قائد ميليشيا ليبية يبدي استعداده لكشف مكان قبر القذافي

تزامناً مع احتفال أنصار النظام السابق بذكرى «الفاتح من سبتمبر»

معمر القذافي
معمر القذافي
TT

قائد ميليشيا ليبية يبدي استعداده لكشف مكان قبر القذافي

معمر القذافي
معمر القذافي

أعاد قيادي ميليشياوي بمدينة مصراتة، الحديث مجدداً حول مكان قبر الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، الذي وري فيه قبل قرابة 10 أعوام من الآن عقب القبض عليه وقتله، ولم يعرف أحد به حتى الآن، يأتي ذلك تزامناً مع احتفال أنصار النظام السابق بالذكرى الـ52 لـ«ثورة الفاتح من سبتمبر (أيلول)»، وسط تقارير تتحدث عن ترشح سيف الإسلام القذافي، في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وقال صلاح بادي، قائد ما يعرف بـ«لواء الصمود»، أحد المشاركين في دفن القذافي ونجله المعتصم، ووزير الدفاع أبو بكر يونس، إنه «مستعد للكشف عن المكان الذي دفنت فيه جثة القذافي بعد مقتله في 20 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2011، إثر معركة دامية في مدينة سرت مسقط رأسه.
وكان بادي، المُعاقب دولياً، الذي لعبت قواته دوراً بارزاً في صد «الجيش الوطني» عن دخول طرابلس العاصمة قبل عامين، يتحدث في حوار عبر «كلوب هاوس»، عن الفترة التي اندلعت فيها «ثورة 18 فبراير (شباط)» عام 2011، وما تلاها من أحداث تمثلت في إسقاط النظام، وقال إنه «حال اتفاق مع الأعيان والمدن الليبية، فهو مستعد للكشف عن مكان مقبرة القذافي ومن معه».
وروى بادي جانباً من كواليس ما جرى آنذاك، وقال إنه «لم يدفنهم بمفرده، بل كان هناك مجموعة أخرى شاركته في الغسل والتكفين والصلاة عليهم من بينهم الشيخ خالد تنتوش»، وتابع: «عندما انتهينا من دفنهم جاءنا وفد من مدينة سرت، يريدون جثمان معمر، فقلنا لهم نريد جثمان عمر المحيشي». والأخير أحد المناوئين للقذافي.
ورغم مرور 10 أعوام على مقتل القذافي، لا تزال بعض المدن الليبية، خصوصاً في الجنوب الليبي، تعبر عن حزنها لفقده؛ ويطالب أنصاره بمعرفة مكان المقبرة التي وري فيها جثمانه ونجله المعتصم بالله، طبقاً للدعوى القانونية، التي سبق أن حركها المحامي الليبي عدنان إرجيعة العرفي أمام محكمة بنغازي الابتدائية، الذي قال في تصريح سابق لـ«الشرق الأوسط» إنه اختصم فيها مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس الوطني الانتقالي السابق، الذي تولى إدارة شؤون البلاد عقب إسقاط النظام عام 2011، بالإضافة إلى الليبي علي الصلابي، المدعوم من تركيا، وصلاح بادي المُدرج على قائمة عقوبات مجلس الأمن الدولي.
ولم يلتفت أنصار النظام السابق لتصريحات بادي، لكن أحد مشايخ قبيلة القذاذفة طالب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بضرورة محاكمته دولياً «على جرائمه»، ومعرفة أين دفن (الأخ القائد)؟، وقُتل القذافي ونجله المعتصم بالله، في مدينة سرت. لكن أفراداً من مصراتة نقلوا جثتيهما إلى مدينتهم، قبل أن يدفنوهما في مكان غير معلوم. ومنذ ذلك الحين وأنصار النظام السابق يحركون دعاوى قضائية من أجل الكشف عن مكان دفنهما، لكنها لا تؤدي إلى نتيجة.
وسبق لمحمود عبد الحميد نجل شقيقة القذافي، أن روى في «سلسلة وثائقي» بعض جوانب من هذه الحادثة، وقال إن الجثامين الثلاثة وضعت في سيارة بعد الصلاة عليها في منطقة التسويق الزراعي بمصراتة، وسارت ليلاً في صحراء المدينة قرابة ساعة ونصف الساعة، ولم يسمح المسلحون الذين رافقوا الجثامين بالنظر إلى جانبي الطريق حتى لا أحدد أين نسير.
وقُتل ثلاثة من أبناء القذافي التسعة خلال «ثورة فبراير» على أيدي «الثوار»، بينهم المعتصم بالله، الذي شغل منصب مستشار الأمن القومي للبلاد؛ فيما نجا الباقون، لكنهم تشتتوا في أقطار مختلفة ما بين مسجون في العاصمة مثل الساعدي، أو موقوف في لبنان مثل هانيبال، أو توارى عن الأنظار كسيف الإسلام، الذي نقلت وسائل إعلام محلية منها «بوابة أفريقيا» عن مصدر، اعتزامه الترشح في الانتخابات الرئاسية المقررة في الرابع والعشرين من ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وتزامناً من احتفال أنصار النظام السابق بالذكرى الثانية والخمسين لـ«ثورة الفاتح من سبتمبر» 1969، رأى مصطفى الزائدي، أمين اللجنة التنفيذية للحركة الوطنية الشعبية الليبية، أن «هذه (الثورة) هي أهم أحداث التاريخ الليبي الحديث»، وقال إنها «وضعت القواعد الحقيقية لدولة وطنية مستقلة فعلياً، وحققت تنمية ضخمة للشعب، وحوّلت ليبيا من بلد متخلف يرزح تحت قواعد أجنبية، واستيطان إيطالي ونفوذ أجنبي سياسي وأمني واقتصادي إلى بلد قوي مهاب إقليمياً ودولياً».
وذهب الزائدي إلى أن بلده الآن «يعيش حالة من التدخل الأجنبي والعبث والفوضى، أدت إلى انهيار مؤسسات الدولة وحولت حياة الليبيين إلى بؤس ومعاناة حقيقية، وقفلت أبواب الأمل أمام الأجيال القادمة»؛ لكنه رغم ذلك وجّه دعوة باسم قادة «النظام الجماهيري» وأنصار «ثورة الفاتح» إلى جميع النخب الوطنية للبدء في «حوار وطني» جدي للتوافق على مشروع عملي لبناء ليبيا الجديدة، بعيداً عن الصراع حول الماضي، وأن يتركز على أسس بناء المستقبل.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.