من داخل البلدة إلى أراض حدودية، باعتبار أن المنطقة شاسعة هناك وقادرة على استيعابهم. وقال الحجيري لـ«الشرق الأوسط»: «التجربة التركية والأردنية في هذا المجال أثبتت جدواها وقد يكون من المفيد تطبيقها لبنانيا ولو جاء ذلك متأخرا».
هذا، وتتحضر الأجهزة اللبنانية الأمنية، وعلى رأسها الجيش اللبناني، لمعركة مع المجموعات المسلحة خلال الأيام المقبلة.
ويتفق أفرقاء الداخل توقع أن يكون «الربيع اللبناني» ساخنا على الحدود، في ظل تقارير أمنية تتحدث عن استعداد المسلحين المنتشرين في منطقة الجرود والقلمون لهجوم على بلدات لبنانية، يشبه الهجوم الذي قام به تنظيما «النصرة» و«داعش» في أغسطس (آب) الماضي بمسعى لاحتلال عرسال، فتصدى له الجيش مما أدى لوقوع عدد من القتلى وأسر نحو 20 جنديا لبنانيا لا يزالون في قبضة التنظيمات المتطرفة.
وفي هذا الإطار، كشفت مصادر معنية بالملف لـ«الشرق الأوسط» أن أحمد الفليطي، نائب رئيس بلدية عرسال، الذي يتولى المفاوضات مع تنظيم داعش يقوم حاليا بزيارة إلى تركيا بمسعى للتوسط لدى المعنيين الأتراك بالموضوع لممارسة نوع من الضغوط على عناصر وقادة «داعش» والتسريع بإطلاق سراح العسكريين المحتجزين.
وتدعي المصادر إلى أن الصفقة مع «جبهة النصرة» شبه منتهية، لكن المفاوضات لا تزال قائمة مع «داعش»، وبما أن «جبهة النصرة» تربط إتمام العملية بالاتفاق مع «داعش»، فذلك يعني تلقائيا ربط مصير كل المختطفين بما ستؤول إليه المفاوضات مع داعش. وراهناً، ويتولى الشيخ مصطفى الحجيري الوساطة مع «النصرة» التي كانت تختطف 18 عسكريا قتلت 2 منهم، مقابل اختطاف «داعش» 11 عسكريا أعدم اثنان منهم. وقد دخل أخيرا وفد أمني قطري على الخط لم يظهر حتى الساعة ما إذا تمكن من تحقيق أي خرق يذكر.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».