اتهامات لعون بمحاولة الإطاحة بـ«الطائف» ومصادرة صلاحيات رئيس الحكومة

فريقه يراهن على الفراغ

TT

اتهامات لعون بمحاولة الإطاحة بـ«الطائف» ومصادرة صلاحيات رئيس الحكومة

لم يقفل رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي الأبواب أمام معاودة التشاور مع الرئيس ميشال عون في الأمور المتعلقة بتشكيلها، لكنه يربط توجّهه إلى بعبدا بجواب عون على التشكيلة الوزارية المتكاملة التي أودعه إياها في الجولة الثالثة عشرة من المشاورات، وإلا لما صرّح أخيراً - كما يقول رئيس حكومة سابق - بأن اعتذاره عن عدم تأليفها ليس على جدول أعماله حتى الساعة، وإن كانت مهلة التشكيل ليست مفتوحة، آملاً في أن تكون زيارته المقبلة لبعبدا حاسمة.
ويؤكد رئيس الحكومة السابق الذي فضّل عدم ذكر اسمه أنه كان في مقدور عون أن يبادر إلى استيعاب ردود الفعل على ورقة الإحضار التي أصدرها المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار بحق رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب لو أنه بادر استباقاً للبيان الذي صدر عن رؤساء الحكومات السابقين إلى طلب رفع الحصانة عن أكبر مسؤول وصولاً إلى أصغرهم، بدلاً من أن ينصاع إلى نصائح فريقه السياسي الذي كان وراء إصدار البيان في رده على رؤساء الحكومات.
ويلفت لـ«الشرق الأوسط» إلى أن عون ارتكب في ردّه على رؤساء الحكومات خطأً بقوله إن توقيت البيان مريب فيما رئيس الجمهورية يبذل جهداً لتشكيل الحكومة، ويقول إنه كان في غنى عن الإشارة إلى هذه النقطة، لأنه بذلك يصر على تجويف اتفاق الطائف من مضامينه والعودة بتشكيل الحكومة إلى ما كان عليه قبل سريان مفعوله، حيث إن رئيس الجمهورية يختار الوزراء ويسمي من بينهم رئيساً للحكومة.
ويرى رئيس الحكومة السابق أن القاضي بيطار بإصداره ورقة إحضار بحق دياب أراد التصويب عليه، لكن الهدف يكمن في استهداف الجهود التي يبذلها ميقاتي لتشكيل الحكومة وصولاً إلى تعطيلها بانسداد الأفق أمام إزالة العقبات التي تؤخر ولادتها، ويقول إن عون استجاب لـ«نصائح» فريقه السياسي بعدم تسهيل مهمة ميقاتي ما لم يسلّم بشروطه لتشكيل الحكومة.
ويكشف أن عون يخطط منذ الآن لوضع يده على التشكيلة الوزارية بإصراره على الثلث المعطّل الذي يتيح له الإمساك التحكّم بقراراتها تحسُّباً لتعذُّر إجراء الانتخابات النيابية في موعدها في ربيع 2022، وإلا لم يكن ميقاتي مضطراً للقول «إننا في كل اجتماع نبدأ كأننا في المربع الأول»، في إشارة إلى أن من يؤخّر تشكيلها ليس هو وإنما رئيس الجمهورية.
ويؤكد أن من يشكّل الحكومة هو الرئيس المكلّف الذي وحده يتحمّل مسؤولية المثول أمام البرلمان طلباً لنيل الثقة أو لمحاسبته، ويعتبر أن ما قاله عون حول الحكومة يشكّل مخالفة للدستور وينمّ عن رغبته بتعديل اتفاق الطائف بالممارسة بعد أن استحال عليه تعديله في النصوص، علماً بأن رهان الفريق السياسي لعون على احتمال عدم إجراء الانتخابات النيابية ليس في محله.
ويعزو السبب إلى أن عون سيقحم نفسه في اشتباك سياسي مع المجتمع الدولي الذي يراهن على إنجازها كمحطة لإعادة تكوين السلطة وإنما بتقليص نفوذ الطبقة السياسية التي يحمّلها مسؤولية انهيار البلد وعدم استجابتها لتطلعات اللبنانيين في إحداث تغيير يدفع باتجاه إنقاذه.
ويتهم رئيس الحكومة السابق ميشال عون بالكيدية وبالجنوح إلى إلغاء الآخرين ليدير وحده البلد من دون إشراك القوى السياسية، وهو بذلك يعود به إلى ما كان عليه في عام 1988 عندما رأس الحكومة العسكرية وخاض شتى أنواع الحروب ومنع انتخاب رئيس جمهورية جديد خلفاً للرئيس أمين الجميل المنتهية ولايته الرئاسية، إلى أن تقرر دولياً وإقليمياً إخراج عون من بعبدا.
ويضيف أن الظروف السياسية الراهنة لم تعد كما كانت عندما رأس عون الحكومة العسكرية، وبالتالي بات يستحيل عليه اليوم تطييف الخلاف حول تشكيل الحكومة أو الرهان على التمديد للبرلمان الحالي، بذريعة تعذُّر إجراء الانتخابات النيابية على أن ينسحب على رئاسة الجمهورية، وبذلك يكون قد تجاوز الخطوط الحمر، لأنه سيواجه إجماعاً دولياً يفرض عليه التسليم بمبدأ تداول السلطة. وفي هذا السياق، يسأل ما إذا كان عون يخطط من خلال تعطيله تشكيل الحكومة ليقيم وحيداً في بعبدا لأن حليفه «حزب الله» كان أول من رفض بلسان أمينه العام حسن نصر الله ورقة الإحضار التي أصدرها القاضي البيطار بحق دياب، وهو يلتقي في رفضه مع رؤساء الحكومات والمفتي الشيخ عبد اللطيف دريان في خطبته النارية التي استهدف من خلالها عون مباشرة.
ومع أنه لا يريد أن يستبق رد فعل دياب في حال دعوته لحضور اجتماعات المجلس الأعلى للدفاع أو تلك التي يرأسها عون، فإنه في المقابل يعتقد بأن دياب قبل إصدار ورقة الإحضار بحقه غير دياب ما بعد إصدارها، وبالتالي لن يوفّر الغطاء السياسي لعون كما في السابق، لأن دعم رؤساء الحكومات والمفتي دريان له أدى إلى حشره في الزاوية ولم يعد في مقدوره بأن يتصرف كأن شيئاً لم يكن، إلا إذا أخطأ الرؤساء في تقديرهم للقرار الذي سيتخذه.
ويكشف مصدر سياسي لـ«الشرق الأوسط» أن ما يعطّل تشكيل الحكومة لا يعود إلى الخلاف حول أسماء الوزراء وتوزيعهم على الحقائب فحسب، وإنما إلى أن الفريق السياسي المحسوب على عون الذي يديره رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل بدأ يخطط للقيام بانقلاب على الطائف بذريعة استرداد صلاحيات رئيس الجمهورية والحفاظ على حقوق المسيحيين، وصولاً إلى وضع اليد على البلد كخطوة وقائية في حال تقرر ترحيل إجراء الانتخابات.
ويؤكد أن إقحام البلد في الفراغ يبقى «المرشح» الأول لباسيل إذا تعذّر عليه الوصول إلى رئاسة الجمهورية، ويقول إن «الثنائي الشيعي» كان وراء الطلب من ميقاتي بضرورة التريُّث وعدم الاعتذار إصراراً منه على أن يعطي المشاورات فرصة جديدة، لكنه بدأ يدرك أن لعون حسابات أخرى وهو يعوّل الآن على الموقف الذي سيعلنه رئيس المجلس النيابي نبيه بري في رسالته التي يوجهها إلى اللبنانيين بعد غد (الثلاثاء)، لمناسبة مرور 43 سنة على إخفاء مؤسس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الإمام موسى الصدر في ليبيا، مؤكداً أنه سيضع النقاط على الحروف بلا مهادنة.
ويبقى السؤال: هل يستمر عون في افتعال العراقيل التي تؤخر تشكيل الحكومة ضارباً عرض الحائط بالنصائح الفرنسية أو الأميركية التي تدعوه للإسراع بتشكيلها وتسهيل مهمة الرئيس المكلف؟ أم أنه يخطط للهروب إلى الأمام وإنما هذه المرة بتسعير الأجواء الطائفية بعد أن استحال عليه إمكانية اختراق الساحة الإسلامية بعد أن رسم «حزب الله» لنفسه مسافة سياسية عن حليفه؟ مع أن البعض لم يفقد الأمل بولادة الحكومة وهذا ما كان يراهن عليه الحزب التقدمي الاشتراكي بلسان مصادره التي تعزو التأخير إلى رغبة ميقاتي بتحسين شروطه في التركيبة الوزارية وإنما قبل أن تقع الواقعة بين عون والسنّة على المستويين السياسي والروحي وبينهم من هم على خلاف مع نادي رؤساء الحكومات.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.