لبنان: تحذيرات من أزمة طحين... وطوابير الوقود مستمرة

طوابير الدراجات النارية أمام إحدى محطات الوقود في بيروت أمس (أ.ب)
طوابير الدراجات النارية أمام إحدى محطات الوقود في بيروت أمس (أ.ب)
TT
20

لبنان: تحذيرات من أزمة طحين... وطوابير الوقود مستمرة

طوابير الدراجات النارية أمام إحدى محطات الوقود في بيروت أمس (أ.ب)
طوابير الدراجات النارية أمام إحدى محطات الوقود في بيروت أمس (أ.ب)

ناشد تجمّع المطاحن في لبنان أمس (الثلاثاء)، المسؤولين، تأمين مادة المازوت، منعاً لأن تتوقف المطاحن عن العمل، ما قد يؤدي إلى «أزمة طحين»، في حين أكد عضو نقابة أصحاب المحطات في لبنان جورج البراكس، أن طوابير السيارات أمام المحطات باقية في ظل استمرار الاحتكار والتخزين وعلم المواطنين برفع الدعم كلياً في نهاية شهر سبتمبر (أيلول).
ويعاني لبنان من شح في الوقود الضروري لتشغيل محطات إنتاج الكهرباء، وفي المازوت المستخدم لتشغيل المولدات الخاصة، رغم رفع أسعار المحروقات منذ نحو أسبوعين، بنسبة تراوحت بين 50 و70% في خطوة تأتي في إطار مسار رفع الدعم تدريجياً عن المحروقات مع نضوب احتياطي الدولار لدى مصرف لبنان.
وقال تجمع المطاحن في بيان: «على الرغم من المساعي التي بذلها وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال راوول نعمة، وتجمع المطاحن، مع المعنيين، لتأمين حاجة المطاحن والأفران من هذه المادة، فإن الاتصالات لم تُسفر حتى اليوم عن نتائج إيجابية تؤدي إلى توفير هذه المادة إلى قطاع غذائي أساسي». وناشد التجمع «كل المسؤولين المعنيين العمل بسرعة قبل فوات الأوان، لأن المخزون من المازوت لدى كل المطاحن انتهى، وقد تتوقف عن العمل تدريجياً اعتباراً من اليوم (أمس الثلاثاء) على الأكثر، علماً بأن المطاحن لم تتسلم منذ عشرة أيام لغاية اليوم الكميات اللازمة من هذه المادة، على الرغم من الوعود التي قُطعت لها».
ولا تنعكس أزمة شح المازوت على المطاحن والمخابز فقط، بل تهدد أيضاً بيوت اللبنانيين بالعتمة الشاملة في حال تم التوجه إلى رفع الدعم عن المادة في أواخر شهر سبتمبر الحالي، وحذّر رئيس تجمع أصحاب المولدات الخاصة في لبنان عبدو سعادة، في تصريح، من رفع الدعم عن المحروقات، معتبراً أنه إذا رُفع الدعم سترتفع أسعار سلع وخدمات عدة بشكل جنوني.
وقال: «في حال رُفع الدعم سيتراوح سعر كيلوات الكهرباء بين 7000 و8000 ليرة لبنانية، وساعة الكهرباء 5000، وربطة الخبز سيُصبح سعرها 7000 ليرة لبنانية، وهذه كلها ستُصرف من الرواتب التي لا تكفي لهذه المدفوعات». ويتراوح سعر ربطة الخبز في لبنان حالياً بين 2500 و4000 ليرة لبنانية.
وشمالاً، هدد أصحاب المولدات الكهربائية الخاصة في طرابلس، بإطفاء مولداتهم، وقالوا: «ستشهد المدينة ظلاماً دامساً وانقطاعاً تاماً للكهرباء في حال عدم تسليمهم حصصهم المطلوبة من شركات التوزيع».
ولا يقل وقع أزمة المازوت في لبنان عن أزمة البنزين وطوابيرها التي ما زالت تشلّ المواصلات وتتسبب بقطع الطرقات. ورأى عضو نقابة أصحاب المحطات جورج البراكس، في تصريح، أن «طوابير السيارات أمام المحطات ستبقى موجودة لأسباب عدة، خصوصاً أن الجميع يعلم أنه مع نهاية شهر سبتمبر سيُرفع الدعم»، لافتاً إلى أن «البعض لا يزال يقف على المحطات لتعبئة المحروقات وتخزينها، كما أن عدداً من الأشخاص يمتهن تجارتها ويجب أن تقوم السلطة والأجهزة الأمنية بالإجراءات اللازمة لإيقافهم». وأوضح أن المعلومات تفيد بأن «مصرف لبنان سيعطي الموافقات لفتح الاعتمادات اللازمة لوصول بواخر جديدة».
وفي محاولة منه لاحتواء أزمة المحروقات في صيدا والجنوب والتخفيف من حدتها وتنظيم التعبئة عند محطات الوقود وحفظ سلامة المواطنين وضبط الأمن والإشكالات والمخالفات، اتخذ مجلس الأمن الفرعي في الجنوب، الذي انعقد بصورة طارئة في سرايا صيدا في جنوب لبنان مقررات عدة فيما يتعلق بأزمة المحروقات التي تشهدها المنطقة.
وقرر «الطلب من محطات الوقود التي تتسلّم المشتقات النفطية ضرورة فتحها أمام المواطنين تحت طائلة إقفالها، والتأكيد على أصحاب محطات المحروقات ضرورة عدم بيع المشتقات النفطية السائلة للزبائن بالغالونات، والتنسيق مع الشرطة البلدية والقوى الأمنية لعدم السماح بركن السيارات على مداخل المحطات وفي حرمها خلال الليل أو خلال فترات عدم تشغيلها، حفاظاً على السلامة العامة».
ومنذ أسابيع، يتطور الاكتظاظ والوقوف لساعات طويلة أمام محطات الوقود إلى حوادث عدة وإشكالات وحتى إطلاق نار، وصولاً إلى محاولة الانتحار. وأقدم أحد الأشخاص أمس (الثلاثاء)، على جرح نفسه بسكين في عنقه أمام محطة لتعبئة الوقود في منطقة جبل محسن في طرابلس (شمال)، وذلك بعد قيام أحد العناصر العسكريين المولجين حماية المحطة برمي دراجته النارية أرضاً، بعد محاولته تخطي الدور وافتعال إشكال. وتم نقله إلى المستوصف للعلاج حيث وُصف وضعه الصحي بالجيّد.



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.