عراقيان متهمان بتنفيذ «اغتيالات داعشية» يتحدثان عن «أسرار» مخيم الهول

شاب عراقي بأحد سجون «قوات سوريا الديمقراطية» شرق الفرات (الشرق الأوسط)
شاب عراقي بأحد سجون «قوات سوريا الديمقراطية» شرق الفرات (الشرق الأوسط)
TT

عراقيان متهمان بتنفيذ «اغتيالات داعشية» يتحدثان عن «أسرار» مخيم الهول

شاب عراقي بأحد سجون «قوات سوريا الديمقراطية» شرق الفرات (الشرق الأوسط)
شاب عراقي بأحد سجون «قوات سوريا الديمقراطية» شرق الفرات (الشرق الأوسط)

شابان عراقيان، اتهمتهما «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) المدعومة من أميركا، بتنفيذ «جرائم قتل في مخيم الهول شرق سوريا»، كانا بين أشخاص حاورتهم «الشرق الأوسط» بموجب موافقة من قوات الأمن التابعة لـ«قسد» في سجن في الحسكة شرق الفرات.
بحسب روايتهما في السجن التابع لـ«قسد»، بدأت قصة الشابين عندما شنت القوات العراقية مدعومة بـ«الحشد الشعبي» هجوماً واسعاً نهاية أكتوبر (تشرين الأول) 2017 على مسقط رأسهما في محافظة الأنبار وتقع غرب البلاد. وقتذاك، انسحب جنود «داعش» نحو مدينة القائم الحدودية مع سوريا. وأفراد عائلة هذين الشابين، دخلوا الأراضي السورية وقصدوا مدن وبلدات بادية الجزيرة شرق دير الزور، ليمكثوا فيها قرابة عام واختفى والدهم ومضى شهران حتى اتصل بهم وقال إنه محتجز لدى «قوات سوريا الديمقراطية»، وبعد خروجه زارهم مرة واحدة ليختفي مرة ثانية نهائياً.
قصدت العائلة مخيم الهول الواقع على بعد 45 كيلومتراً شرق محافظة الحسكة و13 كيلومتراً عن الحدود العراقية أوائل 2019، ليقول أحد الشقيقين، إنهم ذهبوا للمخيم بعد اختفاء والدهم ولا يتذكر يوم دخولهم بالضبط، ليصحح شقيقه التاريخ إذ دخلوا في شهر يناير (كانون الثاني).
قال أحد الشقيقين إن «الفقر المدقع وسوء أحوالهم المادية واختفاء والدهم إلى جانب عدد عائلتهم الكبير دفعهم للبحث عن أي عمل لسد حاجاتهم الضرورية، حيث اشتغلوا بداية في الأعمال اليدوية اليومية ثم بمحال الألبسة الأوروبية بأجور متدنية. كنت أتقاضى يومها نحو 800 ليرة وفي أفضل الأحوال آخذ ألف ليرة»، وكانت هذه الأجور وقتها تعادل دولارين أميركيين و«كانت تكفي لتغطية نفقات أسبوع واحد فقط، أما باقي الشهر كنا نعتمد على السلال الغذائية».
لسوء حظهم؛ أغلق المحل بعد مرور عام و10 أشهر لحدوث مشاكل مالية لدى صاحبه، الأمر أجبرهم على ترك العمل، حتى اتصل شخص به وعرف نفسه بلقب «الجراح» أبو عمر، وقال إنه مسؤول المخيم لدى «داعش» ويريد لقاءه. وبعد يومين قرر الذهاب والتقى به خارج المخيم بالقرب من بلدة الهول، وأعطاه اسم شخص ثانٍ يسكن في المخيم لإعطاء ما يسمى «البيعة».
وبدأ «داعش» يتواصل معه بشكل يومي وطلب منه تشكيل «خلية» واتفقوا مع شخص ثانٍ يدعى مروان وهو عراقي الجنسية، ونظراً لقلة العدد طلب زيادة عدد أعضاء الخلية وبحثوا عن اسم ثالث دون جدوى. وقال: «مكافأة كل عملية كانت 50 دولاراً هنا طمعت بالمال ورشحت اسم أخي ليوافقوا عليه فوراً، وأعطاني أول هدف وكان عراقياً وزودنا بمواصفاته وتفاصيل عنوان خيمته».
و«خلية» الأخوين «وافي ورافي»، كما أطلق عليهما، كانت من بين «خلايا» نفذت عمليات اغتيال، ويبقى بنك المعلومات لدى شخص واحد يعيش خارج المخيم يحدد أسماء الأشخاص المستهدفين، أما دخول الأسلحة والذخيرة وتوزيعها فتتم عن طريق نساء عناصر التنظيم.
وبحسب الأخوين، يكون التواصل مع القيادي الأول «الجراح» حصراً عبر تطبيق «واتس آب»، وتنفذ الجريمة عبر أسلحة مزودة بكاتم صوت وأسلحة بيضاء تصنع محلياً. وأعطى «الجراح» اسم ومواصفات أول هدف لمجموعة الأخوين وكان لاجئاً عراقياً ادعى أنه متعاون مع جهاز الأمن الداخلي «الأسائيش» بالمخيم، وبالفعل تأكدوا من وجود الشخص وعند منتصف الليل ذهبوا إلى خيمته وحاولوا قتله لكنه لاذ بالفرار.
والأخوان «وافي ورافي»، وجماعتهما قبض عليهم في أبريل (نيسان) الماضي مع 125 متهماً بينهم قيادات بارزة من التنظيم، بعد حملة أمنية واسعة نفذتها «قوات سوريا الديمقراطية» بدعم من قوات التحالف الدولي.
ويعيش بمخيم الهول 32 ألف عراقي. وقتل منذ بداية العام الجاري أكثر من 80 شخصاً، وفي العام الماضي قتل 50 شخصاً معظمهم لاجئون عراقيون.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.