موازين القوى في الجيش تنقسم بين هادي والحوثيين وصالح

4 مناطق عسكرية خاضعة للرئيس.. مقابل 3 لـ {أنصار الله}

عبد الله صالح، عبد الملك الحوثي، والرئيس عبد ربه منصور هادي
عبد الله صالح، عبد الملك الحوثي، والرئيس عبد ربه منصور هادي
TT

موازين القوى في الجيش تنقسم بين هادي والحوثيين وصالح

عبد الله صالح، عبد الملك الحوثي، والرئيس عبد ربه منصور هادي
عبد الله صالح، عبد الملك الحوثي، والرئيس عبد ربه منصور هادي

انقسم الجيش اليمني منذ أحداث حروب عمران وحتى الانقلاب الحوثي، إلى فصيلين رئيسين؛ الأول في صنعاء والمحافظات الشمالية، ويخضع لسيطرة جماعة الحوثيين المتمردة وحليفهم الرئيس السابق علي عبد الله صالح، والثاني في المحافظات الجنوبية والشرقي، التي لا تزال بعيدة عن سيطرة الحوثيين وتخضع للرئيس عبد ربه منصور هادي.
واستغل الحوثيون الوضع الهش لتركيبة الجيش اليمني القائمة على الولاء الشخصي، منذ 3 عقود، ليتمكنوا من استقطاب قيادات عسكرية وأمنية سهلت لهم الطريق للسيطرة على المدن والعاصمة صنعاء ومعسكرات الجيش والأمن.
بحسب مصادر عسكرية، فإن الخريطة العسكرية للجيش تغيرت منذ عدة سنوات، حيث تركزت القوات والألوية الحديثة التسليح في العاصمة صنعاء وكانت خاضعة للرئيس السابق ونجله العميد أحمد، وهي قوات تمتلك أسلحة نوعية ومتطورة وتلقى أفرادها تدريبات خاصة بعضها تحت إشراف الولايات المتحدة الأميركية، وتتوزع تشكيلات منها في عدة مدن بالوسط والجنوب خاصة في المناطق الاقتصادية ذات منابع النفط والغاز، وتؤكد المصادر العسكرية أن المناطق التي تقع تحت سيطرة الحوثيين تخضع بشكل مباشر لقادة معسكرات الحرس الجمهوري المؤيدة لصالح، فيما تعرضت الوحدات العسكرية في المناطق الجنوبية والشرقية في كل من حضرموت وأبين وشبوة، إلى حرب استنزاف منذ عدة سنوات جراء الهجمات التي تعرضت لها من قبل تنظيم القاعدة وقتل فيها العشرات من ضباطها وجنودها.
ويقول ضابط عسكري في المنطقة الجنوبية إن جميع الوحدات العسكرية في الجنوب والشرق تمتلك أسلحة ثقيلة قادرة على مواجهة الحوثيين في أي لحظة، ولفت الضابط الذي طلب إخفاء هويته لأسباب أمنية، إلى أن هناك ألوية عسكرية في الشمال لا تزال تحت إمرة وزير الدفاع محمود الصبيحي، وأغلب منتسبيها يرفضون الانقلاب الحوثي، لكنهم فضلوا الصمت خشية تحول البلاد إلى ميدان لحرب أهلية، إضافة إلى خيانة قيادات سابقة وقيادة بعض المعسكرات لصالح الحوثيين والرئيس السابق.
ومع انتقال هادي ووزير دفاعه الصبيحي إلى عدن، سارعا إلى إعادة تشكيل وترتيب الوحدات العسكرية والأمنية، وفتح باب التجنيد، والاستعانة باللجان الشعبية التي شكلها هادي عام 2012. وبحسب مصادر عسكرية، فإن أغلب جنود المعسكرات في الجنوب ينتمون إلى المحافظات الشمالية وهو ما جعلهم مشكوكا في ولائهم لوزير الدفاع.
ويتوزع الجيش اليمني على 7 مناطق عسكرية؛ 3 في الشمال، و4 في الجنوب والشرق، وهي مقسمة بين قيادة هادي، وقيادة الحوثيين وحليفهم صالح، فالأول تخضع له المنطقة العسكرية الأولى ومقر قيادتها في مدينة سيئون، والمنطقة العسكرية الثانية ومقر قيادتها في مدينة المكلا، والمنطقة العسكرية الثالثة ومقر قيادتها في مدينة مأرب، وتمتد إلى محافظة شبوة الجنوبية والجوف في الشمال الشرقي، ومنذ عدة أشهر يرابط آلاف المقاتلين من قبائل محافظة مأرب النفطية لمواجهة الحوثيين الذين يتربص مسلحوهم على تخومها، أما المنطقة العسكرية الرابعة ومقر قيادتها في مدينة عدن، فهي من أهم المناطق العسكرية الخاضعة لهادي ووزير دفاعه، التي نجحت أمس في إنهاء تمرد قوات الأمن الخاصة الموالية لصالح في عدن، وتضم المنطقة العسكرية عدة ألوية ومعسكرات تمتلك أقوى الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، ويمتد نفوذها إلى محافظة تعز وسط البلاد، وفيها أكبر قاعدة عسكرية في البلاد، وهي قاعدة العند في محافظة لحج المحاذية لعدن.
أما الحوثيون وحلفاؤهم فتقع تحت سيطرتهم، المنطقة العسكرية الخامسة ومقر قيادتها في مدينة الحديدة غرب البلاد، والمنطقة العسكرية السادسة ومقر قيادتها في مدينة عمران التي كانت أول مدينة تسقط في أيديهم وتمكنوا فيها من قتل القائد العسكري البارز العميد حميد القشيبي قائد لواء «310»، بمساعدة من معسكرات موالية للرئيس السابق، وأصبحت جميع الألوية والأسلحة الخاصة بالمنطق العسكرية تحت سيطرتهم ونقلوا أغلبها إلى معقلهم في صعدة، أقصى شمال البلاد، إضافة إلى أنهم يسيطرون على المنطقة العسكرية السابعة ومقر قيادتها في مدينة ذمار وسط البلاد، وفيها معسكرات وأسلحة نوعية بعضها تابع لقوات الحرس الجمهوري الموالي لصالح.
وتتكون قيادة الجيش بحسب الهيكلة العسكرية التي صدرت عام 2012، من الرئيس عبد ربه منصور هادي الذي هو القائد الأعلى للقوات المسلحة رئيس مجلس الدفاع الوطني، يليه وزير الدفاع اللواء محمود الصبيحي الذي انشق عن الحوثيين وتمكن من الفرار من صنعاء، إلى عدن، حيث يقود الوحدات العسكرية التي لا تزال موالية لشرعية هادي وأغلبها في الجنوب والشرق. أما رئيس هيئة الأركان العامة، العميد الركن حسين خيران، فهو موال للحوثيين ويدير الوحدات العسكرية الخاضعة لهم بما فيها القوات الجوية، لكن مصادر عسكرية أكدت أن نائب رئيس هيئة الأركان، اللواء زكريا الشامى، وهو من القيادات الحوثية وهو القائد الفعلي للجيش بصورة مباشرة، ويشرف على إدارة شؤون وزارة الدفاع في صنعاء، وخلال الفترة القصيرة التي عين فيها منذ نهاية العام الماضي إلى اليوم، سعى إلى تمكين جماعته من السيطرة على معظم المناصب القيادية في عدد من المعسكرات والقوات في المحافظات الشمالية أهمها تسهيل سيطرتهم على قوات النخبة في معسكرات الصباحة بنهاية شهر فبراير (شباط) الماضي، وهي أقوى المعسكرات وتمتلك أسلحة نوعية حديثة وجنودا مدربين على العمليات الخاصة ومكافحة الإرهاب. وتشير المصادر العسكرية إلى أن الرئيس السابق علي عبد الله صالح يتقاسم إدارة معسكرات الجيش والوحدات الأمنية، عبر منظومته العسكرية التي بناها طوال سنوات حكمه الـ34. واستدلت المصادر التي طلبت إخفاء هويتها لأسباب أمنية، بأن سقوط المعسكرات والمدن في الشمال، كان بتوجيهات مباشرة من صالح وأقاربه الذين كانوا يديرون أجهزة الجيش والمخابرات والأمن، ولا يزالون يحتفظون بمعسكرات ومخازن أسلحة ضخمة، في مسقط رأسهم في مديرية سنحان بصنعاء بمنطقة تسمى «ريمة حميد»، وأكدت المصادر أن الحوثيين لم يكن بمقدورهم السيطرة على المدن والعاصمة صنعاء، لولا مساعدة ودعم وتوجيهات مباشرة من صالح للموالين له في المعسكرات والمناطق القبلية والسلطات المحلية، بهدف عودته للحكم تحت غطاء الحوثيين.
وتتوزع ألوية الجيش إلى وحدات مدفعية ودبابات ومدرعات ومشاة ميكانيك، ودفاع جوي وألوية صواريخ، أغلبها تتركز في صنعاء، والمناطق النفطية، وقد ذكر تقرير لمركز «أبعاد» أن الحوثيين باتوا يمتلكون أكثر من 70 في المائة من قدرات الجيش اليمني، وكان ذلك قبل سقوط معسكرات الحرس الرئاسي والقوات الخاصة في صنعاء، وقد ارتفعت النسبة إلى أكثر من ذلك، وبحسب التقرير، فإن الجماعة تمتلك 120 دبابة من نوع «T55 - T62»، ونحو 70 مدرعة (BTR – BMB).20 مدفع «شيلكا» و«هاوتزر» ذاتي الحركة، ونحو 10 عربات «كاتيوشا»، وما يقرب من 100 صاروخ (بين حراري مضاد للطيران و«غراد» بر - بر)، وأكثر من 100 مدرعة تحمل رشاشات ثقيلة ومتوسطة، إلى جانب مئات الأطقم العسكرية وعشرات المخازن للذخيرة الحية.
وكانت «الشرق الأوسط» نشرت قبل أيام إحصائية خاصة بالقوات الجوية اليمنية؛ حيث أوضحت أنها تمتلك أكثر من 120 طائرة عسكرية متنوعة، في إطار 10 أسراب، كل سرب يضم 12 طائرة، وتتركز معظمها في قاعدة الديلمي بصنعاء فيما تتوزع البقية على القواعد الجوية في محافظات أخرى، حيث يوجد في صنعاء سربان من نوع «ميغ 29»، بعدد 12 طائرة، وسرب في قاعدة العند بالجنوب، و4 أسراب من نوع «سيخوي» بعدد 48 طائرة، منها 3 أسراب في صنعاء، وسرب في الحديدة، أما طائرات «ميغ 21» فتضم سربين في مدينة الحديدة، بعدد 24 طائرة، كما تمتلك 10 مروحيات في صنعاء، وواحدة في الحديدة، وواحدة في الريان بحضرموت، إضافة إلى طائرات شحن من نوع «يوشن» العملاقة، وطائرات صغيرة من نوع «أنتونوف» تستخدم للمهمات اللوجيستية.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.