«سحر أفريقيا» بريشة مصرية عمرها 16 عاماً

الفنانة المصرية جيرا الطويلة
الفنانة المصرية جيرا الطويلة
TT

«سحر أفريقيا» بريشة مصرية عمرها 16 عاماً

الفنانة المصرية جيرا الطويلة
الفنانة المصرية جيرا الطويلة

لا شيء في هذا المعرض التشكيلي عادي أو تقليدي! بداية من اسمه وصولاً إلى عمر صاحبته الفنانة التشكيلية المصرية جيرا الطويلة، البالغ 16 عاماً.
المعرض الذي يضم 33 لوحة تتفاوت في الحجم بين متوسط وصغير، تتكامل فيما بينها لترسم صورة بانورامية تضج بالبهجة وحب الحياة، في المعرض أنت على موعد مع سحر أفريقيا، الجمال الأسمر، الرقصات العفوية، إبداعات الطبيعة، كرنفال الألوان الصاخب الذي يبدو للوهلة الأولى غير متناسق لكن بقليل من التأمل توقن أنه يمثل رؤية غير تقليدية للوجود من خلال التمسك بلحظات حلوة، ساخنة، بعيداً عن برودة الطقس أو المشاعر.
يضم معرض «زويا» بغاليري «أتيليه الفنانين والكتاب»، بميدان طلعت حرب بوسط القاهرة، باقة مدهشة من البورتريهات النسائية التي تعكس الجمال الأفريقي بملامحه المنحوتة برهافة وسمرة البشرة التي تعكس خصوصية أنثوية لا مثيل لها، وقوام يستمد رشاقته من أغصان الشجر، شعر غجري يمتد بلا نهاية مثل قصيدة بلا وزن أو قافية، عيون واسعة تحدق متحدية في وجه الحزن، فتيات يرقصن في بهجة وقد أعطين ظهورهن لمن يتابعن ضحكاتهن التي تكاد تلتقط أذناك أصداءها البعيدة التي تغمرك بالبهجة.
«زويا» اسم قرية أفريقية، سمعت بها جيرا ذات مرة فانتبهت لوقعها الموسيقي الجميل، وحين بحثت عن معنى الاسم وعرفت أنه «الحياة»، قررت أن يكون هو اسم معرضها الفردي الأول، الذي سبقته عدة مشاركات في معارض جماعية، حيث كان على الفتاة الصغيرة أن تخفي سنها، فمن الذي سيأخذ بجدية إنتاج فتاة تبلغ من العمر 13 أو 14 سنة وقتئذ.
السؤال الذي يطرح نفسه بشدة: لماذا أفريقيا أصلاً، ما علاقة الفنانة الصغيرة بإرثها الجمالي؟ تجيب جيرا بخجلها وارتباكها ونبرتها الهادئة الخفيضة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد سر، كل ما هنالك أنني أعشق الحالة الأفريقية عموماً من خلال قراءاتي ومشاهداتي للأفلام الوثائقية وبرامج التلفزيون، أصبحت مفتونة بالأزياء التقليدية للنسوة هناك وطرق تصفيف الشعر ومهرجان الألوان الممتع، أعشق طرقهن في التعبير عن الفرح والحزن، فالرقص والأداء الحركي عامل مشترك مهما اختلفت حالاتهن العاطفية».
الموهبة الفنية التي تلبست جيرا تبدو منطقية بالنظر إلى اهتمامات وتخصصات أفراد عائلتها، فوالدتها هي الفنانة التشكيلية زينب صديق، ووالدها هو مطرب الإنشاد والكاتب أحمد الطويلة، أما عمها فهو الكاتب الروائي المعروف وحيد الطويلة.
وتقول عنها والدتها الفنانة زينب صديق: «منذ سنواتها الأولى، وأنا أصطحب جيرا إلى الورش الفنية التي أنظمها للأطفال، ومن هنا بدأ شغفها بعالم الرسم والألوان، صحيح أنها في البدايات الأولى كانت تخطئ كثيراً وتفسد لي الكثير من الألوان، قبل أن تصل إلى هذا المستوى الذي أدهش الجميع».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».